حديث التضخّم
أحمد الشعلان
الحياة - 30/09/07//
ما نعرفه ان التضخم يسهم في تآكل رواتب الناس حتى المتقاعدين منهم ممن وفروا ايام الريال الغالي وصرفوا بالريال الرخيص، وما نعرفه ايضاً ان ما ارتفع سعره من سلع وخدمات مرشح للارتفاع أكثر وأكثر، والأكيد ان من كنا نحتار في فقرهم وقت تعريفات الفقر المختلفة العام الماضي، تأهلوا لنادي الفقر هذا العام من دون اختبار قدرات وقياس إمكانات، أما من كانوا من ذوي الدخل المحدود فأصبحوا من ذوي الدخل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
حدث كل شيء بسرعة كبيرة، وتعاظم الطلب على كل شيء، وانخفض العرض من كل شيء، وزادت كلفة كل شيء نستورده تقريباً نتيجة انخفاض قيمة الدولار، وأسهمت حملة السيطرة على التأشيرات في زيادة كلفة الخدمات المعتمدة على العمالة، واستمر ضخ الانفاق الحكومي الذي اشغل المقاولين ومقاوليهم وورشهم ومعاملهم، اما زيادة الـ15 في المئة في رواتب موظفي القطاع العام فزادت الطلب الاستهلاكي على كل السلع والخدمات بشكل غير مسبوق.
ها هي الحال كما تبدو لكم ولا احد يملك سوى المؤسسات الحكومية المعنية ادوات القياس التي ترصد سرعة التضخم، في حين نكتفي نحن بالاستماع للتعليقات التطمينية التي بدأت منذ مطلع العام، فالجميع سمع اننا في مأمن من التضخم، ثم قالوا لنا ان التضخم مستورد، اما كلفة المعيشة فهي في انخفاض وفقاً للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، الذي تمتلك مصلحة الاحصاءات العامة النسخة الوحيدة من مفاتيحه، واليوم وصلت الحال بنا الى ارتفاع مذهل لكل ما يحمل بطاقة اسعار خدمة كان او سلعة مستوردة او وطنية، من صندوق الطماطم الذي حلقت اسعاره متضاعفة 300 في المئة، وحتى النقليات التي ارتفعت 200 في المئة، مروراً بالإيجارات، وحتى «البخشيش» الذي لم يسلم من التضخم.
لا أعرف اي تصنيف يمكن ان نطلقه على تضخمنا هذا وبأية درجة او سرعة يمكن قياس سرعته، واعرف ان في هذا العالم يحصل ان ينتقل التضخم من خفيف الى متوسط ثم يصل الى التضخم القوي وتبرع المصارف المركزية في مكافحة درجات التضخم بسرعة وبطرق فعالة ومؤثرة، خصوصاً ما يتعلق بالضعفاء من الناس ممن اصبحوا بعد هذا الجنون السعري حتى للسلع الرئيسية والخدمات الضرورة ضحايا يستحقون عوناً عاجلاً وتدخلاً سريعاً.
التدخل السريع مطلب، والتاريخ يخبرنا بقصص عن التضخم هي اليوم كالعبر، فهو لم يبدأ بقوة في أميركا اللاتينية بل قفز بسرعة إلى مستويات عالية بسبب إهمال السلطات النقدية، والتاريخ يشهد بأن تغاضي البنوك المركزية او تقاعسها عن وظيفتها في محاربة التضخم، قد يؤدي الى كلفة اكبر للمكافحة في وقت لاحق بعد أن يقع «الفأس في الرأس» ويتسع الشق ليصبح أكبر من الرقعة وتزداد الهوة التي يصعب ردمها.
أحمد الشعلان
الحياة - 30/09/07//
ما نعرفه ان التضخم يسهم في تآكل رواتب الناس حتى المتقاعدين منهم ممن وفروا ايام الريال الغالي وصرفوا بالريال الرخيص، وما نعرفه ايضاً ان ما ارتفع سعره من سلع وخدمات مرشح للارتفاع أكثر وأكثر، والأكيد ان من كنا نحتار في فقرهم وقت تعريفات الفقر المختلفة العام الماضي، تأهلوا لنادي الفقر هذا العام من دون اختبار قدرات وقياس إمكانات، أما من كانوا من ذوي الدخل المحدود فأصبحوا من ذوي الدخل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
حدث كل شيء بسرعة كبيرة، وتعاظم الطلب على كل شيء، وانخفض العرض من كل شيء، وزادت كلفة كل شيء نستورده تقريباً نتيجة انخفاض قيمة الدولار، وأسهمت حملة السيطرة على التأشيرات في زيادة كلفة الخدمات المعتمدة على العمالة، واستمر ضخ الانفاق الحكومي الذي اشغل المقاولين ومقاوليهم وورشهم ومعاملهم، اما زيادة الـ15 في المئة في رواتب موظفي القطاع العام فزادت الطلب الاستهلاكي على كل السلع والخدمات بشكل غير مسبوق.
ها هي الحال كما تبدو لكم ولا احد يملك سوى المؤسسات الحكومية المعنية ادوات القياس التي ترصد سرعة التضخم، في حين نكتفي نحن بالاستماع للتعليقات التطمينية التي بدأت منذ مطلع العام، فالجميع سمع اننا في مأمن من التضخم، ثم قالوا لنا ان التضخم مستورد، اما كلفة المعيشة فهي في انخفاض وفقاً للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، الذي تمتلك مصلحة الاحصاءات العامة النسخة الوحيدة من مفاتيحه، واليوم وصلت الحال بنا الى ارتفاع مذهل لكل ما يحمل بطاقة اسعار خدمة كان او سلعة مستوردة او وطنية، من صندوق الطماطم الذي حلقت اسعاره متضاعفة 300 في المئة، وحتى النقليات التي ارتفعت 200 في المئة، مروراً بالإيجارات، وحتى «البخشيش» الذي لم يسلم من التضخم.
لا أعرف اي تصنيف يمكن ان نطلقه على تضخمنا هذا وبأية درجة او سرعة يمكن قياس سرعته، واعرف ان في هذا العالم يحصل ان ينتقل التضخم من خفيف الى متوسط ثم يصل الى التضخم القوي وتبرع المصارف المركزية في مكافحة درجات التضخم بسرعة وبطرق فعالة ومؤثرة، خصوصاً ما يتعلق بالضعفاء من الناس ممن اصبحوا بعد هذا الجنون السعري حتى للسلع الرئيسية والخدمات الضرورة ضحايا يستحقون عوناً عاجلاً وتدخلاً سريعاً.
التدخل السريع مطلب، والتاريخ يخبرنا بقصص عن التضخم هي اليوم كالعبر، فهو لم يبدأ بقوة في أميركا اللاتينية بل قفز بسرعة إلى مستويات عالية بسبب إهمال السلطات النقدية، والتاريخ يشهد بأن تغاضي البنوك المركزية او تقاعسها عن وظيفتها في محاربة التضخم، قد يؤدي الى كلفة اكبر للمكافحة في وقت لاحق بعد أن يقع «الفأس في الرأس» ويتسع الشق ليصبح أكبر من الرقعة وتزداد الهوة التي يصعب ردمها.