أين الشفافية يا مجلس الشورى!؟
الجزيرة-السعودية
الكاتب: عبد الرحمن الحبيب
طرحت لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلس الشورى مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية العام الماضي، ثم نشرت جريدة الجزيرة نصَّ المشروع، وبعدها وعلى مدى شهر تقريباً تعرض المشروع لنقد واسع من كثير من الكتاب.....
..... والمتابعين.. وكان أغلب النقد ارتكز على عدم استقلالية تلك المؤسسات وفقاً لذلك النظام، وعلى طرق التسجيل عند إنشاء المؤسسة أو التظلم عند حلها.. إلخ.
المهم، بعد ذلك عند التصويت عليه في مجلس الشورى رُفض بشبه إجماع نتيجة كثرة الثغرات في ذلك المشروع، وقرر أن يعاد صياغته عبر لجنة خاصة يرأسها الدكتور عبدالرحمن السويلم.. وقد استبشر كثير من المتابعين خيراً على هذا الموقف من المجلس، سواء برفض المشروع بصورته التي كان عليها أو بإعادة صياغته برئاسة السويلم المعروف بكفاءته التنظيمية وبنشاطه الواسع في الجمعيات والعمل التطوعي.
لكن قبل أن يبدأ المجلس إجازته الصيفية قبل شهرين، كانت اللجنة الخاصة بصياغة المشروع الجديد قد عرضته للمناقشة، وتقرر تأجيل التصويت على مواد مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد لجلسة مقبلة بناء على طلب اللجنة التي طلبت منحها فرصة لدراسة المشروع مرة أخرى وفق ما دار بشأنه ومن ثم تقديم مرئياتها لاحقاً.. والآن بعودة أعضاء المجلس من إجازاتهم السنوية، ومن المتوقع -إن لم يكن قد تم فعلاً- أن يصوت الأعضاء بالموافقة ومن ثم بالرفع لمجلس الوزراء للبت فيه.
المشكلة أن كل ذلك الذي جرى، لم ينشر خلاله مشروع النظام المقترح، بل نشر الخبر فقط! وقيل لنا أن هناك تكتماً على مناقشة تفاصيل المشروع خارج أروقة مجلس الشورى.. وكأنه يقال لنا: لكي لا يحدث لهذا المشروع ما حدث له العام الماضي من نقد وتعطيل، فستتم مناقشته بسرية! وأتمنى أن استنتاجي هذا خاطئ! ففي حلقة تلفزيونية حوارية جمعتني بالدكتور عبدالرحمن السويلم، طرحت مثل هذا التساؤل، لكن لم يتسن له التعليق (ربما بسبب دبلوماسيته)، وأكد أن مشروع النظام الجديد مختلف عن سابقه، وأنه كتب بعناية فائقة، وباستشارة المختصين، وروعيت فيه كثير من الانتقادات السابقة.. إلخ.
ومع الثقة الكبيرة بقدرات السويلم، إلا أنني أسجل اعتراضي على عدم نشر مشروع النظام في الصحف ليطلع عليه المختصون والمتابعون والكتاب والناشطون في مجال مؤسسات المجتمع المدني والعمل الخيري والتطوعي.. والسويلم كان حريصاً على منح مشروع النظام مزيداً من النقاش في مجلس الشورى، وطلبت اللجنته مزيداً من الجلسات لنقاشه والاستئناس بالمرئيات والمقترحات.. وأظنه حريص أيضاً على منحه النقاش كذلك من قبل المتابعين خارج مجلس الشورى.. فهل هناك تحفظ أم أنه كان مجرد اقتراح روتيني بعدم النشر!؟ وهل هناك تكتم مقصود أم مجرد نسيان وربما لا مبالاة؟
إنه لمن المدهش حقاً، أن لا يتم نشر مشروع النظام كاملاً في الصحف أو في موقع المجلس في الإنترنت!! ففي الوقت الذي نكرر فيه أن مرحلة الإصلاح التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، تتميز بالمكاشفة والشفافية والمصارحة، نفاجئ بإحدى الطرق غير المناسبة في التعامل مع الرأي العام عبر التكتم أو اللامبالاة في النشر أو عدم النشر في موضوع عمومي.
لو كان المشروع يخص بعض المسائل التي تتصف بالحساسية وينبغي مناقشتها بسرية، مثل التي تخص الأمن الوطني، فتلك مسألة طبيعية في كل دول العالم.. ولو كانت مسألة فنية تخصصية بحتة أو علمية وتم الرجوع للمختصين وتم نسيان الرأي العام، لقلنا ربما تلك مسائل تخصصية يصعب على الرأي العام أخذ موقف منها.. لكن أن يكون المشروع خاصاً بالناس.. مشروع في مقدمته تركيز على المشاركة الشعبية في القرار الرسمي وغير الرسمي، فهنا العجب! كيف يكون مشروعاً هدفه دعم المشاركة الشعبية ولا يطرح للمشاركة الشعبية؟ وكيف يكون مشروعاً هدفه تنظيم العمل الأهلي الخيري والمدني الحقوقي والتطوعي والشعبي ولا يتم نشره مدنياً للناس؟
وفي تصريح صحفي لوكالة الأنباء السعودية، سبق أن أوضح الأمين العام المساعد للمجلس أحمد اليحيى: (أن مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الأهمية بمكان أن يراعى عدم الاستعجال في إقراره لاختلافه عن بقية الأنظمة التي أُقرت حرصاً على إعطاء النظام واللجنة المعنية بدراسته الفرصة الكافية من المناقشة والاستماع للآراء كافة بقصد التعديل والتطوير بما يكفل له بعد إقراره الإسهام في تطوير العمل في الجمعيات والمؤسسات الأهلية في المجتمع ليحقق الانعكاسات الإيجابية الداعمة لتقدم هذه البلاد وازدهارها انطلاقاً من رؤية إصلاحية مستقبلية وشاملة ارتآها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز..). فإذا كان مشروع النظام بهذه الأهمية من حاجته لمزيد من النقاش والتأني، فمن المفترض أن يشارك فيه أيضاً المتابعون خارج قبة المجلس!
وأخيراً نتمنى من أعضاء مجلس الشورى وعلى رأسهم فضيلة الشيخ صالح بن حميد مراجعة مسوغات هذه الطريقة في عدم النشر، ونتمنى أن نشاهد في أقرب فرصة ممكنة كافة مواد مشروع النظام المذكور قد رأت النور ليتمكن المهتمون وذوو العلاقة من المشاركة في وجهات نظرهم، فالمشروع أولاً وأخيراً من الناس وإليهم!
الجزيرة-السعودية
الكاتب: عبد الرحمن الحبيب
طرحت لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلس الشورى مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية العام الماضي، ثم نشرت جريدة الجزيرة نصَّ المشروع، وبعدها وعلى مدى شهر تقريباً تعرض المشروع لنقد واسع من كثير من الكتاب.....
..... والمتابعين.. وكان أغلب النقد ارتكز على عدم استقلالية تلك المؤسسات وفقاً لذلك النظام، وعلى طرق التسجيل عند إنشاء المؤسسة أو التظلم عند حلها.. إلخ.
المهم، بعد ذلك عند التصويت عليه في مجلس الشورى رُفض بشبه إجماع نتيجة كثرة الثغرات في ذلك المشروع، وقرر أن يعاد صياغته عبر لجنة خاصة يرأسها الدكتور عبدالرحمن السويلم.. وقد استبشر كثير من المتابعين خيراً على هذا الموقف من المجلس، سواء برفض المشروع بصورته التي كان عليها أو بإعادة صياغته برئاسة السويلم المعروف بكفاءته التنظيمية وبنشاطه الواسع في الجمعيات والعمل التطوعي.
لكن قبل أن يبدأ المجلس إجازته الصيفية قبل شهرين، كانت اللجنة الخاصة بصياغة المشروع الجديد قد عرضته للمناقشة، وتقرر تأجيل التصويت على مواد مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد لجلسة مقبلة بناء على طلب اللجنة التي طلبت منحها فرصة لدراسة المشروع مرة أخرى وفق ما دار بشأنه ومن ثم تقديم مرئياتها لاحقاً.. والآن بعودة أعضاء المجلس من إجازاتهم السنوية، ومن المتوقع -إن لم يكن قد تم فعلاً- أن يصوت الأعضاء بالموافقة ومن ثم بالرفع لمجلس الوزراء للبت فيه.
المشكلة أن كل ذلك الذي جرى، لم ينشر خلاله مشروع النظام المقترح، بل نشر الخبر فقط! وقيل لنا أن هناك تكتماً على مناقشة تفاصيل المشروع خارج أروقة مجلس الشورى.. وكأنه يقال لنا: لكي لا يحدث لهذا المشروع ما حدث له العام الماضي من نقد وتعطيل، فستتم مناقشته بسرية! وأتمنى أن استنتاجي هذا خاطئ! ففي حلقة تلفزيونية حوارية جمعتني بالدكتور عبدالرحمن السويلم، طرحت مثل هذا التساؤل، لكن لم يتسن له التعليق (ربما بسبب دبلوماسيته)، وأكد أن مشروع النظام الجديد مختلف عن سابقه، وأنه كتب بعناية فائقة، وباستشارة المختصين، وروعيت فيه كثير من الانتقادات السابقة.. إلخ.
ومع الثقة الكبيرة بقدرات السويلم، إلا أنني أسجل اعتراضي على عدم نشر مشروع النظام في الصحف ليطلع عليه المختصون والمتابعون والكتاب والناشطون في مجال مؤسسات المجتمع المدني والعمل الخيري والتطوعي.. والسويلم كان حريصاً على منح مشروع النظام مزيداً من النقاش في مجلس الشورى، وطلبت اللجنته مزيداً من الجلسات لنقاشه والاستئناس بالمرئيات والمقترحات.. وأظنه حريص أيضاً على منحه النقاش كذلك من قبل المتابعين خارج مجلس الشورى.. فهل هناك تحفظ أم أنه كان مجرد اقتراح روتيني بعدم النشر!؟ وهل هناك تكتم مقصود أم مجرد نسيان وربما لا مبالاة؟
إنه لمن المدهش حقاً، أن لا يتم نشر مشروع النظام كاملاً في الصحف أو في موقع المجلس في الإنترنت!! ففي الوقت الذي نكرر فيه أن مرحلة الإصلاح التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، تتميز بالمكاشفة والشفافية والمصارحة، نفاجئ بإحدى الطرق غير المناسبة في التعامل مع الرأي العام عبر التكتم أو اللامبالاة في النشر أو عدم النشر في موضوع عمومي.
لو كان المشروع يخص بعض المسائل التي تتصف بالحساسية وينبغي مناقشتها بسرية، مثل التي تخص الأمن الوطني، فتلك مسألة طبيعية في كل دول العالم.. ولو كانت مسألة فنية تخصصية بحتة أو علمية وتم الرجوع للمختصين وتم نسيان الرأي العام، لقلنا ربما تلك مسائل تخصصية يصعب على الرأي العام أخذ موقف منها.. لكن أن يكون المشروع خاصاً بالناس.. مشروع في مقدمته تركيز على المشاركة الشعبية في القرار الرسمي وغير الرسمي، فهنا العجب! كيف يكون مشروعاً هدفه دعم المشاركة الشعبية ولا يطرح للمشاركة الشعبية؟ وكيف يكون مشروعاً هدفه تنظيم العمل الأهلي الخيري والمدني الحقوقي والتطوعي والشعبي ولا يتم نشره مدنياً للناس؟
وفي تصريح صحفي لوكالة الأنباء السعودية، سبق أن أوضح الأمين العام المساعد للمجلس أحمد اليحيى: (أن مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الأهمية بمكان أن يراعى عدم الاستعجال في إقراره لاختلافه عن بقية الأنظمة التي أُقرت حرصاً على إعطاء النظام واللجنة المعنية بدراسته الفرصة الكافية من المناقشة والاستماع للآراء كافة بقصد التعديل والتطوير بما يكفل له بعد إقراره الإسهام في تطوير العمل في الجمعيات والمؤسسات الأهلية في المجتمع ليحقق الانعكاسات الإيجابية الداعمة لتقدم هذه البلاد وازدهارها انطلاقاً من رؤية إصلاحية مستقبلية وشاملة ارتآها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز..). فإذا كان مشروع النظام بهذه الأهمية من حاجته لمزيد من النقاش والتأني، فمن المفترض أن يشارك فيه أيضاً المتابعون خارج قبة المجلس!
وأخيراً نتمنى من أعضاء مجلس الشورى وعلى رأسهم فضيلة الشيخ صالح بن حميد مراجعة مسوغات هذه الطريقة في عدم النشر، ونتمنى أن نشاهد في أقرب فرصة ممكنة كافة مواد مشروع النظام المذكور قد رأت النور ليتمكن المهتمون وذوو العلاقة من المشاركة في وجهات نظرهم، فالمشروع أولاً وأخيراً من الناس وإليهم!