التايمز: خوف من جفاف رأس المال وآبار النفط في الخليج
ضاحي حسن
بي بي سي- لندن
"في بريطانيا ستضغط الأزمة المالية الحالية بأسنانها على أسعار النفط فيجف رأس المال وتجف معه، بالتالي، آبار النفط في الخليج. وعلى المدى البعيد، ستكون الحالة المالية لمنطقة الخليج أمرا حيويا بالنسبة لمستقبلنا. فالخبر السار بالنسبة لوزير خزانتنا هو انهيار أسعار النفط، لكن عليه أن يعلم أن مثل هذا الخبر السار هو في الواقع نبأ سيئ للغاية بالنسبة لنا."
بهذه الكلمات المتشائمة والنظرة السوداوية ينظر المحلل الاقتصادي كارل مرتشد إلى انعكاس أي انهيار اقتصادي في منطقة الخليج على اقتصاد بريطانيا والغرب إذ يقول: الخليج وأوروبا
صحيفة التايمز الصادرة اليوم تفرد مساحة كبيرة لمقال مرتشد التحليلي المطول والذي جاء بعنوان "مشاكل الخليج تنعكس سلبا على النفط والغاز اللذين نحتاج إليهما"، ويتحدث فيه الكاتب عن الآثار المحتملة التي يمكن أن تخلفها الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الخليجي على مصادر الطاقة وصادراتها إلى بريطانيا ودول أوروبا الأخرى وأنحاء العالم المختلفة.
يبدأ الكاتب مقاله بالتذكير بقرار وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلنج يوم الاثنين الماضي بعدم اعتماد الأسهم الإسلامية "صكوك" كجزء من برنامج الاقتراض المستقبلي للحكومة البريطانية.
يقول مرتشد إن قرار دارلنج بالكاد لفت انتباه الساسة والخبراء في مجلس العموم ممن استمعوا لإعلان القرار، إلا أن ردود الفعل في دول الخليج العربي كانت جد مختلفة، إذ نُظر إلى الأمر على أنه "صفعة على الخد" وقد جاءت في الوقت التي تواجه فيه المؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية كارثة تتمثل في أزمة الإئتمان العقاري التي وُلدت أصلا في أوروبا وأمريكا.
دبي والإفلاس
يرى الكاتب، مثلا، أن دبي لم تصل بعد إلى حد الإفلاس أو الوضع الاقتصادي الخطر، إلا أن ديون حكومتها، التي بلغت حوالي 80 مليار دولار أمريكي، بدأت ترخي بظلالها القاتمة على اقتصاد الإمارة التي يتسابق الدَّين والقلق فيها صعودا إلى مستوى ربما يفوق ارتفاعه علوَّ برج العرب، وهو المبنى الأعلى في المنطقة والعالم.
ومن دبي، ينتقل الكاتب إلى السعودية، التي تتربع على احتياطي مالي يبلغ 200 مليار دولار أمريكي، ليتنبأ لنا بأن المملكة تستطيع أن تنجو لبعض الوقت من تبعات الأزمة الاقتصادية الراهنة ودون أن تضطر لتقلص حجم استثماراتها.
لكن الأمر لا ينطبق بالضرورة على دول الخليج الصغيرة الأخرى، لطالما بدأت تلك البلدان تئن بشدة تحت وطأة مشاكلها الاقتصادية الحادة. كاريكاتير ساخر
أما صحيفة الجارديان، فقد قررت هي الأخرى أن تعزف على وتر الأزمة الاقتصادية وخطط الحكومة البريطانية ومساعيها المحمومة لمواجهتها. لكنها اختارت هذه المرة لغة الكاريكاتير الساخرة إلى جانب التقارير والتعليقات الكثيرة التي تناولت الموضوع.
يظهر في الرسم الكاريكاتير رئيس الوزراء البريطاني، جوردن براون، جالسا إلى جوار وزير خزانته العتيد، أليستر دارلنج، وقد تشبث الرجلان بمقعد عربة يُفترض أن يجرها حصانان عبر طريق واضح آمن.
لكن الحصانين يتعثران ويسقطان أرضا بينما نرى براون حائرا لا يدري ماذا يفعل، ووزير خزانته دارلنج يحاول أن يقنع نفسهب أنه ما زال يمسك بزمام الأمور ويقود عربة الاقتصاد إلى شاطئ الأمان عبر القبض على لجام الحصانين الميتين.
اقتصاد مكبل
أما الراكب وراءهما، فليس سوى "الاقتصاد" الذي يبدو على هيئة رجل مكبل بالقيود في عربة تتعثر على أسطح المنازل المطلة على واد مظلم سحيق بعد أن توقفت في أعقاب موت الحصانين اللذين كانا يجرانها!
لعل هذا تعبيرا عن الضياع والتخبط الذي تعيشه حكومة براون على وقع وتداعيات أزمة الإئتمان العقاري والانكماش الاقتصادي الذي دخلت بريطانيا ودول أخرى في العالم في أتونه دون أن تدري ما هو الخلاص.
الشباب والدَّين
أما في الديلي تلجراف، فنقرأ مقالا نقديا عن الوضع الاقتصادي في بريطانيا لبيتر هوسكن تحت عنوان لافت يقول فيه متسائلا: "تُرى، هل وُلد شبابنا ليعيشوا على الدين؟"
يتساءل الكاتب عن آثار سياسة حكومة رئيس الوزراء البريطاني على جيل الشباب وأطفال المستقبل من البريطانيين، لا سيما وأن هذه السياسة تقوم برأيه على إغراق البلاد وتكبيلها بالديون.
يذكرنا الكاتب في معرض مقاله بعنوان كتاب للصحفية الأمريكية آنيا كامينيتز جاء بعنوان: "جيل الدين: الاقتصاد الجديد وكون المرء شابا."
وفي إشارة إلى طريقة معالجة الحكومة للأزمة الاقتصادية الحالية من خلال لجوئها إلى الاستدانة، يقول هوسكن إن كتاب كامينيتز "يستحق أن يكون مرجعا للسياسيين الذين يرغبون بالذهاب إلى ما بعد أسلوب التفاهات التي تصدر أحيانا عن أحفادنا. هؤلاء الساسة يتحدثون بشكل مباشر إلى بعض الضحايا الذين تطالهم فقاعة الدين أكثر من غيرهم بهذا المستوى ذاته."
أوباما وهيلاري
وفي صحيفة التايمز تطالعنا أيضا صورة كبيرة للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما يظهر فيها شارد الذهن وسارحا يحدق في الأفق البعيد وكأنه يرى بعض ما تخبئه له الأيام من مشاق ومصاعب جسام بدأت تطل عليه برأسها حتى قبل أن ينعم ولو بلحظة واحدة من الأبهة كسيد للبيت الأبيض.
أما في الخبر، الذي تورده الصحيفة على أنه سبق صحفي، فنقرأ: "أستاذ وصديق أوباما أبنر ميكفا يحذر من اختيار هيلاري".
وفي تفاصيل الخبر، الذي يكتبه تيم ريد، مراسلة الصحيفة في شيكاغو، مقر السكن الحالي والفريق الانتقالي لأوباما، نقرأ كيف أن صديق أوباما القديم والموثوق به قد خرج أخيرا عن صمته ليقول للرئيس المنتخب بأنه يعتقد بأن الرئيس السابق بيل كلنتون، زوج هيلاري كلينتون المرشحة لشغل منصب وزيرة الخارجية في الإدارة الجديدة، سيكون بمثابة العامل الذي سيسهم في تعقيد الأمور بالنسبة للرئيس الجديد.
بيل العائق
يرى ميكفا أن بيل كلينتون سيكون عائقا وعاملا سلبيا في الإدارة الجديدة بسبب القائمة الطويلة من المتبرعين الأجانب الذي يقدمون الأموال لمؤسسته، الأمر الذي قد يسبب الإحراج لزوجته هيلاري، وبالتالي لرئيسها أوباما.
ففي مقابة مع التايمز، يقول ميكفا، وهو قاض فيدرالي سابق وعمل مستشارا في البيت الأبيض في إدارة الرئيس كلينتون، كما أنه من أوائل من أيدوا ترشح أوباما لرئاسة البلاد:
"إنني قلق بشأن المصاعب التي لن تجلبها هي (هيلاري)، ولكن تلك التي سيجلبها زوجها الذي حفلت مسيرته، منذ أن غادر البيت الأبيض، بالاتصالات الخارجية وإلقاء الخطب في الخارج والإسهامات التي يتلقاها أيضا من الخارج."
ويمضي صديق أوباما إلى القول: "لا أعلم كيف يمكنك فصل أنشطتها عن أنشطته (أي كلينتون وزوجها)، وكيف يمكنك التدقيق بهذه وبتلك. وما أراه هو وجوب أن يتم الإعلان عن كافة تلك الأنشطة، وعندها أعتقد أن الأمر سوف يكون محرجا للغاية بالنسبة للرئيس كلينتون والمتبرعين لصالحه."
ولا يذهب الكاتب جوناثان فريدلاند بعيدا في تحليله لاختيارات أوباما لأفراد طاقمه السياسي والاقتصادي، عن هذا المنطق ذاته، وإن رأى أن في الخيارات التي أعلنها الرئيس المنتخب حتى الآن وقراره بضم خصومه السابقين إلى فريقه مؤشرا كبرا على ما سيكون عليه أداء الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
أوباما الحازم
ففي مقابله المنشور على صفحات الرأي في الجارديان، يقول فريدلاند إن أوباما سيكون حازما وحاسما وبعيدا عن لغة المشاعر والإثارة والليبرالية الساذجة، طالما اختار فريقا من الكفاءات والخبرات المشهود لأعضائه في عالم السياسة والاقتصاد.
إلا أن الكاتب لا ينسى أن يبرز التساؤل التالي في العنوان الفرعي لمقاله حيث يقول: لكن هل ستكون هيلاري لاعبة حقيقية وفاعلة في فريق أوباما؟
يرى فريدلاند أن الرئيس المنتخب قد بدأ فعلا مسيرة التغيير منذ أيام، وذلك رغم أن بوش ما زال قابعا في البيت الأبيض، فها هو (أوباما) قد أخذ زمام المبادرة من الآن وبدأ يتصرف وكأنه الرئيس الفعلي للبلاد، فهو يعقد المؤتمر الصحفي تلو الآخر ويدلي بالعديد من التصريحات التي تغطي على بوش المتواري عن الأنظار.
الإخلال بالوعد
لكن الكاتب يرى أن أوباما، من خلال إحاطة نفسه بالعديد من رموز إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، قد "أخل بأحد وعوده وهو إعلانه أن التغيير قد بدأ."
يقول فريدلاند: "لدى إعلان هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، الأمر الذي يُتوقع الكشف عنه بعد يوم غد في أعقاب عيد الشكر، نتساءل: هل خضنا كل تلك الجهود وذهبنا وانتخبنا أوباما لو كنا نعلم أننا سنكون وسط تلك الحشود من أتباع كلينتون القدامى أنفسهم؟. إن هذا ليس بالتغيير الذي يمكن أن نؤمن به."
ويمضي الكاتب إلى القول: "إن تسمية هيلاري هو الأمر الذي يجعلني أتوقف قليلا، وإن كانت الإشارات الأخرى مشجعة. لكن ما هو الانتقاد الحقيقي الوحيد لرئاسة أوباما؟ إنه كونها لم تبدأ بعد."
الحرب الكيماوية
وفي الجارديان أيضا تطالعنا صورة كبيرة للإيراني محمد شجيف ناخعي، وهو يحمل بيده صورة لا تشبهه البتة وإن لم تكن لشخص آخر سواه.
مشكلة الصورة أنها تعود لعشرين عاما مضت يوم كان ناخعي يرقد في المستشفى مصابا في أعقاب تعرضه ورفاقه من الجنود الإيرانيين لهجوم كيماوي شنه عليهم أفراد من الجيش العراقي خلال الحرب الطاحنة التي درات رحاها بين البلدين خلال ثمانينيات القرن الماضي واستمرت لمدة ثماني سنوات.
"ميراث الحرب الكيماوية"
تأتي الصورة مرفقة بتحقيق مطول تنشره الجارديان تحت عنوان "ميراث الحرب الكيماوية" ويسترجع من خلاله مراسل الصحيفة في العاصمة الإيرانية طهران، إيان بلاك، مع الناجين من تلك الحرب ذكريات الرعب والخوف والموت التي عاشوها أو عايشوها على جبهات القتال في مواجهة الجيش العراقي.
ينقل المراسل عن ناخعي قوله إنه تعرض للإصابة البالغة أثناء هجوم إيراني على ميناء الفاو عام 1985 وكان عمره حينذاك 22 عاما: "بعد أربعة أيام من احتلالنا للفاو، ردَّنا العراقيون على أعقابنا حتى الجانب الإيراني من شط العرب."
ويضيف: "كنا في تلك اللحظة قد تناولنا طعام الفطور وأقمنا الصلاة عندما هاجم موقعنا بالقنابل الكيماوية خمس أو ست طائرات حربية عراقية."
ويمضى ناخعي بوصف لتلك اللحظات العصيبة من حياته وذكريات الحرب المريرة بالقول: "لقد شعرت بالبرودة وكأن شخصا رش علي ماء باردا. بدأت بعدها بالقييء وخرجت من فمي مادة خضراء. كان حلقي جافا للغاية ولم أعد أستطيع التنفس. لقد تقرح جسمي كله من رأسي إلى أخمص قدمي."
فريتزل البريطاني
صحيفة التايمز، كما الصحف البريطانية الأخرى الصادرة اليوم، اهتمت أيضا بخبر إصدار حكم بالسجن المؤبد 25 مرة على رجل بريطاني بسبب إدانته باغتصاب ابنتيه اللتين أنجبتا منه تسعة أطفال.
يقول تحقيق التايمز عن القضية التي هزت المجتمع البريطاني إن المدان، وهو رجل أعمال من مدينة شيفيلد ويبلغ من العمر 56 عاما، كان قد احتجز ابنتيه كسجينتين لمدة ربع قرن من الزمن كان ينقلهما خلالها ما بين منازل في كل من مقاطعتي "ساوث يوركشير" و"لينكولنشير"، وذلك من أجل تجنب اعتقاله.
ويتابع التحقيق القول إن الأب في اعتداءاته المتكررة على ابنتيه يُعد شبيها تماما بالأب النمساوي جوزيف فريتزل الذي كان هو الآخر قد اعتدى على ابنته وأنجب منها العديد من الأطفال في قبو منزله حيث احتجزها لسنوات طويلة.
يقول التحقيق بشأن الأب البريطاني المُدان: "كان يعتدي جنسيا على ابنتيه عندما كانتا في سن الثامنة من العمر. كان يقوم باغتصابهما بحدود ثلاث مرات في الأسبوع ويضربهما ويرفسهما ويعرِّضهما للكي بلهب نار الغاز إن هن رفضن الإذعان لمطالبه."
ضاحي حسن
بي بي سي- لندن
"في بريطانيا ستضغط الأزمة المالية الحالية بأسنانها على أسعار النفط فيجف رأس المال وتجف معه، بالتالي، آبار النفط في الخليج. وعلى المدى البعيد، ستكون الحالة المالية لمنطقة الخليج أمرا حيويا بالنسبة لمستقبلنا. فالخبر السار بالنسبة لوزير خزانتنا هو انهيار أسعار النفط، لكن عليه أن يعلم أن مثل هذا الخبر السار هو في الواقع نبأ سيئ للغاية بالنسبة لنا."
بهذه الكلمات المتشائمة والنظرة السوداوية ينظر المحلل الاقتصادي كارل مرتشد إلى انعكاس أي انهيار اقتصادي في منطقة الخليج على اقتصاد بريطانيا والغرب إذ يقول: الخليج وأوروبا
صحيفة التايمز الصادرة اليوم تفرد مساحة كبيرة لمقال مرتشد التحليلي المطول والذي جاء بعنوان "مشاكل الخليج تنعكس سلبا على النفط والغاز اللذين نحتاج إليهما"، ويتحدث فيه الكاتب عن الآثار المحتملة التي يمكن أن تخلفها الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الخليجي على مصادر الطاقة وصادراتها إلى بريطانيا ودول أوروبا الأخرى وأنحاء العالم المختلفة.
يبدأ الكاتب مقاله بالتذكير بقرار وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلنج يوم الاثنين الماضي بعدم اعتماد الأسهم الإسلامية "صكوك" كجزء من برنامج الاقتراض المستقبلي للحكومة البريطانية.
يقول مرتشد إن قرار دارلنج بالكاد لفت انتباه الساسة والخبراء في مجلس العموم ممن استمعوا لإعلان القرار، إلا أن ردود الفعل في دول الخليج العربي كانت جد مختلفة، إذ نُظر إلى الأمر على أنه "صفعة على الخد" وقد جاءت في الوقت التي تواجه فيه المؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية كارثة تتمثل في أزمة الإئتمان العقاري التي وُلدت أصلا في أوروبا وأمريكا.
دبي والإفلاس
يرى الكاتب، مثلا، أن دبي لم تصل بعد إلى حد الإفلاس أو الوضع الاقتصادي الخطر، إلا أن ديون حكومتها، التي بلغت حوالي 80 مليار دولار أمريكي، بدأت ترخي بظلالها القاتمة على اقتصاد الإمارة التي يتسابق الدَّين والقلق فيها صعودا إلى مستوى ربما يفوق ارتفاعه علوَّ برج العرب، وهو المبنى الأعلى في المنطقة والعالم.
ومن دبي، ينتقل الكاتب إلى السعودية، التي تتربع على احتياطي مالي يبلغ 200 مليار دولار أمريكي، ليتنبأ لنا بأن المملكة تستطيع أن تنجو لبعض الوقت من تبعات الأزمة الاقتصادية الراهنة ودون أن تضطر لتقلص حجم استثماراتها.
لكن الأمر لا ينطبق بالضرورة على دول الخليج الصغيرة الأخرى، لطالما بدأت تلك البلدان تئن بشدة تحت وطأة مشاكلها الاقتصادية الحادة. كاريكاتير ساخر
أما صحيفة الجارديان، فقد قررت هي الأخرى أن تعزف على وتر الأزمة الاقتصادية وخطط الحكومة البريطانية ومساعيها المحمومة لمواجهتها. لكنها اختارت هذه المرة لغة الكاريكاتير الساخرة إلى جانب التقارير والتعليقات الكثيرة التي تناولت الموضوع.
يظهر في الرسم الكاريكاتير رئيس الوزراء البريطاني، جوردن براون، جالسا إلى جوار وزير خزانته العتيد، أليستر دارلنج، وقد تشبث الرجلان بمقعد عربة يُفترض أن يجرها حصانان عبر طريق واضح آمن.
لكن الحصانين يتعثران ويسقطان أرضا بينما نرى براون حائرا لا يدري ماذا يفعل، ووزير خزانته دارلنج يحاول أن يقنع نفسهب أنه ما زال يمسك بزمام الأمور ويقود عربة الاقتصاد إلى شاطئ الأمان عبر القبض على لجام الحصانين الميتين.
اقتصاد مكبل
أما الراكب وراءهما، فليس سوى "الاقتصاد" الذي يبدو على هيئة رجل مكبل بالقيود في عربة تتعثر على أسطح المنازل المطلة على واد مظلم سحيق بعد أن توقفت في أعقاب موت الحصانين اللذين كانا يجرانها!
لعل هذا تعبيرا عن الضياع والتخبط الذي تعيشه حكومة براون على وقع وتداعيات أزمة الإئتمان العقاري والانكماش الاقتصادي الذي دخلت بريطانيا ودول أخرى في العالم في أتونه دون أن تدري ما هو الخلاص.
الشباب والدَّين
أما في الديلي تلجراف، فنقرأ مقالا نقديا عن الوضع الاقتصادي في بريطانيا لبيتر هوسكن تحت عنوان لافت يقول فيه متسائلا: "تُرى، هل وُلد شبابنا ليعيشوا على الدين؟"
يتساءل الكاتب عن آثار سياسة حكومة رئيس الوزراء البريطاني على جيل الشباب وأطفال المستقبل من البريطانيين، لا سيما وأن هذه السياسة تقوم برأيه على إغراق البلاد وتكبيلها بالديون.
يذكرنا الكاتب في معرض مقاله بعنوان كتاب للصحفية الأمريكية آنيا كامينيتز جاء بعنوان: "جيل الدين: الاقتصاد الجديد وكون المرء شابا."
وفي إشارة إلى طريقة معالجة الحكومة للأزمة الاقتصادية الحالية من خلال لجوئها إلى الاستدانة، يقول هوسكن إن كتاب كامينيتز "يستحق أن يكون مرجعا للسياسيين الذين يرغبون بالذهاب إلى ما بعد أسلوب التفاهات التي تصدر أحيانا عن أحفادنا. هؤلاء الساسة يتحدثون بشكل مباشر إلى بعض الضحايا الذين تطالهم فقاعة الدين أكثر من غيرهم بهذا المستوى ذاته."
أوباما وهيلاري
وفي صحيفة التايمز تطالعنا أيضا صورة كبيرة للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما يظهر فيها شارد الذهن وسارحا يحدق في الأفق البعيد وكأنه يرى بعض ما تخبئه له الأيام من مشاق ومصاعب جسام بدأت تطل عليه برأسها حتى قبل أن ينعم ولو بلحظة واحدة من الأبهة كسيد للبيت الأبيض.
أما في الخبر، الذي تورده الصحيفة على أنه سبق صحفي، فنقرأ: "أستاذ وصديق أوباما أبنر ميكفا يحذر من اختيار هيلاري".
وفي تفاصيل الخبر، الذي يكتبه تيم ريد، مراسلة الصحيفة في شيكاغو، مقر السكن الحالي والفريق الانتقالي لأوباما، نقرأ كيف أن صديق أوباما القديم والموثوق به قد خرج أخيرا عن صمته ليقول للرئيس المنتخب بأنه يعتقد بأن الرئيس السابق بيل كلنتون، زوج هيلاري كلينتون المرشحة لشغل منصب وزيرة الخارجية في الإدارة الجديدة، سيكون بمثابة العامل الذي سيسهم في تعقيد الأمور بالنسبة للرئيس الجديد.
بيل العائق
يرى ميكفا أن بيل كلينتون سيكون عائقا وعاملا سلبيا في الإدارة الجديدة بسبب القائمة الطويلة من المتبرعين الأجانب الذي يقدمون الأموال لمؤسسته، الأمر الذي قد يسبب الإحراج لزوجته هيلاري، وبالتالي لرئيسها أوباما.
ففي مقابة مع التايمز، يقول ميكفا، وهو قاض فيدرالي سابق وعمل مستشارا في البيت الأبيض في إدارة الرئيس كلينتون، كما أنه من أوائل من أيدوا ترشح أوباما لرئاسة البلاد:
"إنني قلق بشأن المصاعب التي لن تجلبها هي (هيلاري)، ولكن تلك التي سيجلبها زوجها الذي حفلت مسيرته، منذ أن غادر البيت الأبيض، بالاتصالات الخارجية وإلقاء الخطب في الخارج والإسهامات التي يتلقاها أيضا من الخارج."
ويمضي صديق أوباما إلى القول: "لا أعلم كيف يمكنك فصل أنشطتها عن أنشطته (أي كلينتون وزوجها)، وكيف يمكنك التدقيق بهذه وبتلك. وما أراه هو وجوب أن يتم الإعلان عن كافة تلك الأنشطة، وعندها أعتقد أن الأمر سوف يكون محرجا للغاية بالنسبة للرئيس كلينتون والمتبرعين لصالحه."
ولا يذهب الكاتب جوناثان فريدلاند بعيدا في تحليله لاختيارات أوباما لأفراد طاقمه السياسي والاقتصادي، عن هذا المنطق ذاته، وإن رأى أن في الخيارات التي أعلنها الرئيس المنتخب حتى الآن وقراره بضم خصومه السابقين إلى فريقه مؤشرا كبرا على ما سيكون عليه أداء الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
أوباما الحازم
ففي مقابله المنشور على صفحات الرأي في الجارديان، يقول فريدلاند إن أوباما سيكون حازما وحاسما وبعيدا عن لغة المشاعر والإثارة والليبرالية الساذجة، طالما اختار فريقا من الكفاءات والخبرات المشهود لأعضائه في عالم السياسة والاقتصاد.
إلا أن الكاتب لا ينسى أن يبرز التساؤل التالي في العنوان الفرعي لمقاله حيث يقول: لكن هل ستكون هيلاري لاعبة حقيقية وفاعلة في فريق أوباما؟
يرى فريدلاند أن الرئيس المنتخب قد بدأ فعلا مسيرة التغيير منذ أيام، وذلك رغم أن بوش ما زال قابعا في البيت الأبيض، فها هو (أوباما) قد أخذ زمام المبادرة من الآن وبدأ يتصرف وكأنه الرئيس الفعلي للبلاد، فهو يعقد المؤتمر الصحفي تلو الآخر ويدلي بالعديد من التصريحات التي تغطي على بوش المتواري عن الأنظار.
الإخلال بالوعد
لكن الكاتب يرى أن أوباما، من خلال إحاطة نفسه بالعديد من رموز إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، قد "أخل بأحد وعوده وهو إعلانه أن التغيير قد بدأ."
يقول فريدلاند: "لدى إعلان هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، الأمر الذي يُتوقع الكشف عنه بعد يوم غد في أعقاب عيد الشكر، نتساءل: هل خضنا كل تلك الجهود وذهبنا وانتخبنا أوباما لو كنا نعلم أننا سنكون وسط تلك الحشود من أتباع كلينتون القدامى أنفسهم؟. إن هذا ليس بالتغيير الذي يمكن أن نؤمن به."
ويمضي الكاتب إلى القول: "إن تسمية هيلاري هو الأمر الذي يجعلني أتوقف قليلا، وإن كانت الإشارات الأخرى مشجعة. لكن ما هو الانتقاد الحقيقي الوحيد لرئاسة أوباما؟ إنه كونها لم تبدأ بعد."
الحرب الكيماوية
وفي الجارديان أيضا تطالعنا صورة كبيرة للإيراني محمد شجيف ناخعي، وهو يحمل بيده صورة لا تشبهه البتة وإن لم تكن لشخص آخر سواه.
مشكلة الصورة أنها تعود لعشرين عاما مضت يوم كان ناخعي يرقد في المستشفى مصابا في أعقاب تعرضه ورفاقه من الجنود الإيرانيين لهجوم كيماوي شنه عليهم أفراد من الجيش العراقي خلال الحرب الطاحنة التي درات رحاها بين البلدين خلال ثمانينيات القرن الماضي واستمرت لمدة ثماني سنوات.
"ميراث الحرب الكيماوية"
تأتي الصورة مرفقة بتحقيق مطول تنشره الجارديان تحت عنوان "ميراث الحرب الكيماوية" ويسترجع من خلاله مراسل الصحيفة في العاصمة الإيرانية طهران، إيان بلاك، مع الناجين من تلك الحرب ذكريات الرعب والخوف والموت التي عاشوها أو عايشوها على جبهات القتال في مواجهة الجيش العراقي.
ينقل المراسل عن ناخعي قوله إنه تعرض للإصابة البالغة أثناء هجوم إيراني على ميناء الفاو عام 1985 وكان عمره حينذاك 22 عاما: "بعد أربعة أيام من احتلالنا للفاو، ردَّنا العراقيون على أعقابنا حتى الجانب الإيراني من شط العرب."
ويضيف: "كنا في تلك اللحظة قد تناولنا طعام الفطور وأقمنا الصلاة عندما هاجم موقعنا بالقنابل الكيماوية خمس أو ست طائرات حربية عراقية."
ويمضى ناخعي بوصف لتلك اللحظات العصيبة من حياته وذكريات الحرب المريرة بالقول: "لقد شعرت بالبرودة وكأن شخصا رش علي ماء باردا. بدأت بعدها بالقييء وخرجت من فمي مادة خضراء. كان حلقي جافا للغاية ولم أعد أستطيع التنفس. لقد تقرح جسمي كله من رأسي إلى أخمص قدمي."
فريتزل البريطاني
صحيفة التايمز، كما الصحف البريطانية الأخرى الصادرة اليوم، اهتمت أيضا بخبر إصدار حكم بالسجن المؤبد 25 مرة على رجل بريطاني بسبب إدانته باغتصاب ابنتيه اللتين أنجبتا منه تسعة أطفال.
يقول تحقيق التايمز عن القضية التي هزت المجتمع البريطاني إن المدان، وهو رجل أعمال من مدينة شيفيلد ويبلغ من العمر 56 عاما، كان قد احتجز ابنتيه كسجينتين لمدة ربع قرن من الزمن كان ينقلهما خلالها ما بين منازل في كل من مقاطعتي "ساوث يوركشير" و"لينكولنشير"، وذلك من أجل تجنب اعتقاله.
ويتابع التحقيق القول إن الأب في اعتداءاته المتكررة على ابنتيه يُعد شبيها تماما بالأب النمساوي جوزيف فريتزل الذي كان هو الآخر قد اعتدى على ابنته وأنجب منها العديد من الأطفال في قبو منزله حيث احتجزها لسنوات طويلة.
يقول التحقيق بشأن الأب البريطاني المُدان: "كان يعتدي جنسيا على ابنتيه عندما كانتا في سن الثامنة من العمر. كان يقوم باغتصابهما بحدود ثلاث مرات في الأسبوع ويضربهما ويرفسهما ويعرِّضهما للكي بلهب نار الغاز إن هن رفضن الإذعان لمطالبه."