في الشرق الأوسط لا سبب للاحتفال
محمد ابرهيم - النهار
السياسة الخارجية كانت البند الاكثر غموضا في الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية التي انتهت امس.
واذا كان ثمة قياس بين ما تداولته الحملة الانتخابية والسياسات الفعلية للرئيس الاميركي الجديد يمكن القول ان الحملة لم تفصح عن الكثير مما سيتغير او سيبقى على حاله في السياسة الخارجية الاميركية.
ماكين قدم استراتيجية نصر في مواقع الاشتباك الخارجي الحالي لادارة جورج بوش، فيما قدم اوباما استراتيجية انسحاب من المواقع نفسها.
لكن ما كان ينقص ماكين هو الاشارات الجدية الى كيفية تجاوز الصعاب التي ارتطم بها بوش خارجيا، وما كان ينقص اوباما هو الاشارات الواقعية الى كيفية الخروج من... وسط المعركة.
لذلك غلب الغموض برنامج المرشحين الخارجي. وقد ساعد في هذا الغموض عدم تطلّب الناخب الاميركي للمزيد من الوضوح.
والسبب هو نجاح ادارة بوش في السنة الاخيرة في تقليص خسائر التدخل الخارجي إلى حدود يستطيع المجتمع الاميركي تحملها.
لم يعد العراق ذاك الجرح الملتهب الذي اقتضى استنفارا داخليا لصوغ خطة عمل تحظى بموافقة الحزبين: الجمهوري والديموقراطي.
والاشتباك مع "القاعدة" في افغانستان وباكستان لا يصيب الولايات المتحدة وحدها، كما انه لا يصيبها بما يضعه على جدول الاعمال المباشر. ربما يكون الملف الافغاني – الباكستاني شاغلا كبيرا للرئيس الاميركي الجديد لكنه في الحملة الانتخابية كان بندا ثانويا.
ولا بد هنا من ملاحظة ان "القاعدة" فقدت في السنة الاخيرة "حيوية" عملياتها، التي كانت اثباتا على فشل الادارة الاميركية في حربها العالمية على الارهاب. وبقي في الحملة مطلب إلقاء القبض على بن لادن مادة دعاوية اكثر مما هو استراتيجية سياسية – عسكرية.
وفي الاشتباك المستجد مع روسيا، وهو في الواقع حصيلة لقاء استفزازات اميركية متراكمة، بقرارات انبعاث روسي قومي، في هذا الاشتباك لم يبدُ على اي من المرشحين ان لديهما اكثر من الكلمتين التقليديتين: التشدد من ناحية، واستنفاد الحوار قبل التشدد من ناحية اخرى.
لم نرَ في الحملة رؤيتين لروسيا، ولبقية العالم، فماكين كان يريد الابتعاد عن اسلوب الانفراد الفج لبوش وادارته واوباما لم يشأ ان يبدو ضعيفا في مواجهة المحاولات الروسية لاستعادة شيء من الماضي.
حتى بالعلاقة مع الشريك الاوروبي كانت العاطفة جياشة من الضفة الاوروبية تجاه اوباما ولم يبدُ ان الاخير يقدم تصورا آخر لعلاقة اميركية – اوروبية بعد كل الفوضى التي احدثتها سياسية بوش.
حتى في الشرق الاوسط لم تذهب بعيدا محاولات تميز اوباما بالعلاقة مع كل من طهران ودمشق. لا بل تحولت رغبة اوباما المعلنة بفتح حوار مع العاصمتين وخصوصا طهران الى مصدر احراج، اذ كيف سيستطيع اوباما الرئيس ان يحصل من طهران ديبلوماسيا ما لم تستطع الحصول عليه كل سياسات الضغط خلال السنوات الاخيرة؟
وتدريجا اختفى من السباق الرئاسي الشرق اوسطي برمته مما يعني انه ربما لا سبب للاحتفال، هنا، بفوز هذا المرشح او ذاك فيما معالم السياسة الاميركية الشرق الاوسطية غامضة الى هذا الحد.
حجم التغيير الذي سيضطر اليه ماكين، او الذي سيمارسه اوباما مجهول شرق اوسطي سيتطلب اشهرا طويلة قبل ان يتبلور ما يبرر الانحياز الى او مناهضة السياسة الاميركية المقبلة.
حتى الثابت الاسرائيلي في السياسة الاميركية تعرض للتشوش في السنة الاخيرة حيث طرح اوباما مواقف ثم دوّر زواياها، فيما لم يشعر ماكين بالحاجة الى ان يكون اكثر تحديدا.
وساعد الجميع اضطراب الحياة السياسية في اسرائيل المتوقع ان يستمر الى ما بعد شباط المقبل، موعد الانتخابات العامة المبكرة.
لا سبب اذن للاحتفال، او لعكسه في ما يخص الشرق الاوسط، فالتغيير الاكيد يخص "الداخل" الاميركي، أما السياسة الخارجية فلها اعتباراتها غير الانتخابية وربما غير الحزبية.
محمد ابرهيم - النهار
السياسة الخارجية كانت البند الاكثر غموضا في الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية التي انتهت امس.
واذا كان ثمة قياس بين ما تداولته الحملة الانتخابية والسياسات الفعلية للرئيس الاميركي الجديد يمكن القول ان الحملة لم تفصح عن الكثير مما سيتغير او سيبقى على حاله في السياسة الخارجية الاميركية.
ماكين قدم استراتيجية نصر في مواقع الاشتباك الخارجي الحالي لادارة جورج بوش، فيما قدم اوباما استراتيجية انسحاب من المواقع نفسها.
لكن ما كان ينقص ماكين هو الاشارات الجدية الى كيفية تجاوز الصعاب التي ارتطم بها بوش خارجيا، وما كان ينقص اوباما هو الاشارات الواقعية الى كيفية الخروج من... وسط المعركة.
لذلك غلب الغموض برنامج المرشحين الخارجي. وقد ساعد في هذا الغموض عدم تطلّب الناخب الاميركي للمزيد من الوضوح.
والسبب هو نجاح ادارة بوش في السنة الاخيرة في تقليص خسائر التدخل الخارجي إلى حدود يستطيع المجتمع الاميركي تحملها.
لم يعد العراق ذاك الجرح الملتهب الذي اقتضى استنفارا داخليا لصوغ خطة عمل تحظى بموافقة الحزبين: الجمهوري والديموقراطي.
والاشتباك مع "القاعدة" في افغانستان وباكستان لا يصيب الولايات المتحدة وحدها، كما انه لا يصيبها بما يضعه على جدول الاعمال المباشر. ربما يكون الملف الافغاني – الباكستاني شاغلا كبيرا للرئيس الاميركي الجديد لكنه في الحملة الانتخابية كان بندا ثانويا.
ولا بد هنا من ملاحظة ان "القاعدة" فقدت في السنة الاخيرة "حيوية" عملياتها، التي كانت اثباتا على فشل الادارة الاميركية في حربها العالمية على الارهاب. وبقي في الحملة مطلب إلقاء القبض على بن لادن مادة دعاوية اكثر مما هو استراتيجية سياسية – عسكرية.
وفي الاشتباك المستجد مع روسيا، وهو في الواقع حصيلة لقاء استفزازات اميركية متراكمة، بقرارات انبعاث روسي قومي، في هذا الاشتباك لم يبدُ على اي من المرشحين ان لديهما اكثر من الكلمتين التقليديتين: التشدد من ناحية، واستنفاد الحوار قبل التشدد من ناحية اخرى.
لم نرَ في الحملة رؤيتين لروسيا، ولبقية العالم، فماكين كان يريد الابتعاد عن اسلوب الانفراد الفج لبوش وادارته واوباما لم يشأ ان يبدو ضعيفا في مواجهة المحاولات الروسية لاستعادة شيء من الماضي.
حتى بالعلاقة مع الشريك الاوروبي كانت العاطفة جياشة من الضفة الاوروبية تجاه اوباما ولم يبدُ ان الاخير يقدم تصورا آخر لعلاقة اميركية – اوروبية بعد كل الفوضى التي احدثتها سياسية بوش.
حتى في الشرق الاوسط لم تذهب بعيدا محاولات تميز اوباما بالعلاقة مع كل من طهران ودمشق. لا بل تحولت رغبة اوباما المعلنة بفتح حوار مع العاصمتين وخصوصا طهران الى مصدر احراج، اذ كيف سيستطيع اوباما الرئيس ان يحصل من طهران ديبلوماسيا ما لم تستطع الحصول عليه كل سياسات الضغط خلال السنوات الاخيرة؟
وتدريجا اختفى من السباق الرئاسي الشرق اوسطي برمته مما يعني انه ربما لا سبب للاحتفال، هنا، بفوز هذا المرشح او ذاك فيما معالم السياسة الاميركية الشرق الاوسطية غامضة الى هذا الحد.
حجم التغيير الذي سيضطر اليه ماكين، او الذي سيمارسه اوباما مجهول شرق اوسطي سيتطلب اشهرا طويلة قبل ان يتبلور ما يبرر الانحياز الى او مناهضة السياسة الاميركية المقبلة.
حتى الثابت الاسرائيلي في السياسة الاميركية تعرض للتشوش في السنة الاخيرة حيث طرح اوباما مواقف ثم دوّر زواياها، فيما لم يشعر ماكين بالحاجة الى ان يكون اكثر تحديدا.
وساعد الجميع اضطراب الحياة السياسية في اسرائيل المتوقع ان يستمر الى ما بعد شباط المقبل، موعد الانتخابات العامة المبكرة.
لا سبب اذن للاحتفال، او لعكسه في ما يخص الشرق الاوسط، فالتغيير الاكيد يخص "الداخل" الاميركي، أما السياسة الخارجية فلها اعتباراتها غير الانتخابية وربما غير الحزبية.