حكم البابا
يكفي المشاهد العربي أن ينقّل بين نشرات أخبار محطات التلفزيون العربية الرسمية ليكتشف أن حركة زعمائه (في خطبهم وتصريحاتهم وإصلاحاتهم وحبهم الاستثنائي لشعوبهم)، هدفها كاميرات وأضواء التلفزيون لا مصالح ومطامح شعوبهم، وأنّ جلّ اهتمامهم يتركز على تحسين صورهم أمام أمريكا (أولاً وثانياً وثالثاً) على أرض الواقع، وشعوبهم (أخيراً) على الشاشة. ولأن الاصلاح المفروض عليهم صار فرض عين لا فرض كفاية، فقد تفتقت مؤخراً عبقرية الزعماء العرب جميعاً (بخطوة إتحاديّة نادرة في التاريخ العربي) عن طبعة جديدة من الاصلاح، هي إصلاح أوضاع جلوسهم على كراسي الحكم والثروة، لا إصلاح أوضاع جلوس شعوبهم في مداجن الاستبداد والفقر.
ولأن الحالة العربية في صورتها الكاملة، كما في تفاصيلها أصبحت حالة تلفزيونية فقط من نوع الـ(ريال تي في) وأقرب إلى برنامج "ستار أكاديمي"، فقد أصبح المشاهد العربي يتابع أحداثها باهتمام من يتابع برنامجاً تلفزيونياً لا وضعاً قومياً مصيرياً. ولأن الزعماء العرب ليسوا بعيدين في رؤيتهم لعرضهم التلفزيوني عن رؤية شعوبهم (لاحظوا هنا الحالة الاستثنائية لتلاقي الشعوب والقادة العرب)، فهم يقدمون مواقفهم وكلماتهم وتحركاتهم باعتبارها استعراضات فنية لا مواقف وطنية سياسية. وبسبب ذلك يختار كل من (جلالته وفخامته وسموّه) حفظهم الله جميعاً، الطريقة التي سيقدم بها نفسه إلى أمريكا في البداية والشعوب العربية في النهاية، كما يختار الطلاب المتقدمون إلى مسابقة لدخول معهد تمثيل، الدور الذي سيؤدونه أمام اللجنة الفاحصة. فالبعض يختار الدور الحماسي النضالي ويلوّن في أدائه بين دور الاستشهادي ودور الشهيد كمن يمثل في فيلم "فدائيون حتى النصر". والبعض الثاني يختار دوراً كوميدياً من النوع المشاغباتي التهريجي منافساً أداء عادل إمام في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، والبعض الثالث يختار الدور العاقل الحصيف الرصين كأنه خالد تاجا في مسلسل "الزير سالم". والبعض الرابع يختار دور الكومبارس الصامت مثل الممثل السوداني في فيلم "الارهاب والكباب" الذي لديه جملة واحدة تقول (في أوربا والدول المتقدمة). لكن مشكلة الزعماء العرب هي في كونهم ينتمون لمدرسة قديمة في التمثيل، فهم لا يزالون يمثلون بأسلوب نجيب الريحاني واسماعيل ياسين، في زمن روبرت دي نيرو وآل باتشينو. ولو كان تصويت الجمهور الذي يحكم بقاء المتسابق أو خروجه في برنامج "ستار أكاديمي" سارياً على حالة (جلالته وفخامته وسموّه) لخرج الزعماء العرب كلهم دفعة واحدة من حياتنا السياسية، كونهم جميعاً موجودين على لائحة الـ(نومينيه) منذ زمن طويل. لكن الزعماء العرب ملكيين وجمهوريين، تقدميين ورجعيين، صموديين وتطبيعيين، متفقون على أمر واحد في الـ(ريال تي في) الذي يمثلونه منذ أن تم استبدال الاستعمار القديم الخارجي بهم، هو مسألة التصويت لأنفسهم في "ستار أكاديمي" وانقاذ بعضهم البعض. وهذا ما حدث ويحدث عندما يجد بعضهم أو كلهم أنهم في زنقة أو مأزق، فيصوّت المغربي للشامي، وتتحالف العباءة مع البدلة، ويتعانق العقال مع ربطة العنق، يجمعهم هدف واحد هو بقاء الاستبداد، كونه الضامن الوحيد لبقائهم على عروشهم.
يتبع
يكفي المشاهد العربي أن ينقّل بين نشرات أخبار محطات التلفزيون العربية الرسمية ليكتشف أن حركة زعمائه (في خطبهم وتصريحاتهم وإصلاحاتهم وحبهم الاستثنائي لشعوبهم)، هدفها كاميرات وأضواء التلفزيون لا مصالح ومطامح شعوبهم، وأنّ جلّ اهتمامهم يتركز على تحسين صورهم أمام أمريكا (أولاً وثانياً وثالثاً) على أرض الواقع، وشعوبهم (أخيراً) على الشاشة. ولأن الاصلاح المفروض عليهم صار فرض عين لا فرض كفاية، فقد تفتقت مؤخراً عبقرية الزعماء العرب جميعاً (بخطوة إتحاديّة نادرة في التاريخ العربي) عن طبعة جديدة من الاصلاح، هي إصلاح أوضاع جلوسهم على كراسي الحكم والثروة، لا إصلاح أوضاع جلوس شعوبهم في مداجن الاستبداد والفقر.
ولأن الحالة العربية في صورتها الكاملة، كما في تفاصيلها أصبحت حالة تلفزيونية فقط من نوع الـ(ريال تي في) وأقرب إلى برنامج "ستار أكاديمي"، فقد أصبح المشاهد العربي يتابع أحداثها باهتمام من يتابع برنامجاً تلفزيونياً لا وضعاً قومياً مصيرياً. ولأن الزعماء العرب ليسوا بعيدين في رؤيتهم لعرضهم التلفزيوني عن رؤية شعوبهم (لاحظوا هنا الحالة الاستثنائية لتلاقي الشعوب والقادة العرب)، فهم يقدمون مواقفهم وكلماتهم وتحركاتهم باعتبارها استعراضات فنية لا مواقف وطنية سياسية. وبسبب ذلك يختار كل من (جلالته وفخامته وسموّه) حفظهم الله جميعاً، الطريقة التي سيقدم بها نفسه إلى أمريكا في البداية والشعوب العربية في النهاية، كما يختار الطلاب المتقدمون إلى مسابقة لدخول معهد تمثيل، الدور الذي سيؤدونه أمام اللجنة الفاحصة. فالبعض يختار الدور الحماسي النضالي ويلوّن في أدائه بين دور الاستشهادي ودور الشهيد كمن يمثل في فيلم "فدائيون حتى النصر". والبعض الثاني يختار دوراً كوميدياً من النوع المشاغباتي التهريجي منافساً أداء عادل إمام في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، والبعض الثالث يختار الدور العاقل الحصيف الرصين كأنه خالد تاجا في مسلسل "الزير سالم". والبعض الرابع يختار دور الكومبارس الصامت مثل الممثل السوداني في فيلم "الارهاب والكباب" الذي لديه جملة واحدة تقول (في أوربا والدول المتقدمة). لكن مشكلة الزعماء العرب هي في كونهم ينتمون لمدرسة قديمة في التمثيل، فهم لا يزالون يمثلون بأسلوب نجيب الريحاني واسماعيل ياسين، في زمن روبرت دي نيرو وآل باتشينو. ولو كان تصويت الجمهور الذي يحكم بقاء المتسابق أو خروجه في برنامج "ستار أكاديمي" سارياً على حالة (جلالته وفخامته وسموّه) لخرج الزعماء العرب كلهم دفعة واحدة من حياتنا السياسية، كونهم جميعاً موجودين على لائحة الـ(نومينيه) منذ زمن طويل. لكن الزعماء العرب ملكيين وجمهوريين، تقدميين ورجعيين، صموديين وتطبيعيين، متفقون على أمر واحد في الـ(ريال تي في) الذي يمثلونه منذ أن تم استبدال الاستعمار القديم الخارجي بهم، هو مسألة التصويت لأنفسهم في "ستار أكاديمي" وانقاذ بعضهم البعض. وهذا ما حدث ويحدث عندما يجد بعضهم أو كلهم أنهم في زنقة أو مأزق، فيصوّت المغربي للشامي، وتتحالف العباءة مع البدلة، ويتعانق العقال مع ربطة العنق، يجمعهم هدف واحد هو بقاء الاستبداد، كونه الضامن الوحيد لبقائهم على عروشهم.
يتبع
Comment