بينما كنت أتجول بالمنتديات السعودية لفتني هذا المقال الرائع للدكتور فهد اليحيا ووجدته من المقالات التي تستحق النقل
منذ عدة أشهر استضافت فضائيةٌ لبنانية (لا أذكر أهي المستقبل، أم إل بي سي) المطرب اللبناني الشهير، الشاب السبعيني، وديع الصافي. واستضافت معه مغنٍ أسباني.
كما تم أثناء الحلقة استضافة عددٍ من أبنائه وأحفاده.
وفي نهاية الحلقة رتبت محطة التلفزيون اتصالاً هاتفياً بين وديع وابنته المقيمة في البرازيل، والتي لم يرها منذ سنتين أو ثلاث.
كان الحديث مشحوناً بالعواطف الجياشة بين أبٍ وأبنته.
تهدج صوت وديع، واغرورقت عيناه بالدموع، وبين جمهور الحاضرين كانت الأم والأخت تمسحان دموعهما بصمت. وران جو من الصمت الحزين بين الحضور.
مهرجان الدموع:
أما المفاجأة المبهجة/المبكية فكانت أن المحطة قد رتبت حضور ابنة وديع من البرازيل، دون أن يعرف أحد من أهلها ذلك.
وكان الاتصال الدولي المزعوم إنما يدور بين الأب في الأستوديو، والبنت في غرفة جانبية.
وحالما انتهى الاتصال الهاتفي دخلت الفتاة ليلاقيها أبوها وديع، وأمها، وأخوتها، بالعناق والقبلات والدموع.
كان مهرجاناً للدموع!
الجميع يكفكف دموعه: المذيعة والمذيع، والمغني الأسباني، وعدد كبير من الحضور، والمتفرجون في البيوت ومن بينهم كاتب هذه الأسطر.
أبانا المثالي الذي في المخيلة:
في نظري لم تنهمر الدموع لمجرد اللقاء الجياش بين وديع وابنته،
ولكن تم بناء الجو بالتدريج بشكل تلقائي منذ بداية الحلقة، كالماء الذي يسخن على الماء رويداً رويداً فلا يبدو عليه شيء ظاهرياً حتى يصل إلى درجة الغليان.
كان وديع الصافي طوال الحلقة صافي المشاعر، وبدا رب أسرةٍ من الطراز الأول.
وكانت عاطفته الأبوية تشع على الجمهور، فلا يدعو لأحدٍ من أبنائه أو أسرته، إلا ودعا للجمهور الحضور والمشاهدين:
"الله يبارك لكم في أولادكم وبناتكم يا رب يا كريم، ويخليهم كيت وكيت..".
فتبدى وديع "في اللاوعي" أباً للجميع. أو الأب الذي يتمناه الجميع:
ذلك الأب جياش المشاعر الذي يعبر عنها بسلاسةٍ وصفاء،
والذي لا يخجل من إنسانيته، ولا يعتذر عنها.
هل لدينا مشكلة مع مشاعرنا؟
ليس الهدف لتقريظ وديع الصافي. ولكن للحديث عن مشكلتنا المستديمة مع المشاعر، وخجلنا منها، وخوفنا منها، وحصارنا لها، وازدراءنا إياها.
حتى أن المرء يستطيع التعبير بسهولة عن كل ما يشغله عدا المشاعر.
وعندما يكتب كلمات حبٍ إلى أمه أو أبيه أو حبيبته فهو يلجأ إلى مخزنٍ من الأكليشيهات المحفوظة في الذاكرة.
وفي الجلسات العلاجية التي أقيمها لعددٍ من مراجعيّ هالني مدى الحصار الذي فرضته ثقافتنا السائدة على المشاعر، وتجلت لي بصورةٍ جليّة الصعوبة التي نواجهها في الانتباه لمشاعرنا والحديث عنها.
ونحن عندما نغفل المشاعر إنما نفعل ذلك تلقائياً وبصورة اعتيادية، دون أن نشعر بأن هناك خلل ما.
فإذا سألت أحداً، أو سألك أحدهم إشارةً إلى موقف معين: "بماذا أحسستَ؟" أو "بم شعرتَ؟"
يكون الجواب من قبيل "حسيت إن ودي أضربه" أو "شعرت بأني أريد أن أغادر المكان"...الخ.
ومن البديه أن مغادرة المكان أو الضرب هي من باب التصرفات (السلوك) لا المشاعر.
أما المشاعر فهي العواطف (أي الانفعالات) التي جاشت في الصدر واختلجت في القلب قبل الرغبة في الضرب أو مغادرة المكان بثوانٍ قليلة أو حتى بجزء من الثانية أحياناً.
وإذا كنتَ -مثلاً- في ضائقةٍ مالية ولجأت إلى صديق مقتدر ليقرضك فخيب أملك.
فإنك قد تنهي روايتك لما حدث بهذه الصورة:
"فأحسستُُ إنه دنئ، وسأتحاشى الحديث معه مستقبلا!ً".
إنه دنئ: استنتاج تم بعملية تقييم عقلية تدخل ضمن الوظائف الإدراكية (Cognetive)،
وتحاشي الحديث: تصرفٌ يدخل ضمن العمليات السلوكية (Behaivoure).
مرةً أخرى انزوت المشاعر في ركنٍ بعيد.
وفي الغرب، إذا وقع سؤ فهم، أو خلاف بين شخصين قريبين من بعضهما البعض، فإن أحدهما يبادر في اليوم التالي -أو في ذات اليوم- قائلاً للآخر:
"هل تود أن نتحدث عما حصل؟" عندنا لا يحدث ذلك أبداً،
ولو حدث فإن الآخر يرد بحزم:
"ليس هناك ما نتحدث عنه!".
والأدهى من ذلك لو قال أحدهما للآخر: "هل أنت غاضب؟"
فإن إجابة الآخر في أغلب الأحوال لن تتجاوز إحدى هاتين الإجابتين:" لا طبعاً! ولماذا أغضب؟! لا شيء يثير غضبي" (بينما هو في داخله يغلي من الغضب).
أو ينفجر قائلاً: "طبعاً غاضب وحانق! وتتبجح بسؤالك هذا؟ لو كان لديك قدر ضئيل من الإحساس بالآخرين لما بدر منك كذا وكذا".
فيشتعل الخصام من جديد.
بل لعل الطرف الآخر يتحاشى أن يجيب بهدؤ أنه غاضب، خشية أن يرد عليه الأول:
"إذاً اضرب برأسك عرض الحائط!"
ألم أقل لكم أننا نستهين بمشاعرنا!
الحاسة السادسة:
ويعود استخدامنا الدائم للألفاظ المعبرة عن الإحساس، أو الشعور، محل التعبير عن الأفكار والسلوك، إلى الحصار الذي نفرضه إلى المشاعر.
ولكنه يعود أيضاً، وبصورة جزئية، إلى أن نوعاً من الشعور قد يساعدنا أحياناً على اتخاذ قرارٍ ما، أو اختيار تصرف معين.
مثلاً قد يقول المرء أحسست أن الكلام يحوي فخاً لي فغيرت موضوع الحديث، أو شعرتُ بأن عليّ أن أفعل كذا وكذا.
بيد أن هذا الشعور الغامض والذي ينبعث فجأةً في النفس كلحظة كشف خاطفة (وليس نتيجةً لعملية استنتاج عقلية تحليلية)
هو من باب الحدس أو البديه.
وبالتالي لا علاقة له بالمشاعر أو العواطف، بل ويمكن أن يُسمى بالحاسة السادسة.
لنتغلب على جفاف الصحراء:
من المؤكد أن هناك أسباباً أدت إلى تجاهل ثقافتنا السائدة للمشاعر وازدراءها لها، وربما كان للصحراء الجافة القاسية دور في ذلك، بيد أن هذا لا يعنيني الآن. ما يهمني هو أن نفتتح الباب للمشاعر، أن نحترم مشاعرنا، ومشاعر الآخرين من حولنا، مهما بدت لناتافهةً أو غير مهمة. وأن نحترم حقنا –جميعاً- في التعبير عن المشاعر، وأن نتعلم الاستماع لها.
في داخل كل منا طفل بحاجة لأن يعبر عن عواطفه الإيجابية منها والسلبية .. عن همومه الصغيرة ..عن خوفه .. حزنه .. فرحه .. خجله أو شعوره بالذنب. وبحاجةٍ لأن يسمع كلمة أحبك، أو آسف، أو أشكرك، أو أشتاق إليك، ممن يحبهم أو يحبونه.
وفي نظري أن العديد من المشاكل الاجتماعية والأسرية بل والنفسية يعود إلى كبت المشاعر. وأن أهم عيوب سؤ التواصل (Communication) يكمن في الاستهانة بالعواطف، وعدم الإفصاح عنها. ألم يقل الشاعر المهجري إلياس فرحات:
وأنكى من الحب كتمانه * وأقسى من الهجر فقد الرجا
ولو كنت شاعراً لأضفتُ بيتاً يقول والأدهى منها عدم التعبير عن تلك الأحاسيس.
جرب -عزيزي القارئ- أن تستمع لمشاعر طفلك، أو أمك، أو زوجك، أو محبوبك، أو زميلك؛ دون أي موقف دفاعي منك، أو تبرير، أو نصائح، أو أية محاولة للإقناع.
جرب أنت أن تحدثهم عن مشاعرك دون أن تتوقع منهم أن يجاروك في ذلك.
فقط تعلم أن تتحدث عن عواطفك، وأن تقترب منها، وسيتعلمون ذلك مع الزمن.
إن لحديث المشاعر مفعول السحر في صفاء القلوب وتطهير النفوس.
ليس لمن حولك فحسب، بل لك أنت بالدرجة الأولى.
وفي نظرية أرسطو عن الدراما (التمثيل) أن أحد أهم وظائف التراجيديا (مسرحيات المأساة) هي مشاعر الخوف والشفقة التي تتلبس المتفرج عندما يتماهى (يتوحد) مع البطل المعذب، فتحدث للمتفرج حالة التطهر من تلك المشاعر الحبيسة داخله، وذلك بفعل خبرته لها أثناء الاندماج في متابعة للعمل التمثيلي وكذلك لتعبيره عنها.
خبرة لندنية شخصية:
في يوم ما في أواخر فترة دراستي العليا في لندن تعيّن علي الذهاب إلى مكتب التسجيل. كان مشوار الذهاب يستغرق ما يزيد على الساعة بين الأتوبيسات ومترو الأنفاق، وكذلك العودة.
وأخذت الاستمارة المطلوبة معي بعد ملئها، ولكن الموظفة هناك لفتت نظري، ببيروقراطية بريطانية أصيلة، إلى نقصٍ تافه هو أن المشرف لم يضع التاريخ في الخانة الظاهرة بجوار توقيعه.
ذهلتُ من "حنكلتها" وبينتُ لها أن الخانات الأخرى المبينة للتاريخ في الاستمارة مكتملة ومتماثلة، ولابد أن إغفال المشرف ذلك كان مجرد سهو.
دخلتْ مكتباً جانبياً وعادت تقول ببرود أن هذا هو النظام.
قلتُ لها هل تريدينني أن أكذب أو أزيف، فأذهب إلى المقهى المجاور، وأشرب فنجان، قهوة، وأضيف التاريخ وأعود بعد نصف ساعة أو ساعة فتستقبلين استمارتي، وبذلك تحوليني من طبيب إلى مزور.
بُهتتْ وسكتتْ، وذهبتْ مرةً أخرى إلى المكتب الجانبي، وكنتُ مزهواً بقوة حجتي المفحمة.
ولكنها عادت لتقول: "النظام هو النظام".
هنا لم يبقَ لي من الصبر شيئاً، فطلبت أن أرى رئيسها.
ذهبت مرةً ثالثة إلى ذات المكتب وعادت لتقول أن رئيسها غير موجود.
كدت أن أصرخ ولكني قلت وأنا أصر على أسناني: حسنٌ! أريد أن أقابل الشخص في ذلك المكتب. لكنها لم تعر قولي انتباهاً وذهبتْ. باختصار "سفهتني"!
قلبتُ بصري بين الموظفين الآخرين كطفل ضائع، ولكنهم أخذوا يتصرفون وكأني لستُ موجوداً.
التطهير:
لم أشعر بالوقت الطويل عائداً إلى المعهد. تكفل الغيظ والغضب وما يستتبعهما من أفكار وهواجس بأن أنسى طول المشوار.
كنت حينها أمضي فترة تدريبٍ في قسم العلاج النفسي. دخلتُ القسم بادي التوتر وفي الطرقة رأيتُ زميلي المتدرب الإنجليزي. بادرته قائلاً: "يونج (هذا أسمه بالصدفة المحضة) أرأيت ما فعل الأغبياء في مكتب التسجيل؟ لقد رفضت الموظفة الحمقاء استلام استمارتي لعدم وجود التاريخ !"
قال باهتمام صادق:
"أنا آسف من أجلك! يبدو أنك متوتر للغاية، هل تريد التحدث عن الأمر؟"
فوجئت بدعوته.
فلم يدعني أحد طوال عمري للحديث عن موقف أزعجني.
كل ما مرّ عليّ هو أن أشرع في الحديث دون دعوة.
والأنكى أن الردود من قبيل "بكره تكبر وتنسى"
أو "طوّل بالك"
أو "هذولا إنجليز فيهم ما لا فيهم، وش تتوقع أكثر من كذا"
أو "يا رجال وسع صدرك! وش يعني؟ ما نقص منك إيد ولا رجل".
ولهذا لم تعجبني دعوته للحديث عن الموضوع،
فماذا سيجدي الحديث وقد حدثتُ نفسي بالأمر طيلة ساعة في الطريق؟
ولكني انسقتُ وراءه كـ"المسبوه" ودلفت مكتبه، وحدثته عما حدث بالتفصيل، وبكل حنق.
لم يقل أكثر من بضع كلمات متفرقة ولكنه كان يستمع إلى بكل جوانحه، وكأني أحدثه عن معركة "الطرف الأغر" أو "واترلو".
وعندما فرغتُ أحسستُ براحةٌ كبيرة. وبتُ مستعداً أن أنسى، وأن أطول بالي، وأوسع صدري.
وفي اليوم التالي ذهبت بالاستمارة مكتملةً إلى ذات الموظفة دون ذرة من حنق، ولكن بسخرية خفية ممزوجة بالشفقة.
بل كان في استطاعتي لو إشتكيتُ لمسئول هناك عن حاثةً الأمس أن أفعل ذلك بهدوء بينما لو حدث ذلك بالأمس لتحولت الشكوى إلى شجار.
كيف احترموا مشاعري:
لقد كانت خبرتي في قسم العلاج النفسي من أفضل الخبرات وأنجعها.
في كل الاجتماعات عندما كنتُ أفتح فمي بأي "خربوطة" أجد إنصاتا واهتماماً.
إن لم يكن في حديثي ما يشدّ كانوا يبحثون عما يحتويه من مشاعر ويهتمون بها. وفي الأسابيع الأولى من فترة التدريب التي دامت خمسة عشر شهراً حدث موقف صغير شكل منعطفاً في حياتي.
ففي الأسبوع الأول حضرتُ الجلسة التعليمية الأولى مع الاستشاري "وولف" الذي كان فوق السبعين.
كانت جلسةً للتعارف (فقد كنا أربعة متدربين جدداً، ثلاثة بريطانيين وأنا)،
ولاستطلاع معلوماتنا عن العلاج النفسي، وخبراتنا فيه. في الأسبوع التالي حضرت دكتورة بدلاً عنه وأخبرتنا أنه مريض.
وفي الأسبوع الذي يليه وصلنا خبر وفاته. بعدها كنتُ في الاجتماع الأسبوعي، وعرفتُ أن مأتمه كان في اليوم السابق.
وكان الحديث يدور حول الفقيد "وولف" فقد كان زميلاً لهم، وكان أستاذاً لبعضهم.
لم يكن الحديث عن مآثره ولكنه كان تعبيراً عن مشاعرهم تجاهه. تهدج صوت البعض، وبكى بعضهم.
وفجأة وجدتُ نفسي أقول:"لقد كنتُ سعيداً جداً بمقابلة الدكتور وولف، وقد فرحتُ بأنه سيكون أحد الذين أتعلم العلاج النفسي على أيديهم، والآن أشعر بالأسى لأن ذلك لن يحدث أبداً".
قلتها جملةً عابرةً، وربما مجاملة،
ولكني فوجئت بنظراتهم الحانية المصوبة بسلام تجاهي،
وهمهماتهم أو كلمات قصيرة معبرة عن التعاطف.
حينها اكتشفتُ فعلاً أني لم أقل قولي مجاملةً،
وإنما كنتُ أحسّ إحساساً غامضاً بفقده.
وتبينتُ أني كنتُ سعيداً فعلاً بكوني سأتعلم على يديه،
إذ بدا لي شخصاً ذا لماحيةٍ خارقة، وخبرةً عريضة، وفكرٍ مفتوح،
وحسٍ إنساني كبير.
فعلاً، كنتُ أعاني من شيئاً ما، ولم يكن ما قلته اعتباطاً كما بدا لي أولاً.
افتحوا النوافذ لشمس الحياة. افتحوا الشبابيك لدفء المشاعر، ولصخبها (حتى للسلبي منها). لا تخشوا منها، فهي في صفكم دائماً.
افتحوا شبابيك قلوبكم لتكنس نسائم المحبة غبار المشاعر المؤلمة الجاثمة فوق الصدور.
التعبير عن المشاعر:
نحن لا نعبر عن ما تجيش به صدورنا من مشاعر إلا قليلاً. وإذا فعلنا ذلك فعادةً ما يكون باختصار وابتسار.
ذلك أننا نعتبر التعبير عن المشاعر المؤلمة نوعاً من الضعف والعجز.
لذا علينا أن نمرن أنفسنا على ذلك.
وسأستعمل فيما يلي لفظة الألم قاصداً الألم النفسي وموقناً أن كل المشاعر السلبية هي ألم نفسي:
1. اتخذ موقفاً متقبلاً بقلب مفتوح وصدر رحب.
لا تكثر من التشجيع اللفظي بل بدلاً من ذلك عبر بلغة الجسد: اتخذ وضعاً مريحاً، لا تشبك اليدين ولا تضع رجلاً على أخرى.
حاول أن تكون ذراعاك على جانبيك والراحتان منبسطتان ومتجهتان للأعلى.
مل بجسمك إلى الأمام.
أنظر بهدؤ وأحرص على أن تكون ملامح وجهك مسترخية.
2. تذكر أنه قد يكون متردداً لأنه يشعر بالخجل من الموقف كله،
أو قد يتحدث بنبرة غضب للتغلب على القلق المصاحب للموقف.
أبن تشجيعك للطرف الأخر بتبني ملامح مشجعهة متعاطفة تعكس مشاعر الطرف الأخر. ا
ستعمل الهمهمات والأصوات المبهمة لتشجيعه على الحديث عن ما يؤلمه.
3. address المشاعر:
يبدو أن هذا (أي ما حدث) قد آلمك؟
إلى أي درجة كان مؤلماً؟
هل كنت أيضاً غاضباً؟ .. إلخ.
4. validate خبرته الذاتية لتلك المشاعر:
بالتأكيد كان الموقف مؤلماً لك!
لا بد أنك كنت متألماً للغاية!
5. acknowledge دورك الملام وعبر عن أسفك:
أنا آسفٌ لأنك كنت تعاني من هذا!
وأنا في غاية الأسف لفهمي المغلوط أو لتصرفي الخاطئ!
أعترف بأنه لم يكن شيئاً حسناً بالمرة!
وأعتذر لك عن ما صدر مني .. إلخ.
6. قدم دعماً معنوياً مشاعرياً:
لقد ظننتُ حينها أني أفعل شيئاً جيداً لك لأني أحبك ولكني كنتُ مخطئاً!
لقد أردتُ لك الخير ولكني أخطأتُ في أني لم أر الموقف من وجة نظرك!
أنا أحبك وسأظل أحبك لمجرد أنك (إبني، زوجي، حبيبي، صديقي..) فحسب.
7. شجع openning up :
شكراً لأنك صارحتني بألمك. في المستقبل أرجو أن لا تتأخر كثيراً كي تتحدث عن مشاعرك، لأن هذا النوع من الحديث يجعلنا نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل.
8. النصائح والارشادات:
بعد ذلك،
وإذا كان متسقاً مع الموقف، أو له داع، قدم النصح العقلاني والملاحظات بشكل محدد:
مثلاً، لقد كنتُ مشغولاً في مكالمة هاتفية مهمة وكنت تقاطعني بطلبك ولذا ثرتُ عليك، رجاءً إذا كنتُ منهمكاً بشيء وأشرت لك أن تنتظر حتى أفرغ فأفعل لئلا يتكرر الأمر .. وهلم جرا.
منذ عدة أشهر استضافت فضائيةٌ لبنانية (لا أذكر أهي المستقبل، أم إل بي سي) المطرب اللبناني الشهير، الشاب السبعيني، وديع الصافي. واستضافت معه مغنٍ أسباني.
كما تم أثناء الحلقة استضافة عددٍ من أبنائه وأحفاده.
وفي نهاية الحلقة رتبت محطة التلفزيون اتصالاً هاتفياً بين وديع وابنته المقيمة في البرازيل، والتي لم يرها منذ سنتين أو ثلاث.
كان الحديث مشحوناً بالعواطف الجياشة بين أبٍ وأبنته.
تهدج صوت وديع، واغرورقت عيناه بالدموع، وبين جمهور الحاضرين كانت الأم والأخت تمسحان دموعهما بصمت. وران جو من الصمت الحزين بين الحضور.
مهرجان الدموع:
أما المفاجأة المبهجة/المبكية فكانت أن المحطة قد رتبت حضور ابنة وديع من البرازيل، دون أن يعرف أحد من أهلها ذلك.
وكان الاتصال الدولي المزعوم إنما يدور بين الأب في الأستوديو، والبنت في غرفة جانبية.
وحالما انتهى الاتصال الهاتفي دخلت الفتاة ليلاقيها أبوها وديع، وأمها، وأخوتها، بالعناق والقبلات والدموع.
كان مهرجاناً للدموع!
الجميع يكفكف دموعه: المذيعة والمذيع، والمغني الأسباني، وعدد كبير من الحضور، والمتفرجون في البيوت ومن بينهم كاتب هذه الأسطر.
أبانا المثالي الذي في المخيلة:
في نظري لم تنهمر الدموع لمجرد اللقاء الجياش بين وديع وابنته،
ولكن تم بناء الجو بالتدريج بشكل تلقائي منذ بداية الحلقة، كالماء الذي يسخن على الماء رويداً رويداً فلا يبدو عليه شيء ظاهرياً حتى يصل إلى درجة الغليان.
كان وديع الصافي طوال الحلقة صافي المشاعر، وبدا رب أسرةٍ من الطراز الأول.
وكانت عاطفته الأبوية تشع على الجمهور، فلا يدعو لأحدٍ من أبنائه أو أسرته، إلا ودعا للجمهور الحضور والمشاهدين:
"الله يبارك لكم في أولادكم وبناتكم يا رب يا كريم، ويخليهم كيت وكيت..".
فتبدى وديع "في اللاوعي" أباً للجميع. أو الأب الذي يتمناه الجميع:
ذلك الأب جياش المشاعر الذي يعبر عنها بسلاسةٍ وصفاء،
والذي لا يخجل من إنسانيته، ولا يعتذر عنها.
هل لدينا مشكلة مع مشاعرنا؟
ليس الهدف لتقريظ وديع الصافي. ولكن للحديث عن مشكلتنا المستديمة مع المشاعر، وخجلنا منها، وخوفنا منها، وحصارنا لها، وازدراءنا إياها.
حتى أن المرء يستطيع التعبير بسهولة عن كل ما يشغله عدا المشاعر.
وعندما يكتب كلمات حبٍ إلى أمه أو أبيه أو حبيبته فهو يلجأ إلى مخزنٍ من الأكليشيهات المحفوظة في الذاكرة.
وفي الجلسات العلاجية التي أقيمها لعددٍ من مراجعيّ هالني مدى الحصار الذي فرضته ثقافتنا السائدة على المشاعر، وتجلت لي بصورةٍ جليّة الصعوبة التي نواجهها في الانتباه لمشاعرنا والحديث عنها.
ونحن عندما نغفل المشاعر إنما نفعل ذلك تلقائياً وبصورة اعتيادية، دون أن نشعر بأن هناك خلل ما.
فإذا سألت أحداً، أو سألك أحدهم إشارةً إلى موقف معين: "بماذا أحسستَ؟" أو "بم شعرتَ؟"
يكون الجواب من قبيل "حسيت إن ودي أضربه" أو "شعرت بأني أريد أن أغادر المكان"...الخ.
ومن البديه أن مغادرة المكان أو الضرب هي من باب التصرفات (السلوك) لا المشاعر.
أما المشاعر فهي العواطف (أي الانفعالات) التي جاشت في الصدر واختلجت في القلب قبل الرغبة في الضرب أو مغادرة المكان بثوانٍ قليلة أو حتى بجزء من الثانية أحياناً.
وإذا كنتَ -مثلاً- في ضائقةٍ مالية ولجأت إلى صديق مقتدر ليقرضك فخيب أملك.
فإنك قد تنهي روايتك لما حدث بهذه الصورة:
"فأحسستُُ إنه دنئ، وسأتحاشى الحديث معه مستقبلا!ً".
إنه دنئ: استنتاج تم بعملية تقييم عقلية تدخل ضمن الوظائف الإدراكية (Cognetive)،
وتحاشي الحديث: تصرفٌ يدخل ضمن العمليات السلوكية (Behaivoure).
مرةً أخرى انزوت المشاعر في ركنٍ بعيد.
وفي الغرب، إذا وقع سؤ فهم، أو خلاف بين شخصين قريبين من بعضهما البعض، فإن أحدهما يبادر في اليوم التالي -أو في ذات اليوم- قائلاً للآخر:
"هل تود أن نتحدث عما حصل؟" عندنا لا يحدث ذلك أبداً،
ولو حدث فإن الآخر يرد بحزم:
"ليس هناك ما نتحدث عنه!".
والأدهى من ذلك لو قال أحدهما للآخر: "هل أنت غاضب؟"
فإن إجابة الآخر في أغلب الأحوال لن تتجاوز إحدى هاتين الإجابتين:" لا طبعاً! ولماذا أغضب؟! لا شيء يثير غضبي" (بينما هو في داخله يغلي من الغضب).
أو ينفجر قائلاً: "طبعاً غاضب وحانق! وتتبجح بسؤالك هذا؟ لو كان لديك قدر ضئيل من الإحساس بالآخرين لما بدر منك كذا وكذا".
فيشتعل الخصام من جديد.
بل لعل الطرف الآخر يتحاشى أن يجيب بهدؤ أنه غاضب، خشية أن يرد عليه الأول:
"إذاً اضرب برأسك عرض الحائط!"
ألم أقل لكم أننا نستهين بمشاعرنا!
الحاسة السادسة:
ويعود استخدامنا الدائم للألفاظ المعبرة عن الإحساس، أو الشعور، محل التعبير عن الأفكار والسلوك، إلى الحصار الذي نفرضه إلى المشاعر.
ولكنه يعود أيضاً، وبصورة جزئية، إلى أن نوعاً من الشعور قد يساعدنا أحياناً على اتخاذ قرارٍ ما، أو اختيار تصرف معين.
مثلاً قد يقول المرء أحسست أن الكلام يحوي فخاً لي فغيرت موضوع الحديث، أو شعرتُ بأن عليّ أن أفعل كذا وكذا.
بيد أن هذا الشعور الغامض والذي ينبعث فجأةً في النفس كلحظة كشف خاطفة (وليس نتيجةً لعملية استنتاج عقلية تحليلية)
هو من باب الحدس أو البديه.
وبالتالي لا علاقة له بالمشاعر أو العواطف، بل ويمكن أن يُسمى بالحاسة السادسة.
لنتغلب على جفاف الصحراء:
من المؤكد أن هناك أسباباً أدت إلى تجاهل ثقافتنا السائدة للمشاعر وازدراءها لها، وربما كان للصحراء الجافة القاسية دور في ذلك، بيد أن هذا لا يعنيني الآن. ما يهمني هو أن نفتتح الباب للمشاعر، أن نحترم مشاعرنا، ومشاعر الآخرين من حولنا، مهما بدت لناتافهةً أو غير مهمة. وأن نحترم حقنا –جميعاً- في التعبير عن المشاعر، وأن نتعلم الاستماع لها.
في داخل كل منا طفل بحاجة لأن يعبر عن عواطفه الإيجابية منها والسلبية .. عن همومه الصغيرة ..عن خوفه .. حزنه .. فرحه .. خجله أو شعوره بالذنب. وبحاجةٍ لأن يسمع كلمة أحبك، أو آسف، أو أشكرك، أو أشتاق إليك، ممن يحبهم أو يحبونه.
وفي نظري أن العديد من المشاكل الاجتماعية والأسرية بل والنفسية يعود إلى كبت المشاعر. وأن أهم عيوب سؤ التواصل (Communication) يكمن في الاستهانة بالعواطف، وعدم الإفصاح عنها. ألم يقل الشاعر المهجري إلياس فرحات:
وأنكى من الحب كتمانه * وأقسى من الهجر فقد الرجا
ولو كنت شاعراً لأضفتُ بيتاً يقول والأدهى منها عدم التعبير عن تلك الأحاسيس.
جرب -عزيزي القارئ- أن تستمع لمشاعر طفلك، أو أمك، أو زوجك، أو محبوبك، أو زميلك؛ دون أي موقف دفاعي منك، أو تبرير، أو نصائح، أو أية محاولة للإقناع.
جرب أنت أن تحدثهم عن مشاعرك دون أن تتوقع منهم أن يجاروك في ذلك.
فقط تعلم أن تتحدث عن عواطفك، وأن تقترب منها، وسيتعلمون ذلك مع الزمن.
إن لحديث المشاعر مفعول السحر في صفاء القلوب وتطهير النفوس.
ليس لمن حولك فحسب، بل لك أنت بالدرجة الأولى.
وفي نظرية أرسطو عن الدراما (التمثيل) أن أحد أهم وظائف التراجيديا (مسرحيات المأساة) هي مشاعر الخوف والشفقة التي تتلبس المتفرج عندما يتماهى (يتوحد) مع البطل المعذب، فتحدث للمتفرج حالة التطهر من تلك المشاعر الحبيسة داخله، وذلك بفعل خبرته لها أثناء الاندماج في متابعة للعمل التمثيلي وكذلك لتعبيره عنها.
خبرة لندنية شخصية:
في يوم ما في أواخر فترة دراستي العليا في لندن تعيّن علي الذهاب إلى مكتب التسجيل. كان مشوار الذهاب يستغرق ما يزيد على الساعة بين الأتوبيسات ومترو الأنفاق، وكذلك العودة.
وأخذت الاستمارة المطلوبة معي بعد ملئها، ولكن الموظفة هناك لفتت نظري، ببيروقراطية بريطانية أصيلة، إلى نقصٍ تافه هو أن المشرف لم يضع التاريخ في الخانة الظاهرة بجوار توقيعه.
ذهلتُ من "حنكلتها" وبينتُ لها أن الخانات الأخرى المبينة للتاريخ في الاستمارة مكتملة ومتماثلة، ولابد أن إغفال المشرف ذلك كان مجرد سهو.
دخلتْ مكتباً جانبياً وعادت تقول ببرود أن هذا هو النظام.
قلتُ لها هل تريدينني أن أكذب أو أزيف، فأذهب إلى المقهى المجاور، وأشرب فنجان، قهوة، وأضيف التاريخ وأعود بعد نصف ساعة أو ساعة فتستقبلين استمارتي، وبذلك تحوليني من طبيب إلى مزور.
بُهتتْ وسكتتْ، وذهبتْ مرةً أخرى إلى المكتب الجانبي، وكنتُ مزهواً بقوة حجتي المفحمة.
ولكنها عادت لتقول: "النظام هو النظام".
هنا لم يبقَ لي من الصبر شيئاً، فطلبت أن أرى رئيسها.
ذهبت مرةً ثالثة إلى ذات المكتب وعادت لتقول أن رئيسها غير موجود.
كدت أن أصرخ ولكني قلت وأنا أصر على أسناني: حسنٌ! أريد أن أقابل الشخص في ذلك المكتب. لكنها لم تعر قولي انتباهاً وذهبتْ. باختصار "سفهتني"!
قلبتُ بصري بين الموظفين الآخرين كطفل ضائع، ولكنهم أخذوا يتصرفون وكأني لستُ موجوداً.
التطهير:
لم أشعر بالوقت الطويل عائداً إلى المعهد. تكفل الغيظ والغضب وما يستتبعهما من أفكار وهواجس بأن أنسى طول المشوار.
كنت حينها أمضي فترة تدريبٍ في قسم العلاج النفسي. دخلتُ القسم بادي التوتر وفي الطرقة رأيتُ زميلي المتدرب الإنجليزي. بادرته قائلاً: "يونج (هذا أسمه بالصدفة المحضة) أرأيت ما فعل الأغبياء في مكتب التسجيل؟ لقد رفضت الموظفة الحمقاء استلام استمارتي لعدم وجود التاريخ !"
قال باهتمام صادق:
"أنا آسف من أجلك! يبدو أنك متوتر للغاية، هل تريد التحدث عن الأمر؟"
فوجئت بدعوته.
فلم يدعني أحد طوال عمري للحديث عن موقف أزعجني.
كل ما مرّ عليّ هو أن أشرع في الحديث دون دعوة.
والأنكى أن الردود من قبيل "بكره تكبر وتنسى"
أو "طوّل بالك"
أو "هذولا إنجليز فيهم ما لا فيهم، وش تتوقع أكثر من كذا"
أو "يا رجال وسع صدرك! وش يعني؟ ما نقص منك إيد ولا رجل".
ولهذا لم تعجبني دعوته للحديث عن الموضوع،
فماذا سيجدي الحديث وقد حدثتُ نفسي بالأمر طيلة ساعة في الطريق؟
ولكني انسقتُ وراءه كـ"المسبوه" ودلفت مكتبه، وحدثته عما حدث بالتفصيل، وبكل حنق.
لم يقل أكثر من بضع كلمات متفرقة ولكنه كان يستمع إلى بكل جوانحه، وكأني أحدثه عن معركة "الطرف الأغر" أو "واترلو".
وعندما فرغتُ أحسستُ براحةٌ كبيرة. وبتُ مستعداً أن أنسى، وأن أطول بالي، وأوسع صدري.
وفي اليوم التالي ذهبت بالاستمارة مكتملةً إلى ذات الموظفة دون ذرة من حنق، ولكن بسخرية خفية ممزوجة بالشفقة.
بل كان في استطاعتي لو إشتكيتُ لمسئول هناك عن حاثةً الأمس أن أفعل ذلك بهدوء بينما لو حدث ذلك بالأمس لتحولت الشكوى إلى شجار.
كيف احترموا مشاعري:
لقد كانت خبرتي في قسم العلاج النفسي من أفضل الخبرات وأنجعها.
في كل الاجتماعات عندما كنتُ أفتح فمي بأي "خربوطة" أجد إنصاتا واهتماماً.
إن لم يكن في حديثي ما يشدّ كانوا يبحثون عما يحتويه من مشاعر ويهتمون بها. وفي الأسابيع الأولى من فترة التدريب التي دامت خمسة عشر شهراً حدث موقف صغير شكل منعطفاً في حياتي.
ففي الأسبوع الأول حضرتُ الجلسة التعليمية الأولى مع الاستشاري "وولف" الذي كان فوق السبعين.
كانت جلسةً للتعارف (فقد كنا أربعة متدربين جدداً، ثلاثة بريطانيين وأنا)،
ولاستطلاع معلوماتنا عن العلاج النفسي، وخبراتنا فيه. في الأسبوع التالي حضرت دكتورة بدلاً عنه وأخبرتنا أنه مريض.
وفي الأسبوع الذي يليه وصلنا خبر وفاته. بعدها كنتُ في الاجتماع الأسبوعي، وعرفتُ أن مأتمه كان في اليوم السابق.
وكان الحديث يدور حول الفقيد "وولف" فقد كان زميلاً لهم، وكان أستاذاً لبعضهم.
لم يكن الحديث عن مآثره ولكنه كان تعبيراً عن مشاعرهم تجاهه. تهدج صوت البعض، وبكى بعضهم.
وفجأة وجدتُ نفسي أقول:"لقد كنتُ سعيداً جداً بمقابلة الدكتور وولف، وقد فرحتُ بأنه سيكون أحد الذين أتعلم العلاج النفسي على أيديهم، والآن أشعر بالأسى لأن ذلك لن يحدث أبداً".
قلتها جملةً عابرةً، وربما مجاملة،
ولكني فوجئت بنظراتهم الحانية المصوبة بسلام تجاهي،
وهمهماتهم أو كلمات قصيرة معبرة عن التعاطف.
حينها اكتشفتُ فعلاً أني لم أقل قولي مجاملةً،
وإنما كنتُ أحسّ إحساساً غامضاً بفقده.
وتبينتُ أني كنتُ سعيداً فعلاً بكوني سأتعلم على يديه،
إذ بدا لي شخصاً ذا لماحيةٍ خارقة، وخبرةً عريضة، وفكرٍ مفتوح،
وحسٍ إنساني كبير.
فعلاً، كنتُ أعاني من شيئاً ما، ولم يكن ما قلته اعتباطاً كما بدا لي أولاً.
افتحوا النوافذ لشمس الحياة. افتحوا الشبابيك لدفء المشاعر، ولصخبها (حتى للسلبي منها). لا تخشوا منها، فهي في صفكم دائماً.
افتحوا شبابيك قلوبكم لتكنس نسائم المحبة غبار المشاعر المؤلمة الجاثمة فوق الصدور.
التعبير عن المشاعر:
نحن لا نعبر عن ما تجيش به صدورنا من مشاعر إلا قليلاً. وإذا فعلنا ذلك فعادةً ما يكون باختصار وابتسار.
ذلك أننا نعتبر التعبير عن المشاعر المؤلمة نوعاً من الضعف والعجز.
لذا علينا أن نمرن أنفسنا على ذلك.
وسأستعمل فيما يلي لفظة الألم قاصداً الألم النفسي وموقناً أن كل المشاعر السلبية هي ألم نفسي:
1. اتخذ موقفاً متقبلاً بقلب مفتوح وصدر رحب.
لا تكثر من التشجيع اللفظي بل بدلاً من ذلك عبر بلغة الجسد: اتخذ وضعاً مريحاً، لا تشبك اليدين ولا تضع رجلاً على أخرى.
حاول أن تكون ذراعاك على جانبيك والراحتان منبسطتان ومتجهتان للأعلى.
مل بجسمك إلى الأمام.
أنظر بهدؤ وأحرص على أن تكون ملامح وجهك مسترخية.
2. تذكر أنه قد يكون متردداً لأنه يشعر بالخجل من الموقف كله،
أو قد يتحدث بنبرة غضب للتغلب على القلق المصاحب للموقف.
أبن تشجيعك للطرف الأخر بتبني ملامح مشجعهة متعاطفة تعكس مشاعر الطرف الأخر. ا
ستعمل الهمهمات والأصوات المبهمة لتشجيعه على الحديث عن ما يؤلمه.
3. address المشاعر:
يبدو أن هذا (أي ما حدث) قد آلمك؟
إلى أي درجة كان مؤلماً؟
هل كنت أيضاً غاضباً؟ .. إلخ.
4. validate خبرته الذاتية لتلك المشاعر:
بالتأكيد كان الموقف مؤلماً لك!
لا بد أنك كنت متألماً للغاية!
5. acknowledge دورك الملام وعبر عن أسفك:
أنا آسفٌ لأنك كنت تعاني من هذا!
وأنا في غاية الأسف لفهمي المغلوط أو لتصرفي الخاطئ!
أعترف بأنه لم يكن شيئاً حسناً بالمرة!
وأعتذر لك عن ما صدر مني .. إلخ.
6. قدم دعماً معنوياً مشاعرياً:
لقد ظننتُ حينها أني أفعل شيئاً جيداً لك لأني أحبك ولكني كنتُ مخطئاً!
لقد أردتُ لك الخير ولكني أخطأتُ في أني لم أر الموقف من وجة نظرك!
أنا أحبك وسأظل أحبك لمجرد أنك (إبني، زوجي، حبيبي، صديقي..) فحسب.
7. شجع openning up :
شكراً لأنك صارحتني بألمك. في المستقبل أرجو أن لا تتأخر كثيراً كي تتحدث عن مشاعرك، لأن هذا النوع من الحديث يجعلنا نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل.
8. النصائح والارشادات:
بعد ذلك،
وإذا كان متسقاً مع الموقف، أو له داع، قدم النصح العقلاني والملاحظات بشكل محدد:
مثلاً، لقد كنتُ مشغولاً في مكالمة هاتفية مهمة وكنت تقاطعني بطلبك ولذا ثرتُ عليك، رجاءً إذا كنتُ منهمكاً بشيء وأشرت لك أن تنتظر حتى أفرغ فأفعل لئلا يتكرر الأمر .. وهلم جرا.