أحمدي نجاد "نجم الشباك".. في الإعلام الأمريكي
تقرير واشنطن – محمد الجوهري
انتقلت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران من الشرق الأوسط إلى الأراضي الأمريكية، حيث حضر الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. كما ألقي الرئيس الإيراني خطاباً في جامعة كولومبيا الأمريكية، كان محل اهتمام معظم وسائل الإعلام الأمريكية، التي اهتمت برصد ردود الأفعال الرسمية وغير الرسمية لهذا الخطاب.
نجاد . زيارة لم تخل من الإثارة
أعد سكوت بيلى Scott Pelley مراسل برنامج 60 دقيقة 60 Minutes الذى تذيعه شبكة CBS مقابلة مع الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد قبل زيارته التى قام بها مؤخرا إلى الولايات المتحدة، تركزت المقابلة حول رد الفعل الأمريكى الغاضب من الزيارة التى كان من المتوقع أن يقوم بها نجاد لموقع مبنى مركز التجارة العالمى فى نيويورك.
وردا على سؤال وجهه بيلى Pelley لنجاد حول أن زيارته هذه تعتبر إهانة لمشاعر الكثير من الأمريكيين، على اعتبار أن الحكومة الأمريكية ترى إيران المصدر الرئيسى للإرهاب حول العالم، أكد نجاد انه يرفض تماما العمليات الإرهابية، مضيفا أنه ضد أى اتجاهات تسعى لزرع الكراهية بين شعوب العالم، واستطرد قائلا أن أمريكا وإيران يمكن أن يكونا أصدقاء.
أما عن الدور الإيرانى فى العراق، وكيف يأتي الرئيس الإيراني إلى أمريكا وأيديه ملطخة بدماء الجنود الأمريكيين فى العراق، علي حد ما جاء في البرنامج، أشار نجاد إلى أن هذه مقولات المسئولين الأمريكيين، الذين فشلوا فى حل المعضلة العراقية. وبدلا من أن يعترفوا بهذا الفشل، فإنهم يلقوا باللائمة على الآخرين، علي حد قوله.
وفيما يتعلق بالأسلحة الإيرانية التى وجدها الأمريكيين فى العراق، نفى نجاد أن تكون حكومته ضالعة فى هذا الأمر، لأنها إذا كانت ترفض الحرب على العراق ، فهى أيضا ترفض اضطراب الأوضاع الأمنية هناك، لان عدم استتباب الأمن فى هناك يضر بالمصالح القومية الإيرانية على حد قول الرئيس الإيرانى.
وعن مدى تطور وتقدم البرنامج النووى الإيراني، أكد أحمدي نجاد أن إيران تتعامل بشفافية مع البرنامج النووي، فضلا عن أن هذا البرنامج تحت التفتيش الدولى للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، مضيفا أن إيران ليس لديها ما تخفيه بشان برنامجها النووى.
وحول إمكانية تحول المواجهة بين إيران وأمريكا إلى مواجهة مسلحة، أكد نجاد انه ليس هناك ما يدعو أمريكا أو إيران إلى الحرب، مشيرا إلى أن على الرئيس الأمريكى – إذا كان يريد حزبه أن يفوز فى الانتخابات القادمة- أن يحترم الشعب الأمريكي، وألا يزج به فى حرب يقتل فيها المزيد من الجنود الأمريكيين، ويهدر فيها أموال دافعى الضرائب الأمريكيين.
نجاد . ضيف في جامعة كولومبيا
على صعيد آخر حظى خطاب الرئيس الإيرانى فى جامعة كولومبياColumbia University فى ولاية نيويورك New York الأمريكية باهتمام العديد من وسائل الإعلام الأمريكى. فقد اهتمت شبكة CNN بالخطاب وبردود الفعل التى أثارها على جميع المستويات داخل الولايات المتحدة، فبث برنامجMorning American تقريرا عن الخطاب ، اهتم فيه برفض الرئيس الإيرانى لمقولات أن إيران وأمريكا تتجهان لحالة المواجهة المسلحة، فضلا عن رفضه للاتهامات الأمريكية لبلادها بأنها تسعى إلى تطوير برنامج نووى عسكرى.
وسعى التقرير إلى رصد مظاهر الرفض للزيارة التي قام بها نجاد للجامعة، حيث تم تنظيم العديد من المسيرات والمظاهرات، التي تجمعت في حرم الجامعة تعبيرا عن الرفض التام لهذه الزيارة، بل وصل هذا الرفض إلى حد تصريح احد أعضاء المجلس التشريعى فى ولاية نيويورك "بان أحمدى يجب أن يتم اعتقاله عندما يأتى إلى الولاية، لا أن تتم دعوته إلى إلقاء خطاب فى جامعة كولومبيا".
كما صرح نويت جنجريشNewt Gingrich رئيس مجلس النواب السابق بأن دعوة شخص مثل أحمدى نجاد إلى جامعة كولومبيا العريقة هو ضد التقاليد الحضارية لهذه الجامعة، وانه من المؤسف أن تضفى هذه الجامعة وضعها ومكانتها على شخص ديكتاتور تقوم حكومته بإعدام المثليين وقتل الصحفيين.
على الجانب الآخر أكد رئيس جامعة كولومبيا لى بولينجرLee Bollinger أن جامعته كانت حريصة علي إجراء مناقشة مفتوحة مع إيران، وهذا هو السبب لإعطاء الرئيس الإيرانى فرصة الحديث فى الجامعة، وهى فرصة لمناقشة العديد من الأمور التى طرحها نجاد مثل تشكيكه فى الهولوكوست ومطالبته بمحو إسرائيل من على الخريطة.
أما برنامج The Situation Room فقد اهتم برصد فعل البيت الأبيض على هذا خطاب نجاد في جامعة كولومبيا، حيث أكد البيت الأبيض أن هذا الخطاب هو دليل راسخ على مدى الثقة فى مبادئ الديمقراطية الأمريكية، وأن ما يحتاجه الرئيس الإيرانى هو الخضوع لقرارات مجلس الأمن التى تطالب بلاده بالتوقف عن عمليات تخصيب اليورانيوم.
في حين ركز برنامج World News - الذى يقدمه تشارلز جيبسون Charles Gibson على شبكة ABC- على الوصف الذى أطلقه رئيس جامعة كولومبيا لى بولينجرLee Bollinger على الرئيس الإيرانى بأنه ديكتاتور قاسى وضيق الأفق "A petty and cruel dictator" ، حيث أشار بولينجر Bollinger إلى الكثير من الحالات التي قتل فيها النظام الإيرانى الأطفال، وسجن الكثير من النساء، فضلا عن الاضطهاد الذى يتعرض له المثليين، وحالات القتل للصحفيين والأكاديميين. كما وصف بولينجر Bollinger تصريحات نجاد السابقة عن الهولوكوست بأنها سخيفة ومنافية للعقل.
واعتبر جيبسون Gibsonأن نجاد قد راوغ فى الإجابة على العديد من الأسئلة التى وجهت له ، فعلى سبيل المثال عندما سئل عن عقوبة الإعدام التى تنفذ ضد المثليين ، أشار نجاد إلى عقوبة الإعدام التى تطبق ضد تجار المخدرات ، كما انه عندما سئل عن دعواته السابقة بتدمير إسرائيل ومحوها من الخريطة ، أشار إلى حالة المعاناة التى يعيشها الفلسطينيون.
أما فيما يتعلق بالأثر الذى تركه هذا الخطاب على وجهات نظر طلاب الجامعة، أشار جيبسون Gibson إلى أن الكثير من الطلاب أكدوا أن وجهة نظرهم بخصوص الرئيس الإيرانى لم تتغير كثيرا عقب خطابه الذى ألقاه أمامهم، وقد تعرض الطلاب بالنقد للكثير من مقولات أحمدى نجاد، خصوصا تلك التى تتعلق بموقفه من الهولوكوست، وإسرائيل والبرنامج النووى ، والشكوك حول دعم إيران للجماعات الإرهابية، فضلا عن المعاملة السيئة للشواذ داخل المجتمع الإيرانى. وأكدت كريستال جونزاليس Crystal Gonzalez الطالبة فى الجامعة والمتحدثة باسم Columbia Queer Alliance أن أحمدى نجاد هو أستاذ تجنب الأسئلة Master of avoiding questions ، مضيفة أن الطلاب رفضوا بل وأدانوا الكثير مما قاله ، ولكنها أشارت أن هذا الخطاب كان مفيدا من حيث انه قد أثار نقاشا وجدلا كبيرا.
وبالرغم من هذه الانتقادات التى وجهها الطلاب لأحمدى نجاد ، فان جيبسون Gibson لفت الانتباه إلى وجود تيار آخر بين الطلاب فى جامعة كولومبيا ، هذا التيار أكد على حق الرئيس فى الحديث أمامهم والتعبير عن وجهة نظره مباشرة ، هؤلاء الطلاب أشاروا إلى أنهم إن كانوا يرفضون سياسات وسلوك الحكومة الإيرانية ، إلا أنهم لا ينكروا حق الرئيس الإيرانى فى الحديث ، وأكثر من ذلك كان هناك بعض الطلاب فى الجامعة اظهروا دعمهم للرئيس الإيرانى ، وحاول هؤلاء التركيز على الجانب الايجابي فى الرئيس الإيرانى وسياساته.
أما عن رد الفعل الطلاب الإيرانيين الذين يدرسون فى الجامعة – والذين يقدر عددهم بحوالى 100 طالب معظمهم فتيات – فقد أشار جيبسون Gibson إلى أن هؤلاء الطلاب أكدوا على انه أمر جيد أن يأتى نجاد إلى الولايات المتحدة ، ويتحدث مباشرة إلى المواطنين الأمريكيين دون تدخل من وسائل الإعلام الأمريكية ، والتى غالبا ما تتعامل بانتقائية مع التصريحات التى تنقلها عنه. فأشار احد الطلاب إلى انه من المهم للأمريكيين أن يسمعوا من نجاد ، كما أن له الحق فى التواجد هنا. فى حين أشار طالب آخر إلى أن أحمدى نجاد لا يمثل كافة قيم المجتمع الإيرانى ، إلا أن تواجده فى الولايات المتحدة هو رمز هام جدا للشعب الأمريكى. واعتبر طالب ثالث بأنه بالرغم من أن نجاد شخص متهور إلى حد ما ، وانه يتمتع بشعبية ودعم من الطبقات الفقيرة والغير متعلمة فقط ، إلا أن تواجده فرصة مهمة لكى يعرف الشعب الأمريكى المزيد عن إيران.
نجاد يقدم أفضل عرض مسرحى فى نيويورك
وفى تناول مختلف للزيارة نشرت النيوزوويك Newsweek تقريرا للكاتب مايكل هيرش Michael Hirsh ، فى مستهل التقرير أكد هيرش Hirsh أن ولاية نيويورك تملك مجموعة من أفضل الممثلين والمسارح فى العالم ، ولكنها هذا الأسبوع تقدم أفضل إنتاج لها على الإطلاق ، هذا الإنتاج لن يكون على مسارح برودواى Broadway كما جرت العادة ، ولكنه هذه المرة سوف يكون فى مقر الأمم المتحدة وجامعة كولومبيا فى ولاية نيويورك ، وبطل هذا العرض هو الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد ، الذى سافر إلى الولايات المتحدة من اجل حضور الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة ، وإلقاء خطاب فى جامعة كولومبيا ، اعتبر هيرش Hirsh الرئيس الإيرانى بأنه راديكالى متشدد رفض الهولوكوست ، بل وطالب بمحو إسرائيل من على خريطة العالم. ولفت هيرش Hirsh الانتباه إلى انه بالرغم من أن نجاد قدم نفسه على انه رجل سلام ، فانه لم يعترف إلى الآن بحق إسرائيل فى الوجود.
ورصد التقرير محاولات إدارة جامعة كولومبيا - ممثلة فى رئيس الجامعة لى بولينجرLee Bollinger – إلى وضع الرئيس الإيرانى تحت الضغط وتصعيب مهمته فى الاحتفاظ بهدوئه وإمكانية التأثير فى الجمهور، حيث وجه بولينجر Bollinger انتقادات لاذعة لنجاد وسياساته فيما يتعلق بالعديد من الموضوعات.