شكرا سيادة الرئيس فقد بددت أحلامهم
تركي فيصل الرشيد
تلقى الشرق الأوسط أول صفعة بتعيين راهام عمانويل ابن زعيم منظمة الأرجون الصهيونية المتطرفة رئيساً لطاقم البيت الأبيض. يلقب عمانويل رامبو بسبب استخدامه لعبارات تخلو من التهذيب. ويتخوف الكثير من أن يروج عمانويل في البيت الأبيض لخيارات مزيفة بشأن إسرائيل والشرق الأوسط.
أوباما زعيم موهوب ذو مؤهلات وبصيرة قادر على استخدام جاذبيته لاستمالة الناس وشدهم بذكاء لإيجاد الحلول فهذه هي أحدى المؤهلات التي يحتاجها العالم الآن. يجب ألا نعقد آمالاً كبيرة على أوباما في ما يتعلق بعدد من القضايا العربية والإسلامية خاصة.
بنظره سريعة على تاريخ الإدارة الأمريكية بعد نهاية الحرب الباردة وبرغم أن العالم أصبح ذا قطب واحد فقد فشلت إدارة بوش الأب وبعد ذلك إدارة كلينتون ثم إدارة بوش الحالية لأن جميع تلك الإدارات لم تتمكن من لعب الدور التاريخي الذي كان يجب عليها أن تعلبه.بوش الأب لم يتمكن من لعب دور القائد الذي يضع استراتيجية ورؤية مستقبلية للسياسة الأمريكية واستمر بوش الأب في العمل على أساس النظام الإمبريالي القديم.
كلينتون أثبت أن النية الطيبة لا يمكن أن تتحقق وذلك ناتج عن عدم خبرته وتركيز اهتمامه على الشؤون الداخلية. أما دوره في مسألة السلام في الشرق الأوسط. فقد انحرفت سياسة أمريكا تحت كلينتون من سياسة متوازنة إلى منحازة لإسرائيل. وقد جرى تجنيد طاقم كلينتون من مراكز تفكير ومعاهد موالية ومؤيدة لإسرائيل. تم إلقاء اللوم على عرفات والجانب الفلسطيني على أسباب الفشل.
إدارة بوش الابن كانت قيادة كارثية وذلك بدخول حروب ثلاثة وكانت كلها خاسرة. كما فرقت السياسة الأمريكية أصدقاءها ووحدت أعداءها. الصحوة الكونية الجيوبوليتكية تتمحور حول رفض القيم الإمبريالية. فهذه الصحوة تاريخيا معادية للإمبريالية ومعادية للغرب سياسيا وعاطفيا ومعادية لأمريكا.وهنا تنطلق حركة وتغيير جذري في المركز العالمي للقوة. وهذا يغير من توزيع القوة على شكل كوني مما يعكس أثرا كبيرا على الدور الذي ستلعبه أمريكا في العالم.
ينقسم رؤساء أمريكا إلى قسمين رئيس مهتم جدا بالسياسة الخارجية وبالتالي يقوي ويرفع من مكانة مستشار الأمن القومي لأنه قريب منه ولأنه الضامن للأمة ومسؤول عن التعامل مع العالم الخارجي. الفئة الثانية من الرؤساء تعتمد على التركيز على السياسة الداخلية وبالتالي تفوض وزير الخارجية لصياغة وإدارة سياسة أمريكا مع العالم.
وصول الرئيس المنتخب أوباما لرئاسة الولايات المتحدة خطه علاقات عامة ناجحة لأمريكا. عندما يدخل البيت الأبيض أوباما وهو لا يتمتع بخبرة في السياسة الخارجية ولا الداخلية،عندها سوف يجد نفسه أمام تحديات هائلة.
عندما تولى بوش الابن رئيسا قبل ثمانية أعوام، كان العالم يعيش بسلام نوعا ما. الجيش الأمريكي كانت لا توجد علية الالتزامات الكبيرة، سعر برميل النفط 23 دولارا. الاقتصاد الأمريكي كان يسجل نموا يفوق الـ3%، كان الدولار الواحد يساوي 116 يناً يابانيا، الدين القومي أقل من ستة تريليونات دولار والحكومة الفدرالية تدير فائضا كبيرا في الموازنة.
أوباما سوف يرث حرباً في العراق وأفغانستان، قوات مسلحة منهوكة القوى وموزعة على جبهات عدة، معركة عالمية مع الإرهاب، نفطا وصل سعر برميله إلى أكثر من 100 دولار. دولارا ضعيفاً وهيبة وسطوة مفقودة. أوباما سيرث أيضا مشاعر عداء قوية لأمريكا، وعجزا في الموازنة الفدرالية قد يصل إلى تريليون دولار خلال السنة الأولى، دينا قوميا يزداد تضخما وقد يصل إلى عشرة تريليونات دولار، وتباطؤا اقتصاديا عالميا سوف يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في عدة دول.
أوباما سوف يتسلم منصبه بعد عقدين من انتهاء الحرب الباردة. وما وصفه البعض بالمرحلة الأحادية القطب أصبح من الماضي. فالسلطة الاقتصادية والسياسية والعسكرية في أيد كثيرة ليست كلها ملكا للدول، وليست كلها جيدة بالنسبة لأمريكا.
ما تزال أمريكا قوية فهي الكيان الأقوى في العالم. لكن أمريكا لا تستطيع أن تسيطر، ولن تستطيع أن تملي إرادتها، وتتوقع من الآخرين أن يطيعوها.
الموارد الأمريكية محدودة. البلاد تعاني من هشاشات خطيرة.و قد زاد الطين بلة إفلاس شركة "إنرون" وسجن أبو غريب وإعصار كاترينا والأزمة المالية.
هنالك الكثير من التحديات،منها في الشرق الأوسط. علما بأنها لا توجد معارضات كبيرة من قبل الحكومات تواجه الرئيس أوباما فيما يريد تحقيقه.
العراق الحديث يتطرق إلى إنهاء الاحتلال العسكري والأولويات هي خفض الوجود العسكري الأمريكي تدريجيا، ودعم دمج الأقلية السنية العراقية في المؤسسات الوطنية، وإقناع الدول العربية بمساعدة الحكومة والشروع في حوار مع إيران حول مستقبل العراق ولكنها لا توجد معارضه كبيرة على إنهاء السيطرة على بقاء القواعد الأمريكية أو السيطرة على آبار البترول.
في أفغانستان. تكتسب حركة طالبان مزيدا من النفوذ والوضع الأمني يتدهور وتستشري المخدرات والفساد. إيران تطرح تحديا آخر. إذا واصلت طهران تقدمها الحالي في مجال تخصيب اليورانيوم، فسوف يكون أمام أوباما خياران الأول مهاجمة إيران أو إعطاء الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي أو التعايش مع إيران نووية مع موافقة إيران على حدود واضحة للتخصيب وعلى عمليات التفتيش.
القضية الفلسطينية يصعب حلها سريعا لأن الذين يوافقون على السلام الأمريكي هم ضعفاء والذين توجد لديهم الشرعية لا يوافقون على الاستسلام الإسرائيلي. علما بأن الوضع الحالي يهدد مستقبل إسرائيل. كما يغذي هذا المأزق الحركات المتطرفة في الصفوف الفلسطينية وفي مختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي، وسوف يكون هذا مصدراً كبيراً للعداء لأمريكا.
أخيرا، وضع العالم العربي مفكك وتغيب عنه الرؤية الموحدة، جل ما يطلبه العرب هو رحمة الآخرين بهم. السياسة الدولية ليس للرحمة مكان فيها بل مصالح. بكل أسف إحدى أكبر الدول العربية أصبحت خارج نطاق التأثير الداخلي والخارجي على مجريات الأحداث.
الخلاصة
أقدم اعتذاري لبعض القراء على أني أيقظتهم من أحلامهم بما سوف يفعله أوباما لهم. لن يساعدنا الآخرون ما لم نساعد أنفسنا يجب أن تكون قيادتنا تملك الشرعية الشعبية ولا تكتفي بالشرعية البوليسية.
هنالك الكثير من مفاتيح القوى لدينا ولكن عندما نعتمد على غيرنا فلا توجد لدينا أية مفاتيح.سوف نحصل على الكثير من حقوقنا عندما نعطي بعضنا حقوقهم وعند ذلك لا يهم من الرئيس هو ابن حسين أو ابن كوهين.
*كاتب سعودي
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429هـ الموافق 18 نوفمبر 2008م العدد (2972) السنة التاسعة
تركي فيصل الرشيد
تلقى الشرق الأوسط أول صفعة بتعيين راهام عمانويل ابن زعيم منظمة الأرجون الصهيونية المتطرفة رئيساً لطاقم البيت الأبيض. يلقب عمانويل رامبو بسبب استخدامه لعبارات تخلو من التهذيب. ويتخوف الكثير من أن يروج عمانويل في البيت الأبيض لخيارات مزيفة بشأن إسرائيل والشرق الأوسط.
أوباما زعيم موهوب ذو مؤهلات وبصيرة قادر على استخدام جاذبيته لاستمالة الناس وشدهم بذكاء لإيجاد الحلول فهذه هي أحدى المؤهلات التي يحتاجها العالم الآن. يجب ألا نعقد آمالاً كبيرة على أوباما في ما يتعلق بعدد من القضايا العربية والإسلامية خاصة.
بنظره سريعة على تاريخ الإدارة الأمريكية بعد نهاية الحرب الباردة وبرغم أن العالم أصبح ذا قطب واحد فقد فشلت إدارة بوش الأب وبعد ذلك إدارة كلينتون ثم إدارة بوش الحالية لأن جميع تلك الإدارات لم تتمكن من لعب الدور التاريخي الذي كان يجب عليها أن تعلبه.بوش الأب لم يتمكن من لعب دور القائد الذي يضع استراتيجية ورؤية مستقبلية للسياسة الأمريكية واستمر بوش الأب في العمل على أساس النظام الإمبريالي القديم.
كلينتون أثبت أن النية الطيبة لا يمكن أن تتحقق وذلك ناتج عن عدم خبرته وتركيز اهتمامه على الشؤون الداخلية. أما دوره في مسألة السلام في الشرق الأوسط. فقد انحرفت سياسة أمريكا تحت كلينتون من سياسة متوازنة إلى منحازة لإسرائيل. وقد جرى تجنيد طاقم كلينتون من مراكز تفكير ومعاهد موالية ومؤيدة لإسرائيل. تم إلقاء اللوم على عرفات والجانب الفلسطيني على أسباب الفشل.
إدارة بوش الابن كانت قيادة كارثية وذلك بدخول حروب ثلاثة وكانت كلها خاسرة. كما فرقت السياسة الأمريكية أصدقاءها ووحدت أعداءها. الصحوة الكونية الجيوبوليتكية تتمحور حول رفض القيم الإمبريالية. فهذه الصحوة تاريخيا معادية للإمبريالية ومعادية للغرب سياسيا وعاطفيا ومعادية لأمريكا.وهنا تنطلق حركة وتغيير جذري في المركز العالمي للقوة. وهذا يغير من توزيع القوة على شكل كوني مما يعكس أثرا كبيرا على الدور الذي ستلعبه أمريكا في العالم.
ينقسم رؤساء أمريكا إلى قسمين رئيس مهتم جدا بالسياسة الخارجية وبالتالي يقوي ويرفع من مكانة مستشار الأمن القومي لأنه قريب منه ولأنه الضامن للأمة ومسؤول عن التعامل مع العالم الخارجي. الفئة الثانية من الرؤساء تعتمد على التركيز على السياسة الداخلية وبالتالي تفوض وزير الخارجية لصياغة وإدارة سياسة أمريكا مع العالم.
وصول الرئيس المنتخب أوباما لرئاسة الولايات المتحدة خطه علاقات عامة ناجحة لأمريكا. عندما يدخل البيت الأبيض أوباما وهو لا يتمتع بخبرة في السياسة الخارجية ولا الداخلية،عندها سوف يجد نفسه أمام تحديات هائلة.
عندما تولى بوش الابن رئيسا قبل ثمانية أعوام، كان العالم يعيش بسلام نوعا ما. الجيش الأمريكي كانت لا توجد علية الالتزامات الكبيرة، سعر برميل النفط 23 دولارا. الاقتصاد الأمريكي كان يسجل نموا يفوق الـ3%، كان الدولار الواحد يساوي 116 يناً يابانيا، الدين القومي أقل من ستة تريليونات دولار والحكومة الفدرالية تدير فائضا كبيرا في الموازنة.
أوباما سوف يرث حرباً في العراق وأفغانستان، قوات مسلحة منهوكة القوى وموزعة على جبهات عدة، معركة عالمية مع الإرهاب، نفطا وصل سعر برميله إلى أكثر من 100 دولار. دولارا ضعيفاً وهيبة وسطوة مفقودة. أوباما سيرث أيضا مشاعر عداء قوية لأمريكا، وعجزا في الموازنة الفدرالية قد يصل إلى تريليون دولار خلال السنة الأولى، دينا قوميا يزداد تضخما وقد يصل إلى عشرة تريليونات دولار، وتباطؤا اقتصاديا عالميا سوف يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في عدة دول.
أوباما سوف يتسلم منصبه بعد عقدين من انتهاء الحرب الباردة. وما وصفه البعض بالمرحلة الأحادية القطب أصبح من الماضي. فالسلطة الاقتصادية والسياسية والعسكرية في أيد كثيرة ليست كلها ملكا للدول، وليست كلها جيدة بالنسبة لأمريكا.
ما تزال أمريكا قوية فهي الكيان الأقوى في العالم. لكن أمريكا لا تستطيع أن تسيطر، ولن تستطيع أن تملي إرادتها، وتتوقع من الآخرين أن يطيعوها.
الموارد الأمريكية محدودة. البلاد تعاني من هشاشات خطيرة.و قد زاد الطين بلة إفلاس شركة "إنرون" وسجن أبو غريب وإعصار كاترينا والأزمة المالية.
هنالك الكثير من التحديات،منها في الشرق الأوسط. علما بأنها لا توجد معارضات كبيرة من قبل الحكومات تواجه الرئيس أوباما فيما يريد تحقيقه.
العراق الحديث يتطرق إلى إنهاء الاحتلال العسكري والأولويات هي خفض الوجود العسكري الأمريكي تدريجيا، ودعم دمج الأقلية السنية العراقية في المؤسسات الوطنية، وإقناع الدول العربية بمساعدة الحكومة والشروع في حوار مع إيران حول مستقبل العراق ولكنها لا توجد معارضه كبيرة على إنهاء السيطرة على بقاء القواعد الأمريكية أو السيطرة على آبار البترول.
في أفغانستان. تكتسب حركة طالبان مزيدا من النفوذ والوضع الأمني يتدهور وتستشري المخدرات والفساد. إيران تطرح تحديا آخر. إذا واصلت طهران تقدمها الحالي في مجال تخصيب اليورانيوم، فسوف يكون أمام أوباما خياران الأول مهاجمة إيران أو إعطاء الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي أو التعايش مع إيران نووية مع موافقة إيران على حدود واضحة للتخصيب وعلى عمليات التفتيش.
القضية الفلسطينية يصعب حلها سريعا لأن الذين يوافقون على السلام الأمريكي هم ضعفاء والذين توجد لديهم الشرعية لا يوافقون على الاستسلام الإسرائيلي. علما بأن الوضع الحالي يهدد مستقبل إسرائيل. كما يغذي هذا المأزق الحركات المتطرفة في الصفوف الفلسطينية وفي مختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي، وسوف يكون هذا مصدراً كبيراً للعداء لأمريكا.
أخيرا، وضع العالم العربي مفكك وتغيب عنه الرؤية الموحدة، جل ما يطلبه العرب هو رحمة الآخرين بهم. السياسة الدولية ليس للرحمة مكان فيها بل مصالح. بكل أسف إحدى أكبر الدول العربية أصبحت خارج نطاق التأثير الداخلي والخارجي على مجريات الأحداث.
الخلاصة
أقدم اعتذاري لبعض القراء على أني أيقظتهم من أحلامهم بما سوف يفعله أوباما لهم. لن يساعدنا الآخرون ما لم نساعد أنفسنا يجب أن تكون قيادتنا تملك الشرعية الشعبية ولا تكتفي بالشرعية البوليسية.
هنالك الكثير من مفاتيح القوى لدينا ولكن عندما نعتمد على غيرنا فلا توجد لدينا أية مفاتيح.سوف نحصل على الكثير من حقوقنا عندما نعطي بعضنا حقوقهم وعند ذلك لا يهم من الرئيس هو ابن حسين أو ابن كوهين.
*كاتب سعودي
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429هـ الموافق 18 نوفمبر 2008م العدد (2972) السنة التاسعة
Comment