مصر وتركيا.. بوادر الحلف الجديد
رأي الوطن
من المعلوم أن العلاقات التركية المصرية، خلال عهد الرئيس السابق مبارك لم تكن جيدة بالمعنى الحقيقي لهذا الوصف، على الرغم من عدم ظهور فتورها على السطح بشكل واضح.
دليل ذلك أن كل الزيارات التي قام بها أردوغان لدول المنطقة، لم تسجل له زيارة واحدة لمصر، بل لم يشهد العقد الماضي أي تقدم في العلاقات بين البلدين، برغم الروابط التاريخية التي تجمعهما، وبرغم الأهمية الاستراتيجية لعلاقتهما.
يشعر المراقبون أن علاقات البلدين، بعد الثورة المصرية، تسير في طريق التصحيح، منذ كان دعم أردوغان للثورة المصرية، رسالة واضحة للنظام السابق.
الآن، بدأت تركيا تيمم وجهها شطر مصر مجددا، فرئيس الوزراء التركي سيزور القاهرة الاثنين المقبل، يرافقه وفد يضم وزير الاقتصاد، وعددا كبيراً من رجال الأعمال، وسيقوم خلال الزيارة بتوقيع اتفاقيات تعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية، فضلاً عن اتفاقية مهمة لإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين، مما يجعل من هذه الزيارة خطوة كبيرة على طريق بناء شراكة اقتصادية استراتيجية، تجمع النظامين، والشعبين في آن واحد.
إذا تم هذا التحالف الاستراتيجي، فإن الأبواب ستكون مفتوحة على تغيير الكثير من المعادلات السياسية في المنطقة، فحزب أردوغان ـ ومنذ مجيئه إلى السلطة ـ يحمل رؤى مختلفة عن سابقيه، ويركز على الاتجاه إلى الشرق مرة أخرى، بعد عقود من التودد للاتحاد الأوروبي.
اليوم، يبدو أن الطموحات التركية قريبة من التحقق، بما وفرته لها الثورات العربية من فرص، وسيتعين على العرب، في المقابل، أن تكون لهم رؤية واضحة تجاه العلاقة مع تركيا، بوصفها حليفاً مهما الآن، وبوصفها قوة إقليمية قادرة على تغيير موازين القوى.
من الناحية الموضوعية، وبرغم كل القواسم المشتركة مع تركيا، فإنها تظل دولة ذات مصالح وتطلعات، وهي تنتهج نهجا عقلانيا في سياساتها، لكن هذا لا يعني أن تكون العواطف نقطة الانطلاق في بناء العلاقات معها، وإنما يكون الانطلاق من قدرة تركيا على استيعاب اشتراك المصالح، وتقديم تنازلات تتوافق مع أوضاع المنطقة.