يُدرّب ويسلّح ويموّل "قوى حرب أهلية" ويقول إنه لا يستقوي على الداخل ويطالب بحمايته
سلاحُ "حزب الله" ووظائفه الميليشياويّة
المستقبل -
نصير الأسعد
حتى الآن، كان "حزب الله" يؤكد أنه لم ولن يستخدم سلاحه في الداخل اللبناني. لكن بالرغم من محاولته، بتأكيده هذا، طمأنة الاجتماع اللبناني، كان المساجلون معه ـ أي ضدّه ـ يعتبرون أن حزباً مدججاً بالسلاح، ينطقُ باسم طائفة، لا يمكن ألا يكون ثمة "تأثير" كبير لسلاحه على الصراع السياسي وعلى العملية السياسية في لبنان. ذلك أنه يكفي أن تكون القوة العسكرية والأمنية للحزب معروفة من الجميع، كي يستطيع بـ"الهيبة" ونفسياً أن "يفرض" على الحياة السياسية "أموراً واقعة" ما كان ليستطيع فرضها لو كان حزباً "طبيعياً" و"عادياً".
السلاح إلى الداخل بالتجربة
على أي حال، ان محاولة "حزب الله" التطمين على "سلاحه" ومنه، لم تحقق مبتغاها. وقد أتت مجموعة من الوقائع لتؤكد العكس. ولعل الواقعة السياسية ـ الأمنية الأهم، كانت خطة اقتحام السرايا الحكومية في فاتحة الانقلاب الذي قاده الحزب على رأس "المعارضة" ضد الحكومة، أي السلطة السياسية، ثم احتفاظه منذ ذلك اليوم بمواقع أمنية داخل "مخيم رياض الصلح" وحوله، وامتلاكه مجموعات أمنية حزبية "متحركة" في العديد من المناطق، كما دلت على ذلك تجربة يومي الثلاثاء والخميس في 23 و25 كانون الثاني(يناير) الماضي.
النظرية حاضرة: لا دولة والخصوم أعداء
والى ذلك كله تضاف حقيقة أن "نظرية" استخدام السلاح في الداخل موجودة بمعنى أن ثمة "فكراً سياسياً" يغطي استخدام السلاح داخلياً. وترتكز هذه "النظرية" الى مفهومين. الأول هو عدم الاعتراف بـ"الدولة" تحت عناوين شتى أبرزها ان الدولة القائمة ليست قوية ولا قادرة، ولا يمكن الانضمام إليها إلا متى أصبحت كذلك. والثاني هو اعتباره خصوم الداخل جزءاً لا يتجزأ من "جبهة الأعداء" ويسري عليها قانون "التناقض الرئيسي" مع "العدو الأميركي ـ الاسرائيلي"، معطياً بذلك "معنى" مستهجناً لـ"الشراكة" في الداخل، فتغدو الشراكة في الوطن شراكة مع أعداء، أي شراكة إضطرارية ومرحلية في أحسن الأحوال.
ثنائيات إبتدعها "حزب الله"
في وقت من الأوقات، اعتبر الغرب ـ أي المجتمع الدولي ـ أن "حزب الله" ثلاثة: واحد سياسي، وآخر مقاومة، وثالث أمني خارجي.
وحقيقة الأمر ان في هذا "التوصيف" تبسيطاً. ذلك أن الحزب على ما يبدو "يعشق" الثنائيات. ثنائية المقاومة والجيش أي الثنائية بين المقاومة والدولة. وثنائية الأمن أي أمن المقاومة ضد اسرائيل والأمن الداخلي. وثنائية أمن المقاومة ضد اسرائيل هي نفسها ثنائية أمنية بين الحدود والخارج. وثنائية الأمن الحزبي مع الأمن الرسمي. وثنائية الاقتصاد والمال... الى غيرها من الثنائيات الخطيرة.
إن تجديد النقاش اليوم في سلاح "حزب الله" يتم بـ"مناسبة" المعلومات الأمنية المتوافرة لدى الأجهزة الرسمية. وفي هذه المعلومات أن "حزب الله" يسلّح مجموعات سياسية حليفة له وموالية للنظام السوري ويدرّبها في معسكرات أقامها في منطقة البقاع وفي محيط مدينة بعلبك.
إحتياطي إقليمي ومَليَشة داخلية
هذه المعلومات تعني سياسياً ان "حزب الله" إنتقل الى تنفيذ مجموعة وظائف. فبما أن "المقاومة" ضد اسرائيل مقيّدة بالمتحوّل الاستراتيجي المتمثل بالقرار الدولي رقم 1701، صارت وظيفة "المقاومة" تشكيل إحتياط استراتيجي للحلف الايراني ـ السوري، يقوم ـ أي هذا الاحتياط ـ بأدوار في فلسطين وفي العراق، بعد أن أعلن "حزب الله" بوضوح خلال السنة الماضية أنه جزء من مشروع إقليمي تقوده إيران لـ"هزيمة المشروع الأميركي في المنطقة". وبما أن "حزب الله" أصبح مشروع سلطة في الداخل، صارت وظيفته إنشاء ميليشيات يشكلها من قوى "حرب أهلية" يغدق عليها خبراته والأموال . وبعض الآراء يقول ان الحزب "لم يصبح" مشروع سلطة بل كان كذلك في المرحلة السابقة، بمعنى أنه كان الدعامة الأساسية لسلطة الوصاية السورية ونظامها الأمني. وأنه "اضطر" الى كشف هذا الجانب بعد الانسحاب السوري من لبنان بموجب القرار 1559، عندما أخذ على عاتقه وراثة النظام السوري و"بضاعته".
وأخطر ما في أمر الميليشيات التي يقوم "حزب الله" بتأسيسها على قدم وساق، أنها تؤسس على انشقاقات داخل الطوائف، ما يجعل منها ميليشيات لإطلاق فتن مذهبية مسيحية ـ مسيحية وسنية ـ سنية ودرزية ـ درزية. و"الغريب" في كل ذلك أن "حزب الله" الذي يطالب بما يسمى "حماية سلاح المقاومة"، يسير سياسياً وعملياً في منحى ميليشياوي يؤدي الى "إغراق" سلاحه في "حروب داخلية".
ثم يأتي قادة "حزب الله" فيقولون للبنانيين: لن نسمح بانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون حامياً للمقاومة وسلاحها! فعن أي سلاح يتحدثون؟
المطلوب فكفكة الثنائيات
إن التصارح الوطني يقتضي القول، في ضوء مجموع الوظائف التي يحدّدها "حزب الله" لسلاحه، أن المطلوب هو فكفكة كل الثنائيات التي إبتدعها، خصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي هذه الفكفكة، لا بد من إنهاء "دولة حزب الله" الأمنية المتعدّدة الأوجه والاقتصادية ـ المالية الموازية، ولا بد من إنهاء كل عناوين الاستقواء على الداخل اللبناني.
إن هذه الفكفكة للثنائيات "الحزب اللّهيّة" ضرورية كي تُستبقى مسألة واحدة، هي بالضبط سلاح القتال ضد إسرائيل ومنظومته وخبراته. وهذا هو السلاح "الوحيد" الذي لا بد من البحث فيه، وقد سبق أن بُحث فيه في المؤتمر الوطني للحوار من آذار الى تموز 2006. ولا حلّ له إلاّ في إطار ما سمّي الاستراتيجية الدفاعية للدولة التي تلغي ثنائية المقاومة ـ الجيش، وثنائية قرار الحرب والسلم تالياً، لتضع الموضوع في عهدة الدولة.
فأن يجادل "حزب الله" بأمر سلاحه ضد إسرائيل شيء، أما أن يبني دولة بديلة فشيء آخر، وأن "يمَليِش" الحياة اللبنانية لإسقاط الدولة شيء ثالث. وكل ذلك لا علاقة له بمقاومة إسرائيل ولا بموجباتها.
ولا يمكن للسلطة السياسية المقبلة رئيساً للجمهورية وحكومةً القبول بأمر واقع غير شرعي يفرضه "حزب الله" مما يدفع البلاد الى الهاوية.
الإجراءات المنتظرة لقمع التسلّح غير الشرعي
لن يقبل أحدٌ تمادي "حزب الله" في ممارسة القوة والقهر والإكراه.
في الانتظار، ترتّب المعلومات الأمنية الرسمية عن التسلّح والتدريب، إجراءات قانونية وعمليّة حازمة.
الدولة تعرف الجهات الحزبية التي درّبها "حزب الله" وسلّحها وموّلها. وتعرف المسؤولين عن هذه الجهات وأدوارهم وأدوارها في خدمة النظام المخابراتي. وأكثر من ذلك وقبله، تعرف أسماء الأشخاص الذي تدرّبوا وتسلّحوا ونوع السلاح الذي يحمله كل واحد منهم، وهو سلاح حرب شوارع.
إن استدعاء مسؤولي الميليشيات الى التحقيق واجب. واستدعاء الأفراد أيضاً.
ودهمُ "المقرّات" ووسائل الانتقال المموّهة و"المفيّمة" واجبٌ أيضاً.
إن الحزم مطلوب. و"حزب الله" لا يمكنه وضع "خيمة المقاومة" فوق رأس أحد. والغريب أن من بين الذين يدرّبون لصالح أدوات النظام السوري "لحديّين" سابقين. و"حزب الله" ليس "مقدّساً" الى الحد الذي يستطيع معه نزع وطنية البعض وإسقاط تهمة العمالة عن البعض الآخر.
سلاحُ "حزب الله" ووظائفه الميليشياويّة
المستقبل -
نصير الأسعد
حتى الآن، كان "حزب الله" يؤكد أنه لم ولن يستخدم سلاحه في الداخل اللبناني. لكن بالرغم من محاولته، بتأكيده هذا، طمأنة الاجتماع اللبناني، كان المساجلون معه ـ أي ضدّه ـ يعتبرون أن حزباً مدججاً بالسلاح، ينطقُ باسم طائفة، لا يمكن ألا يكون ثمة "تأثير" كبير لسلاحه على الصراع السياسي وعلى العملية السياسية في لبنان. ذلك أنه يكفي أن تكون القوة العسكرية والأمنية للحزب معروفة من الجميع، كي يستطيع بـ"الهيبة" ونفسياً أن "يفرض" على الحياة السياسية "أموراً واقعة" ما كان ليستطيع فرضها لو كان حزباً "طبيعياً" و"عادياً".
السلاح إلى الداخل بالتجربة
على أي حال، ان محاولة "حزب الله" التطمين على "سلاحه" ومنه، لم تحقق مبتغاها. وقد أتت مجموعة من الوقائع لتؤكد العكس. ولعل الواقعة السياسية ـ الأمنية الأهم، كانت خطة اقتحام السرايا الحكومية في فاتحة الانقلاب الذي قاده الحزب على رأس "المعارضة" ضد الحكومة، أي السلطة السياسية، ثم احتفاظه منذ ذلك اليوم بمواقع أمنية داخل "مخيم رياض الصلح" وحوله، وامتلاكه مجموعات أمنية حزبية "متحركة" في العديد من المناطق، كما دلت على ذلك تجربة يومي الثلاثاء والخميس في 23 و25 كانون الثاني(يناير) الماضي.
النظرية حاضرة: لا دولة والخصوم أعداء
والى ذلك كله تضاف حقيقة أن "نظرية" استخدام السلاح في الداخل موجودة بمعنى أن ثمة "فكراً سياسياً" يغطي استخدام السلاح داخلياً. وترتكز هذه "النظرية" الى مفهومين. الأول هو عدم الاعتراف بـ"الدولة" تحت عناوين شتى أبرزها ان الدولة القائمة ليست قوية ولا قادرة، ولا يمكن الانضمام إليها إلا متى أصبحت كذلك. والثاني هو اعتباره خصوم الداخل جزءاً لا يتجزأ من "جبهة الأعداء" ويسري عليها قانون "التناقض الرئيسي" مع "العدو الأميركي ـ الاسرائيلي"، معطياً بذلك "معنى" مستهجناً لـ"الشراكة" في الداخل، فتغدو الشراكة في الوطن شراكة مع أعداء، أي شراكة إضطرارية ومرحلية في أحسن الأحوال.
ثنائيات إبتدعها "حزب الله"
في وقت من الأوقات، اعتبر الغرب ـ أي المجتمع الدولي ـ أن "حزب الله" ثلاثة: واحد سياسي، وآخر مقاومة، وثالث أمني خارجي.
وحقيقة الأمر ان في هذا "التوصيف" تبسيطاً. ذلك أن الحزب على ما يبدو "يعشق" الثنائيات. ثنائية المقاومة والجيش أي الثنائية بين المقاومة والدولة. وثنائية الأمن أي أمن المقاومة ضد اسرائيل والأمن الداخلي. وثنائية أمن المقاومة ضد اسرائيل هي نفسها ثنائية أمنية بين الحدود والخارج. وثنائية الأمن الحزبي مع الأمن الرسمي. وثنائية الاقتصاد والمال... الى غيرها من الثنائيات الخطيرة.
إن تجديد النقاش اليوم في سلاح "حزب الله" يتم بـ"مناسبة" المعلومات الأمنية المتوافرة لدى الأجهزة الرسمية. وفي هذه المعلومات أن "حزب الله" يسلّح مجموعات سياسية حليفة له وموالية للنظام السوري ويدرّبها في معسكرات أقامها في منطقة البقاع وفي محيط مدينة بعلبك.
إحتياطي إقليمي ومَليَشة داخلية
هذه المعلومات تعني سياسياً ان "حزب الله" إنتقل الى تنفيذ مجموعة وظائف. فبما أن "المقاومة" ضد اسرائيل مقيّدة بالمتحوّل الاستراتيجي المتمثل بالقرار الدولي رقم 1701، صارت وظيفة "المقاومة" تشكيل إحتياط استراتيجي للحلف الايراني ـ السوري، يقوم ـ أي هذا الاحتياط ـ بأدوار في فلسطين وفي العراق، بعد أن أعلن "حزب الله" بوضوح خلال السنة الماضية أنه جزء من مشروع إقليمي تقوده إيران لـ"هزيمة المشروع الأميركي في المنطقة". وبما أن "حزب الله" أصبح مشروع سلطة في الداخل، صارت وظيفته إنشاء ميليشيات يشكلها من قوى "حرب أهلية" يغدق عليها خبراته والأموال . وبعض الآراء يقول ان الحزب "لم يصبح" مشروع سلطة بل كان كذلك في المرحلة السابقة، بمعنى أنه كان الدعامة الأساسية لسلطة الوصاية السورية ونظامها الأمني. وأنه "اضطر" الى كشف هذا الجانب بعد الانسحاب السوري من لبنان بموجب القرار 1559، عندما أخذ على عاتقه وراثة النظام السوري و"بضاعته".
وأخطر ما في أمر الميليشيات التي يقوم "حزب الله" بتأسيسها على قدم وساق، أنها تؤسس على انشقاقات داخل الطوائف، ما يجعل منها ميليشيات لإطلاق فتن مذهبية مسيحية ـ مسيحية وسنية ـ سنية ودرزية ـ درزية. و"الغريب" في كل ذلك أن "حزب الله" الذي يطالب بما يسمى "حماية سلاح المقاومة"، يسير سياسياً وعملياً في منحى ميليشياوي يؤدي الى "إغراق" سلاحه في "حروب داخلية".
ثم يأتي قادة "حزب الله" فيقولون للبنانيين: لن نسمح بانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون حامياً للمقاومة وسلاحها! فعن أي سلاح يتحدثون؟
المطلوب فكفكة الثنائيات
إن التصارح الوطني يقتضي القول، في ضوء مجموع الوظائف التي يحدّدها "حزب الله" لسلاحه، أن المطلوب هو فكفكة كل الثنائيات التي إبتدعها، خصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي هذه الفكفكة، لا بد من إنهاء "دولة حزب الله" الأمنية المتعدّدة الأوجه والاقتصادية ـ المالية الموازية، ولا بد من إنهاء كل عناوين الاستقواء على الداخل اللبناني.
إن هذه الفكفكة للثنائيات "الحزب اللّهيّة" ضرورية كي تُستبقى مسألة واحدة، هي بالضبط سلاح القتال ضد إسرائيل ومنظومته وخبراته. وهذا هو السلاح "الوحيد" الذي لا بد من البحث فيه، وقد سبق أن بُحث فيه في المؤتمر الوطني للحوار من آذار الى تموز 2006. ولا حلّ له إلاّ في إطار ما سمّي الاستراتيجية الدفاعية للدولة التي تلغي ثنائية المقاومة ـ الجيش، وثنائية قرار الحرب والسلم تالياً، لتضع الموضوع في عهدة الدولة.
فأن يجادل "حزب الله" بأمر سلاحه ضد إسرائيل شيء، أما أن يبني دولة بديلة فشيء آخر، وأن "يمَليِش" الحياة اللبنانية لإسقاط الدولة شيء ثالث. وكل ذلك لا علاقة له بمقاومة إسرائيل ولا بموجباتها.
ولا يمكن للسلطة السياسية المقبلة رئيساً للجمهورية وحكومةً القبول بأمر واقع غير شرعي يفرضه "حزب الله" مما يدفع البلاد الى الهاوية.
الإجراءات المنتظرة لقمع التسلّح غير الشرعي
لن يقبل أحدٌ تمادي "حزب الله" في ممارسة القوة والقهر والإكراه.
في الانتظار، ترتّب المعلومات الأمنية الرسمية عن التسلّح والتدريب، إجراءات قانونية وعمليّة حازمة.
الدولة تعرف الجهات الحزبية التي درّبها "حزب الله" وسلّحها وموّلها. وتعرف المسؤولين عن هذه الجهات وأدوارهم وأدوارها في خدمة النظام المخابراتي. وأكثر من ذلك وقبله، تعرف أسماء الأشخاص الذي تدرّبوا وتسلّحوا ونوع السلاح الذي يحمله كل واحد منهم، وهو سلاح حرب شوارع.
إن استدعاء مسؤولي الميليشيات الى التحقيق واجب. واستدعاء الأفراد أيضاً.
ودهمُ "المقرّات" ووسائل الانتقال المموّهة و"المفيّمة" واجبٌ أيضاً.
إن الحزم مطلوب. و"حزب الله" لا يمكنه وضع "خيمة المقاومة" فوق رأس أحد. والغريب أن من بين الذين يدرّبون لصالح أدوات النظام السوري "لحديّين" سابقين. و"حزب الله" ليس "مقدّساً" الى الحد الذي يستطيع معه نزع وطنية البعض وإسقاط تهمة العمالة عن البعض الآخر.