Announcement

Collapse
No announcement yet.

ريح جديدة من الرياض

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • ريح جديدة من الرياض

    ريح جديدة من الرياض

    بعد يوم من قرار المحكمة المصرية بان حماس كلها ـ وليس فقط ذراعها العسكري ـ هي منظمة إرهابية، توجهت حماس إلى السعودية كي تضغط على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لالغاء قرار الحكم. ويثير هذا التوجه الاهتمام اساسا لان حماس تقدر بان الملك السعودي الجديد سلمان سيصغي للمنظمة المتفرعة من الاخوان المسلمين، الذين وصفتهم السعودية نفسها بانها حركة إرهابية.

    يبدو ان لهذا التقدير ما يستند اليه. فالزيارة الخاطفة التي قام بها السيسي إلى السعودية لم تستهدف تهنئة سليمان، بل السماع منه اذا كانت السعودية تعتزم تغيير سياستها: اعادة روابطها مع الاخوان المسلمين، ترميم العلاقة مع تركيا، خصم مصر- وبالاساس اذا كان بوسع السيسي مواصلة الاستناد إلى المساعدة المالية الحيوية التي تمنحها له المملكة.

    ولمخاوف السيسي هي الاخرى اساس على ما يبدو. فأحد كتاب الرأي السعوديين الهامين، خالد ادحيل، كتب امس في صحيفة «الحياة» السعودية انه «يبدو انه ثمة في مصر من يعتقد بان على السعودية أن تقدم شيكا مفتوحا للقاهرة، والا تتقرب من تركيا او تستأنف علاقاتها مع الاخوان المسلمين. هذا نهج عاطفي وليس سياسيا. فعلى موقف السعودية أن يقرر بان الاخوان المسلمين هم مشكلة مصرية داخلية… وبالنسبة لتركيا من المهم أن نتذكر بانها تعارض سياسة الاستيطان الاسرائيلية وهي ضد التوسع الإيراني في المنطقة. ان المثلث المصري ـ التركي ـ السعودي هو حاجة استراتيجية».

    تعكس هذه الاقوال المزاج الجديد في البلاط الملكي في الرياض. وحسب المحللين السعوديين، فان هذه نتيجة الفهم القاضي بان السياسة الخارجية للملك عبدالله الراحل فشلت. فهي لم تنجح في حل الازمة في سوريا أو سيطرة الحوثيين في اليمن، وبالاساس لم توقف النفوذ الإيراني في ارجاء الشرق الاوسط. محلل سعودي آخر هو جمال الخاشقجي، كتب قبل بضعة ايام يقول ان «حزب الاصلاح في اليمن، والذي يعتمد على الاخوان المسلمين، هو القوة الوحيدة التي يمكنها ان تقف ضد سيطرة الحوثيين في اليمن». هذا جديد وذلك لان الملك عبدالله قطع علاقاته مع حزب الاصلاح.

    ولم تكن صدفة ان تصادفت زيارة السيسي إلى السعودية مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والتقدير هو هأن الزيارة الاولى التي سيقوم بها إلى خارج المملكة الملك سلمان ستكون إلى تركيا ـ تلك الدولة التي تستضيف مسؤولين كبار من حماس بمن فيهم صلاح العاروري. وصرح المسؤول الكبير من حماس عاطف عدوان في مقابلة صحافية يقول انه «توجد مؤشرات مشجعة على تغيير في الموقف السعودي من حماس»، وحسب تقرير آخر فقد التقى مسؤولون سعوديون كبار بمندوبين مصريين مقربين من الاخوان المسلمين. كما ان الملك السعودي سارع إلى اقالة رئيس مكتب البلاط الملكي، خالد التويجري، الذي ساهم في السياسة السعودية المتصلبة ضد الاخوان المسلمين. وحسب كل هؤلاء، فانه يمكن بالتأكيد توقع انعطافة في سياسة سلمان.

    السؤال هو اذا كانت حماس تعتزم اتخاذ قرار استراتيجي ينبع من الضغط الهائل الذي تعيشه ـ بسبب الاغلاق المصري والاسرائيلي على غزة، وكذا بسبب تعريفها كحركة إرهابية ـ ووداع إيران من أجل العودة إلى الحضن العربي. وحسب عدوان «فمن السابق لاوانه بعد الحديث عن قطع العلاقات مع إيران». وفي نفس الوقت، تعرض إيران شروطا متصلبة على حماس كي تتمكن من نيل دعمها. وضمن امور اخرى تطلب من خالد مشعل أن يتراجع عن انتقاده ضد الرئيس السوري، الخطوة التي تسببت في القطيعة التامة بين المنظمة وبين نظام الاسد وعلى أي حال إلى شرخ مع إيران. اما السعودية من جهتها فكفيلة بان تطلب من حماس ان تدفع إلى الامام بالمصالحة مع فتح والسماح بمرابطة موظفي الحكومة الفلسطينية الموحدة في غزة وفي المعابر كشرط لتلقي المساعدة.

    ليس لحماس اليوم روافع تأثير أو ضغط، لا على إيران ولا على السعودية. ومع ذلك فان شعاع الضوء السعودي، ولا سيما في كل ما يتعلق بفرص المصالحة مع مصر، كفيل بان يرجح الكفة في اعادة الانضمام إلى الكتلة العربية. ومثل هذا القرار معناه ضمن امور اخرى تحطيم العرض الذي تقدم به نتنياهو في أن دولا عربية مثل السعودية ومصر ترى بانسجام الامور مع اسرائيل من حيث الحاجة إلى صد إيران ومكافحة إرهاب حماس.

    تشهد الريح السعودية الجديدة بان ليس هناك بالضرورة صلة بين التطلع إلى صد النفوذ الإيراني وبين الصراع ضد حماس. بل العكس هو الصحيح. العلاقة مع المنظمات الإسلامية السنية المعتدلة، كالاخوان المسلمين، يمكنها بالذات ان تساعد ضد إيران من جهة وضد داعش من الجهة الاخرى. المشكلة السعودية ستكون كيف يمكن الجسر بين موقف مصر وبين خطوط السياسة السعودية الجديدة. هذا كان السيسي هو الاخر يعرف ان يعرفه.

    تسفي برئيل
    هآرتس 2/3/2015

    وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

Working...
X