أين ذهبت 750مليار دولار ؟
جمال بنون
الأسبوع الماضي, صرح محافظ الهيئة العامة للأستثمار في السعودية عمرو الدباغ, امام الصحفيين ورجال الاعلام, " أن الاستثمارات المتدفقة لبلاده خلال الأعوام الماضية من الاستثمارات السعودية او الأجنبية فاقت الأموال السعودية المصدرة للخارج والتي ذكرت بعض التقارير أنها تتجاوز 750 مليار دولار".
والحقيقة أن هذا الرقم بالنسبة لأي متابع إقتصادي لديه إهتمامات بالشأن السعودي, يود لو يعرف كيف تم التصرف في مبلغ مثل هذا. أنا شخصيا لا زلت غير مصدق أن هذا المبلغ قد دخل البلاد, ولا اشك ان في الموضوع \"لبس\" او \" لخبطة\" في الحساب.
750 مليار دولار, مبلغ كبير جدا, لو أن نصفها فقط دخلت السوق, لأنتعش الاقتصاد السعودي, على الأقل لوجدنا مشروعات صغيرة ومتوسطة, ومشاريع كبيرة, ولوجدنا الفرص الوظيفية المتاحة في تلك الشركات أو المصانع, أو دخول عمالة اجنبية.
ولو بالفعل أن تلك المبالغ دخلت الى السوق, لأكتشف المواطن أنه بالفعل عادت من الخارج أو من قبل مستثمرين محليين, فمشاريع الصرف الصحي في القرى والمدن الصغيرة والرئيسية والاحياء, كما هي الا من بعض المشروعات قائمة منذ سنوات. أو على الأقل لشعر بها فقراء الاحياء والمناطق السكنية التي تحتاج الى خدمات.
على الأقل لمسعنا في الصحف عن توظيف سيدات او تدريب طالبات, او إبتعاث موظفين سعوديين من قبل القطاع الخاص لحصول دورات على برامج معينة او محددة.
في الواقع لو دخل نصف هذا المبلغ او حتى ربعة بما يعادل 150 – 200 مليار دولار لأنتعش السوق.
ولكن ربما اتساءل ومعي كثيرون أين ذهبت تلك المبالغ وأين استثمرت, ولماذا لم نسمع لها شنة ورنة في السوق مثلما يكون للدراهم صوت.
البعض يقول إنها مجمدة في البنوك, والبعض الأخر يقول أنها تبحث عن أوعية إستثمارية, وآخرون يقولون أن تلك المبالغ عادت حينما كانت خائفة في الخارج, وخشية ان تتجمد في البنوك الامريكية والاوروبية, لهذا كانت عودتها فقط لكي ترتاح من الملاحقات والتساؤلات التي فرضتها مكافحة الارهاب, والان بعد الاستقرار والهدوء تفكر حاليا لتحلق من جديد الى الاجواء الخارجية.
بصراحة, حجم المساهمات العقارية في السعودية خلال العام تقدر بنحو 350 مليون دولار, إذا افترضنا أن الاموال التي عادت إلى السعودية لها الأن اربع سنوات, فإن هذا يعني أن سوق المساهمات العقارية أستوعبت ما يقارب خلال تلك الفترة 1.280 مليار دولار.
وبالنسبة لسوق الأسهم التي شهدت حركة كبيرة خلال السنوات الاخيرة, فحجم الاكتتاب فيه تجاوز 29 مليار دولار. ويدور في سوق الاسهم يوميا ما يقارب 5 مليارات دولار.
أما المشروعات التي رخصت لها الهيئة العامة للاستثمار, فقد رخصت العام الماضي ألف مصنع باستثمارات سعودية وأجنبية قدرت إستثماراتها بنحو 12 مليار دولار, وإذا افترضنا أنه خلال الثلاث السنوات الماضية وبنفس القيمة, فإن حجم الاستثمارات السعودية او الاجنبية تقدر بنحو 36 مليار دولار.
واذا جمعنا تلك المبالغ بطريقة حسابية, نكتشف ان 75 مليار دولار هي التي تشتغل في السوق فقط. سواء في الأسهم او الإكتتابات في الشركات المساهمة, او المساهمات العقارية, ومشاريعها المختلفة.
بدون زعل, اذا كان بالفعل قد دخل هذا المبلغ الى السعودية فبالله عليكم اين صرفناها, وفي ماذا استثمرناها, واذا كان ما قاله محافظ الهيئة العامة للاستثمار صحيحا. فلربما نتساءل صندوق معاشات التقاعد عن سبب استثماره 300 مليار ريال في الخارج.
صحافي اقتصادي
في قناة العربية - دبي