السعودة.. المرة الأخيرة
فواز حمد الفواز
18/05/2005 أثناء حضوري منتدى المشاريعالعملاقة في الدمام الأسبوع الماضي، تابعت بغاية الاهتمام الحديث عن السعودة سواءكان علنيا أو جانبيا، وزاد الحديث شوقا لدى قراءة البعض لكلمة سمو أمير المنطقةالشرقية عمّا قد تحمله من تغييرات إصلاحية في السياسة العمالية.
فأغلبية الحضورتمثل قطاع الأعمال، ولذلك انصب الحديث عن تأثيرات تلك القرارات المحتملة، سرعان مااستغل الفرصة أحد رجال الأعمال، وذكر أن لديه أعدادا كبيرة غير مؤهلة لذلك يجب أنيعطى مرونة في الحصول على تأشيرات، وذاك يذكر أن الأولوية يجب أن تعطى لرجالالأعمال والمستثمرين، فسياسة المملكة وهذا المنتدى يدعوان للاستثمار في المملكة،وآخر يذكر أن التعليم لا يواكب أهداف المملكة في التنمية.
بعد سماع كل ذلك اتجهتإلى دبي في مهمة عمل، وأثناء وجودي هناك سألت أربعة إلى خمسة من سائقي سياراتالأجرة عن دخولهم، وتشاء الصدفة أن ثلاثة منهم عملوا في المملكة سابقا ومن ثمانتقلوا إلى دبي، حيث الأجور أعلى في بلاد أكثر انفتاحا عموما، خاصة في سوقالعمل.
إذا سألت سائق الأجرة في الرياض عن أجره فلا يتردد عن شكوى الملاك وضعفالأجر، بينما في دبي يفاتحك سريعا بموقف إيجابي وخدمة أفضل، ويذكر أن الأجر أعلىمنه في المملكة.
تسارعت الأفكار في ذهني لربط المواقف المذكورة أعلاه وتوافقالنظري مع العملي والتمييز بين التكتيكي والاستراتيجي، لعل الحل يكمن في إيجادالرابط في هذه الثنائية المتلازمة.
يرى كاتب هذه السطور أن الحل على المستوىالنظري يكمن في إيجاد استراتيجية نمو واضحة تكون أعلى من كل الأصوات وتقضي على كلالتناقضات الآنفة الذكر، فتقود رجل الأعمال وسائق الأجرة إلى منطقية البناء ووضوحالرؤيا.
وقبل أن نتهم بسياق نظري دعنا نتبصر جميعا في تطور بلاد كسنغافورة، هلمارس لي كوان يو (سنغفرة) الوظائف أم وظّف السنغافوريين؟ هذا الاستراتيجي العظيماختار الثانية بنجاح.
إن الهروب إلى الأمام في الامتثال إلى نهج دبي في مقياسالعمالة فقط، غير مقنع نظريا وخطير عمليا.
ذكر لي أحد الحضور الأجانب أن سرمجيئه إلى هذه الندوة هو سماع ما يدور بين السعوديين من حديث علني عن مواضيعالساعة، فيما يخص الأعمال والاستثمار، وذكر خبير أجنبي آخر يعمل لدى مؤسسة حكوميةسعودية أنه ذهل من طبيعة الاجتماعات السعودية، فالكل يبدأ بطرح استراتيجية معينة،بينما ذكر لي أنه وأثناء عمله في اليابان كان الجميع يأتي للاجتماعات مسلحا بكلالتفاصيل وتناقش ومن ثم ترفع للإدارة العليا خيارات استراتيجية مبنية على معلوماتدقيقة. لقد حان لنا الوقت أن نستمع إلى بعضنا البعض ونتعامل بجدية أكثر بما يهم ليسفقط رجل الأعمال وإنما كل مواطن.
قبل نحو عشر سنوات، سئل أحد مثقفي الهند عن سرتفوق مواطني بلاده في بلاد المهجر، خاصة الغرب وتخلف الهند، فذكر أن السبب بسيط جداويعود إلى أنه في الهند لا يطلب منهم عمل شيء محدد في وقت محدد في ظل آلية ثوابوعقاب واضحة، بينما تختلف الصورة في بلاد الغرب، فهل الإنتاجية والبناء هو الهدفالأول بوضوح؟ وهل سخرنا كل ما لدينا من طاقات بشرية ومادية لهذا الهدف في ظلالتجربة والنمو السكاني وكثرة الندوات؟ لقد أصبح هذا السؤال مخجلا حقا.
علاجالسعودة يكمن في هذا السؤال المركزي ومدى قدرة كبار المسؤولين على مواجهة هذاالسؤال وتحمل نتائجه وفهم مغزاه البعيد.
الاقتصادية 18/05/2005
فواز حمد الفواز
18/05/2005 أثناء حضوري منتدى المشاريعالعملاقة في الدمام الأسبوع الماضي، تابعت بغاية الاهتمام الحديث عن السعودة سواءكان علنيا أو جانبيا، وزاد الحديث شوقا لدى قراءة البعض لكلمة سمو أمير المنطقةالشرقية عمّا قد تحمله من تغييرات إصلاحية في السياسة العمالية.
فأغلبية الحضورتمثل قطاع الأعمال، ولذلك انصب الحديث عن تأثيرات تلك القرارات المحتملة، سرعان مااستغل الفرصة أحد رجال الأعمال، وذكر أن لديه أعدادا كبيرة غير مؤهلة لذلك يجب أنيعطى مرونة في الحصول على تأشيرات، وذاك يذكر أن الأولوية يجب أن تعطى لرجالالأعمال والمستثمرين، فسياسة المملكة وهذا المنتدى يدعوان للاستثمار في المملكة،وآخر يذكر أن التعليم لا يواكب أهداف المملكة في التنمية.
بعد سماع كل ذلك اتجهتإلى دبي في مهمة عمل، وأثناء وجودي هناك سألت أربعة إلى خمسة من سائقي سياراتالأجرة عن دخولهم، وتشاء الصدفة أن ثلاثة منهم عملوا في المملكة سابقا ومن ثمانتقلوا إلى دبي، حيث الأجور أعلى في بلاد أكثر انفتاحا عموما، خاصة في سوقالعمل.
إذا سألت سائق الأجرة في الرياض عن أجره فلا يتردد عن شكوى الملاك وضعفالأجر، بينما في دبي يفاتحك سريعا بموقف إيجابي وخدمة أفضل، ويذكر أن الأجر أعلىمنه في المملكة.
تسارعت الأفكار في ذهني لربط المواقف المذكورة أعلاه وتوافقالنظري مع العملي والتمييز بين التكتيكي والاستراتيجي، لعل الحل يكمن في إيجادالرابط في هذه الثنائية المتلازمة.
يرى كاتب هذه السطور أن الحل على المستوىالنظري يكمن في إيجاد استراتيجية نمو واضحة تكون أعلى من كل الأصوات وتقضي على كلالتناقضات الآنفة الذكر، فتقود رجل الأعمال وسائق الأجرة إلى منطقية البناء ووضوحالرؤيا.
وقبل أن نتهم بسياق نظري دعنا نتبصر جميعا في تطور بلاد كسنغافورة، هلمارس لي كوان يو (سنغفرة) الوظائف أم وظّف السنغافوريين؟ هذا الاستراتيجي العظيماختار الثانية بنجاح.
إن الهروب إلى الأمام في الامتثال إلى نهج دبي في مقياسالعمالة فقط، غير مقنع نظريا وخطير عمليا.
ذكر لي أحد الحضور الأجانب أن سرمجيئه إلى هذه الندوة هو سماع ما يدور بين السعوديين من حديث علني عن مواضيعالساعة، فيما يخص الأعمال والاستثمار، وذكر خبير أجنبي آخر يعمل لدى مؤسسة حكوميةسعودية أنه ذهل من طبيعة الاجتماعات السعودية، فالكل يبدأ بطرح استراتيجية معينة،بينما ذكر لي أنه وأثناء عمله في اليابان كان الجميع يأتي للاجتماعات مسلحا بكلالتفاصيل وتناقش ومن ثم ترفع للإدارة العليا خيارات استراتيجية مبنية على معلوماتدقيقة. لقد حان لنا الوقت أن نستمع إلى بعضنا البعض ونتعامل بجدية أكثر بما يهم ليسفقط رجل الأعمال وإنما كل مواطن.
قبل نحو عشر سنوات، سئل أحد مثقفي الهند عن سرتفوق مواطني بلاده في بلاد المهجر، خاصة الغرب وتخلف الهند، فذكر أن السبب بسيط جداويعود إلى أنه في الهند لا يطلب منهم عمل شيء محدد في وقت محدد في ظل آلية ثوابوعقاب واضحة، بينما تختلف الصورة في بلاد الغرب، فهل الإنتاجية والبناء هو الهدفالأول بوضوح؟ وهل سخرنا كل ما لدينا من طاقات بشرية ومادية لهذا الهدف في ظلالتجربة والنمو السكاني وكثرة الندوات؟ لقد أصبح هذا السؤال مخجلا حقا.
علاجالسعودة يكمن في هذا السؤال المركزي ومدى قدرة كبار المسؤولين على مواجهة هذاالسؤال وتحمل نتائجه وفهم مغزاه البعيد.
الاقتصادية 18/05/2005