حملات التطهير تعيد الأمن لسكان أحياء جدة الشعبية
سعيد العدواني و محمد القشيري
أشاد عدد كبير من المواطنين وعمد الأحياء والاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع بالحملات الأمنية الناجحة على الأحياء الشعبية في جدة والتي أسفرت عن ضبط أكثر من 150 ألف مخالف خلال أربعة شهور. وقالوا في استطلاع (المدينة) إن هذه الضربات المتوالية أفقدت المتخلفين توازنهم وساهمت في تنظيف تلك الأحياء من الممارسات غير الشرعية التي جعلت آلاف المواطنين يهربون منها . وأشاروا إلى أن حملات التطهير أعادت الثقة بين المواطن ورجل الأمن حيث كان لتعاون المواطنين دور هام في نجاح هذه الحملات التي طالبوا باستمرارها حتى لا تعود هذه الأحياء إلى ما كانت عليه في السابق . يقول عمدة حي الكندرة عائض السلمي إن نتائج الحملات ظهرت للجميع من الشهر الأول وبدت النتائج الإيجابية للجميع خاصة لأهالي وسكان الأحياء التي شهدت الحملات، فقد انخفضت نسبة البلاغات والشكاوى بشكل كبير سواء السرقات للمنازل أو السيارات أو عمليات نهب الحقائب من السيدات وعمليات خطف الجوالات التي كانت ظاهرة للجميع في كل ساعة وكانت عيانا بيانا للجميع . وأنا أحد الضحايا ممن تعرض للسرقة .
وأضاف أن هذه الحملات بدأت بخطوات سليمة ونتمنى استمرارها ومواصلتها وبدأ المخالفون لأنظمة الإقامة في قلق والمواطن الذي كان يتعاطف أو يأوي مخالفاً لحفنة من النقود أخلى مسؤوليته بعد الحملات خوفا من العقاب وبالتالي ضاقت الدائرة على هؤلاء المخالفين الذين فكروا في تسليم أنفسهم للجهات المعنية . كما أن تعاون الجهات الأمنية مع شركة الكهرباء، بالتعرف على مالك المنزل عن طريق رقم العداد الكهربائي واستدعائه والتحقيق معه حول تأجيره المنزل لعمالة مخالفة، جعل الكثير من المواطنين يخلون مسئوليتهم ويطردون العمالة المخالفة، ومتى ما عوقب المخالفون من المواطنين لقيامهم بتأجير منازلهم لهؤلاء المخالفين فسيكون ذلك العقاب درساً للآخرين . وقبل فترات متفاوتة كنت أرافق عدة جهات أمنية وننفذ عددا من الحملات ونلقي القبض على المخالفين ونخلي المنازل .. وبعد أقل من 24 ساعة تجد المنزل مؤجرا لعمالة مخالفة، لذلك اعتقد أن الحل هو إصدار العقوبة على المواطن الذي يقوم بمثل هذا التصرف والتشهير به بالصحف ووسائل الإعلام المختلفة .
استمرار الحملات
وطالب عمدة حي السبيل محمد الفقيه بتكثيف هذه الحملات وإستمراريتها. وقال إن حملة أو حملتين على حي السبيل لا تكفي فالعمالة الوافدة والمخالفة والتي معظمها من الأفارقة اكثر من المواطنين بالحي. وأعاني، كعمدة للحي، من كثرة المخالفين من الجنسية الأفريقية، فتجد عشرة وافدين جميعهم مخالفون يسكنون بشقة واحدة في غرفة. وأنا اعني من كثرة عمليات النشل والسرقات وابسطها نشل الحقائب النسائية والجوالات وعمليات السطو السريعة . وأضاف إن الحملة التي نفذتها الجهات الأمنية على الحي قبل أسابيع أظهرت نتائج إيجابية كبيرة وأتمنى ان تستمر وتكون بكثافة أعلى خاصة أن الحي يعج بالمخالفين كما ان الكثير من السكان لا يستطيعون الخروج من منازلهم بعد العاشرة خوفا من هؤلاء الذين يسطون ويسلبون المارين بعد استدراجهم لأحد الأزقة .
واعتقد أن الحملة الأمنية والقبض على هؤلاء المخالفين خففت من عمليات النشل التي كان يشهدها الحي ونتمنى استمرارها . وعن تواجد هؤلاء المخالفين قال إنهم يتجمعون ويبحثون عن شقة لاستئجارها بإقامة إما أن تكون مزورة أو تكون إقامه لمقيم بصورة نظامية، حتى إن بعض الشقق التي يستأجرونها تحولت إلى مواقع للدعارة لأن هدفهم فقط جمع المال بأي وسيلة سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية. ويتهم الفقيه ملاك المنازل التي يقيم فيها المخالفون بالتكاسل والإهمال عن متابعة عقاراتهم وممتلكاتهم واكتفائهم بتحصيل قيمة الإيجار في نهاية كل شهر. وعن ابرز المخالفات التي يقومون بها.. قال إن أكثر ما يسببونه من مشاكل أمنية هو كثرة مواقع الدعارة فيما بينهم وهذا يزيد من فرص انتشار الأمراض وكذلك الترويج للمخدرات والعرق والمسكرات وغيرها من المخالفات الأمنية التي تؤثر على مجتمعنا ككل .
إشادة المواطن
وأشاد عدد من المواطنين وأصحاب المحلات برجال الأمن لقيامهم بالمداهمات بطريقة منظمة ومركزة . في هذا الإطار يقول سمير الفران إن المواطنين تلمسوا فرقا كبيرا بعد أن كان الحي متكدسا من قبل متخلفين من أصحاب البشرة السوداء الذين يقومون بعمليات سطو وسرقة على المنازل والسيارات والدعارة.
أما عبد المجيد المطيري فقال إن أغلب المواطنين كانوا يشاهدون ويعرفون أماكن وأوكار المجرمين ولا يستطيعون إبلاغ رجال الأمن خوفا من انتقامهم، مضيفا بأن المداهمات أعادت للمتخلفين والمجرمين هيبة رجال الأمن. بينما قال عبدالعزيز الجهني إن استمرار المداهمات سوف يحد من تخلف القادمين إلى العمرة والحج وبالتالي القضاء على المتخلفين . وقال سامي العمودي صاحب محل إنه كان يخشى من سرقة محله كل يوم ولولا المداهمات لقام بتقبيل المحل والبحث عن محل آخر. وقال على باقاسم إن المتخلفين يقومون بالبيع أمام المحل مما سبب تراكماً للنفايات أمام المحل مما ينعكس على الإقبال على الزبائن .
قصص واقعية
وروى بعض المواطنين في عدد من الأحياء التي داهمتها قوات الأمن بعض القصص المخيفة قبل هذه الحملات مؤكدين أن تواجد العمالة غير النظامية خاصة الجاليات الأفريقية ساهم في كثرة الجرائم وعمليات السطو على المنازل ،مؤكدين على أن عمليات المداهمات ساعدت في اجتثاثهم من أوكارهم التي قاموا بإنشائها داخل الأحياء . يقول محمد الشهري - من سكان غليل إن الحي قبل المداهمات كان أشبه بحي أفريقي فلا شيء يدل على أنك في السعودية وأنه كان يخشى يوميا من أن يصيب أطفاله مكروه عند ذهابهم إلى المدرسة، مشيرا إلى أن الأفارقة، خاصة في أوقات متأخرة من الليل، يقومون ببيع الشراب والمخدرات على الشباب وكثير من الأسر تفككت بسبب المخدرات .
من جانبه قال عبد الله مستور إن الأفارقة كانوا يحرصون على تغيير أوكارهم باستمرار وخاصة أوكار الدعارة وللأسف يتردد عدد من الشباب السعوديين على هذه الأماكن. وقال إنه كان يرغب في بيع منزله منذ سبعه شهور والبحث عن منزل آخر ولكن مع كثرة المشاكل والجرائم لم يقدم أحد على الشراء ومع عملية المداهمات القبض على المتخلفين المتتابعة سوف يساعدنا ذلك على عودة الحياة الطبيعية كبقية الأحياء التي تتواجد في شمال جدة .
وروى ناصر العمودي ما حدث له وقال: تلقيت ضربة في رأسي كادت أن تودي بحياتي لولا لطف الله بسبب هاتفي الجوال وذلك عند الساعة الواحدة من الليل حيث أتيت من زواج أحد الأقارب وإذا باثنين من الأفارقة ذي بنية كبيرة وقاما بضربي بهراوة وأخذ ما معي من نقود وهاتفي الجوال وتركاني مغمى علي .
أما سعيد الصيعري فقال: في أواخر الليل ترى وتسمع كل ما يخطر على بالك من الجرائم والمضاربات وكثيرا ما نسمع صيحات وخاصة من جانب النساء ولا نستطيع الخروج من المنزل خشية أن يقوموا بالاعتداء علينا، مشيرا إلى أن إحدى بناته أثر عليها بقاءها في الحي كما أثر على نفسيتها وتحصيلها الدراسي . وطالب على المسعود باستمرار الحملات الأمنية وخاصة في الأحياء في جنوب جدة حتى لا يظن المتخلفون الذين لم يقبض عليهم بإمكانية العودة مرة أخرى لجرائمهم ونشر الخوف في نفوسهم بعدما نشروه في قلوب المواطنين طوال السنين التي بقوا فيها .
في حين أكد سالم الزهراني أن المواطنين هم رجال الأمن الأول ولو أنهم رفضوا سكن وإقامة المتخلفين في منازلهم أو مراقبة من قام بالسكن في منازلهم حتى لا يتركونها عرضة لأوكار الدعارة أو المخدرات.
هدم أوكار المتخلفين
وأكد عدد من الاقتصاديين أن تحقيق الأمن والاستقرار سوف يوفر بيئة صالحة للتقدم الاقتصادي، وأن هدم المنازل والبيوت التي استخدمها المتخلفون والمتخلفات كأوكار لجرائمهم وإعادة بنائها من جديد سوف يساهم في إيجاد مخططات جديدة وتقل سعر الأراضي مما ينعكس على صالح المواطنين .
في هذا الإطار يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور أسامة فلالي إن تحقيق الأمن سوف يساهم في توفر مناخ جيد للاستثمار ومن واجب قطاعات الأمن أن تقوم بدورها وأن تستمر في المداهمات وتكثيفها للقضاء على المتخلفين الذين لا يعرفون شيئاً عن القانون وبعادات هذا البلد المهم هو جمع المال بأي طريقة كانت وهذا ما ظهر واضحا من خلال المداهمات من وجود عمالة كبيرة من الخادمات الذين يفضلون الهروب من الكفيل بسب الزيادة في الراتب رغم أنهم يعملون بطريقة غير شرعية . من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز الحارثي إن المتخلفين كانوا يقطنون منازل وأحياء كثيرة في جنوب جدة وهدم المنازل والبيوت سوف يساهم في إيجاد منازل ومخططات جديدة مما يساهم في هبوط أسعار العقار وهو في صالح المواطن صاحب الدخل المحدود. وأكد على أن ما يتردد حول إمكانية حدوث أعمال عكسية بتعطيل الكثير من القطاعات المعتمدة على العمالة كالورش وقطاع الأعمال لان ذلك يسمح بتصحيح أوضاع العمالة .
وقال المحاضر في كلية الاتصالات والإلكترونيات الدكتور علي العقيل إن المشكلة كبيرة تساهلنا فيها منذ البداية حتى بات التغلب عليها ليس سهلا ويحتاج إلى سنوات طوال وجهود مكثفة من جميع الجهات للقضاء عليها وخاصة في مدينة مكة وجدة .
وأضاف أسعدتنا الجهود الحالية في إبعاد المخالفين من أراضينا ففي تلك الخطوة أبعاد اقتصادية فهناك أعمال قد تتأثر بترحيل هؤلاء وخصوصا في مجال قطاع التعمير والبناء حيث أغلب العاملين في المباني السكنية من المخالفين لانظمة العمل والاقامة حيث يصعب على أصحاب العمائر جلب عمال نظاميين بنفس الأجور مما ينعكس على إنعاش حركة المقاولات ولجوء من يرغب التعمير الى هذه الشركات بدلا من البحث عن عمالة غير نظامية .
عوامل نفسية
ويقول الدكتور محمد الحامد استشاري الطب النفسي بمستشفى الدكتور عبد الرحمن بخش إن الحملات الأمنية التي تنفذها الجهات الأمنية بشرطة جدة زادت من توفير الأمن والإحساس بالأمن لدى الفرد بالمجتمع وهذا من أهم المتطلبات التي يحتاج إليها الفرد في سبيل أن يبذل المزيد من الجهد والعطاء .
وأكد ان عملية القبض على مخالفين بأعداد كبيرة والإعلان عن ذلك عبر وسائل الإعلام من أكثر الطرق لترسيخ الأمن لدى الفرد داخل الوطن، وقال إن الاحتياجات النفسية لها مطالب معينة ويأتي من ضمن هذه الاحتياجات والتي تعتبر قاعدة الهرم هو الإحساس بالأمان وتوفر الحياة الكريمة الآمنة من مسكن وهذه الحملات تزيد من هذا الإحساس لان الحملات الأمنية يتمخض عنها إلقاء القبض على بعض المخالفين ومرتكبي الجرائم والمخالفين للقانون والمتورطين في عدة أمور أخرى ولذلك أصبح على الجهات الأمنية محاصرة هؤلاء المخالفين وبالتالي إلقاء القبض عليهم ويصبح بإمكان الفرد العمل بارتياح خاصة الذين يغادرون المنطقة وتبقى أسرهم أو الذين يبقون لفترة طويلة بمكاتبهم وأعمالهم فعند توفير الأمن فان هؤلاء سيعطون بشكل أفضل وبتركيز أعلى.
وأضاف أن هذه الحملات لها انعكاسات إيجابية لدى المواطن وذلك من منطلق الإحساس بالأمان وهذا له مردود في الإنتاجية والقدرة على الحياة بطريقة مسترخية نوعا ما بعيداً عن الضغوط النفسية .
أما الدكتور عبد الله باخشوين أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز فقال إن الحديث عن المخالفين لأنظمة الإقامة وخاصة الأفارقة له جانبان الأول بان هناك أناساً مولدون المجتمع همشهم وبالتالي اصبح هذا المجتمع يتحمل تهميشه لهم وعدم دمجه لهم داخل المجتمع وبدأوا يؤثرن على المجتمع بآثار سلبية فظهرت عصابات الشعوذة والدجالين الذين يدعون قدرتهم على مضاعفة الأموال وتكثيرها وانتشرت مواقع الفساد والدعارة .
وعندما كنت ضمن فريق المسح الاجتماعي كنا نحرص على أن ننهي المسح قبل المغرب وكان يقول عدد من سكان الحي وخاصة بجنوب جدة إن الحي مليء بالعصابات العنيفة وإن علينا الخروج من الحي قبل جنح الظلام، وبالتالي أصبح وجود هذه العصابات يشكل رعباً لدى المجتمع والحل هو التواجد الامني والقضاء على هذه العصابات وتنظيف الحي منهم حتى يشعر أهل الحي بالأمن من جديد، وعن ارتكاب هؤلاء المخالفين لجرائم متعددة يقول الدكتور عبد الله هؤلاء المخالفين لا يهمهم سوى جمع المال بأي عملية كانت إما بممارسة نصب وعمليات غسيل الأموال وتكاثر هذه وسيلة غير مقبولة وغير شرعية وهم يمارسونها لأنهم وجدوا مجموعة من الساذجين بالمجتمع لديهم الرغبة في الربح السريع والثراء السريع لدى أشخاص لا يفكرون بعقلانيتهم وهم يسيرون خلف أوهام الشعوذة والدجل وأصبحت هي السائدة في عقلانية هؤلاء الناس، وقال هؤلاء النصابون يقومون بزرع الثقة في نفس الضحية الساذج ويقومون بإعطائه طعماً في المرة الأولى وفي الثانية إلى أن يصل للمبلغ الذي يهدف إليه. وقال النصاب قد يضحي بمبلغ معين في البداية إلى أن يقدم الضحية المبلغ الكبير بمئات الألوف ومن ثم يرتكب جريمته .
المدينة 03/07/2005
سعيد العدواني و محمد القشيري
أشاد عدد كبير من المواطنين وعمد الأحياء والاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع بالحملات الأمنية الناجحة على الأحياء الشعبية في جدة والتي أسفرت عن ضبط أكثر من 150 ألف مخالف خلال أربعة شهور. وقالوا في استطلاع (المدينة) إن هذه الضربات المتوالية أفقدت المتخلفين توازنهم وساهمت في تنظيف تلك الأحياء من الممارسات غير الشرعية التي جعلت آلاف المواطنين يهربون منها . وأشاروا إلى أن حملات التطهير أعادت الثقة بين المواطن ورجل الأمن حيث كان لتعاون المواطنين دور هام في نجاح هذه الحملات التي طالبوا باستمرارها حتى لا تعود هذه الأحياء إلى ما كانت عليه في السابق . يقول عمدة حي الكندرة عائض السلمي إن نتائج الحملات ظهرت للجميع من الشهر الأول وبدت النتائج الإيجابية للجميع خاصة لأهالي وسكان الأحياء التي شهدت الحملات، فقد انخفضت نسبة البلاغات والشكاوى بشكل كبير سواء السرقات للمنازل أو السيارات أو عمليات نهب الحقائب من السيدات وعمليات خطف الجوالات التي كانت ظاهرة للجميع في كل ساعة وكانت عيانا بيانا للجميع . وأنا أحد الضحايا ممن تعرض للسرقة .
وأضاف أن هذه الحملات بدأت بخطوات سليمة ونتمنى استمرارها ومواصلتها وبدأ المخالفون لأنظمة الإقامة في قلق والمواطن الذي كان يتعاطف أو يأوي مخالفاً لحفنة من النقود أخلى مسؤوليته بعد الحملات خوفا من العقاب وبالتالي ضاقت الدائرة على هؤلاء المخالفين الذين فكروا في تسليم أنفسهم للجهات المعنية . كما أن تعاون الجهات الأمنية مع شركة الكهرباء، بالتعرف على مالك المنزل عن طريق رقم العداد الكهربائي واستدعائه والتحقيق معه حول تأجيره المنزل لعمالة مخالفة، جعل الكثير من المواطنين يخلون مسئوليتهم ويطردون العمالة المخالفة، ومتى ما عوقب المخالفون من المواطنين لقيامهم بتأجير منازلهم لهؤلاء المخالفين فسيكون ذلك العقاب درساً للآخرين . وقبل فترات متفاوتة كنت أرافق عدة جهات أمنية وننفذ عددا من الحملات ونلقي القبض على المخالفين ونخلي المنازل .. وبعد أقل من 24 ساعة تجد المنزل مؤجرا لعمالة مخالفة، لذلك اعتقد أن الحل هو إصدار العقوبة على المواطن الذي يقوم بمثل هذا التصرف والتشهير به بالصحف ووسائل الإعلام المختلفة .
استمرار الحملات
وطالب عمدة حي السبيل محمد الفقيه بتكثيف هذه الحملات وإستمراريتها. وقال إن حملة أو حملتين على حي السبيل لا تكفي فالعمالة الوافدة والمخالفة والتي معظمها من الأفارقة اكثر من المواطنين بالحي. وأعاني، كعمدة للحي، من كثرة المخالفين من الجنسية الأفريقية، فتجد عشرة وافدين جميعهم مخالفون يسكنون بشقة واحدة في غرفة. وأنا اعني من كثرة عمليات النشل والسرقات وابسطها نشل الحقائب النسائية والجوالات وعمليات السطو السريعة . وأضاف إن الحملة التي نفذتها الجهات الأمنية على الحي قبل أسابيع أظهرت نتائج إيجابية كبيرة وأتمنى ان تستمر وتكون بكثافة أعلى خاصة أن الحي يعج بالمخالفين كما ان الكثير من السكان لا يستطيعون الخروج من منازلهم بعد العاشرة خوفا من هؤلاء الذين يسطون ويسلبون المارين بعد استدراجهم لأحد الأزقة .
واعتقد أن الحملة الأمنية والقبض على هؤلاء المخالفين خففت من عمليات النشل التي كان يشهدها الحي ونتمنى استمرارها . وعن تواجد هؤلاء المخالفين قال إنهم يتجمعون ويبحثون عن شقة لاستئجارها بإقامة إما أن تكون مزورة أو تكون إقامه لمقيم بصورة نظامية، حتى إن بعض الشقق التي يستأجرونها تحولت إلى مواقع للدعارة لأن هدفهم فقط جمع المال بأي وسيلة سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية. ويتهم الفقيه ملاك المنازل التي يقيم فيها المخالفون بالتكاسل والإهمال عن متابعة عقاراتهم وممتلكاتهم واكتفائهم بتحصيل قيمة الإيجار في نهاية كل شهر. وعن ابرز المخالفات التي يقومون بها.. قال إن أكثر ما يسببونه من مشاكل أمنية هو كثرة مواقع الدعارة فيما بينهم وهذا يزيد من فرص انتشار الأمراض وكذلك الترويج للمخدرات والعرق والمسكرات وغيرها من المخالفات الأمنية التي تؤثر على مجتمعنا ككل .
إشادة المواطن
وأشاد عدد من المواطنين وأصحاب المحلات برجال الأمن لقيامهم بالمداهمات بطريقة منظمة ومركزة . في هذا الإطار يقول سمير الفران إن المواطنين تلمسوا فرقا كبيرا بعد أن كان الحي متكدسا من قبل متخلفين من أصحاب البشرة السوداء الذين يقومون بعمليات سطو وسرقة على المنازل والسيارات والدعارة.
أما عبد المجيد المطيري فقال إن أغلب المواطنين كانوا يشاهدون ويعرفون أماكن وأوكار المجرمين ولا يستطيعون إبلاغ رجال الأمن خوفا من انتقامهم، مضيفا بأن المداهمات أعادت للمتخلفين والمجرمين هيبة رجال الأمن. بينما قال عبدالعزيز الجهني إن استمرار المداهمات سوف يحد من تخلف القادمين إلى العمرة والحج وبالتالي القضاء على المتخلفين . وقال سامي العمودي صاحب محل إنه كان يخشى من سرقة محله كل يوم ولولا المداهمات لقام بتقبيل المحل والبحث عن محل آخر. وقال على باقاسم إن المتخلفين يقومون بالبيع أمام المحل مما سبب تراكماً للنفايات أمام المحل مما ينعكس على الإقبال على الزبائن .
قصص واقعية
وروى بعض المواطنين في عدد من الأحياء التي داهمتها قوات الأمن بعض القصص المخيفة قبل هذه الحملات مؤكدين أن تواجد العمالة غير النظامية خاصة الجاليات الأفريقية ساهم في كثرة الجرائم وعمليات السطو على المنازل ،مؤكدين على أن عمليات المداهمات ساعدت في اجتثاثهم من أوكارهم التي قاموا بإنشائها داخل الأحياء . يقول محمد الشهري - من سكان غليل إن الحي قبل المداهمات كان أشبه بحي أفريقي فلا شيء يدل على أنك في السعودية وأنه كان يخشى يوميا من أن يصيب أطفاله مكروه عند ذهابهم إلى المدرسة، مشيرا إلى أن الأفارقة، خاصة في أوقات متأخرة من الليل، يقومون ببيع الشراب والمخدرات على الشباب وكثير من الأسر تفككت بسبب المخدرات .
من جانبه قال عبد الله مستور إن الأفارقة كانوا يحرصون على تغيير أوكارهم باستمرار وخاصة أوكار الدعارة وللأسف يتردد عدد من الشباب السعوديين على هذه الأماكن. وقال إنه كان يرغب في بيع منزله منذ سبعه شهور والبحث عن منزل آخر ولكن مع كثرة المشاكل والجرائم لم يقدم أحد على الشراء ومع عملية المداهمات القبض على المتخلفين المتتابعة سوف يساعدنا ذلك على عودة الحياة الطبيعية كبقية الأحياء التي تتواجد في شمال جدة .
وروى ناصر العمودي ما حدث له وقال: تلقيت ضربة في رأسي كادت أن تودي بحياتي لولا لطف الله بسبب هاتفي الجوال وذلك عند الساعة الواحدة من الليل حيث أتيت من زواج أحد الأقارب وإذا باثنين من الأفارقة ذي بنية كبيرة وقاما بضربي بهراوة وأخذ ما معي من نقود وهاتفي الجوال وتركاني مغمى علي .
أما سعيد الصيعري فقال: في أواخر الليل ترى وتسمع كل ما يخطر على بالك من الجرائم والمضاربات وكثيرا ما نسمع صيحات وخاصة من جانب النساء ولا نستطيع الخروج من المنزل خشية أن يقوموا بالاعتداء علينا، مشيرا إلى أن إحدى بناته أثر عليها بقاءها في الحي كما أثر على نفسيتها وتحصيلها الدراسي . وطالب على المسعود باستمرار الحملات الأمنية وخاصة في الأحياء في جنوب جدة حتى لا يظن المتخلفون الذين لم يقبض عليهم بإمكانية العودة مرة أخرى لجرائمهم ونشر الخوف في نفوسهم بعدما نشروه في قلوب المواطنين طوال السنين التي بقوا فيها .
في حين أكد سالم الزهراني أن المواطنين هم رجال الأمن الأول ولو أنهم رفضوا سكن وإقامة المتخلفين في منازلهم أو مراقبة من قام بالسكن في منازلهم حتى لا يتركونها عرضة لأوكار الدعارة أو المخدرات.
هدم أوكار المتخلفين
وأكد عدد من الاقتصاديين أن تحقيق الأمن والاستقرار سوف يوفر بيئة صالحة للتقدم الاقتصادي، وأن هدم المنازل والبيوت التي استخدمها المتخلفون والمتخلفات كأوكار لجرائمهم وإعادة بنائها من جديد سوف يساهم في إيجاد مخططات جديدة وتقل سعر الأراضي مما ينعكس على صالح المواطنين .
في هذا الإطار يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور أسامة فلالي إن تحقيق الأمن سوف يساهم في توفر مناخ جيد للاستثمار ومن واجب قطاعات الأمن أن تقوم بدورها وأن تستمر في المداهمات وتكثيفها للقضاء على المتخلفين الذين لا يعرفون شيئاً عن القانون وبعادات هذا البلد المهم هو جمع المال بأي طريقة كانت وهذا ما ظهر واضحا من خلال المداهمات من وجود عمالة كبيرة من الخادمات الذين يفضلون الهروب من الكفيل بسب الزيادة في الراتب رغم أنهم يعملون بطريقة غير شرعية . من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز الحارثي إن المتخلفين كانوا يقطنون منازل وأحياء كثيرة في جنوب جدة وهدم المنازل والبيوت سوف يساهم في إيجاد منازل ومخططات جديدة مما يساهم في هبوط أسعار العقار وهو في صالح المواطن صاحب الدخل المحدود. وأكد على أن ما يتردد حول إمكانية حدوث أعمال عكسية بتعطيل الكثير من القطاعات المعتمدة على العمالة كالورش وقطاع الأعمال لان ذلك يسمح بتصحيح أوضاع العمالة .
وقال المحاضر في كلية الاتصالات والإلكترونيات الدكتور علي العقيل إن المشكلة كبيرة تساهلنا فيها منذ البداية حتى بات التغلب عليها ليس سهلا ويحتاج إلى سنوات طوال وجهود مكثفة من جميع الجهات للقضاء عليها وخاصة في مدينة مكة وجدة .
وأضاف أسعدتنا الجهود الحالية في إبعاد المخالفين من أراضينا ففي تلك الخطوة أبعاد اقتصادية فهناك أعمال قد تتأثر بترحيل هؤلاء وخصوصا في مجال قطاع التعمير والبناء حيث أغلب العاملين في المباني السكنية من المخالفين لانظمة العمل والاقامة حيث يصعب على أصحاب العمائر جلب عمال نظاميين بنفس الأجور مما ينعكس على إنعاش حركة المقاولات ولجوء من يرغب التعمير الى هذه الشركات بدلا من البحث عن عمالة غير نظامية .
عوامل نفسية
ويقول الدكتور محمد الحامد استشاري الطب النفسي بمستشفى الدكتور عبد الرحمن بخش إن الحملات الأمنية التي تنفذها الجهات الأمنية بشرطة جدة زادت من توفير الأمن والإحساس بالأمن لدى الفرد بالمجتمع وهذا من أهم المتطلبات التي يحتاج إليها الفرد في سبيل أن يبذل المزيد من الجهد والعطاء .
وأكد ان عملية القبض على مخالفين بأعداد كبيرة والإعلان عن ذلك عبر وسائل الإعلام من أكثر الطرق لترسيخ الأمن لدى الفرد داخل الوطن، وقال إن الاحتياجات النفسية لها مطالب معينة ويأتي من ضمن هذه الاحتياجات والتي تعتبر قاعدة الهرم هو الإحساس بالأمان وتوفر الحياة الكريمة الآمنة من مسكن وهذه الحملات تزيد من هذا الإحساس لان الحملات الأمنية يتمخض عنها إلقاء القبض على بعض المخالفين ومرتكبي الجرائم والمخالفين للقانون والمتورطين في عدة أمور أخرى ولذلك أصبح على الجهات الأمنية محاصرة هؤلاء المخالفين وبالتالي إلقاء القبض عليهم ويصبح بإمكان الفرد العمل بارتياح خاصة الذين يغادرون المنطقة وتبقى أسرهم أو الذين يبقون لفترة طويلة بمكاتبهم وأعمالهم فعند توفير الأمن فان هؤلاء سيعطون بشكل أفضل وبتركيز أعلى.
وأضاف أن هذه الحملات لها انعكاسات إيجابية لدى المواطن وذلك من منطلق الإحساس بالأمان وهذا له مردود في الإنتاجية والقدرة على الحياة بطريقة مسترخية نوعا ما بعيداً عن الضغوط النفسية .
أما الدكتور عبد الله باخشوين أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز فقال إن الحديث عن المخالفين لأنظمة الإقامة وخاصة الأفارقة له جانبان الأول بان هناك أناساً مولدون المجتمع همشهم وبالتالي اصبح هذا المجتمع يتحمل تهميشه لهم وعدم دمجه لهم داخل المجتمع وبدأوا يؤثرن على المجتمع بآثار سلبية فظهرت عصابات الشعوذة والدجالين الذين يدعون قدرتهم على مضاعفة الأموال وتكثيرها وانتشرت مواقع الفساد والدعارة .
وعندما كنت ضمن فريق المسح الاجتماعي كنا نحرص على أن ننهي المسح قبل المغرب وكان يقول عدد من سكان الحي وخاصة بجنوب جدة إن الحي مليء بالعصابات العنيفة وإن علينا الخروج من الحي قبل جنح الظلام، وبالتالي أصبح وجود هذه العصابات يشكل رعباً لدى المجتمع والحل هو التواجد الامني والقضاء على هذه العصابات وتنظيف الحي منهم حتى يشعر أهل الحي بالأمن من جديد، وعن ارتكاب هؤلاء المخالفين لجرائم متعددة يقول الدكتور عبد الله هؤلاء المخالفين لا يهمهم سوى جمع المال بأي عملية كانت إما بممارسة نصب وعمليات غسيل الأموال وتكاثر هذه وسيلة غير مقبولة وغير شرعية وهم يمارسونها لأنهم وجدوا مجموعة من الساذجين بالمجتمع لديهم الرغبة في الربح السريع والثراء السريع لدى أشخاص لا يفكرون بعقلانيتهم وهم يسيرون خلف أوهام الشعوذة والدجل وأصبحت هي السائدة في عقلانية هؤلاء الناس، وقال هؤلاء النصابون يقومون بزرع الثقة في نفس الضحية الساذج ويقومون بإعطائه طعماً في المرة الأولى وفي الثانية إلى أن يصل للمبلغ الذي يهدف إليه. وقال النصاب قد يضحي بمبلغ معين في البداية إلى أن يقدم الضحية المبلغ الكبير بمئات الألوف ومن ثم يرتكب جريمته .
المدينة 03/07/2005