Announcement

Collapse
No announcement yet.

حياتي مع جارتي حرب مفتوحة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حياتي مع جارتي حرب مفتوحة

    حياتي مع جارتي حرب مفتوحة



    البلاغ

    "الجار قبل الدار" مَثَل عربي قديم، كان يعبّر عن الأخوة والعلاقة المتينة بين الجيران، لكنّه تبدّل مع الأيام، وتعكّر صفو تلك العلاقة، وأدّى إلى شيوع الفرقة وعدم التآلف بين الجارات، فتحوّلت المحبّة إلى ترسانة مليئة بالكراهية تُستعمل لوضع الحواجز الشائكة. وكلّ واحدة تتحصّن لشنّ حرب مفتوحة، تتجنّب فيها جارتها وتتمنّى وضعها في علبة مغلقة الإحكام وإلإرسالها إلى البعيد، حيث ترتاح من إزعاجها وتلصصها على حياتها الخاصة وكشف مستورها أمام من هبّ ودبّ.
    "حيّة تحت تبن"، "داهية رماها الدّهر عليَّ في أواخر هذا الزمن".. وغيرهما من العبارات التي تُستخدم للتعبير عن حجم المعاناة من الجارة التي تعشق المشكلات، أو توقعها غباوتها في أمور تكون نتيجتها العزل عن محيطها ووضعها في قمقم محكم الإغلاق، يمنعها من "مزاولة" الجولات المكوكيّة التي تضرّ بمن حولها. ولكن ما سبب هذا النفور بين الجارة والأخرى؟ هل هي الغيرة؟ حبّ الإنتقام؟ أم هواية تنمّى مع الأيّام؟... وغيرها من الأسئلة طرحناها على عدد من اللواتي يعانين هذه المشكلة:
    - جارتي تعشق المشكلات:
    زينة معلوف: يقول المَثَل "صباح الخير يا جاري أنت في دارك وأنا في داري"، هذا المَثَل أطبقه في علاقتي مع الجارة التي تسكن فوق منزلي. من اليوم الأوّل شعرت بأنّها من النوع الذي يحبّ افتعال المشكلات، حاولت الإحتراس منها ولكن من دون جدوى.
    تحاول دائماً استفزازي؛ مثلاً كانت تنظّف منزلها مساء وتحدث ضجيجاً مزعجاً، كثيراً ما كان يدفع بجارتي التي تسكن في الطابق السفلي للظنّ بأنّني الفاعلة فترسل زوجها ليطرق بابنا ويطلب منّي التوقّف عن الضجيج، بالرغم من أنّي كنت في كل مرّة أخبره بأنّني لست الفاعلة ولكنّ التّهمة كانت تلتصق بيّ، هذا إضافة إلى النفايات التي كانت ترميها من نافذتها في الوقت الذي أجلس فيه مع زوجي على الشرفة، وكالعادة أكون الفاعلة بنظر الآخرين. هذا الأمر تكرّر مراراً ما أدى إلى نشوب خلاف حادّ مع جيراني دفعني إلى التفكير بتغيير مسكني، ولحسن الحظ ظهرت الحقيقة. فقد ذهبت في أحد الأيّام مع زوجي لتمضية عطلة نهاية الأسبوع عند أهلي، وهي بالطبع لم تكن تعرف ذلك واستمرت تتصرّف بالطريقة ذاتها، ما أكدّ لجارتي الأخرى صحّة كلامي فوقفت إلى جانبي لوضعها عند حدّها، وكشفها أمام الآخرين، وهي اليوم تعيش وحيدة مع عائلتها، من النادر جدّاً أن يطرق بابها أحد الجيران لأنّ الجميع يتجنّب المشكلات التي تعشقها وتسري في دمها.
    - جارتي سبب شقائي:
    هناء سليمان: إنّ "طيبة" قلب جارتي وسذاجتها سببا شقائي في هذه الحياة. أنا طوال النهار خارج البيت، أنتظر بفارغ الصبر عودتي للراحة والقيام ببعض الأعمال المنزلية، ولكن لسوء حظّي، ما إن أدخل المنزل حتى يُقرع جرس الباب معلناً وصول جارتي التي أطلق عليها لقب "ست بدور صاحبة الأخبار التي لا تنتهي". في بادئ الأمر كنت أقول لنفسي: "عيب"، كرم الضيافة يحتّم عليَّ حسن التصرُّف، ولكن كما يقال للصبر حدود، فزيارتها كانت تستمرّ لساعات طويلة، حاولت أن أخبرها بطريقة لائقة أنّي أتعب كثيراً في عملي وأنتظر لحظة عودتي للنوم والراحة، ولكن من دون جدوى، حتى إنني كنت أتركها وحيدة تشاهد التلفاز وأدخل إلى المطبخ للقيام بأي عمل يلهيني عنها، لكنّها كانت تتبعني وهي تردّد "دعيني أساعدك فأنتِ تشقين طوال النهار" فتبقى إلى جانبي إلى حين الإنتهاء مما أقوم به، وكنت أخبرها بأنّ زوجي يغضب إن وصل ولم يجد الطعام جاهزاً، فكانت تبادرني بالقول "معه حقّ، دوام عملك طويل وأنت تهملين منزلك كثيراً". صراحة حرت كيف أتصرّف معها، إلى أن قرّرت يوماً رمي حسن الضيافة جانباً واتخذت قراراً بأنّي لن أفتح الباب لها، فكانت تأتي يومياً وتقرع جرس الباب وأنا أتظاهر بأني نائمة، استمر هذا الأمر مدّة أربعة أيّام ولحسن حظّي فهمت أخيراً بأنّي أنزعج منها ولا أحب زيارتها لمنزلي، وباتت بالكاد ترمي عليَّ السلام إن التقيت بها مصادفةً.لا أنكر أنّ تصرُّفي هذا خلق عداوة بيننا إلّا أنّه أعاد الطمأنينة والراحة إلى حياتي.
    - إزعاجها أقلق راحتي:
    جويل عبدالله: انتقلت حديثاً للعيش في مبنى جديد، لا أعرف فيه أحداً ولكنّي فوجئت بجارتي بعد شهرين تقرع الباب لتطلب منّي بعضاً من الزيت، مع العلم أنّي لم أكن أعرفها فأعطيتها ما تريد، لكنّ الأمر بات يتكرّر كلّ يوم مع طلب جديد: الخبز، الليمون.. وأنا أقول في نفسي "فلتأخذ ما تريد إنّها أمور عادية"، إلى أن قرعت يوماً الباب باكراً وطلبت مني استعارة معطفي البنّي لأنّ لديها مناسبة وليس لديها ما ترتديه وهو يتناسب مع ثيابها، عندها جنّ جنوني ولم يكن أمامي إلا أن أرفض طلبها بحجة أن ذلك المعطف هو لشقيقتي الصغرى. وقرّرت منذ ذلك الحين أن أعاملها حسب طريقتها، فكلّ يوم كنت أطرق بابها لطلب أمر ما، لا أكون بحاجة إليه ولكن فقط بدافع إغضابها، والحمد لله وصلت إلى ما أريد، فلم تعد تقرع بابي لطلب شيء، واسترحت من إزعاجها الذي أقلق راحتي.
    - جارتي ثرثارة:
    ميراي شمعون: اصطحبت ابنتي في أحد الأيّام للتنزّه في حديقة مجاورة للمنزل، وهناك التقيت جارتي مع ابنها الصغير. بدأت القصّة بإلقاء التحيّة، والتعارف، ثمّ الاتفاق على اللقاء مرّة أخرى ليلعب ولدانا بعضهما مع بعض. ووقعت فريسة سهلة لجارة ثرثارة، أو بالأحرى داهية يصعب صدّها، أوقعتني بفعل لطفها ووفرة المساعدات والخدمات التي يمكن أن تقدّمها إذا ما احتجت يوماً إلى أيٍّ منها، ولكن الضريبة كانت أن دخلت بيتي وعرفت أسراري، حتى إنّها قامت بفتح خزائن مطبخي وثيابي بحجة أنّها ترغب في مساعدتي على إعادة ترتيبها وتنظيمها – وأنا التي كنت أعتبر خزائني سرّاً من أسراري – والنتيجة أنّني أصبحت جزءاً من أحاديثها الشائقة في اجتماعاتها المكوكية مع الجارات الأخريات، فراحت تسرق أخباري "تملّحها وتبهرها" وتسوّقها في مزاد "القيل والقال" مع فنجان القهوة. تصرُّفاتها هذه أوقعتني في خلاف مع عدد من الجارات، ولم يكن أمامي إلّا أن وضعتها عند حدّها، وطردتها من منزلي، وأخذت عهداً على نفسي بأنّي لن أسمح لأيّ جارة بالتدخّل في حياتي الخاصّة.
    - دخل زوجي في خلافاتنا:
    أرليت علوان: أنا في خلاف مستمرّ مع جارتي التي تقطن منذ نحو عشرين سنة في المنزل المواجه لمنزلي. من النادر أن يسود الوئام بيننا، فهي تعتبر دوماً أنّي متسلطة ومخطئة في حقّها، بالرّغم من أنّي في أحيان كثيرة كنت أحاول أن أكلّمها، ألقي عليها التحية كمحاولة لكسر الجليد الذي يسود في علاقتنا، لكنّها كانت في كلّ مرّة تدير وجهها متجاهلة وجودي، حتى إنّها في بعض الأحيان كانت توصد الباب في وجهي أو تطفئ الأنوار أمام المنزل لدى خروجي مع عائلتي فنصعد كالعادة السلالم بالظلمة، ما يؤدِّي إلى وقوع أحد أولادي، أمّا بالنسبة إلى النفايات التي كانت ترميها أمام المنزل فحدّث ولا حرج، لكنّي كنت أنظفها دوماً خوفاً من الجراثيم والصراصير... ولكن ما زاد الطين بلّة أنّها كانت تنتظر زيارة زوجي إلى منزلهم لتخبره بأمور لا علاقة لي بها بهدف التشاجر معي. واستمرّ زوجي يدافع عنها إلى أن رأى بعينيه أفعالها وسمع بأذنيه كلامها اللاذع، فطلب منّي عدم التحدّث معها نهائياً، وقطع علاقته مع زوجها.
    - صدّقت خداعها:
    يولّا عقل: أختلف دوماً مع زوجي من جرّاء علاقتي الطيبة مع جارتي، وكما يقال نحن "مثل السمنة والعسل" لا نختلف إلا نادراً، لكنّ زوجي كان يقول لي إنّها تستغلني بصداقتها لأمورها الخاصّة، فقد كانت تضع ابنها عندي طوال النهار إلى حين رجوعها من العمل، وطبعاً من دون مقابل ماديّ، فقد كنت سعيدة به أحبّه وأخاف عليه كثيراً، حتى إنّني كنت في بعض الأحيان أهمل واجباتي الزوجية للإهتمام به. واستمرّ هذا الأمر حتى عثوري على عمل، فأخبرت جارتي وصديقتي العزيزة بأني لن أستطيع مواصلة الإهتمام بطفلها، فصُدمت بردّة فعلها حين قالت لي: زوجك يؤمّن كل طلباتك، فأنتِ تعيشين معزّزة مكرّمة في منزلك، فلِمَ تلجئين إلى العمل تحت أيدي الغرباء؟
    لا أنكر أنّي اقتنعت بكلامها وكدت أتخلّى عن الفكرة، لكنّ زوجي كان رأيه مختلفاً وطلب منّي أن أوافق على العرض، وكان له ما أراد. ومع الأيام لاحظت نفوراً لدى جارتي التي لطالما اعتبرتها شقيقة لي، فقد كنت أدعوها للخروج أيام العطلة وهي تتجنّب مرافقتي، حتّى بتّ لا ألتقيها إلّا نادراً، وإن حصل ذلك لا تتفوّه إلّا بالكلمة الضرورية كأنّني أخطأت في حقّها. ومع الأيام اكتشفت أنّ زوجي كان محقّاً؛ فلأني لا أفيدها بشيء تخلّت عن صداقتي، فقرّرت أن أضع حدوداغً بيني وبين أيّ جارة، فلا صداقة يمكن أن تستمر لأنّ المنفعة الخاصّة هي الطاغية.


    الزيتون عندما يُضغط يخرج الزيت الصافي فإذا شعرت بمتاعب الحياة تعصرقلبك فلا تحزن انه "الله" يريد أن يخرج أحلى ما فيك ايمانك دعاءك وتضرعك




Working...
X