سعودية تؤسس علاج السرطان بـ "التسخين الكيميائي"
"الاقتصادية" من الرياض
شرع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض في برنامج حديث لمعالجة بعض أنواع الأورام السرطانية عبر تقنية "التسخين" الكيميائي، بعد نجاح فريق طبي متعدد الاختصاصات في افتتاح باكورة البرنامج قبل نحو أسبوعين إثر معالجة مواطن يبلغ من العمر "63 عاما" يعاني ورما سرطانيا في التجويف البطني.
وأوضح الفريق الطبي المعالج أن المريض كان يعاني ورما سرطانيا في الغشاء البريتوني لايمكن معالجة حالته أو الحالات المشابهة بواسطة الجراحة فقط بسبب عدم إمكانية إزالة جميع الخلايا السرطانية، الأمر الذي استدعى إجراء الجراحة والشروع مباشرة في إعطاء علاج كيميائي مكثف بواسطة التروية باستخدام جهاز تقني حديث جلبه المستشفى لهذا الغرض.
وأكد الدكتور قاسم القصبي المشرف العام التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أن البرنامج يفتح أملا جديدا لبعض المرضى المصابين ببعض الأورام السرطانية التي لا تستجيب للأنواع الأخرى من المعالجات الطبية، مشيرا إلى أن البرنامج جرى الإعداد له منذ نحو أربعة أعوام، وتم تأهيل وتدريب الكوادر الطبية والتمريضية والفنية المعنية في عدد من المراكز العالمية المرجعية في هذا المضمار، إضافة إلى وضع بروتوكول علاجي مقنن، وتوفير التقنيات والمستلزمات الضرورية لتفعيله بالشكل المطلوب. وشدّد على أن تطبيقه يستلزم تضافر وتوافر كفاءات وتخصصات مؤهلة في المجال الجراحي، والتروية، والتخدير، والصيدلة، والتمريض وهو مايمتاز به المستشفى التخصصي.
من جهته، أوضح الدكتور طارق أمين استشاري الجراحة في المستشفى التخصصي أن إحدى الصعوبات الجوهرية في علاج المرضى المصابين بالسرطان المنتشر على نطاق واسع في التجويف البطني، يتمثل في عدم إمكانية إزالة جميع الخلايا السرطانية في كثير من الأحيان رغم الإجراء الجراحي، ما يجعل أمر الشفاء غير ممكنن.
وأبان أن إضافة المعالجة الكيميائية الحرارية بواسطة التروية تتم من خلال إدخال محلول يجري تسخينه إلى ما فوق 40 درجة مئوية بعد الجراحة مباشرة، ويحقق نتائج متطورة في طريق شفاء المريض من الورم السرطاني، حيث يزيد تركيزه إلى أكثر من 15 ضعف تركيزه حين إعطاء العلاج الكيميائي عبر الوريد بالطرق التقليدية المعتادة.
وأشار الدكتور أمين إلى أن المحلول الكيميائي المسخن يحوي عقارا أو اثنين من تلك العقاقير المضادة للسرطان بناء على نوع السرطان، مؤكدا أن تلك العقاقير أظهرت قدرتها على محاربة الخلايا السرطانية في درجات حرارة أعلى من درجة حرارة الجسم العادي، منوها بأنه أثناء إزالة الورم جراحيا يسمح لدرجة حرارة الجسم بالانخفاض من درجتين إلى ثلاث درجات مئوية تقريبا لتفادي الارتفاع العالي في حرارة الجسم خلال المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق. وأشار إلى إدخال أنابيب خاصة ومسابير حرارة في البطن فيما يجري تدوير السائل المسخن في التجويف البطني، في الوقت الذي يقوم إخصائي التروية بالمضخة بعملية التحكم الدقيق في درجة الحرارة وسرعة التروية بواسطة معدات شبيهة بتلك المستخدمة في عمليات القلب المفتوح لنحو 90 دقيقة قبل أن يتم نقل المريض إلى وحدة العناية المركزة لمراقبة تطور حالته، مشيرا إلى أن المريض الذي أجريت له العملية في المستشفى مكث خمسة أيام في العناية الفائقة قبل أن ينقل إلى غرفة تنويم إعتيادية، ويتمتع حاليا بصحة جيدة.
إلى ذلك أوضح الدكتور أحمد الجمالي إخصائي تروية القلب أن البرنامج بدأ كفكرة بحثية لمعرفة مدى إمكانية تطبيقه والإضافة النوعية التي تتحقق للمرضى قبل نحو أربعة أعوام، مشيرا إلى إسناده الفكرة كمشروع بحثي إلى أمل العتيبي إخصائية التروية القلبية حين كانت طالبة في البرنامج التدريبي للتروية القلبية، وبعد الانتهاء من البحث تم عرض النتائج على استشاريين في معالجة الأورام السرطانية، ولاقت تأييدا وترحيبا، قبل الشروع في إجراءات تطبيقها.
وأكد الفريق الطبي المعالج أن المراجع الطبية المعتمدة أظهرت أن استخدام هذا النوع من المعالجة بعد جراحة الورم السرطاني عادة مايساعد المريض، بإذن الله تعالى، على العيش لمدة أطول براحة أكثر مما يمكن تحقيقة باتباع الطرق العلاجية الأخرى.
يشار إلى أن الفريق المعالج سعودي بالكامل، ويتكون من الدكتور طارق أمين، الدكتور عبدالله حلواني، الدكتور حكيم الحكيم، الدكتور أحمد الجمالي، وأمل العتيبي إخصائية التروية، وماجد الكريديس وعبدالله الزهراني فنيي التخدير.