Announcement

Collapse
No announcement yet.

انتخاب أوباما: فرصٌ عربية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • انتخاب أوباما: فرصٌ عربية

    انتخاب أوباما: فرصٌ عربية


    سفين بيرينت - الحياة



    أدى اختيار أميركا باراك أوباما رئيساً، إلى تغيير مفاجئ ومثير في كل ظواهر أجندات بلدان العالم، بخاصة المتعلقة بالجدل في شأن دور صناديق الثروة السيادية العربية في الاقتصاد العالمي وما وراءه.

    وبعد أن أُسدل الستار على الانتخابات الأميركية، على المستثمرين السياديين العرب، رفع درجة وعيهم السياسي واقتناص الفرصة للعب دور عالمي ذي معنى، في إطار شراكة مع الولايات المتحدة وأوروبا وبقية بلدان العالم. لأن بناء رأس المال السياسي بات يعتبر خطوة ضرورية بالنسبة إليهم، لولوج مرحلة جديدة في استراتيجية التوسع العالمي.

    لقد مكّن الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز، صناديق الثروة السيادية العربية من تحقيق ثروة مالية هائلة، وأصبحت هيئات الاستثمار في السعودية وأبو ظبي والكويت وقطر ودبي أهم اللاعبين في التمويل العالمي. بيد أن صعود صناديق الثروة السيادية العربية والتحّول الجذري الذي طرأ على المنظومة المالية العالمية نتيجة له، لم يحصلا بسلاسة. فقد تفاعل الجمهور الغربي، وجزء كبير من المؤسسة السياسية في البلدان الغربية، مع وصول سماسرة القوة المالية الجدد، بمزيج من الارتباك والخوف. وكان لرد الفعل المعادي تجاه الاستثمارات الأجنبية التي ترعاها الحكومات، مضاعفات خطيرة على السياسة، إذ سارعت جهات رقابية إلى إعداد خطط لحماية الشركات الصناعية الوطنية الكبرى من السيطرة الخارجية.

    وهكذا أُرغمت صناديق الثروة السيادية العالمية، بما فيها الصناديق العربية، على التراجع إلى خطوط الدفاع، ثم ردّت بإعداد مدونة سلوك طوعية (مبادئ سنتياغو) قد تساعدها في أن تكون أكثر شفافية، كما قد تجعل بقية بلدان العالم أقل حذراً إزاء نياتها الفعلية. لكن الصناديق هددت أيضاً، بأن تدير الظهر إلى الأسواق الغربية، وأن تيمم شطر آسيا، بحثاً عن بيئة استثمار أكثر انفتاحاً. ومع أن مثل هذه الخطوة شرعي في ذاته، إلا أنه لا يلائم المستثمرين الناضجين الساعين إلى الوصول إلى العالمية والاعتراف الدولي.

    تنطوي خطط الاقتصاد الأوّلية لباراك أوباما، على تمحيص أكبر في طبيعة استثمارات صناديق الثروة الأجنبية، ما يشير الى أن النقاش السياسي في شأن دخولها إلى السوق، قد يصبح أكثر وضوحاً. غير أن انتخاب أوباما يجب أن يحفز صناديق الثروة السيادية العربية، على التفكير في وسائل بديلة، تؤمن دخولها إلى أسواق المال العالمية، بما فيها الأسواق الغربية. ويتمثّل العنصر الرئيس في هذه الإستراتيجية، في بناء رأس مال سياسي، يمكن استخدامه لتأمين دخول هذه الصناديق إلى الأسواق الغربية وغيرها.

    سيدفع انتخاب أوباما إلى معالجة قضايا عالمية رئيسة بزخم أكبر، على غرار العدالة الاجتماعية، والحفاظ على البيئة، والتقدم التكنولوجي والتنمية الاقتصادية. إضافةً إلى معالجة محاربة الفقر والتفاوت الاجتماعي، والعمل على تقليص غازات الدفيئة في وقت يتأمن الوصول إلى طاقة رخيصة، وفرص اقتصادية للجميع، ويشجع الابتكار التكنولوجي، وكلها عناصر أساسية في أجندة عالمية مشتركة.

    والواقع أن العالم العربي يسير بالفعل، وإن ببطء، نحو بناء هذا الرصيد السياسي. إذ تعهدت السعودية، في وقت سابق ، تقديم 500 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي، لمساعدته على التعاطي مع أزمة الغذاء العالمية، وسببها نقص المخزون العالمي من الحبوب وارتفاع تكاليف الطاقة، ما هدد بتعريض ما لا يقل عن 100 مليون شخص لخطر المجاعة.

    وخلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الأخيرة إلى المنطقة، أسس كل من هيئة الاستثمار القطرية وصندوق الكربون البريطاني ما أطلق عليه «صندوق قطر - المملكة المتحدة لاستثمار التكنولوجيا النظيفة»، وهو صندوق يُنتظر أن يُخصص له مبلغ 400 مليون دولار تستثمر في شركات التكنولوجيا النظيفة. وستتعاون بريطانيا ومبادرة «مصدر» في أبو ظبي، لتطوير حلول مبتكرة للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

    إلى ذلك، لم تُواجه هيئة الاستثمار القطرية مشكلة في تعزيز حصتها في أحد أكبر المصارف البريطانية (باركليز)، في مثال واضح على قدرة المستثمرين العرب على التعامل مع خطر الانكشاف على الأخطار السياسية، عبر بناء رأس مال سياسي والإسهام بقوة في قضية مشتركة؛ والإجراءان الأخيران يمثلان أيضاً قراراً استثمارياً جذاباً من الناحية التجارية.
    لا شك في أن العالم العربي يحتاج إلى بناء سلة مدخراته، طالما أنه يمتلك المال وأن العالم لا يزال في حاجة إلى نفط. وما من شك في أن النفوذ المالي العربي ضعف بسبب الخسائر التي تكبّدها خلال أزمة الائتمان، خصوصاً عبر الهبوط المفاجئ في أسعار النفط في الآونة الأخيرة.

    غير أن العالم العربي سيستعيد قوته المالية في مستقبل غير بعيد. وفي وقت يدخل المستثمرون العرب إلى دائرة الضوء في أسواق المال العالمية.


    * باحث في مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط - بيروت
    الباطل صوته أعلى، وأبواقه اوسع، واكاذيبه لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن ان تقف عند حد. فكيف اذا كان بعض ابطاله قد بات في نظر نفسه والعميان من حوله من انصاف آلهة.
Working...
X