Announcement

Collapse
No announcement yet.

تسرب نفط «بريتش بتروليوم» يضع الشركة تحت ضغوط هائلة

Collapse
X
 
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • تسرب نفط «بريتش بتروليوم» يضع الشركة تحت ضغوط هائلة

    تسرب نفط «بريتش بتروليوم» يضع الشركة تحت ضغوط هائلة



    الاقتصادية

    إد كروكس
    في غرفة معتمة يضيئها جدار من شاشات الكمبيوتر، وشاشات الفيديو، ينصّب نحو اثني عشر رجلاً أو أكثر على العمل بشأن عملية غاية في التعقيد والدقة. ويتحدث قائدهم بصوت خفيض عبر الميكروفون: «انتبه لوزنك، الآن، انتبه لوزنك».

    أما على شاشة الفيديو، فثمة مشهد يحدث على بعد مئات الأميال، وعلى عمق خمسة آلاف قدم تحت مستوى سطح البحر. وهناك مجموعة من المقصات التي تعمل بالطاقة الهيدروليكية، بإمكانها توجيه ثلاثة آلاف طن من الضغط، وتقبض على أنبوب فولاذي بسعة 21 بوصة يبدو بخفة الأصابع التي تلتقط زهرة.

    هذا هو المركز العصبي للمحاولة اليائسة بشكل متزايد للسيطرة على تسرب بئر ماكوندو التابع لشركة بريتش بتروليوم BP في خليج المكسيك. ومن غرفة في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية والتي تم تحويلها إلى شيء يتراوح بين غرفة مراقبة مهمة في الفضاء، ومسرح للعمليات، يتم تمرير الأوامر إلى السفن على بعد 40 ميلاً قبالة شاطئ ولاية لويزيانا، حيث يسيطر الفنيون بعصا التحكم على المركبات التي تدار عن بعد – غواصات تحمل رجالاً آليين – على عمق أميال منهم.

    إنهم يحاولون تحقيق إنجاز غير مسبوق في مجال الهندسة: معالجة انفجار بئر نفطي في المياه العميقة. وهم يفعلون ذلك تحت تدقيق عام شديد، مع توفر التغطية الحية من قاع البحر على الإنترنت على مدار الساعة.

    تعمل المركبات التي تدار عن بعد، في أعماق من شأنها أن تقتل غواصاً بشرياً، على تقطيع أقسام من الأنبوب من صمامات على قاع البحر، لتناسب غطاءً المقصود منه التقاط النفط المتسرب.

    مع تقدم الغواصات بطريقة منهجية في مهمتها، تتصاعد التوترات بين أولئك الذين يراقبون العمل في هيوستن. وتبقى أعين عشرة مهندسين يصطفون بشكل شبه دائري خلف رئيس المشروع مثبتة على الشاشات أمامهم.

    في أعقاب عدة محاولات فاشلة، تبدو هذه المهمة وكأنها الفرصة الأخيرة أمام «بريتش بتروليوم». وفي حين بدا أن الغطاء كان مناسباً في محاولة الأسبوع الماضي، وبدأ بتجميع بعض النفط، إلا أنه يلتقط حالياً نسبة صغيرة للغاية من التسرب. وإذا فشل في نهاية المطاف، فمن المحتمل أن تستمر البئر التي سببت فعلياً أكبر تسرب قبالة الشاطئ في تاريخ الولايات المتحدة في التدفق إلى 60 يوماً آخر.

    من شأن خطوة خاطئة، أو لمسة خرقاء، أن تدمر العملية، وتعرض مستقبل أكبر مجموعة نفط بريطانية إلى الخطر.

    كان الحادث على منصة الحفر «ديب ووتر هورايزن» في 20 نيسان (إبريل) مأساوياً ل 11 رجلاً فقدوا حياتهم، ولعائلاتهم كذلك. وولد غضباً عارماً، وقلقاً على طول شاطئ الخليج بخصوص تأثيراته المحتملة على البيئة والمجتمعات المحلية. ويهدد كذلك بتدمير مركز بريتش بتروليوم في البلاد التي كان المقصود منها أن تكون حجر الزاوية لنمو المجموعة المستقبلي. وفي الولايات المتحدة، هناك دعوات متنامية لكي توقف «بريتش بتروليوم» دفع الأرباح، وحتى لكي تخضع العملية الأمريكية إلى الحراسة القضائية.

    وعد توني هايوارد، الرئيس التنفيذي الذي كان هدفاً لانتقادات وحشية وشخصية في الولايات المتحدة لأنه فشل في تقدير حجم الأزمة، من خلال حملة دعائية تم إطلاقها يوم الخميس قائلاً: «سوف ننجز هذه المهمة. وسوف نصوب الوضع.» وإذا فشل في تحقيق ذلك التعهد، فمن غير المحتمل أن تنجو قدرة «بريتش بتروليوم» على العمل في الولايات المتحدة.

    استولى الفريق المكلف بالمساعدة على جعل ذلك الالتزام واقعاً، على جناح المؤتمرات والتدريب في الطابق الثالث من بناية «بريتش بتروليوم» التي تضم 20 طابقاً في «رواق الطاقة» في الضواحي الغربية من المدينة التي تقع في قلب صناعة النفط الأمريكية.

    تبدو المشاهد مذهلة من الطبقات العليا. فالصقور تشكل دوائر في الأسفل، ويمتد الطريق السريع الذي يشتمل على ثمانية مسارب إلى الأفق في الاتجاهين، هو بمثابة تذكير مستمر للعطش إلى النفط الذي جعل الشركة تغامر بالبحث في المياه العميقة لخليج المكسيك.

    في المقابل، لا أحد في الطابق الثالث في الأسفل ينظر خارج النافذة. وفي مكاتب تمت تهيئتها على عجل، وكابلات الطاقة تتعلق من السقف، هناك 600 رجل وامرأة، معظمهم يلبسون قمصان لاعبي لعبة البولو وبناطيل الكاكي، حيث أمضوا أسابيع وهم يحاولون ارتجال الحلول للتحديات المخيفة من الضغط ودرجات الحرارة على عمق ميل تحت مستوى سطح البحر.

    يقول هايوارد إن المهندسين نفذوا إنجازات استثنائية. ويضيف: «كانت هذه المهمة أشبة بعملية إنقاذ أبولو 13 باستخدام الغواصات التي تحمل رجالاً آليين. وإنه أمر استثنائي أن تقوم بتصميم، وهندسة، وتصنيع أنظمة في غضون ثلاثة أسابيع كانت ستستغرق في العادة ثلاث سنوات».

    إن نسبة 60 في المائة فقط من المهندسين يعمل لدى «بريتش بتروليوم». وجاء حوالي 50 شخصاً من شركات منافسة، بما فيها «إكسون موبايل»، و»شيفرون»، ومائة شخص إضافي من متعاقدين مثل «أوشينييرينغ»، الشركة المتخصصة في هندسة المعدات والتكنولوجيا والأساليب البحرية. وفي المجمل، قدم نحو 160 شركة المساعدة.

    يقول كينت ويلز، نائب الرئيس الأعلى لقطاع الاستكشاف والإنتاج في «بريتش بتروليوم» – وهو أمريكي طويل، أصلع الرأس، ولديه شخصية آمرة وهادئة، وأصبح الوجه العام للمشروع: «إن الأمر برمته يتعلق بما يلي: إننا بحاجة إلى مجموعة المهارات هذه، فلمن يمكننا اللجوء ممن يمتلكونها ؟ وفي هذه الصناعة، حين يحدث شيء ما، فإن الجميع يتماسك معاً».

    على الرغم من الهجمات المتكررة على الإدارة الأمريكية لإخفاقها في تولي مسؤولية المعركة لاحتواء التسرب، فإن الحكومة مشتركة بالعملية بقوة. وهناك نحو 30 من علمائها يتمركزون في مركز مواجهة الحوادث. ويعتبر ستيفن تشو، وكين سالازار، وزيرا الطاقة والداخلية على التوالي، من الزوار الدائمين للمركز.

    إن تشو من العلماء الحائزين على جائزة نوبل، وكانت معرفته بالأمور المعنية تدعو إلى الإعجاب. ولكن، بخلفيته في مجال الفيزياء الذرية، وبيولوجيا الخلايا، وليس في الهندسة البترولية، فثمة حدود لمدى قدرته على الإفادة.

    تغطي المساحات في كل مكان من مكاتب هيوستن حسابات ورسومات المعدات: بعضها يمثل أحدث الأفكار، والبعض الآخر يمثل بقايا الأساليب التي تمت تجربتها والتخلي عنها. وتحت عنوان رئيسي، رسم أحدهم ببساطة علامة استفهام كبيرة على ورقة وألصقها بالحائط.

    يعمل الفريق على مدار الساعة، وعقد اجتماعات في الساعة السادسة صباحاً، وظهراً، والساعة السادسة مساءً، وفي منتصف الليل يومياً. ولا يدوم أي اجتماع منها أكثر من 30 دقيقة.

    يصل الطعام أربع مرات في اليوم كذلك: كميات ضخمة من «اللحم» المطبوخ بشكل بطئ، والبطاطا الحلوة مع المارشملو، أو الرز بالدجاج المقلي. وتتلاشى الكمية سريعاً. وحين وصل أندي إنجليز، رئيس الاستكشاف والإنتاج في «بريتش بتروليوم»، أثناء فترة الغداء يوم الثلاثاء ليأكل لقمة، لم يكن هناك شيء متبق تقريباً.

    أما أنجلز، مثل الكثيرين حوله، فقد كان غير حليق اللحية، ويبدو متعباً. ويبدو المهندسون مستنزفين بعد المحاولة – والفشل – لإيقاف التسرب على مدار سبعة أيام في الأسبوع. والجميع بحاجة إلى النوم. وتلقى العديد منهم مكالمة بعد فترة وجيزة من الحادث قبل ستة أسابيع، وحزم حقيبته واتجه نحو المكتب، ولم يعد إلى بيته منذ ذلك الحين.

    أما الأصوات، فهي خفيضة، بدلاً من أن تتسم بالإثارة أو الحماس، ويسود إحساس بالنشاط القلق يولده تصميم كئيب. وحيث أن سلسلة من الأساليب ذات التسميات الغريبة – «سد التابوت»، «القبعة العليا»، «القتل العلوي»، - ظهرت وتلاشت، فإن ثقة العالم في قدرة فريق «بريتش بتروليوم» على إيقاف التسرب تبخرت تماماً. وبالنسبة للكادر الوظيفي، كان ذلك يعني العمل في أجواء عدائية مسمومة بشكل متزايد. وبدءاً من الرئيس باراك أوباما «الغاضب»، ونزولاً إلى أسفل كادر الإدارة، كان الغضب الموجه نحو الشركة يزداد قوة يوماً بعد يوم.

    في رواق البناية، تعرض شاشة التلفزيون محطة السي إن إن على مدار الساعة، وينظر العاملون أحياناً إليها لتقول لهم الشاشة إن شركتهم «تخفي الحقيقة»، أو «تهين الشعب الأمريكي». ويؤكد العديد من المعلقين أن «بريتش بتروليوم» هي «شركة أجنبية»، ويشار إليها عموماً من قبل المسؤولين الأمريكيين بعبارة «بريتش بتروليوم»، على الرغم من أن ذلك لم يكن أسمها رسمياً لأكثر من عقد من الزمن.

    تعني عاصفة الغضب العام أن هواتف المكتب مشغولة دائماً، مع مزيج من الأفكار حول كيفية إيقاف التسرب، والإساءات، والتهديدات. وإما الإساءات التي تزداد سوءاً مع اقتراب المساء، فإنها تتدفق من كافة أرجاء العالم. وفي الغالب يكون الذين يهاتفون من ألمانيا قلقين تحديداً بشأن الضرر البيئي.

    على قمة كل ذلك، يخضع الكادر إلى تدقيق قانوني شديد. والشركة هي هدف التحقيقات الجنائية من جانب الحكومة، والآلاف من الدعاوى المدنية من أشخاص تأثرت معيشتهم. وتحذر ملاحظة معلقة فوق سلال المهملات من أن آلة تمزيق الورق، وسلة إعادة التدوير، مكان محظور لتخزين الوثائق». ويجب استبقاء جميع الوثائق، بسبب احتمال طلبها كدليل.

    قام هايوارد في أحيان كثيرة بمقارنة المعركة ضد التسرب النفطي بعملية عسكرية. وإذا كانت كذلك، فإنها حرب استنزاف: طويلة، ومستنزفة، ومثبطة للمعنويات. ومن المتوقع أن يستغرق الأمر حتى منتصف آب (أغسطس) لإغلاق البئر نهائياً، حيث يتم حالياً حفر بئر إنقاذ بإمكانها مقاطعة التسرب واحتوائه، لتفسح المجال لطمر البئر الأولى بالأسمنت. وعند تلك النقطة، إذا فشل غطاء الاحتواء في نهاية المطاف، فإن الحجم الإجمالي للنفط المتسرب إلى الخليج يمكن أن يصل إلى أكثر من ضعفي ما تسرب فعلياً.

    حالما تنتهي المعركة لسد البئر في نهاية المطاف، فإن مهمة السيطرة على النتائج سوف تقع على كاهل بوب دودلي، وهو أمريكي آخر صنع شهرته حين كان رئيساً تنفيذياً للمشروع الاستثماري الروسي المشترك، «تي إن كيه – بي بي»، أزمة سابقة طالت فترة من الزمن. وسوف تنطوي مهمته على إدارة عمليات تنظيف وترميم المجتمعات المتضررة، وإدارة مجموعة كبيرة من القضايا القانونية التي سوف تواجهها «بريتش بتروليوم»، والبدء في إعادة بناء صورة الشركة في أمريكا. وبعد التقريع الذي تلقته الشركة الذي لا يبدي إشارات للتراجع، تبدو هذه المهمة وكأنها مهمة شاقة للغاية.

    في غرفة السيطرة على المركبات التي تدار عن بعد، ألصق أحدهم لوحة لصورة عصفورين في مستنقعات ولاية لويزيانا يهددهما النفط. وأما الشعار المكتوب على اللوحة فهو «لا تستسلم على الإطلاق». وهي رسالة من المحتمل أن تستفيد منها «بريتش بتروليوم» خلال الشهور والسنوات المقبلة.

    الزيتون عندما يُضغط يخرج الزيت الصافي فإذا شعرت بمتاعب الحياة تعصرقلبك فلا تحزن انه "الله" يريد أن يخرج أحلى ما فيك ايمانك دعاءك وتضرعك




Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎