زراعة الإحباط
الوطن
صالح الشيحي
عمل مديرا لإحدى المدارس قبل سنوات.. كان عمليا منتجاً.. في أحد الأيام زار موظف الرقابة المدرسة فلم يجده.. أخبروه أن المدير توجه لإدارة التعليم من أجل أمور خاصة بالمدرسة.. لكن موظف الرقابة كتب تقريرا ـ تحول فيما بعد إلى معاملة ـ أين كنت؟ لماذا خرجت وقت الدوام؟ وأسئلة عريضة طويلة..
هذا الزميل كان يروي لي القصة وهو في حالة إحباط.. ليس بسبب موظف الرقابة فقط.. بل بسبب إدارة التعليم التي قذفت الكرة في مرماه وتناست جهوده ـ على حد قوله!
قبل أيام زار أمير منطقة الجوف مكتب العمل بالمنطقة فلم يجد المدير فكتب له عبارة رقيقة:"حضرنا ولم نجدكم"، وغادر المكان..
ولأن بعض الإعلام سلاح ذو حدين.. من الممكن أن يرفعك إلى حيث لا تحلم ولا تطمح.. ومن الممكن أن يلقي بك على قارعة الطريق و"اللي ما يشتري يتفرج".. فقد ذهب مدير مكتب العمل بالجوف ضحية لهذا الإعلام.. تفرق دمه بين الصحف والمواقع الإلكترونية والمنتديات.. كل ذلك بسبب: "حضرنا ولم نجدكم"..
مع أن الأمير لم يقل بتاتاً إنه حضر ووجد الفوضى.. أو حضر ووجد التسيب.. أو حضر ووجد الإهمال.. الرجل قال بصريح العبارة: "حضرنا ولم نجدكم"، وغادر المكان.
أنا لست منحازا لأحد.. لكنني أعرف أن الأمير حريص على راحة ومصلحة الناس في المنطقة ومؤتمن عليها.. والمدير رجل عملي وسبق له العمل مديرا عاما لفرع هيئة الرقابة والتحقيق في إحدى المناطق، وحينما تسلم مهمة المكتب قام بعدد من الإصلاحات والإنشاءات على نفقته الخاصة..
لكن المشكلة أن هذا كله لا يسمن ولا يغني أحيانا.. لذلك ولكي تنجو من هكذا مواقف ـ وإن كانت عفوية ـ فالمطلوب منك أن تتواجد من الساعة الثامنة وحتى الثانية.. حتى لو كان وجودك مثل عدمه!
لماذا أصبحنا نزرع الإحباط في نفوس بعضنا البعض دون أن نشعر؟!