مستقبل غور الأردن من الوجهة الإسرائيلية
علي بدوان - المستقبل اللبنانية
بدأت العديد من المصادر الأردنية الرسمية وغير الرسمية تحذر من تصاعد النغمة الإسرائيلية التي باتت تتحدث عما تسميه "الوطن البديل" بالنسبة للحل النهائي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، في الوقت الذي تواصلت فيه الدعوة الإسرائيلية المقدمة من قبل طواقم أجهزة الأمن للاحتفاظ الإسرائيلي بغور الأردن في الحل النهائي مع الفلسطينيين، وتحديداً في الرؤية الإسرائيلية التي تقول بوجوب بقاء أي كيان فلسطيني مهما حمل من اسم في إطار التطويق الجغرافي الإسرائيلي ومنع أي تواصل له مع أي من الأطراف العربية.
وكان اسحق رابين قد كرر مراراً "أن مساعي الدولة الإسرائيلية الصهيونية يجب أن تصب في منع قيام كيان فلسطيني مشاطئ للبحر الميت، ومنعه أيضاً من التماس الجغرافي مع أي رقعة أرض عربية"، وشدد رابين على جملته بعد فترة زمنية قليلة من توقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض يوم 13/9/1993. والجملة إياها تلخص الى حد بعيد الرؤية الإسرائيلية الداعية للحفاظ على شريط طويل وعريض على امتداد غور الأردن من أقصى الشمال عند بلدة الشونة وصولاً الى شرق مدينة إيلات، مع السيطرة الكاملة على الشاطئ الغربي للبحر الميت ووضع اليد على ثرواته المحلية. وانطلاقاً من هذا المعطى فإن الحالة القائمة راهناً على امتداد غربي غور الأردن تشي بأن المساعي الإسرائيلية تتكرس يومياً على الأرض لتنفيذ التصور الإسرائيلي حيال أي خطوات قادمة في مسار التسوية.
ومن حيث المعلومات، يبلغ عدد المستعمرات الإسرائيلية المقامة على امتداد غور الأردن 26 مستوطنة، تضم في ثناياها بضعة آلاف من اليهود المستوطنين، وسط 47 ألف مواطن فلسطيني يقطنون في 20 تجمعاً دائماً، وعدة آلاف يعيشون في تجمعات متحركة، حيث تعتبر منطقة الأغوار وأراضيها، ذات المياه الوفيرة نسبياً والمتدفقة إليها عبر سيلان نهر الأردن، القادم أساساً من شمال هضبة الجولان السورية المحتلة مروراً ببحيرة طبريا، منطقة رزق للفلسطينيين، ومصدر مهم للزراعة والإنتاج الحيواني الذي يسد رمق عشرات الآلاف من الأسر والعائلات، التي تعتاش على العمل المباشر فوق الأراضي الفلسطينية هناك.
في الوقت الذي سعت فيه حكومة الجنرال أرييل شارون السابقة لتوسيع حدود مستوطنات الغور عن طريق ايجاد اتصال مباشر بينها وبين الكتل الكبرى للاستيطان التهويدي من شرقي مدينة القدس، وتحديداً من كتل استيطان معاليه أدوميم حتى البحر الميت. فضلاً عن توسيع مستعمرة غوش عصيون على تخوم مدينة الخليل حتى الأغوار الجنوبية. وكل ذلك جرى منذ فترة طويلة لتنفيذ ما أفصح عنه في حينها زعيم حزب كاديما أيهود أولمرت، وتحديد حدود الدولة العبرية في سياق خطة الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، وهي الخطة التي كان ينوي أولمرت تنفيذها أثناء مفاوضات ليفني/قريع التي تواترت أيام حكومة أولمرت وانتهت الى الجدار المسدود، حيث كان أولمرت قد لقي تجاوباً من حزب العمل وحتى حزب شاس فضلاً عن كتلة ميرتس، وهم الحلفاء الأساسيون لحزب كاديما.
وبالتالي فإن مسألة السيطرة على غور الأردن، واعتباره بمثابة الحدود الشرقية الطبيعية للدولة العبرية، تقع على سلم أولويات التحالف المنتظر في الائتلاف الحكومي المتوقع في إسرائيل. عدا عن أن هكذا حدود ستمنع بالضرورة وجود أي شكل من أشكال التواصل بين الكيان الفلسطيني المفترض والدولة العربية الشقيقة المجاورة لفلسطين، وهو ما يحرم الفلسطينيين أيضاً، بعدهم القومي، ويجعل من كيانهم المنتظر أشبه بالمعازل (نظام الأبارتهايد) التي كانت سائدة إبان حكم التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.
وعليه، فإن رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو كرر القول بعد فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي الثامنة عشرة، من أن مصير غور الأردن سيكون باعتباره: "حدودنا الأمنية والآمنة على امتداد النهر. ولهذه المسألة اعتبارات استراتيجية لا نستطيع التنازل عنها". وفي هذا السياق، كانت الحكومات الإسرائيلية السابقة، قد خصصت للمستوطنات الإسرائيلية في غور الأردن أراضي فلسطينية واسعة بغرض استيطانها، وتركتها تنهب على يد أحزاب الاستيطان واليمين التوراتي، بذريعة "الأسباب الأمنية" والعسكرية، وفق استراتيجية "السور والبرج" أي المستعمرة والموقع العسكري. ويذكر بأن أغلبية مستوطنات غور الأردن ومعسكرات جيش الاحتلال، أقيمت على أراضي ما تسميهم المصادر الإسرائيلية بـ"الغائبين".
وفي مطلق الأحوال، تنظر القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في تقاريرها التي سبق وأن قدمتها للجنرال شارون قبل موته السريري، ووفق الخطة التي طرحها أيهود أولمرت في إطار التقارير المشار اليها، ضم شريط طوله 120 كيلومترا، وعرضه الأقصى 15 كيلومترا، خصوصاً وأن غور الأردن يقع في المنطقة ج من خارطة اتفاق أوسلو، وهي المناطق الواقعة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، باستثناء جيب مدينة أريحا التي تعتبر عاصمة الغور الفلسطيني.
علي بدوان - المستقبل اللبنانية
بدأت العديد من المصادر الأردنية الرسمية وغير الرسمية تحذر من تصاعد النغمة الإسرائيلية التي باتت تتحدث عما تسميه "الوطن البديل" بالنسبة للحل النهائي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، في الوقت الذي تواصلت فيه الدعوة الإسرائيلية المقدمة من قبل طواقم أجهزة الأمن للاحتفاظ الإسرائيلي بغور الأردن في الحل النهائي مع الفلسطينيين، وتحديداً في الرؤية الإسرائيلية التي تقول بوجوب بقاء أي كيان فلسطيني مهما حمل من اسم في إطار التطويق الجغرافي الإسرائيلي ومنع أي تواصل له مع أي من الأطراف العربية.
وكان اسحق رابين قد كرر مراراً "أن مساعي الدولة الإسرائيلية الصهيونية يجب أن تصب في منع قيام كيان فلسطيني مشاطئ للبحر الميت، ومنعه أيضاً من التماس الجغرافي مع أي رقعة أرض عربية"، وشدد رابين على جملته بعد فترة زمنية قليلة من توقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض يوم 13/9/1993. والجملة إياها تلخص الى حد بعيد الرؤية الإسرائيلية الداعية للحفاظ على شريط طويل وعريض على امتداد غور الأردن من أقصى الشمال عند بلدة الشونة وصولاً الى شرق مدينة إيلات، مع السيطرة الكاملة على الشاطئ الغربي للبحر الميت ووضع اليد على ثرواته المحلية. وانطلاقاً من هذا المعطى فإن الحالة القائمة راهناً على امتداد غربي غور الأردن تشي بأن المساعي الإسرائيلية تتكرس يومياً على الأرض لتنفيذ التصور الإسرائيلي حيال أي خطوات قادمة في مسار التسوية.
ومن حيث المعلومات، يبلغ عدد المستعمرات الإسرائيلية المقامة على امتداد غور الأردن 26 مستوطنة، تضم في ثناياها بضعة آلاف من اليهود المستوطنين، وسط 47 ألف مواطن فلسطيني يقطنون في 20 تجمعاً دائماً، وعدة آلاف يعيشون في تجمعات متحركة، حيث تعتبر منطقة الأغوار وأراضيها، ذات المياه الوفيرة نسبياً والمتدفقة إليها عبر سيلان نهر الأردن، القادم أساساً من شمال هضبة الجولان السورية المحتلة مروراً ببحيرة طبريا، منطقة رزق للفلسطينيين، ومصدر مهم للزراعة والإنتاج الحيواني الذي يسد رمق عشرات الآلاف من الأسر والعائلات، التي تعتاش على العمل المباشر فوق الأراضي الفلسطينية هناك.
في الوقت الذي سعت فيه حكومة الجنرال أرييل شارون السابقة لتوسيع حدود مستوطنات الغور عن طريق ايجاد اتصال مباشر بينها وبين الكتل الكبرى للاستيطان التهويدي من شرقي مدينة القدس، وتحديداً من كتل استيطان معاليه أدوميم حتى البحر الميت. فضلاً عن توسيع مستعمرة غوش عصيون على تخوم مدينة الخليل حتى الأغوار الجنوبية. وكل ذلك جرى منذ فترة طويلة لتنفيذ ما أفصح عنه في حينها زعيم حزب كاديما أيهود أولمرت، وتحديد حدود الدولة العبرية في سياق خطة الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، وهي الخطة التي كان ينوي أولمرت تنفيذها أثناء مفاوضات ليفني/قريع التي تواترت أيام حكومة أولمرت وانتهت الى الجدار المسدود، حيث كان أولمرت قد لقي تجاوباً من حزب العمل وحتى حزب شاس فضلاً عن كتلة ميرتس، وهم الحلفاء الأساسيون لحزب كاديما.
وبالتالي فإن مسألة السيطرة على غور الأردن، واعتباره بمثابة الحدود الشرقية الطبيعية للدولة العبرية، تقع على سلم أولويات التحالف المنتظر في الائتلاف الحكومي المتوقع في إسرائيل. عدا عن أن هكذا حدود ستمنع بالضرورة وجود أي شكل من أشكال التواصل بين الكيان الفلسطيني المفترض والدولة العربية الشقيقة المجاورة لفلسطين، وهو ما يحرم الفلسطينيين أيضاً، بعدهم القومي، ويجعل من كيانهم المنتظر أشبه بالمعازل (نظام الأبارتهايد) التي كانت سائدة إبان حكم التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.
وعليه، فإن رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو كرر القول بعد فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي الثامنة عشرة، من أن مصير غور الأردن سيكون باعتباره: "حدودنا الأمنية والآمنة على امتداد النهر. ولهذه المسألة اعتبارات استراتيجية لا نستطيع التنازل عنها". وفي هذا السياق، كانت الحكومات الإسرائيلية السابقة، قد خصصت للمستوطنات الإسرائيلية في غور الأردن أراضي فلسطينية واسعة بغرض استيطانها، وتركتها تنهب على يد أحزاب الاستيطان واليمين التوراتي، بذريعة "الأسباب الأمنية" والعسكرية، وفق استراتيجية "السور والبرج" أي المستعمرة والموقع العسكري. ويذكر بأن أغلبية مستوطنات غور الأردن ومعسكرات جيش الاحتلال، أقيمت على أراضي ما تسميهم المصادر الإسرائيلية بـ"الغائبين".
وفي مطلق الأحوال، تنظر القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في تقاريرها التي سبق وأن قدمتها للجنرال شارون قبل موته السريري، ووفق الخطة التي طرحها أيهود أولمرت في إطار التقارير المشار اليها، ضم شريط طوله 120 كيلومترا، وعرضه الأقصى 15 كيلومترا، خصوصاً وأن غور الأردن يقع في المنطقة ج من خارطة اتفاق أوسلو، وهي المناطق الواقعة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، باستثناء جيب مدينة أريحا التي تعتبر عاصمة الغور الفلسطيني.