Announcement

Collapse
No announcement yet.

إسرائيل بحاجة إلى اتفاق ينهي الصراع

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • إسرائيل بحاجة إلى اتفاق ينهي الصراع

    إسرائيل بحاجة إلى اتفاق ينهي الصراع


    بقلم: ايليا ليفوفيتش - "هآرتس"

    يروى أن كونراد اديناور، الذي كان مستشار ألمانيا الغربية، قال: "التاريخ هو حاصل كل الأشياء التي كان يمكن منعها". من المؤكد أن اديناور فكر في الأساس في حروب نشبت ولم تُمنع، لكنها انتهت أيضاً على نحو عام.

    باعتبارنا أبناء مجتمع يخضع لحرب مستمرة منذ أربعة أجيال وأكثر، يحسن بالإسرائيليين أن يحاولوا أن يتعلموا من التاريخ كيف تنتهي الحروب. يمكن هذا النظر أن يكون مساعداً في تقدير واقعي لسؤال كيف يمكن أن تنتهي حرب "مئة السنة" بيننا وبين الفلسطينيين. يحسن القيام بهذا التقدير بدل الانشغال بأوهام لا صلة لها بواقع ممكن ما، وهي الوقود الرئيس الذي يحرك عجلات الحروب منذ كانت.

    يمكن أن نلاحظ في التاريخ الإنساني نموذجين رئيسين لنهاية الحرب: الأول، الإنهاء بالإبادة. والثاني، الإنهاء بالتفاهم. ويبدو لي أن أكثر الحروب في التاريخ انتهت بصورة أشبه بالنموذج الثاني.

    حسب النموذج الأول، تنتهي الحرب حينما يقضي أحد الطرفين على الآخر. وهذا القضاء المتحدث عنه هو في أساسه نقض للإطار السياسي عند الطرف الخاسر في الحرب. هكذا مثلاً انتهت الحرب بين جمهورية قرطاج والإمبراطورية الرومانية، وهذه كانت صورة نهاية الحرب بين مملكة "يهودا" والإمبراطورية البابلية مع خراب الهيكل الأول، ونهاية حرب اليهود مع الرومان مع خراب الهيكل الثاني.

    إن التواجد العسكري مع فتور المعارك، والذي يعبر عنه أحياناً بمعاهدة سلام أو اتفاق على هدنة توقع بين الطرفين، أو استسلام الطرف المهزوم للطرف المنتصر، ليس عاملاً مهماً في تمييز ماهية نهاية الحرب. فقد انتهت الحرب العالمية الأولى بمقام وقّعت فيه ألمانيا على نحو مراسمي على استسلام للدول الحليفة بلا شرط تقريباً وهي التي اعتبرت منتصرة في تلك الحرب. وانتهت الحرب العالمية الثانية أيضاً باستسلام ألمانيا واليابان المطلق. ورغم ذلك يبين التاريخ أن العدو الألماني والياباني في الحالتين لم يُهزما ولم يُبادا حسب أي مقياس تاريخي.

    تنتهي أكثر الحروب في العالم حينما يتوصل قادة الطرفين إلى فهم بأن استمرار المعارك لن يأتيهم بأية فائدة. وفي عدد كبير من الحالات تكون الفائدة المذكورة مكسباً شخصياً ما للقادة أنفسهم. وفي حالات أخرى حينما تحظى أمة بقادة ملائمين تكون الفائدة أمام أعينهم هي مصلحة المجتمع.

    إن دولة إسرائيل في وضع دوني جوهري في حربها للشعب الفلسطيني، لا يغيب عن بصر كل من ينظر بعينين مفتوحتين إلى ميزان القوى في الشرق الأوسط. إن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لا يمكن أن ينتهي بانتصار إسرائيل بحسب النموذج الأول. ولا يصعب التوصل إلى هذا الاستنتاج بتقدير وضع استراتيجي – تاريخي وتقديرات عقلانية أساسية. لكن هذا الاستنتاج مطلوب أيضاً عن التجربة والحقائق التاريخية أنفسها دون أية نظرية. في حزيران 1967 كانت دولة إسرائيل قريبة من وضع إنهاء الحرب بحسب النموذج الأول أكثر مما كانت ذات مرة، وأكثر من كل قرب يمكن أن تصل إليه في المستقبل القريب. لكن الحرب لم تنته. وفي مقابل هذا فإن للجانب العربي في حرب إسرائيل – فلسطين إمكاناً نظرياً في أن ينتصر وان ينهي الحرب بحسب النموذج الأول.

    الدرس أن على حكومة إسرائيل أن تقود إلى إنهاء الحرب بحسب النموذج الثاني. ومن اجل هذا يجب عليها أن تُحدث وضعاً شرق أوسطي لا يكون فيه لأي حاكم عربي، بمن فيهم القادة الفلسطينيون، ما يكسبونه شخصياً من استمرار الحرب، ولا يكون لأي واحد منهم حافز شعوري قوي بقدر كاف لبدء معركة عالمية أخرى.

    تستطيع إسرائيل بسياسة موزونة تعتمد على رؤية إستراتيجية بعيدة الأمد أن تخلق واقعاً كهذا ربما قبل نشوب الموجة الكبيرة التالية من سفك الدماء في الشرق الأوسط. وذلك برغم تصريحات عدائية بل إزاء تحديات عنيفة من الجانب العربي.

    إذا تصرفت إسرائيل بحكمة فستنجح في أن تضيف إلى مسرح تاريخ اديناور حادثة واحدة كان يمكن منعها ومُنعت حقاً. لا تزال إسرائيل قادرة لا على الانتصار لكن بالإفضاء بحرب المئة سنة إلى النهاية بحسب النموذج الثاني بالصورة التي انتهت عليها أكثر الحروب بين البشر خلال التاريخ.

    الباطل صوته أعلى، وأبواقه اوسع، واكاذيبه لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن ان تقف عند حد. فكيف اذا كان بعض ابطاله قد بات في نظر نفسه والعميان من حوله من انصاف آلهة.
Working...
X