الثورة .. مجرد كلمة أخرى تعني الإبداع والموضة
جوزيف هيث وأندرو بوتر
29/03/2005
ما يسمى (الثورة) ليس فقط حكرا على اقتصاد السوق وإنما هو أكبر عامل محرك للسوق. هكذا يؤكد أستاذا الفلسفة الكنديان هيث وبوتر؛ ففي عالمهم لا يمكنك أن تبيع أو تشارك في الاختيار إلا لأنك بالفعل تكون مشاركا في السوق حيث الثورة هي مجرد كلمة أخرى تعني الإبداع والموضة اللذين لا ينتهيان. تقوم الدعامات النظرية للكتاب على النقد الذي كتبه فرويد للنزعة الفرنسية المسماة ما بعد الحداثة، ويقدم مؤلفا الكتاب مناقشتها الفلسفية من خلال تجاربهما الشخصية. يقيم هذا الكتاب الحجة على أن ما يحرك النزعة الاستهلاكية هو الاختلاف الذي يولد التنافس وليس الثبات، مع التأكيد على رياء وعيوب الأنماط الحياتية البديلة مثل الافتتان بالطب البديل الذي استعانت به الحضارات والثقافات القديمة (كالإبر الصينية مثلا) كبديل للطب الغربي الحديث، تحت ادعاء أن الطب البديل التقليدي يبدو أكثر نبلا ونقاء من العلم الحديث وكذلك الاتجاهات الداعية إلى العودة إلى البدائية للحفاظ على البيئة من خلال نبذ بعض ما تقدمه لنا الحضارة الجديدة بدعوى أن التطور الصناعي والتكنولوجي يساهم بشكل كبير في زيادة المخرجات التي تلوث البيئة. يهدف الكتاب إلى جعلنا ندرك مدى انعكاس أنماطنا الحياتية وعاداتنا في الإنفاق على جميع أوجه حياتنا الأخرى. ما يهدف إليه الكتاب هو أن يجعل القارئ على علم في أنه إذا ما أراد المشاركة في الثقافة الاستهلاكية فسيكون عليه أن يستمر في نمط حياته الحالي، أما إذا ما أراد أن يصير ثائرا حقيقيا فعليه أن ينتقل إلى الغابة ويمارس مهنة الجمع والالتقاط مثل أسلافه الأوائل. أما ما يفعله البعض من محاولة مهاجمة بعض أوجه الحضارة الحديثة بينما هم يتمتعون بمنتجاتها في كل دقيقة من حياتهم فيجلسون في منازل ومكاتب مكيفة الهواء ويستخدمون جميع الأجهزة الحديثة التي تنتج عوادم وملوثات ضارة بالبيئة، فإن ما يفعله هؤلاء هو باختصار نوع من أنواع النفاق والرياء الفكري. على الرغم من أن هذا الكتاب كان جديرا به أن يحمل عنوانا أفضل وهو (لماذا تصير الثقافات المقابلة ثقافات استهلاكية) إلا أن مؤلفي الكتاب قاما بعمل ماهر ومحكم في تلخيص 200 عام من الثقافة الاستهلاكية. في الفصول الأولى منه يقدم الكتاب خلفيات كافية لتحقيق هدفه ويدفع القراء لمشاركته في تحليل كيف تؤثر قرارات الحياة العادية على الصورة الكبيرة للرأسمالية. يحتوي هذا الكتاب على نقد ثقافي لاذع يحطم فيه المؤلفان أهم خرافة سيطرت على التفكير الراديكالي السياسي والاقتصادي والثقافي منذ القرن العشرين. ففكرة الثقافة المقابلة أو المضادة تتحكم في العالم الذي يحيط بنا وهي تنتشر في كل مناحي حياتنا بشكل مستمر ومنها انبثقت حركات معاداة العولمة والحركات النسوية والجماعات المنادية بالحفاظ على البيئة.
الاقتصادية 29/03/2005
جوزيف هيث وأندرو بوتر
29/03/2005

الاقتصادية 29/03/2005