مبتعثون يعيشون صراعا قيميا بعد عودتهم
قراءة تحليلية أجراها أستاذ علم اجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود
قراءة تحليلية أجراها أستاذ علم اجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود
الوطن
الجبيل: سعيد الشهراني
في قراءة تحليلية اجتماعية أجراها أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض الدكتور عبدالعزيزالغريب لواقع عدد من المبتعثين قبل الابتعاث وبعده، والنظر إلى مصادر ومكونات الفكر والثقافة لديهم، توقع أن يعيش نحو 50% من المبتعثين نوعا من الصراع القيمي بعد عودتهم.
وقال الدكتور الغريب لـ"الوطن" أمس، إن النسبة ستكون عالية في ظل التغير والانفتاح المعلوماتي الكبير. فحركية التغيرسريعة، وبالتالي سترتفع نسبة المتأثرين بصورة كبيرة، حيث يتوقـّع أن يكون القبول في البدء بها متدنياً، ولكن سرعان ما يرتفع عند ما يسمى بـ(السلوك الجمعي) وشيوع العقل الجمعي المشترك، فالمعانون والمتأثرون بالصراع القيمي سيكونون أكثر من النصف، خاصة أن العائدين من حملة مؤهلات عليا، مما يتطلب قراءة مبكرة لهذا الوضع مع بدء عودة قوافل المبتعثين، وبعضهم ما زال مع الأسف يبحث عن عمل.
يضيف الدكتور الغريب يجب أن يتعرف الشباب على المجتمع بجميع أركانه سواء الأطر المؤسسية المختلفة، أو اتجاهاته السياسية، أو ماهية المجتمع المدني ودور كل هؤلاء في التنمية، وتابع قائلاً: "إن الشباب قد يكون تائهاً وسط الحياة لا يجد أحدا يسمعه، ولا توجد قنوات واضحة للشباب للتعبير عن أنفسهم وما بداخلهم، كما أن سبل المعرفة بالنسبة لهم محدودة، ولا شك أن هناك احتياجا شديدا لأن نعلّم ونثقف شبابنا، إذ إن فئات الشباب أكثر فئات المجتمع تعرضاً لهذه التغيرات والتحولات الاجتماعية والثقافية، وذلك بحكم وضعهم الاجتماعي من حيث إنهم فئة تعيش مرحلة انتقالية ساعية من خلال تحصيل العلم والمعرفة نحو تغيير وضعهم الاجتماعي للأفضل".
يقول الدكتورالغريب: أعتقد أننا بحاجة لأطراجتماعية وثقافية أهلية وحكومية فاعلة وممنهجة لأداء الواجبات والمسؤوليات الكبيرة ولإشباع احتياجات الشباب من الجنسين وبشكل يزيد من انتمائهم وولائهم لمجتمعاتهم، فالمجتمعات لم يعد الانتماء لها شعاراً خيالياً يعتمد على تقديرقيمة التراب والسماء واستنشاق الهواء، وأعتقد أن هذه الدعوات الفطرية قد لا يكون لها وقعها في عالم تسوده المصالح، لذلك يجب أن يكون العمل مهنيا احترافيا تؤطره رؤية شمولية ناظرة للأمام بخطوات واثقة ووفق خطط مدروسة.
في حين قال مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد بأبها أستاذ علم الاجتماع الدكتور سعيد حمدان لـ"الوطن" إن الصراع القيمي يعني التباين والاختلاف بين مجموعة القيم التي يعايشها الفرد في مجتمعين مختلفين، أو من خلال ثقافتين مختلفتين، وعدم قدرة الثقافة الأصلية لدى الفرد في كثير من الأحيان على احتواء القيم الجديدة التي تبرزمن خلال ثقافة المجتمع الذي يعايشه, وبالتالي يصبح الفرد في صراع شديد بين ما عايشه قديما وما يعايشه حاليا، وهذا ما يتوقع أن يعانيه الطلاب المبتعثون من مظاهر الصراع القيمي الذي تتضح معالمه بين القيم التي عليها الطلاب وتمثل مجتمعهم الأصلي والقيم التي يعايشونها في بلد الابتعاث.
وأضاف حمدان بقوله: "خلقت هذه الحالة نوعين من المبتعثين العائدين الأول يكون متأثرا بقيم معينة في بلد الابتعاث يحاول من خلالها تفضيل قيم الأنانية والنفعية, وتتزايد لديه مظاهر النزعة الاستهلاكية, ويطبق التقليعات الغربية، والنوع الثاني ينزع إلى الاستفادة من جديد العلم والتكنولوجيا, ويسعى لنقل قيم التحديث والتنمية إلى مجتمعه، خاصة في المجال العلمي من خلال الاستفادة بالمستجدات العلمية, ومعطيات التقنية, ويحاول أن يبث هذه القيم الحديثة بين أبناء مجتمعه للاستفادة من كل ما هو جديد وعصري في المجالات الحياتية بما يسهم في دفع عجلة التنمية والتقدم في مجتمعه، وعلى الطالب ألا ينجرف أمام ما يراه، وأن يوازن ويأخذ بالمفيد واضعا نصب عينيه مجتمعه الذي سيعود إليه وينتظر منه الكثيرالذي سيقدمه ليدفع بعجلة التقدم والتطور بمجتمعه إلى الأمام.