أوباما .. هل يُعيد لنا أمريكا؟
الاقتصادية
عبد الوهاب الفايز - 06/11/1429هـ
[email protected]
اليوم ينتهي الفصل قبل الأخير من المسرحية السياسية المفتوحة في الهواء الطلق.. أي الانتخابات الأمريكية، فهذه الانتخابات تعد أكثر الانتخابات متابعة وصخبا، ليس في أمريكا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، وربما الأزمات المتلاحقة على الصعيد العالمي، والتي تشكل أمريكا محورها، هي التي شدت العالم ليقف على أطراف قدميه متابعا ومشجعا للمرشحين في السباق المثير والمكلف ماديا ومعنويا.
أمريكا تتجه إلى الورقة الديمقراطية، سواء كان المرشح أوباما أو غيره، والحزبان يقومان بأدوارهما المعروفة تقليدا في العقود الأخيرة، فالحزب الجمهوري يتقدم إذا كانت أمريكا بحاجة إلى التوسع النوعي السياسي والاقتصادي والعسكري، والعقيدة السياسية للحزب تساعده على القيام بهذا الدور، أما الديمقراطيون فورقتهم تكون رابحة عندما تحتاج أمريكا إلى إعادة ترميم مشكلاتها الاجتماعية والإنسانية، وأيضا إعادة الاعتبار لـ "القوة الناعمة"، وهي أحد مصادر قوتها الأساسية في العالم.
طبعا تقدم أوباما في استطلاعات الرأي وتقدمه في سباق الرئاسة رسالة عن "القوة الناعمة" لأمريكا، فقرب أوباما من سدة الحكم يعكس صورة إيجابية لأمريكا في العالم، فدخول مرشح أسود وتفوقه وتقدمه تجدد الأمل بعودة أمريكا إلى قوتها الحقيقية كبلد مفتوح للتفوق بعيدا عن الاعتبارات العنصرية والعرقية.
ثمة متغيرات تواجهها أمريكا تتطلب حكومة فعالة لمواجهتها، فأمريكا تواجه انفجار الأزمة المالية، وارتفاع معدلات الإنفاق العسكري، وكثرة النزاعات العالمية التي تتورط فيها أمريكا بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك دخولها في مرحلة من الركود الاقتصادي الخطير، وأيضا تدهور صورتها أمام العالم بسبب الحرب في العراق وأفغانستان، حيث حدثت انتهاكات أخلاقية وإنسانية تتناقض مع الأخلاقيات والمبادئ التي تؤمن بها أمريكا وتحث العالم عليها، كل هذه المتغيرات السلبية تحتاج إلى حكومة قادرة على إعادة التوازن لأمريكا لكي تعيد ترتيب أوضاعها وتجدد حيويتها السياسية.
ما زال لدى أمريكا الكثير الذي تقدمه للعالم في مجال العلوم والتقنية والتعليم، وهذه مصادر حقيقية للقوة الأمريكية تستحق الاحترام والتقدير والإعجاب، وهي وسيلتها لتبقى قوة عظمى تمارس مسؤولياتها وتقود توازن القوى في العالم. وهذا ما يتطلع إليه العالم، يريد أمريكا قوية وقادرة على إحداث التوازن العالمي، ولا يريدها قوة تفرض سياسات الهيمنة والمزاجية المتقلبة.
نتائج الانتخابات تبقى مهمة، فالتطلع إلى أمريكا، بذهنية وروح جديدتين، لن يحققها فوز الجمهوريين، فبرنامج جون ماكين هو استمرار لبرنامج بوش، والتوجهات الديمقراطية ربما هي الأفضل لأمريكا وللعالم. طبعا لن يُحدث فوز أي منهما تحولا جذريا في السياسة الخارجية لأمريكا، فهذه تصاغ طبقا لمصالح بعيدة المدى تقوم عليها مؤسسات للأمن القومي ومراكز للأبحاث والدراسات، وتسهم فيها المؤسسات والشركات الرأسمالية العملاقة، فمؤسسة الحكم تسعى إلى تحقيق متطلبات هذه السياسة، وتبقى الفوارق بين رئيس وآخر في القدرة على الوصول إلى الأهداف بأقل تكلفة سياسية واقتصادية وأخلاقية داخل أمريكا وخارجها.