Announcement

Collapse
No announcement yet.

أين قانون حقوق الإنسان يا «هيئة»؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أين قانون حقوق الإنسان يا «هيئة»؟

    أين قانون حقوق الإنسان يا «هيئة»؟




    الاقتصادية

    د. عبد الله إبراهيم الفايز

    بعد صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان, الذي هو من أهم المبادرات التي نبحث عنها منذ عقود. وهي مباركة كريمة وإحدى أهم الركائز التي نص عليها تنظيم هيئة حقوق الإنسان الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 207 في 8/8/1426هـ, الذي يخول مجلس الهيئة بمهمة «وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها, وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها», أرى أننا في الحقيقة إذا أردنا التوعية والنشر فإنه لا بد من وضع أسس لقانون حقوق الإنسان أو على الأقل أساسياته، الذي يحكم حقوق الناس فيما بينها وينظم تعاملاتهم اليومية. وأن يكون مقننا ليتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وهو مشروع أساس لا يمكن أن نحمي حقوق الإنسان دون وجود قانون وعقوبات واضحة ومحددة. وهي مهمة يجب أن تتم دراستها والاستفادة من تجارب من سبقونا.ـ و«الهيئة» ــ كما أشارت ــ تتماشى مع سياسة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الرامية إلى رعاية الإنسان وحماية حقوقه والمحافظة عليها من أجل تمكين المواطن والمقيم من التمتع بحياة كريمة وشريفة تتفق مع الشريعة الإسلامية. وهي استمرار لسياسة المملكة الثابتة منذُ عهد المؤسس الملك عبد العزيز ــ طيب الله ثراه ــ حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ حفظه الله ــ المتمثلة في تعزيز مبادئ العدل والمساواة وتعميقها بين أفراد المجتمع.

    وكلنا نعرف الوطنية والإخلاص اللذين يتحلى بهما خادم الحرمين للوطن والمواطن, فهو أول من بدأ بوضع أسس أو دستور الحكم وهيئة البيعة. وهي خطوة مهمة أعطت المجتمع الدولي الثقة الأكبر بالدولة, وفي الوقت نفسه ساعدت على توثيق الاستقرار الذي تعيشه المملكة, ما يعطيها ثقلها ومكانتها الدولية المتقدمة. واستمرارا لحكمة خادم الحرمين فهو يواصل ويستمر في ترسية الدستور الوطني لحفظ حقوق الإنسان المواطن.

    حقوق الإنسان ــ والحمد لله ــ لدينا ونعرفها, لكنها غير موثقة أو مدونة, فقد كفلها الإسلام بين أفراد المجتمع, لكن ينقصنا بلورتها كقانون مدني ومن ثم التعريف بالأنظمة والتعليمات والإجراءات المتبعة في المملكة التي تحمي حقوق الإنسان وتفعيلها. القانون والعقوبات والتطبيق هما اللذان يخلقان الثقة ويساعدان على الحد من انتهاكات حقوق الإنسان. ويليها خطوة التحذير منها والعمل على توافق اللوائح والإجراءات والسلوك التنفيذي للمتعاملين مع الجمهور مع مبادئ حقوق الإنسان ومفاهيمها، والتعريف بالأساليب والوسائل التي تساعد على حماية هذه الحقوق.

    يأتي الاهتمام بالإنسان وحقوقه في قمة ما توليه الدولة اهتمامها, وهو إحدى أولويات الخطط التنموية التي تنفق عليها مبالغ طائلة. إلا أن اهتمام الدولة بحقوق الإنسان المواطن يقابله أحياناً تهاون من بعض المواطنين أنفسهم وبعض المسؤولين, الذين هم أصلا جزء من المواطنين الذين تريد بهم الدولة خيرا, فيتهاون أو يتقاعس بعض المسؤولين في تنفيذ الرسالة الملقاة على عواتقهم ويستهينون بقيمة إخوانهم المواطنين, وهي ما لا يرضى بها ولاة الأمر. أو كما وضعها إمام وخطيب الحرم المكي الشريف من ثقل الأمانة وأن هناك من ينتهزها دون أن يكون لديه أحقية أو كفاءة لها. هناك من ينتهزون الفرص لاحتلال مناصب تنفيذية أو قيادية ليسوا أهلا لها وبكل أنانية غير مبالين بالمنفعة العامة بينما هم يعلمون أن هناك من هو أجدر وأحق بتحقيق المنفعة العامة للمجتمع. إن أساسيات حقوق الإنسان تعني توفير الأنظمة للبيئة القانونية والاجتماعية لحفظ المعيشية المناسبة لاحتياجات المواطن في البيئة المحيطة به سواء في المنزل أو في الفراغات العامة وبتوفير الراحة والأمان والهدوء والطمأنينة والرقي الحضاري في ظل وجود الخدمات الأساسية للحياة الحضرية. وهو هدف لن يتحقق إلا بتضافر جهود المواطن والدولة, كل في أداء واجباته.

    وهي مربوطة بمفهوم الديموقراطية أو الحوار الوطني التي يطالب بها البعض دون أن يعرف أن لها أساسيات وآدابا وقواعد تنظم طريقة الحوار. وهي ما نراه اليوم في مشروع الحوار الوطني وحوار الأديان. إن الديمقراطية أساسها معرفة حدود الحريات وإن حرية كل مواطن تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين, فالحرية لا تعني أن تزعج الناس بصوت المذياع بحجة أنك حر في تصرفك بينما هذا الإزعاج يمس حرية الآخرين وحقوقهم. ودون وعينا بهذه المصطلحات الحضارية لا يمكننا المطالبة بأي منها.

    وبنظرة عابرة إلى وضع الإنسان في البيئة الحضرية في مدننا نجد أن هناك من ينغص علينا الحلم الجميل في عدم احترامنا حقوق البعض. وأحياناً نكون نحن كمواطنين قد ظلمنا أنفسنا سواء كمسؤولين أو مواطنين في عدم احترام حقوقنا لبعضنا. والأمثلة على هذه الثقافة الأنانية كثيرة, منها:

    * عدم احترامنا حقوق المواطن والقوانين, خاصة قوانين المرور وقطع الإشارات, من يقف عند إشارة المرور فجأة يجد من يقوم بتخطيه قادماً من اليسار ليصف أمامه ودون احترام وبذلك يكون سرق منه حقه.

    * استهتارنا بحقوق الآخرين عند تدليعنا أبناءنا, خاصة الطائشين بإعطائهم سيارات ليقتلوا خلق الله ويزهقوا أرواحهم.

    * استهتار بعض المسؤولين بالتسيب في التعامل مع المراجعين وعدم قيامه بعمله الذي يأخذ عليه أجراً فيطلب منه تقاعساً أن يعود بعد يوم أو يومين.

    * تهاون بعض القضاة بحقوق الإنسان في الحكم على بعض القضايا وتكلفة من له الحق ظلماً بتعيين محام أو ركنه سنوات وتحميله مهمة إحضار الخصم.

    * عدم تسديد الزكاة الفعلية وقروض صندوق التنمية العقاري والصناعي التي هي حقوق من مواطنين لإخوانهم المواطنين ينتظرون سنوات عديدة لقروضهم وبناء مساكن تؤويهم, حيث يقدر المبلغ الذي لم يتم تسديده في الصندوقين بما يقارب 50 مليار ريال. وهي تكفي لبناء مدينة كاملة وتقضي على ظاهرة الفقر .. أين الوازع الديني؟

    * النوافذ والسواتر على الجيران بسبب عدم مراعاتنا حرمة الجار وعورته.وهذه في مجمعها حقوق فرضها ديننا الإسلامي, وهي أساس الدين وليس من اختراع الغرب. نصلي خمس مرات في اليوم الواحد ونسمع ونتلو آيات الله التي تحثنا على احترام حقوق البعض وننسى ذلك حال خروجنا من المسجد! أين الدين المعاملة؟ وأين لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ إن أفضل نعمة نمن بها على المواطن هي نعمة الوعي الحضاري لمعنى الحريات والإحساس بالمسؤولية واحترام حقوق الآخرين. وهي تختلف عن التعليم والانطباع الخاطئ بأن كل متعلم أو حاصل على شهادات علمية عليا يعتبر واعياً في سلوكياته مع إخوانه وأبناء فطرته ومجتمعه. وما زالت بعض العصبيات مخدوعة في أمرها. فكل مجموعة بيئية أو قبلية مهما بلغت من التخلف أو الجهل تعتقد أنها أفضل وأسمى من جيرانها, وهذا هو عين التخلف الحضاري والديني. فمتى يعي المواطن تقدير النعم التي حباه الله إياها بدلاً من النفاق الاجتماعي والإسراف والبذخ الذي يخالف تعاليم ديننا الحنيف. هذه الخصائص هي أساس الدين المعاملة .. فماذا تركنا لإخواننا المسلمين في أنحاء العالم الذين نعتقد أننا أفضل منهم؟

    وهل نحن أحرار في عدم الاهتمام بتربية أبنائنا؟ وماذا أعددنا تخطيطياً لمستقبل أطفالنا الذين يعيشون ازدواجية حضرية: الأولى تربوية تحت توجيهات أب ممن شوهته سموم الطفرة. والأخرى اجتماعية مما يواجه الطفل خارج المنزل من عالم آخر فيه منعطفات خطيرة تجعله يقف مشدوهاً ومشتت التفكير كطفل غير قادر على تصور ما سيؤول إليه مستقبله بعد حرب العولمة وتأثيرها فيه كعماد للمستقبل. والله وحده أعلم بمتطلبات هذا النشء ومنقلبهم الحضري وما يخبئه المستقبل الغامض لهم. ومتى نخلص أبناءنا من سموم العمالة الأجنبية والخدم في منازلنا ومحنة السائق الأجنبي الذي غزا بيوتنا وأصبح يستحل خصوصياتنا وينشر أوباءه الخبيثة؟ وما يسببه من أمراض اجتماعية وتعذيب لنفسيات أطفالنا ستترك ترسباتها وعقدها النفسية لأبنائنا جيل المستقبل وإلى متى نقف ساكتين أمام هذه الظاهرة ونحاول أن نفهمها ونوليها العناية اللازمة؟ ومن يحفظ حقوق المواطنين الذين يعانون وسيعانون أكثر مستقبلا هذه المشكلات التي تقاعسنا في معالجتها؟

    لقد كتبت في هذا المجال قبل أعوام وجاءت موافقة خادم الحرمين تحقيقا لحلمي, فقد أشرت «أصبح الأمر ملحاً اليوم لإيجاد هيئة عليا للتوعية الحضارية والإسلامية الصحية وليست المبنية على القشور والكسل وعدم السعي للعلم وإعداد ما نستطيع من قوة لمواجهة الأعداء, لتضع الأسس الأولى لحقوق الإنسان وحرياته والتي هي أساس حقوق الإنسان والحوار الوطني, وأن تسير هذه التوعية في خط متواز مع المجهودات الأخرى التي يجب أن تقوم بها الدولة والمنزل والمدرسة لتوعية المواطن, وأنه من الأولى أن نحترم حقوق بعضنا بعضا قبل أن نطلب من الدولة أو الدول الأخرى احترام حقوقنا».

    الزيتون عندما يُضغط يخرج الزيت الصافي فإذا شعرت بمتاعب الحياة تعصرقلبك فلا تحزن انه "الله" يريد أن يخرج أحلى ما فيك ايمانك دعاءك وتضرعك




Working...
X