سوريا "النووية" .. في الإعلام الأمريكي
تقرير واشنطن – محمد الجوهري
اهتمت وسائل الإعلام بالاتهامات التي وجهت لكل من سوريا وكوريا الشمالية، بشان احتمال وجود تعاون نووي فيما بينهما. من ناحية أخرى أثار التقرير الذي قدمه ديفيد بيتراوس David Petraeus قائد القوات الأمريكية فى العراق عن مدى تقدم الوضع فى العراق، عاصفة من الجدل والنقاش فى أمريكا على المستويين الرسمى والشعبي، الأمر الذي كان مدعاة لأن تفرد له وسائل الإعلام الأمريكية مساحات كبيرة لتغطية الجدل الحاد الدائر بخصوص مستقبل الجنود الأمريكيين فى العراق.
وقد تراوح اهتمام وسائل الإعلام هذا الأسبوع ببن رصد ردود أفعال مختلف أطراف المعادلة السياسية فى النظام السياسى الأمريكى علي التقرير من ناحية، وبين رصد ردود فعل الرأى العام الأمريكي.
سوريا "النووية" . نقطة تحول في صراع دائم
اهتمت شبكة فوكس نيوز Fox News هذا الأسبوع بما أعلنه مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون عن احتمال وجود تعاون بين كوريا الشمالية وسوريا في المجال النووي، فضلا عن احتمال قيام سوريا بالتعاون مع بعض الموردين السريين لتزويدها بالتكنولوجيا النووية.
وقد نقلت الشبكة تصريحات مساعد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون منع الانتشار النووي اندرو سيميل Andrew Semmel، والتي أكد فيها أن هوية الموردين لم يتم تحديدها بعد، إلا أن كوريا الشمالية مرشحة بقوة ، كما أن سيميل Semmel لم يستبعد أن تكون محاولة تزويد سوريا بالتكنولوجيا النووية قد تمت إدارتها بواسطة شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان.
وعن حقيقة التعاون النووي بين سوريا وكوريا الشمالية لفتت الشبكة الانتباه إلى تصريحات وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس Robert Gates في إحدى المقابلات التليفزيونية، والتي أشار فيها أنه لا يستطيع الخوض في أمور متعلقة بعمل المخابرات، ولكنه أكد أن أمريكا تراقب عن كثب كل من سوريا وكوريا الشمالية.
وعلى الجانب الآخر اهتمت الشبكة برصد رد الفعل السوري والكوري الشمالي على هذه الاتهامات، فسوريا من خلال وسائل إعلامها أكدت أن هذه الاتهامات المغلوطة قد تكون بداية لهجوم جديد ضد سوريا. أما السفير الكوري الشمالي في الأمم المتحدة فقد اعتبر هذه الاتهامات لا مبرر لها.
ومن جانبها نشرت صحيفة الواشنطن بوست Washington post تقريرا أعده جلين كسليرGlenn Kessler ، أكد فيه أن إسرائيل قد زودت الولايات المتحدة بمجموعة من الأدلة التي تؤكد أن كوريا الشمالية قد تعاونت مع سوريا في إحدى المنشات النووية ، ولكن كسلير Kessler أشار إلى أن العديد من الخبراء النوويين شككوا في هذه الاتهامات على اعتبار أن سوريا توجه اهتمامها الأساسي إلى بناء ترسانة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وليس الأسلحة النووية.
الإدارة الأمريكية في قلب العاصفة العراقية
أذاع برنامج World News الذى يقدمه تشارلز جيبسونCharles Gibson على شبكة إيه بى سى ABC مقابلة مع قائد القوات الأمريكية فى العراق ديفيد بيتراوس David Petraeus ، وقد ركز البرنامج على الشهادة إلى أدلى بها بيتراوس Petraeus أمام الكونجرس، عقب تقديمه لتقريره حول مدى تقدم الوضع فى العراق ، حيث أكد الجنرال انه يشارك الأمريكيين شعورهم بالإحباط من ضعف التقدم في الأوضاع داخل العراق، ولكنه أكد فى نفس الوقت على أهمية الصراع الدائر في بلاد الرافدين من أجل ضمان سلامة وأمن الولايات المتحدة.
كما لفت البرنامج النظر إلى الإجابة التى قدمها بيتراوس Petraeus ردا على سؤال طرحه عليه السيناتور الديمقراطي جون وارنر John Warner حول ما ذا كانت الحرب على العراق قد جعلت الولايات المتحدة أكثر أمنا؟ حيث أجاب بيتراوس Petraeus بأنه لا يعلم، ولكنه أشار إلي أنه مؤمن بأن هذه الحرب كانت عامل حاسم ليس فقط لأمن الولايات المتحدة، ولكن أيضا استقرار المجتمع الدولى بأسره.
فضلا عن ذلك أشار بيتراوس Petraeus أنه بالرغم من توصيته فى شهادته أمام الكونجرس بسحب حوالى 30 ألف جندى أمريكى بحلول الصيف المقبل، إلا انه أكد أن الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق هو أمر حاسم من أجل مساعدة العراقيين على تحقيق مستوى اكبر من التقدم على المستوى السياسى ، واعترف بيتراوس Petraeus بأن هذا لم يحدث حتى الآن، وذلك لان العراقيين لم يستغلوا ميزة الوجود العسكرى الأمريكى الكبير بالشكل الذى كانت تأمله الإدارة الأمريكية والقادة العسكريين على حد زعمه.
على جانب آخر حاول بيتراوس Petraeus الإشارة إلى بعض النجاحات التى حدثت فى العراق، وذلك حين أكد على أنه بالرغم من أن العملية السياسية تسيير ببطء، إلا أن هناك الكثير من الأمور التى تم حلها خارج نطاق المعترك السياسي، وضرب مثالا بتوزيع عوائد النفط العراقي، حيث ذكر "انه بالرغم من عدم وجود قانون عراقى ينظم عملية توزيع هذه العوائد ، إلا أن هذه العملية تتم بشكل سلس".
على صعيد آخر تناولت الشبكة رد فعل وزارة الدفاع الأمريكية عقب صدور تقرير بيتراوس Petraeus ، حيث أذاعت الشبكة تقريرا تناولت فيه تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس Robert Gates، والتي أكد فيها أن سوف ينصح الرئيس الأمريكى باستخدام حق الفيتو veto ضد مشروع قانون قدمه السيناتور الديمقراطى جيم ويب Jim Webb ، والذى يطالب بإعطاء الجنود الأمريكيين مزيدا من الوقت بعد كل عملية إعادة الانتشار، في محاولة جديدة من الديمقراطيين لإجبار الرئيس الأمريكى على تسريع عملية سحب الجنود الأمريكيين من العراق، وقد أكد جايتس Gates أن هذا الأمر صعب للغاية، حيث يطالب مشروع القانون المقترح بان يقضى الجنود الأمريكيين الذين يخدمون فى العراق وقت اكبر كأجازة فى أمريكا تساوى تقريبا أجازتهم وهم يؤدون الخدمة العسكرية العادية فى الجيش.
ومن ناحية أخرى أكد جيتس Gates دعمه الكامل للخطة التى طرحها الجنرال بيتراوس فى تقريره ، والتى دعمها الرئيس الأمريكي بقوة، مضيفا أن بديل إطالة أمد أجازات الجنود هو مرفوض تماما .
وتعليقا على الخطاب الذى أدلى بوش عقب صدور تقرير بيتراوس Petraeus ، لفت التقرير الانتباه إلى أن الرئيس بوش أكد على أن الوجود الأمريكى فى العراق سوف يستمر لسنوات مقبلة، ورفض جيتس تحديد موعد محدد لإنهاء هذا الوجود، وأكد أن الجدول الزمنى سوف يوضع بالتشاور مع العراقيين.
أما برنامج CNN Newsroom الذى تذيعه شبكة سى إن إن CNN فقد اهتم بالخطط التى أعلن عنها الرئيس بوش بخصوص وضع الجنود الأمريكيين فى العراق، حيث أعدت مراسلة الشبكة ألينا تشو Alina Cho تقريرا عن هذا الأمر، وأكدت تشو أن الرئيس بوش فى خطابه الاذاعى الأسبوعى أكد على أنه مع مرور الوقت سوف تنتقل مسئولية القيادة الأمنية من القادة الأمريكيين فى العراق إلى القادة العراقيين، بالإضافة إلى أن الرئيس بوش قد قبل التوصيات التى أوردها بيتراوس Petraeus فى تقريره بخصوص خفض عدد القوات الأمريكية من 20 فرقة عسكرية إلى15فرقة بحلول يوليو القادم، فضلا عن انه أمر كل من بيتراوس Petraeus ورايان كروكر Rayan Crocker السفير الأمريكي فى العراق بتقديم تقريرا آخر إلى الكونجرس حول مدى التقدم الحادث فى العراق فى مارس القادم.
وأضافت تشو Choأن الرئيس بوش أكد فى خطابه أن المبدأ الذى سوف يحكم قرار خفض القوات الأمريكية فى العراق هو مدى النجاح الحادث على الأرض فى العراق، فكلما تحقق نجاح اكبر ، كانت هناك فرص أكثر لخفض اكبر فى أعداد القوات الأمريكية فى العراق.
أما برنامج Good Morning America الذى تذيعه شبكة سى إن إن CNN فقد اعتبر خطاب الرئيس بوش وخططه بشان الخفض التدريجى للقوات الأمريكية فى العراق مجرد مراوغة، ومحاولة منه لتهدئة المخاوف من الأخبار السيئة القادمة من العراق، وذلك بالتركيز على بعض النجاحات على المستويات الأمنية وبعض المكاسب السياسية والتى حدثت على المستوى المحلى فى بعض أجزاء من العراق، وذلك على حد وصف إليانى كويجانو Elaine Quijano مراسلة الشبكة، واعتبر التقرير أن خطاب بوش هو محاولة للرد على الانتقادات التى وجهها الحزب الديمقراطى وبعض أعضاء الحزب الجمهورى فى الكونجرس، بخصوص عدم قدرة الحكومة المركزية العراقية فى بغداد على تحقيق التقدم الكافى فى مسألة المصالحة الوطنية بين مختلف أطياف الشعب العراق. فضلا عن رغبة الرئيس بوش فى ممارسة مزيدا من الضغوط على الحكومة العراقية.
الرأي العام الأمريكي . انتفاضة ضد الحرب
أما عن رد فعل المجتمع الأمريكى على تقرير بيتراوس Petraeus ، ركزت صحيفة النيويورك تايمز New York Times بالإعلان التليفزيونى الذى أعدته مؤسسة MoveOn– وهى مؤسسة على علاقة وثيقة بالحزب الديمقراطى وتقدم له دعم كبير على كل المستويات - كرد على تقرير بيتراوس Petraeus ، هذا الإعلان شكك فى مصداقية التقرير الذى قدمه بيتراوس Petraeus، بل ومصداقية بيتراوس Petraeus نفسه، حيث اعتبر الإعلان أن بيتراوس يحاول خداع الشعب الأمريكى والكونجرس بتقريره هذا، فضلا عن ذلك اعتبر هذا الإعلان أن بيتراوس مجرد ديكور ويجب أن يطلق عليه “General Betray Us”.
وقد أثار هذا الإعلان موجة عارمة من الانتقاد خاصة من جانب الحزب الجمهوري، حيث اعتبر أن مؤسسة MoveOn تحاول كسب مزيد من النقاط لصالح مرشحى الرئاسة الديمقراطيين على حساب مرشحى الحزب الجمهوري، وان الإعلان قد استخدم لغة مثيرة للغاية. وفى نفس الإطار رصدت الصحيفة رد فعل مرشح الرئاسة الجمهورى رودلف جوليانى Rudolph W. Giuliani على هذا الإعلان، حيث شن جوليانى Giuliani هجوما عنيفا على المرشحة الأبرز لانتخابات الرئاسة عن الحزب الديمقراطى هيلارى رودهام كلينتون Hillary Rodham Clinton، حيث اعتبرها حوليانى جزء من هجوم مؤسسة MoveOn.org على الجنرال بيتراوسPetraeus.
أما عن مؤسسة MoveOn.org فقد أكدت الصحيفة أنها مؤسسة ليبرالية نشطة للغاية ، تضم فى عضويتها حوالى 3.2 مليون فرد، وهى احد أجهزة التمويل القوية التى تعمل مع الحزب الديمقراطي، أيضا تعمل المؤسسة كجزء من تحالف عدد من الجماعات الأمريكية ضد الحرب العراق فى إطار ما يسمى "أمريكيين ضد التصعيد فى العراق" " Americans Against Escalation in Iraq".
أما صحيفة يو إس توداى USA Today فقد اهتمت بالمسيرة التى قام بها عدد كبير من المعارضين للحرب على العراق، بالإضافة إلى عدد من المحاربين الذين خدموا فى الجيش الأمريكى فى العراق أمام البيت الأبيض.
وأشارت الصحيفة إلى أن المتظاهرين حملوا لفتات تطالب بإنهاء الحرب على العراق، كما طالبوا أيضا بضرورة مساءلة ومحاسبة بوش عن هذه الحرب.
وتناولت الصحيفة التصريحات التى أدلى بها بعض المشاركين فى المسيرة خصوصا من الذين خدموا فى الجيش أثناء الحرب على العراق، حيث أكد احد هؤلاء انه فى البداية كان من اشد المؤيدين للحرب، ولكن سرعان ما غير رأيه تماما بعدما وصل إلى بغداد ، حيث أكد "أننا نقوم باحتلال شعب لا يريدنا أن نكون هناك".
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى تصريحات إحدى السيدات اللتى شاركت فى المظاهرة، والتي ذكرت أنها شاركت فى العديد من المسيرات الرافضة للحرب، ولكنها تشعر بالإحباط الشديد لأن الديمقراطيون لم يستطيعوا إيقاف هذه الحرب.
وعلى صعيد مختلف رصدت الصحيفة رأى قطاع أخر من الأمريكيين المؤيدين للحرب على العراق، فعلى مقربة من مكان المسيرة الأولى المؤيدة للحرب احتشد حوالى 1000 أمريكى فى مسيرة نظمها تحالف Answer Coalition، وفى هذه المسيرة أعلن المحتشدون تأييدهم الكامل للحرب على العراق، واهتمت الصحيفة بالتصريحات التى أدلى بها الكولونيل المتقاعد Robert Patterson - أحد المنظمين لهذه المسيرة- والتى أكد فيها أنهم بهذه المسيرة يريدون إرسال ثلاث رسائل ، الأولى تطالب الديمقراطيون "بالتوقف عما يفعلوه بخصوص الحرب"، أما الثانية للإرهابيين وتقول "سوف نجدكم فى أى مكان تذهبون إليه"، أما الثالثة فهى للجنود الأمريكيين وتؤكد "أننا هنا معكم وندعمكم تماما".