هشام ملحم - النهار اللبنانية
وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليس معروفا ببلاغته. صحيح أنه أمضى نحو 30 سنة عضواً أو رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الامر الذي يجب ان يعطيه خبرة جيدة في العلاقات الدولية، الا ان تصريحاته تتسم أحياناً بالغموض وتحليلاته ببعض التمنيات. في أكثر من مرة كان كيري "يناشد" الرئيس الاسد التفاوض بحسن نية، دونما إدراك منه ان رجلا مثل الاسد سيفسر تصريحاته الوفاقية بأنها "استرضائية". تصريحاته الأخيرة عن ضرورة "التفاوض" مع الاسد لم تعكس تحولاً نوعياً أو جذرياً في مواقف واشنطن من الاسد ومستقبله، حيث لا يزال المسؤولون يقولون إنه لا مكان للاسد في مستقبل سوريا، بعد "الفترة الانتقالية" التي يفترض ان يتم التوصل اليها في مفاوضات بين المعارضة وممثلين للنظام. كيري لم يدرك حتى معنى تزامن تصريحه مع الذكرى الرابعة لبدء الكابوس السوري. أو كيف سيفسره "شركاء" واشنطن في الحرب على "داعش"، والمعارضة السورية "المعتدلة".
لكن تصريحات كيري عكست حال الارتباك التي ميزت تعامل الرئيس أوباما مع المأساة السورية، ذلك ان واشنطن لا تفتقر الى سياسة ثابتة وجدية وواضحة حيال الحرب السورية فحسب – الذين يستخفون بهذه السياسة يقولون إن الثابت الوحيد هو عدم وضوحها – بل انها تفتقر أيضاً الى تفسير واضح. قبل اللغط الذي تسبب به كيري، ساهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" جون برينان في زيادة الغموض والارتباك وتقاطع الرسائل حين قال إن آخر ما تريده واشنطن هو سقوط الاسد وانهيار مؤسسات الدولة السورية وزحف "داعش" الى دمشق، وكأن الاسد بات مرادفاً للدولة السورية. تصريحات برينان وكيري أثارت استياء الأصدقاء وعمقت شكوكهم، بينما استخف بها الأسد.
منذ البداية كان الرئيس أوباما ومساعدوه مقتنعين بأن عاصفة "الربيع العربي" ستقتلع الاسد، كما اقتلعت الرئيسين التونسي والمصري بن علي ومبارك. ما هو اسوأ من الارتباك هو عدم صدقية التعهدات لتوفير الدعم العسكري الفعال للمعارضة، ناهيك بغياب الجدية في تطبيق المطالبة برحيل الاسد أو معاقبته على اختراقه خطوطاً حمراً اقترحها اوباما نفسه. كان هناك تسليح خجول وتدريب محدود. الآن ومع بدء السنة الخامسة يتحدثون عن تدريب خمسة آلاف رجل خلال سنة لمواجهة... "داعش"، وطبعا هم يواصلون "دراسة" جدوى اقامة المناطق الآمنة وحظر الطيران.
الرئيس الاميركي يبرر صمته وعجزه أحياناً بالادعاء ان البعض يريد منه غزو سوريا، وهذا غير صحيح، أو التلويح ببعبع "داعش"، أو ببعبع الفوضى الجارفة. هاجس اوباما الآن هو اخراج "داعش" من العراق، واحتواء الحرب السورية، وهذا يتطلب تعاوناً غير مباشر مع ايران في العراق، وهدنة معها في سوريا.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليس معروفا ببلاغته. صحيح أنه أمضى نحو 30 سنة عضواً أو رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الامر الذي يجب ان يعطيه خبرة جيدة في العلاقات الدولية، الا ان تصريحاته تتسم أحياناً بالغموض وتحليلاته ببعض التمنيات. في أكثر من مرة كان كيري "يناشد" الرئيس الاسد التفاوض بحسن نية، دونما إدراك منه ان رجلا مثل الاسد سيفسر تصريحاته الوفاقية بأنها "استرضائية". تصريحاته الأخيرة عن ضرورة "التفاوض" مع الاسد لم تعكس تحولاً نوعياً أو جذرياً في مواقف واشنطن من الاسد ومستقبله، حيث لا يزال المسؤولون يقولون إنه لا مكان للاسد في مستقبل سوريا، بعد "الفترة الانتقالية" التي يفترض ان يتم التوصل اليها في مفاوضات بين المعارضة وممثلين للنظام. كيري لم يدرك حتى معنى تزامن تصريحه مع الذكرى الرابعة لبدء الكابوس السوري. أو كيف سيفسره "شركاء" واشنطن في الحرب على "داعش"، والمعارضة السورية "المعتدلة".
لكن تصريحات كيري عكست حال الارتباك التي ميزت تعامل الرئيس أوباما مع المأساة السورية، ذلك ان واشنطن لا تفتقر الى سياسة ثابتة وجدية وواضحة حيال الحرب السورية فحسب – الذين يستخفون بهذه السياسة يقولون إن الثابت الوحيد هو عدم وضوحها – بل انها تفتقر أيضاً الى تفسير واضح. قبل اللغط الذي تسبب به كيري، ساهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" جون برينان في زيادة الغموض والارتباك وتقاطع الرسائل حين قال إن آخر ما تريده واشنطن هو سقوط الاسد وانهيار مؤسسات الدولة السورية وزحف "داعش" الى دمشق، وكأن الاسد بات مرادفاً للدولة السورية. تصريحات برينان وكيري أثارت استياء الأصدقاء وعمقت شكوكهم، بينما استخف بها الأسد.
منذ البداية كان الرئيس أوباما ومساعدوه مقتنعين بأن عاصفة "الربيع العربي" ستقتلع الاسد، كما اقتلعت الرئيسين التونسي والمصري بن علي ومبارك. ما هو اسوأ من الارتباك هو عدم صدقية التعهدات لتوفير الدعم العسكري الفعال للمعارضة، ناهيك بغياب الجدية في تطبيق المطالبة برحيل الاسد أو معاقبته على اختراقه خطوطاً حمراً اقترحها اوباما نفسه. كان هناك تسليح خجول وتدريب محدود. الآن ومع بدء السنة الخامسة يتحدثون عن تدريب خمسة آلاف رجل خلال سنة لمواجهة... "داعش"، وطبعا هم يواصلون "دراسة" جدوى اقامة المناطق الآمنة وحظر الطيران.
الرئيس الاميركي يبرر صمته وعجزه أحياناً بالادعاء ان البعض يريد منه غزو سوريا، وهذا غير صحيح، أو التلويح ببعبع "داعش"، أو ببعبع الفوضى الجارفة. هاجس اوباما الآن هو اخراج "داعش" من العراق، واحتواء الحرب السورية، وهذا يتطلب تعاوناً غير مباشر مع ايران في العراق، وهدنة معها في سوريا.