Announcement

Collapse
No announcement yet.

قصة للكبار... عن الكبار

Collapse
X
 
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • قصة للكبار... عن الكبار

    قصة للكبار... عن الكبار




    التجديد العربي

    ينال السعد

    لطالما أتحفنا الشاعر العربي الكبير نزار قباني بقصائده فكتب مرة يقول:

    " أكتب للصغار..

    للعرب الصغار..

    حيث يوجدون..

    من ولدوا منهم

    ومن سيودلدون..."

    أما أنا فسآخذ الوزن والكلمات لأقول...

    أكتب للكبار..

    للعرب الكبار..

    حيث يوجدون..

    حيث يتنازعون..

    من اتحد منهم..

    ومن لا يتحدون...

    " كان ياما كان.. يا صحب يا كرام رجلٌ آته الله علماً وحكمةً في ممره إلى الحياة الخالده.. في هذه الدنيا، فلما احتضر أرسل إلى أبنائه أن اجتمعوا لأعطيكم مما أعطاني الله، ولما اجتمع الأخوة نادى أحدهم ليحضر حزمة عصي كان قد ربطها فأحسن ربطها، فطلب منهم محاولة كسر الحزمة فلم يفلح أي منهم في ذلك، ثم فك رباطها فوزع العصي عليم فكسروها دونما إرهاق، فقال لهم يا أبنائي.. اتحدوا فإن في الإتحاد قوه "...

    انتهى الأب من قصته ثم أطفأ نور الحجرة بعد أن تأكد من نوم ابنه وخرج....

    كلنا لعبنا دور الطفل المخادع... الذي إن رأوه قالوا نائم كملاك، وما إن أصبحنا وحيدين خلعنا ثوب الوداعة ورحنا نضحك ونضحك. كذلك محمود، ما إن خرج والده حتى رفع عنه الغطاء وقام يبحث عن عصي يربطها ليلعب لعبة " الإتحاد قوه"..

    وجد محمود عصي جمعها.. ثم راح يبحث عن رباط يربطها به، فجرب القماش والمطاط والحرير والصوف والخيوط... كان يربط الرباط وما إن يشده كي يثبته حتى يمزق الرباط وتتبعثر العصي على الأرض لتفقد اتحادها.. ثم يعود الطفل يجمعها ويبحث عن رباط آخر.. يربطه فلا يشده فتسقط العصي واحدة تلو الأخرى من خلال الرباط الضعيف.. فيجمعها الطفل مرة أخرى ويجرب أنواعاً وأشكالاً وألواناً... فما كان منه إلا أن خرج من غرفته يبكي، اتجه إلى والده يطلب المساعدة " أبي، ألم تقل أن في الإتحاد قوة؟؟ إذاً لماذا لا تجتمع هذه العصي؟ ألا تريد الإتحاد؟ ".

    صادر الأب العصي من محمود.. وحمله إلى غرفته طالباً منه النوم حتى الصباح، لأنه سيستيقظ في الصباح الباكر ليذهب إلى المدرسة.

    أنام محمود؟؟ راح يفكر بعصيه لماذا أبت الإتحاد؟ ثم راح يفكر بوالده لماذا لم يعلمه كيف يجمعها؟ علمه أن الإتحاد قوة لكن لماذا لم يعلمه كيف يكون الإتحاد؟

    ذهب محمود إلى المدرسة وراح يروي لصديقه إسماعيل أحداث الليلة الماضية.. ولما عاد الأطفال كل إلى بيته توجه إسماعيل إلى أباه طالباً منه أن يروي له قصة العصي هذه.. فرواها له قبل النوم وأطفأ النور وخرج. نهض إسماعيل من فراشه وأخرج من حقيبته المدرسية حزمة عصي وضعها أمامه وأخذ يفكر كيف يجمعها.. وجد إسماعيل أن من جوانب العصي تخرج أطراف شائكة قد تمزق الرباط إذا وضعه عليها دون إزالة الأشواك.. فأزال الأشواك ثم أزال الشوائب من العصي ثم جاء بأنواع الأربطة فجربها كلها فلم يفلح.. فخرج إلى والده يطلب المساعدة... وضع الأب العصي أمامه وجاء بأنواع الأربطة.. فاختار رباطاً قوياً كان يستعمله أباه في ربط الأدوات المكسورة فربط العصي بها وشد الرباط فاجتمعت العصي.. وأعطاها لولده يلعب لعبة " الإتحاد قوة"... إسماعيل نجح في ربط الحزمة لكن لو أن محمود لم يرشده إلى هذه القصة ولو أن أباه لم يساعده بربطها.. ما كان ليفعلها.

    يا سادتي.. كثيرة هي المرات التي قرأنا قصة الأب وأبنائه إذ جاء يعلمهم أن في الإتحاد قوه كثيراً هي المرات التي استُعملت هذه القصة في مقالات أتت تشرح ضرورة الإتحاد.. تعالوا ننظر اليوم إلى الأمور من زاوية أخرى.. لم ننظر إلى الأمور منها سابقاً...

    يا سادتي.. ما أهم معطيات هذه القصة؟ العصي؟ الإتحاد؟ الحزمة؟... يا سادتي لم نبدِ اهتماماً للرباط الذي جمع تلك العصي... كيف يكون الإتحاد إذا لم نجد الرباط الذي يجمع بيننا؟ كيف يكون الإتحاد إذا لم نعترف بخطيئة كل واحد منا؟.. الإعتراف بالأخطاء جزء من الحل.. والتكفير عنها جزء آخر مهم أيضاً.. لكن الجزء الأهم والأقوى لإيجاد الحلول هو إزالة هذه الأخطاء من حياتنا وعدم تكريرها.. أخطاؤنا الفردية شوائب تعود بالضرر الجسيم على أهدافنا الجماعية، فأهم أهداف الإتحاد هو تناغم المكاسب الذاتية مع الأهداف الجماعية... فالإسلام مثلاً.. هذا الدين الحنيف الذي أتى به النبي الشريف محمد صلى الله عليه وسلم... لم يكن ليفلح المسلمون في تثبيت هذا الدين في نفوس أناس توارثوا الإشراك.. لولا الإتحاد وتوحيد الكلمة.. الهدف السامي كان نشر الإسلام وترسيخه والدعوة إلى نبذ الإشراك وتبديله بعبادة رب الكون الواحد جل وعلا، لكن هذا الإتحاد لم يمح المكاسب الذاتية لدا كل فرد مفرد من المسلمين فكل مسلم ينال الثواب لشخصه وليس لمجموعته.. ويكسب الحسنات والجنة- لمن أراد الله -، لنفسه ليس لجماعته.. إذاً نرى بالإسلام الحنيف خير مثال على حزمة العصي تلك..

    يا لعظمة هذا الكيان... الدين الإسلامي يا أخوتي ليس مجرد دين واعتقادات.. إنما هو إثباتات وبراهين على أرض الواقع... تعالوا ننظر إلى الإسلام الإجتماعي فتكامل المجتمع الإنساني لا يصح إلا إذا تواجدت به شروط عدة أهمها الإتحاد. كيف استطاع مجموعة صغيرة من الناس تغيير أمة كاملة من المشركين توارثوا الجهل والكفر والفسوق والإشراك؟ كيف استطاع الإسلام فرض عبره وامتيازاته في ظل حضارة جاهلية.. فوضعوا القوانين الإنسانية والشرائع الأخلاقية والإجتماعية.. فبرز المجتمع الإسلامي مجتمع متكامل متواصل متحد.. ما الذي ألف بين قلوب المسلمين؟ ما الذي جمع صفهم ووحد كلمتهم وأعلى شأنهم؟ ما الذي وحدهم فاتحدوا؟ كان ذلك الرباط هو الإسلام.. الإسلام الدين الإسلام المجتمع.. الإسلام النهج والمنهج..إذاً يا سادتي لا بد من رباط قوي حتى يتحقق الإتحاد. فعلينا اختيار هذا الرباط بعناية شديدة حتى نحقق الإتحاد على أرض الواقع.

    يا سادتي لا يتحقق الإتحاد حتى نجد الرباط والوفاق الصالح لربط حزمة الإتحاد،ثم إن العمل على التوصل للإتحاد هو اتحاد بحد ذاته.

    دعونا من السطحية والأيديولوجيات المبنية على نظريات فحسب... وتعالوا بنا نعود إلى نظام أثبت جدارته وفعاليته على أرض الواقع.. القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتاريخ المشرف للإسلام العريق الحنيف.. كلها بمتناول أيدينا لم يضع منها شيء فهي في لوح محفوظ.. يا سادتي.. تعالوا نعود إلى حضارتنا.. فالحضارة ككلمة ومعنى هي التاريخ العريق.. تاريخنا مليئ بالعراقة والأصالة.. فتعالوا نعيده الآن بأيدينا.. وهو ليس بالصعب والبعيد... يا سادتي... يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة ذكرى المولد التي يمدح بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:

    وكان بيانه للهدي سبلا *** وكانت خيله للحق غابا

    وعلمنا بناء المجد حتى *** أخذنا إمرة الأرض اغتصابا

    وما نيل المطالب بالتمني*** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

    الإتحاد قوة... تعالوا نجد السبيل إلى اتحادنا.. والله الموفق سبحان الله العلي العظيم إذ لم يدع في الأرض مظلوماً إلا وأنصفه وأعلى كلمة الحق والعدل وأضعف صوت المذلة والجور والظلم والبهتان..

    الزيتون عندما يُضغط يخرج الزيت الصافي فإذا شعرت بمتاعب الحياة تعصرقلبك فلا تحزن انه "الله" يريد أن يخرج أحلى ما فيك ايمانك دعاءك وتضرعك




Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎