Tweet
ويل للمطففين
محمد السحيمي
صدر مع نهاية السنة المالية 2004، عن بنك بريطاني شهير، تقريرٌ يفيد بأن البنوك السعودية حققت أعلى ربحية على مستوى العالم، وأنها ستستمر في صدارة الدوري لعشر سنواتٍ قادمةٍ على الأقل، أي حتى عام 2014، وفق الحسابات الفلكية الدقيقة التي تجريها المراصد المالية، التي لا شكَّ ـ ولا دوجٍ حمر والرفارف سود ـ جرت إعادتها عشرات المرات، بعد أن أجريت عمليات تصحيح نظر لجميع القائمين بها؛ لما تعرضت له عيونهم من زغللةٍ؛ دمَّرت كثيراً من "شبكيات" الكمبيوتر التي لم تستوعب أن نظاماً مصرفياً في العالم الثالث والأخير، يحقق هذا المستوى من الربحية، وطوال الشوارب من العالم الأول والأخير تتفرج!
وبعد تصحيح النظر، وإصلاح شبكيات الكمبيوتر، تساءل الدارسون، عن سر هذا التفوق السعودي الكاسح؟ هل هو في ارتفاع نسبة الفائدة الربوية "اسم الله علينا"؟ أم هو في قوة المنافسة التي مكَّنت البنوك السعودية من الفوز بأعلى الصفقات في "درب التبانة" كلها؟ أم هو في توفر، وتدفق السيولة المادية؛ فمن المسلَّمات الغربية ـ بتشديد اللام وفتحها؛ حتى لا يتحمَّس "جمس بوند" ـ أن كل سعوديٍّ يتقلب على بحيرةٍ من النفط، تتوسطها نافورةٌ من الغاز الطبيعي؟
لقد وجدوه ـ بعد أن بعثوا بمركبات فضائية مزودة بأدق ما توصل إليه العقل الأوروبي من قرون استشعار ـ فيما يسمى بـ "النظام الاقتصادي الإسلامي"، القائم في نظرهم، على المثل البراغماتي اليهودي الأمريكاوي: "شي بلاش ربحه فري كلير"! فإذا كان النظام الربوي "اسم الله علينا"، يقرض المواطن مئة ألف، بفائدةٍ ثابتة لا تتجاوز الـ 3%، فإن النظام الإسلامي ـ في نظرهم ـ يقرض نفس المبلغ بفائدةٍ قد تصل إلى 45%! ولهذا لم يتردد البريطانيون في الأخذ فوراً، بتوصية التقرير باعتماد النظام الإسلامي في بنوكهم، فلديهم شريحةٌ لا بأس بها تتألف من ثلاثة ملايين مواطن بريطاني مسلم، وأضعافها من المهاجرين والمهجَّرين، وهذه حيثية واحدةٌ تسيل اللعاب، فكيف لو عرفوا نظام تحويل الرواتب، الذي يسمح للبنك باستلامها أولاً، واقتطاع حقِّه "وحق الفاهي"، من الأقساط، ورسوم "الفيزا"، والرسوم الإدارية، فإذا وجد المواطن المغلوب على أمره، حسابه ليلة العيد "صفراً مكعَّباً"، واتصل بهم ليصحِّح خطأهم غير المقصود، أجابه "الجابـي": أحمد ربك، باقٍ عليك وعلى وجهك أضعاف ما أخذنا! طيب أجّلِوا أغنية "آكل منين يابطة"، إلى ما بعد العيد فقط! هذا بنك "ساب المال سيبةً لا هوادة فيها"، وليس جمعية النهضة النسائية الخيرية! وما إن يصل منزله المبني بأقساطٍ تقصم ظهره وظهر "اللي يتشدد له"؛ حتى يجد شريكة "غُلبه" تزغرد فرحةً، ليس بالعيد، وليس لأنها سددت آخر قسط، منذ خمسة عشر عاماً، وإنما لأن "البنك" قدَّم لها، وله، ولكم، ولنا جميعاً عرضاً جديداً، مصدَّقاً من "الهيئة الشرعية"!
فإذا توجهَّتَ عزيزي المواطن، لإجراءات القسط الجديد، فتأكد من وجود عبارة "مذبوح حسب الهيئة الشرعية"، مختومة على مؤخرة عنقك، إن كان له مقدمة!
جريدة الوطن
Comment