قراصنة الصومال .. مَن يديرهم؟
الاقتصادية
صالح محمد الجاسر
حينما بدأت أعمال القرصنة قرب السواحل الصومالية توقع البعض أن هذه الأعمال مجرد محاولات من قبل الصوماليين للفت انتباه العالم للوضع المزري الذي يعيشونه في بلادهم التي تحولت إلى إقطاعيات لعدد من أمراء الحرب وقادة الميليشيات، وكان من المعتقد أن هذه الأحداث ستدفع الدول الكبرى إلى التدخل لحل الوضع المتأزم والمنسي في الصومال.
ولكن بعد تطور أعمال القرصنة ووصولها إلى مسافات بعيدة عن سواحل الصومال، واستخدام قوارب سريعة ووسائل اتصال متطورة، اتضح أن هناك مَن دخل على الخط، وأراد أن يوظف القرصنة التي بدأت بشكل بسيط لتكون مصدر دخل كبير له، أو توفر أجواء سياسية لخدمة مصالحه في تلك المنطقة المهمة من العالم، بدليل أن القرصنة الآن أصبحت تتم بشكل يومي، وتطول سفناً ذات حجم كبير وحمولات بمئات الملايين، وتمر على مسافات بعيدة من السواحل الصومالية.
فناقلة النفط السعودية "سيريوس ستار" - على سبيل المثال - تم اختطافها على بُعد 800 كم إلى جنوب شرق ميناء مومباسا الكيني، وحجمها وبُعدها عن السواحل الصومالية يجعلان من غير الممكن أن تسيطر عليها مجموعة قراصنة يعملون بطريقة بدائية ، بل لا بد أن يكون القراصنة قد تلقوا دعماً لوجستياً حدد لهم مكان الناقلة ونوعية حمولتها وزودهم بالزوارق السريعة والأسلحة التي يهددون بها السفن.
منذ أواخر العام الماضي هاجم القراصنة ما يزيد على 90 سفينة على السواحل الشرقية لإفريقيا، خاصة في منطقة غرب المحيط الهندي، وخليج عدن في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وبلغ دخل أعمال القرصنة حسب تصريحات وزير الخارجية الكيني 150 مليون دولار خلال 12 شهراً فقط، وهذا المبلغ يُعد دخلاً كبيرا يتجاوز دخل بعض الدول الإفريقية.
وتنبع خطورة أعمال القرصنة هذه من كون نحو 16 ألف سفينة تجارية تعبر كل سنة مضيق باب المندب الذي يمر من خلاله نحو 30 في المائة من النفط الخام العالمي.
إن الصومال في وضعها الحالي بيئة جيدة لكل مغامر باحث عن المال، سواء ممن يقومون بتشكيل الميليشيات، أو ممن يتاجرون بالسلاح، أو ممن يقومون بتهريب البشر إلى الدول المجاورة.
وكان الخطأ الكبير هو ترك الصومال يصل إلى هذه المرحلة التي لم يستفد منها إلا بعض الصوماليين وبعض الدول الملاصقة للصومال وبعض الدول الكبرى التي ترى في الاضطرابات سبيلاً للتخلص من نفاياتها في الأرض الصومالية.
والوضع الحالي في الصومال يذكرنا بأماكن أخرى، حينما عاشت في وضع شبيه بالصومال، دخلها المرتزقة وقطاع الطرق واستطاعوا السيطرة عليها وحكمها، إما حكماً مباشراً، وإما عبر أبناء تلك الدول، فكانوا يعينون الحاكم وإذا عارض مصالحهم أبدلوا غيره به.
وما المرتزق الفرنسي بوب دينار الذي توفي العام الماضي بعد أن عاث في عدد من الدول الإفريقية ومنها جزر القمر فساداً عبر قيامه بقيادة عدة انقلابات فيها عنا ببعيد.