سورية.. نهر الدماء يسيل.. وأردوغان للأسد: زمن الطغاة ولّى
دمشق – الوكالات:
قتل أكثر من 30 شخصا على الأقل أمس في سورية برصاص أجهزة الأمن التي تواصل عملياتها في أنحاء البلاد لقمع الاحتجاجات، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما تتزايد الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يزور ليبيا أمس، انتقادات حادة إلى الرئيس السوري، مؤكدا أن عصر القادة "الطغاة" قد ولى. وأثناء زيارة لمدينة طرابلس الليبية أشاد أردوغان بانتصار الثورة في ليبيا التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي، وقال "لقد أثبتم للعالم أنه لا يوجد نظام يمكن أن يسير ضد إرادة شعبه. وهذا ما يتعين أن يفهمه أولئك الذين يقمعون الشعب في سورية". وأضاف من دون أن يشير إلى الرئيس السوري بالاسم "على هذا النوع من القادة أن يفهم أن زمنه قد ولى لأن عصر أنظمة الطغيان قد ولى". وذكرت صحف تركية أمس أن أردوغان طلب من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن يتوقف عن دعم نظام دمشق الذي يمارس قمعا شرسا للحركة الاحتجاجية في البلاد، بحسب الصحف التركية. وأوردت صحيفة "حرييت" أن أردوغان صرح أمام صحافيين في تونس "لا يمكنني الحديث عن وجود توتر مع إيران. لكن في ما يتعلق بسورية، لقد حذرتهم من أن نظام (الرئيس السوري بشار) بات مستكبرا جراء تشجيعهم". وفي جنيف دانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس، الهجمات على الخدمات الطبية في سورية مؤكدة أن فرق الإغاثة وسيارات الإسعاف تعرضت لإطلاق النار مرارا في البلاد.
وقالت بياتريس ميجيفاند- روجو رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للعمليات في الشرقين الأدنى والأوسط "من غير المقبول بالمرة أن يفقد المتطوعون حياتهم أثناء مساعدتهم آخرين لإنقاذ حياتهم". وكان متطوع في الهلال الأحمر العربي السوري قد توفي هذا الأسبوع جراء إصابات لحقت به أثناء تأديته واجبه، بحسب ما أشارت اللجنة الدولية. وأصيب متطوعان آخران في الحادث نفسه حين تعرضت سيارة الإسعاف التي كانوا فيها لنيران كثيفة أثناء نقل أحد الجرحى إلى المستشفى. وقال الصليب الأحمر "ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها أفراد تابعون للهلال الأحمر وسيارات تابعة له لنيران أو لهجمات أخرى منذ بداية العنف في سورية". وحضت المنظمة كل الأطراف المعنية على "احترام وتسهيل" عمل الصليب الأحمر لمساعدة المحتاجين. يأتي ذلك بعد أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف "موحد" من حملة القمع التي يشنها النظام السوري منذ اندلاع الاحتجاجات قبل ستة أشهر. وقال المرصد – وفقا لفرانس برس - من مقره في لندن لوكالة فرانس برس "قتل أربعة أشخاص وأصيب 11 بجروح ثلاثة منهم في حالة حرجة خلال عملية مداهمات وملاحقات أمنية في مدينة حلفايا" التي تبعد 17 كيلومترا من مدينة حماه. كذلك قتل شخص في قرية خطاب في محافظة حماه "خلال عمليات مداهمة"، وفق المصدر نفسه. وقتل ثلاثة أشخاص في قريتي سرجة وكفر عويد في منطقة جبل الزاوية (شمال غرب) برصاص قوات الأمن التي قامت بعمليات دهم في هذه المنطقة شمال غرب سورية، بحسب المرصد. وفي حمص (وسط) قتل متظاهران برصاص عناصر الأمن خلال تجمعات في بضعة أحياء شارك فيها آلاف الأشخاص، كما ذكر المرصد السوري وناشطون. وقتلت قوات الأمن شخصا آخر في حي نهر عائشة في دمشق، بحسب المرصد الذي تحدث عن مقتل شخص ثان في دوما بريف دمشق. وتحدث المرصد السوري عن العثور على ثماني جثث، ست في جبل الزاوية واثنتان في حمص. وقتل القسم الأكبر من هؤلاء الأشخاص في الساعات الـ 24 الأخيرة خلال عمليات شنتها قوات الأمن. وأعلن التلفزيون السوري من جهته أن عنصرا من قوى الأمن قتل وأن أربعة آخرين أصيبوا في محافظة درعا (جنوب) خلال هجوم شنته "مجموعات إرهابية مسلحة" على قوات الأمن. وفي مدينة حماه، قام عناصر أمنيون بمحاصرة مسجد سعد بن أبي وقاص استباقا لتظاهرة مناهضة للنظام عقب صلاة الجمعة، وفق ما أفاد ناشطون في المكان، لافتين إلى أن طائرات حلقت في أجواء المدينة. وشهدت حماه في تموز (يوليو) تظاهرات كبيرة ضمت مئات الآلاف وطالبت باسقاط النظام السوري، لكن هذه التحركات قمعت في عمليات أمنية واسعة النطاق. وقطعت الاتصالات الهاتفية أمس في مدينة الزبداني التي "تشهد منذ فجر الثلاثاء الماضي عمليات مداهمات وملاحقات أمنية أسفرت عن استشهاد شاب واعتقال 153 شخصا" كما أضاف المرصد. وفي ريف دمشق اقتحمت عناصر المخابرات جامع الفارس في داريا وأطلقت الرصاص الحي لتفريق المعتصمين وملاحقتهم، فيما أطلقت قوات الأمن في دير الزور الرصاص بكثافة لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا من مسجد الروضة في حي الجبيلة، بحسب المرصد. ودعا الناشطون من أجل الديموقراطية إلى الخروج في تظاهرات تحت شعار "جمعة ماضون حتى إسقاط النظام". وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد قال الخميس، إن الأسد "لا يفي بوعوده" مؤكدا أن "على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات موحدة والتحدث بصوت واحد". وكتب الناشطون في دعوتهم لتظاهرات الجمعة على صفحتهم على فيسبوك "عندما نقتل نزداد إصرارا، عندما نعتقل نزداد إصرارا"، وأضافوا "الثورة انطلقت ولن يوقفها سوى إسقاط النظام". وأضافوا "جيل جديد ولد في سورية خلال ستة أشهر من الثورة، جيل لا يقبل الخنوع لطاغية ولا السجود لصوره". وبعد ستة أشهر على انطلاقتها، لم تتراجع حركة الاحتجاج ضد نظام الأسد فيما يؤكد الناشطون تصميمهم على التظاهر حتى إسقاط النظام الذي يواصل عمليات القمع، معلنين تشكيل "المجلس الوطني" المكلف تنسيق تحركهم ضد النظام. ومنذ بدء حركة الاحتجاج في منتصف آذار (مارس) أوقعت حملة قمع الاحتجاجات أكثر من 2600 قتيل غالبيتهم من المدنيين بحسب الأمم المتحدة.