- كيف يفسد الأباء أبنائهم ؟
ان الاهتمام بتربية ذرية صالحة ، يعد من أفضل و أضمن صور الاستثمار ، لو أراد الإنسان ان يفكر بمنطق استثماري !.. فان من أبهج عناصر الدنيا ان يرى الإنسان ثمرة وجوده واثر تربيته ، يمشي أمامه على وجه الأرض ، عامراً للبلاد و! مصلحاً للعباد . وخاصة عندما يقترب من نهايته ، فيرى ان دوره على وشك الانتهاء في الحياة الدنيا ، لتبدأ ذريته بدور جديد من الحركة التكاملية ، والتي تعود أثارها إليه وهو في القبر ، حيث ينتظر ادني رصيد يرجح كفة حسناته ، حيث انقطع العمل وبدأ الحساب
القرآن الكريم
عندما يعبر عن طلب الأنبياء وغيرهم للذرية الصالحة فانه يعبر بلفظ ( الهبة ) ، ومعنى ذلك ان الإنسان لا يطلب من الله تعالى هذه العطية الكبرى باستحقاقه ، وإنما يريد من الله تعالى ان يتفضل عليه بذلك . فانه مهما بالغ في التربية فانه لا يحقق أمانيه بسعيه ، فان خيوط الأمر كثيرا ما تخرج عن يده !! ..
و يا ترى كم من الفضل العظيم توجه إلى إبراهيم بمثل إسماعيل ، وإلى زكريا بمثل يحيى ، وإلى مريم بمثل المسيح عليهم السلام .. وكم من المناسب ان يدعو احدنا - بإلحاح - ان يمن عليه بمن يصلح به المسلمون في مستقبل هذا الزمان ، حيث عز النصير لهذا الدين الذي عاد غريبا ك! ما بدأ غريبا !!
ان ولي الأمر في الأسرة - شاء ام أبى - يعد رأس الهرم التربوي ، الذي بفساده تفسد القاعدة .. فان الولد لا يرى في سنوات تربيته الأولى مربيا سوى والديه . وعليه فليس من الرياء أبداً ان يظهر الأبوان شيئا من طاعاتهما تشجيعا له ، وان يخفيا معاصيهما لئلا يسقطا من عينه ، وخاصة إذا لم يكن يتوقع منهما الولد ذلك .. و من المؤسف حقا ان الولد عندما يكبر ويعود إلى رشده ، فانه يحس في أعماق وجوده حالة من الكره لهما ، بحيث يجره إلى العقوق جرا ، لما يعيشه في باطنه من الاحتقار لهما ، و ذلك إذا كانا سببا في إفساده !!
ان من الأخطاء التربوية الشائعة هو إكثار الوالدين من ا! لنهى والزجر إلى درجة تبرم الولد ، وبالتالي الميل إلى التمرد على الأوامر ، والحال انه لا بد من تقديم البديل الصالح عند كل نهي .. فالشاب الذي يعيش الفراغ الروحي والفكري ، فانه يتوجه إلى كل ما يملأ ذلك الفراغ ، فلا بد من إشباع وقته بما يصلح به أمره .. والشاب الذي يأنس مع رفقه السوء ، لا بد من اقتراح من يسد أنسه من الصالحين .. والبالغ الرشيد الذي تدفعه الغريزة إلى ارتكاب السوء ، لا بد من السعي لتحصين نصف دينه ، وإلا اشترك الأبوان في وزره كما يفهم من بعض الروايات .
ان من موجبات إفساد الأولاد :
اختلاف الأبوين في نمط التربية ، إذ ان من الخطأ الفادح ان يتقمص احد الأبوين دور الشفيق المدلل ، والأخر دور الحازم القاطع . فان الولد يميل بطبعه إلى الأول ،! وبالتالي تتحقق في صغره حالة من الجفوة تجاه الثاني .. ولا بد من الالتفات هنا إلى ضرورة التوسط بين حالتي : الدلال والحزم ، فلكل من الأسلوبين حسناته وسلبياته ، ولكل عمر طبيعته الخاصة به ، ولا بد من التفريق بين الخطأ الذي لا يصل إلى حد الحرام فيكفي فيه الإرشاد ، وبين الخطأ الذي يساوي المنكر فلا بد فيه من الوقوف بحزم وقوة ، وإلا ذابت هيبة الحرام في نفس الناشئ ، ليتدرج من صغيرة إلى كبيرة ، ومن كبيرة إلى موبقة !! .
إذا أردنا ان نفترض ضرة للأبوين ، فان من يمكن ان يكون كذلك هم أصدقاء الولد ، فان تقارب السن ، واشتراك الاهتمامات ، واتحاد الدوافع الغريزية ، وتهييج وسائل الإعلام المفسدة : كل ذلك من العوامل التي تسوق ا! لولد سوقا إلى اتخاذ بطانة سوء ، بهم تذهب أتعاب سنوات من التربية أدراج الرياح .. ومن الغريب حقا ان يجنب الأبوان كل ما فيه إضرار بصحته الظاهرية ، بل البعض يبالغ في الاهتمام ببشرة الولد مثلا ، والحال إنهما يتركانه لينقش صديق السوء ، ومظاهر الإفساد في الشارع : كل مفردات الإفساد في نفسه .. ولو كشف الغطاء للعبد لتمنى حرمانه من ذرية ، تكون سببا للتعاسة في الدنيا ، والشقاء في الآخرة !!
ان من المناسب ان يذكر رب الأسرة نفسه ، بان ماله و ثمره كده وجهده في سنوات طويلة ، سيصب أخيرا في حساب ولده ، وخاصة إذا كان هذا المال نتيجة صرف سنوات من ريعان شبابه في اشق المهن كالغوص في البحار، بحثا عن لقمة العيش !! .. أوليس من المنطق ان يفكر الإنسان! - تفكيرا منطقيا - فيمن سيستلم ثمار سنوات الكدح !.. وذلك في ليلة واحدة : أي ليلة موته لينتقل إلى عالم مجهول موحش . والحال ان الولد قد يعيش بتلك الثروة - نفسها - منتقلا من لذة إلى أخرى ، ناسيا ان أباه المسكين ، يستصرخه في إهدائه حسنة واحدة من عرق جبينه ، لينقذه من عذاب اليم !!
ان من الملفت حقا ان يكون إنبات بذرة إلى مرحلة الإثمار ، محتاجا إلى علم وتخصص في سنوات بما يعرف بالهندسة الزراعية ، ليتم التعرف على شيء من أسرار عالم النبات ، و الذي لا يعد شيئا أمام تعقيدات النفس الإنسانية .. أفلا تستحق تربية من هو بمثابة الجزء الذي لا ينفك من الإنسان ، إلى دراسة وبحث ولو على مستوى العموميات ؟!.. ولماذا لا نحاول – وخاصة الطبقة المثقفة – ان يكون لنا رصيد يعتد به في هذا المجال ، إذ كيف يمكن تحقيق التربية النموذجية ، من دون علم بأدنى قواعد هذا العلم ، الذي يتناول أعز شيء في عالم الوجود ، الا وهي النفس التي بين الجنبات ؟!
مقتبس
ان الاهتمام بتربية ذرية صالحة ، يعد من أفضل و أضمن صور الاستثمار ، لو أراد الإنسان ان يفكر بمنطق استثماري !.. فان من أبهج عناصر الدنيا ان يرى الإنسان ثمرة وجوده واثر تربيته ، يمشي أمامه على وجه الأرض ، عامراً للبلاد و! مصلحاً للعباد . وخاصة عندما يقترب من نهايته ، فيرى ان دوره على وشك الانتهاء في الحياة الدنيا ، لتبدأ ذريته بدور جديد من الحركة التكاملية ، والتي تعود أثارها إليه وهو في القبر ، حيث ينتظر ادني رصيد يرجح كفة حسناته ، حيث انقطع العمل وبدأ الحساب
القرآن الكريم
عندما يعبر عن طلب الأنبياء وغيرهم للذرية الصالحة فانه يعبر بلفظ ( الهبة ) ، ومعنى ذلك ان الإنسان لا يطلب من الله تعالى هذه العطية الكبرى باستحقاقه ، وإنما يريد من الله تعالى ان يتفضل عليه بذلك . فانه مهما بالغ في التربية فانه لا يحقق أمانيه بسعيه ، فان خيوط الأمر كثيرا ما تخرج عن يده !! ..
و يا ترى كم من الفضل العظيم توجه إلى إبراهيم بمثل إسماعيل ، وإلى زكريا بمثل يحيى ، وإلى مريم بمثل المسيح عليهم السلام .. وكم من المناسب ان يدعو احدنا - بإلحاح - ان يمن عليه بمن يصلح به المسلمون في مستقبل هذا الزمان ، حيث عز النصير لهذا الدين الذي عاد غريبا ك! ما بدأ غريبا !!
ان ولي الأمر في الأسرة - شاء ام أبى - يعد رأس الهرم التربوي ، الذي بفساده تفسد القاعدة .. فان الولد لا يرى في سنوات تربيته الأولى مربيا سوى والديه . وعليه فليس من الرياء أبداً ان يظهر الأبوان شيئا من طاعاتهما تشجيعا له ، وان يخفيا معاصيهما لئلا يسقطا من عينه ، وخاصة إذا لم يكن يتوقع منهما الولد ذلك .. و من المؤسف حقا ان الولد عندما يكبر ويعود إلى رشده ، فانه يحس في أعماق وجوده حالة من الكره لهما ، بحيث يجره إلى العقوق جرا ، لما يعيشه في باطنه من الاحتقار لهما ، و ذلك إذا كانا سببا في إفساده !!
ان من الأخطاء التربوية الشائعة هو إكثار الوالدين من ا! لنهى والزجر إلى درجة تبرم الولد ، وبالتالي الميل إلى التمرد على الأوامر ، والحال انه لا بد من تقديم البديل الصالح عند كل نهي .. فالشاب الذي يعيش الفراغ الروحي والفكري ، فانه يتوجه إلى كل ما يملأ ذلك الفراغ ، فلا بد من إشباع وقته بما يصلح به أمره .. والشاب الذي يأنس مع رفقه السوء ، لا بد من اقتراح من يسد أنسه من الصالحين .. والبالغ الرشيد الذي تدفعه الغريزة إلى ارتكاب السوء ، لا بد من السعي لتحصين نصف دينه ، وإلا اشترك الأبوان في وزره كما يفهم من بعض الروايات .
ان من موجبات إفساد الأولاد :
اختلاف الأبوين في نمط التربية ، إذ ان من الخطأ الفادح ان يتقمص احد الأبوين دور الشفيق المدلل ، والأخر دور الحازم القاطع . فان الولد يميل بطبعه إلى الأول ،! وبالتالي تتحقق في صغره حالة من الجفوة تجاه الثاني .. ولا بد من الالتفات هنا إلى ضرورة التوسط بين حالتي : الدلال والحزم ، فلكل من الأسلوبين حسناته وسلبياته ، ولكل عمر طبيعته الخاصة به ، ولا بد من التفريق بين الخطأ الذي لا يصل إلى حد الحرام فيكفي فيه الإرشاد ، وبين الخطأ الذي يساوي المنكر فلا بد فيه من الوقوف بحزم وقوة ، وإلا ذابت هيبة الحرام في نفس الناشئ ، ليتدرج من صغيرة إلى كبيرة ، ومن كبيرة إلى موبقة !! .
إذا أردنا ان نفترض ضرة للأبوين ، فان من يمكن ان يكون كذلك هم أصدقاء الولد ، فان تقارب السن ، واشتراك الاهتمامات ، واتحاد الدوافع الغريزية ، وتهييج وسائل الإعلام المفسدة : كل ذلك من العوامل التي تسوق ا! لولد سوقا إلى اتخاذ بطانة سوء ، بهم تذهب أتعاب سنوات من التربية أدراج الرياح .. ومن الغريب حقا ان يجنب الأبوان كل ما فيه إضرار بصحته الظاهرية ، بل البعض يبالغ في الاهتمام ببشرة الولد مثلا ، والحال إنهما يتركانه لينقش صديق السوء ، ومظاهر الإفساد في الشارع : كل مفردات الإفساد في نفسه .. ولو كشف الغطاء للعبد لتمنى حرمانه من ذرية ، تكون سببا للتعاسة في الدنيا ، والشقاء في الآخرة !!
ان من المناسب ان يذكر رب الأسرة نفسه ، بان ماله و ثمره كده وجهده في سنوات طويلة ، سيصب أخيرا في حساب ولده ، وخاصة إذا كان هذا المال نتيجة صرف سنوات من ريعان شبابه في اشق المهن كالغوص في البحار، بحثا عن لقمة العيش !! .. أوليس من المنطق ان يفكر الإنسان! - تفكيرا منطقيا - فيمن سيستلم ثمار سنوات الكدح !.. وذلك في ليلة واحدة : أي ليلة موته لينتقل إلى عالم مجهول موحش . والحال ان الولد قد يعيش بتلك الثروة - نفسها - منتقلا من لذة إلى أخرى ، ناسيا ان أباه المسكين ، يستصرخه في إهدائه حسنة واحدة من عرق جبينه ، لينقذه من عذاب اليم !!
ان من الملفت حقا ان يكون إنبات بذرة إلى مرحلة الإثمار ، محتاجا إلى علم وتخصص في سنوات بما يعرف بالهندسة الزراعية ، ليتم التعرف على شيء من أسرار عالم النبات ، و الذي لا يعد شيئا أمام تعقيدات النفس الإنسانية .. أفلا تستحق تربية من هو بمثابة الجزء الذي لا ينفك من الإنسان ، إلى دراسة وبحث ولو على مستوى العموميات ؟!.. ولماذا لا نحاول – وخاصة الطبقة المثقفة – ان يكون لنا رصيد يعتد به في هذا المجال ، إذ كيف يمكن تحقيق التربية النموذجية ، من دون علم بأدنى قواعد هذا العلم ، الذي يتناول أعز شيء في عالم الوجود ، الا وهي النفس التي بين الجنبات ؟!
مقتبس