البدء بإصلاح المجتمع الأمريكي هو الأهم
بقلم :د. نورة خالد السعد
نشرت الصحف والمواقع التي على الانترنت اللقاء الذي عقدته لورا بوش زوجة الرئيس الأمريكي مع شخصيات نسائية من 15 دولة مسلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي وأنها حضت النساء في الشرق الأوسط على المطالبة بالديموقراطية في المنطقة، وشرحت لهن عن أن الانتخابات في أفغانستان والعراق وفلسطين المحتلة سيكون لها أثر واسع في المنطقة، وأضافت أن الشعوب في الشرق الأوسط أصبحت تطرح أسئلة حولها لم تكن تجرؤ على طرحها في السابق مثل: (متى نستطيع اختيار زعمائنا؟ متى سنصبح أحراراً؟) وأشارت إلى ما يجري في لبنان حسب قولها أن الناس في شوارع العاصمة اللبنانية يطالبون بالديموقراطية وإنهاء (الاحتلال السوري)!! وبالطبع أكدت لهذا التجمع النسوي أن الانتخابات التي جرت في عدد من مناطق الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة يمكن أن تكون نقطة تحول في مثل أهمية سقوط حائط برلين!!
وقالت: (كل الشعوب التي تحب الحرية تأمل في أن تشهد بداية حقبة جديدة من امتداد الحرية وتزايد الفرص للنساء في العالم) وأوضحت أن الرئيس الأمريكي بوش جعل من تقدم حقوق النساء في العالم من أولويات سياسته العالمية وأكدت أنها (فخورة بأن الرئيس بوش يحيط نفسه بنساء ذكيات وقويات)!!
وبالطبع هذه التصريحات للورا بوش جاءت في سياق مناقشات مع هؤلاء النساء حول (أفضل الممارسات الديموقراطية وبناء وتقوية مؤسسات المجتمع المدني) شاركت فيه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية مع هؤلاء النساء اللاتي ذكر عنهن أنهن (قيادات نسائية مسلمة)!! ومشاركة كونداليزا رايس في هذا اللقاء لتؤكد لهؤلاء النساء أن أمريكا ستقف وراء مطالبهن وحركتهن!! وأكدت أن (الولايات المتحدة ترغب في مساعدتهن وخلق الفرص للنساء المسلمات في الشرق الأوسط للمشاركة بشكل تام في حياة شعوبهن!! وأشارت رايس إلى أنه (في كافة أنحاء المنطقة فإن عدداً متزايداً من الأصوات يطالب بالحرية والديموقراطية والعدد من هذه الأصوات هي أصوات نسائية) وقالت لهن: (ونحن نجتمع هذا اليوم لنبعث برسالة واضحة لنساء العالم اللواتي لم يتحررن بعد: ستقف معكن الولايات المتحدة في مطالبتكن بحقوقكن وحريتكن)..
٭٭ بالطبع هذا اللقاء وهذه الوصايا البوشية والكونداليزية أصبحت تتكرر والتركيز الآن على (الحرية والديموقراطية) وما تحت هاتين الكلمتين ألف معنى ومعنى.. كما كان شعار (الإرهاب) مظلة لتمرير أهداف أكبر ولتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد..
لا أجد منا - نساء ورجالاً - من يرفض (الحرية والديموقراطية) كما نفهمها نحن وفق مرجعيتنا الشرعية ومنهجنا المسلم عندما تكون الحرية هي العبودية لله سبحانه وتعالى وليس الحرية من الأخلاقيات والقيم والخروج على منهج المجتمع المسلم تقليداً وتبعية لنموذج الغرب في الحياة السلوكية والقيمية التي لم تحقق نجاحاً في المجتمع الأمريكي ولا يزال هذا المجتمع يعاني من افتقاد المواطنين فيه للأمن النفسي والاجتماعي سابقاً وحالياً بعد تفاقم سياسات الإدارة الأمريكية عنفاً ووحشية تجاه شعوب المنطقة.. ولنراقب رسائل التحذير التي ترسلها الإدارة الأمريكية لرعاياها في معظم مجتمعات الدول العربية وغير العربية ليتخذوا الحيطة والحذر من عنف ضدهم!!
أما داخل الولايات المتحدة فهناك تزايد في نسب العنف يتخلل النسيج الاجتماعي من عناصر أمريكية وليس عناصر دخيلة عليهم.. وآخر هذه الوقائع ما حدث صباح يوم الثلاثاء الماضي من قيام طالب في المرحلة الثانوية في مينيسوتا بقتل جدته وجده ثم الذهاب إلى مدرسته محملاً بالأسلحة!! ليقتل تسعة أشخاص منهم خمسة من زملائه وجرح 15 آخرين.. وكا ذكر عنه أنه من قبيلة شيباوا من السكان الأمريكيين الأصليين.. وأن هذه المنطقة التي يعيش فيها على حدود كندا تعتبر من أفقر المناطق..!! هذه ليست حادثة (فردية) ولكنها تتكرر.. وهذا يؤكد أن مفهوم (الحرية والأمن) داخل هذا المجتمع الذي تمثله لورا بوش وكونداليزا رايس غير موجود وأنه ليس مجتمعاً آمناً ولا تتوفر فيه صفات المجتمعات القدوة حتى يتم توجيه جهودهما إلى الخارج لتحققا الحرية والديموقراطية لمن هن في مجتمعاتهن لم يتحقق لهن من سياسات إلادارة الأمريكية في المنطقة ما تلوح به لورا بوش ولا بوش شخصياً من حرية وديموقراطية..
٭٭ إن من يتصدى لتحرير الشعوب من الفقر والظلم.. ينبغي عليه أن يبدأ بنفسه أولاً ويحرر أفراد مجتمعه من أمراض الإيدز وانتشار المخدرات وحالات القتل والعنف ضد الأطفال والنساء فقد أكد كتاب (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) لمؤلفيه جيمس باترسون وبيتر كيم أن معدلات الجريمة الرسمية هناك وصلت إلى زيادة مقدارها 600٪ وأن نسبة 60٪ كانوا ضحية للجريمة، وكما ذكر أيضاً أن الاغتصاب يحتل المرتبة الثانية في خطورته على المجتمع الأمريكي وأن الطفولة المثالية البريئة كما يقولون لم يعد لها وجود في ذلك المجتمع بناء على الدراسات التي غطت معظم ولايات أمريكا.. فكثير من الفتيات الأمريكيات يفقدن بكارتهن قبل سن الثالثة عشرة!
وأن مفهوم الزواج لم يعد يمثل أهمية بل إن نسبة الثلث من الرجال والنساء المتزوجين الذين شملتهم عينة الدراسة اعترفوا أنهم كانت لهم علاقات جنسية عير شرعية!! وأن هناك نسبة كبيرة من الأمريكيين لا يهتمون بوالديهم عند كبرهم. وأن نسبة واحد من كل سبعة أشخاص يحمل سلاحاً إما معه شخصياً أو في سيارته!!
ولا يزال الصراع بين جنسي الرجال والنساء يتواصل، فهناك عدم تفاهم بينهما وكل منهما يحمل صورة نمطية مشوهة عن الآخر!! بل كما ذكر أن هناك ثورة رجالية بدأت في الظهور كرد فعل لحركة تحرير المرأة!!
ورغم أهمية ما جاء في هذه الدراسة ولكن سأختم بنقطة مهمة وهي أن واحدة من أكثر النتائج خطراً ودماراً على المجتمع الأمريكي هي أن نسبة واحد من كل سبعة أمريكيين قد تعرض للاعتداء الجنسي في طفولته وهذه النسبة هي أعلى المعدلات والأرقام الرسمية المنتشرة من قبل الجهات المختصة وأن إيذاء الأطفال يسبب وباء اجتماعياً!!
٭٭ هذه القضايا أليس من الأهم تكريس ولورا بوش على إيجاد حلول لها بدلاً من التغني بديموقراطية احتلال العراق وأفغانستان والادعاء أنها تحريراً وحرية!!
26/03/2005
Comment