السودان وجنوبه.. مؤشرات حرب حقيقية
رأي الوطن
التطورات المتسارعة التي يشهدها السودان، خطيرة ومثيرة لقلق المجتمع الدولي؛ ذلك أنها تشيرإلى إمكانية اشتعال حرب بين السودان وجنوبه الذي استقل حديثا.
إعلان الرئيس البشير عن حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق، وهي الولاية التي تشهد الاقتتال الحالي بين الطرفين، مؤشر خطير على السوء الذي آلت إليه الأوضاع هناك، وعلى أن الرجوع إلى بنود اتفاقية السلام لم يعد ممكناً.
ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان، تشكلان معضلة حقيقية في السلام بين الطرفين السودانيين، فهما ولاياتان حدوديتان متنازع عليهما، نظرا لوجود شماليين وجنوبيين فيهما، واتفاقية السلام الشامل نصت على إجراء استفتاء فيهما لتحديد مصيرهما وهو ما لم يتم حتى الآن، واشتعال القتال في النيل الأزرق مؤهل للانتقال إلى ولاية جنوب كردفان، وهي الأهم استراتيجيا بالنسبة إلى الطرفين.
رغم الدعوات الدولية للتهدئة، مازالت تعبئة القوات مستمرة، وهو ما يدل على رغبة الطرفين في اللجوء إلى الحل العسكري، مما يصدّق توقعات المحللين، لأن الطرفين كليهما يعانيان من مشاكل داخلية جمة، تجعل الخيارالعسكري والمواجهة مخرجا للهروب من المشاكل الداخلية، فالنظام السوداني يخشى من انتشار مد الثورات العربية إليه، وفي المقابل يعاني جنوب السودان بعد انفصاله من غياب القيادة القوية القادرة على جمع أطيافه، ولذا يسود التناحر القبلي، وتغيب الإدارة الفاعلة، ومن ثم تمثل الحرب ـ والحال كذلك ـ فرصة لتوحيد الصف أمام تهديد خارجي.
الخلاف السوداني السوداني، يعود إلى فترةٍ وأحداثٍ تسبقان الخلاف الحالي، وذلك منذ الخلاف حول منطقة أبيي الغنية بالنفط، وهو خلاف لا يزال قائما، الولايتان المجاورتان لمنطقة أبيي جزء من الخلاف الرئيس الذي تدفعه وتغذيه المكاسب الاقتصادية.
إن رغبة الطرفين في اللجوء إلى المواجهة العسكرية، تعبرعن فشل كبير لدى الإدارتين السياسيتين في التعامل مع الأزمة، بل إنها تدل على قصد الحرب بوصفها المفر من مشكلات الداخل، وهي سياسة ستجر المنطقة إلى المزيد من المشكلات.