دققوا قبل أن تجازفوا!!
يوسف الكويليت - الرياض
لو أخرجنا مخزون ذاكرتنا، وعدنا لمرحلة الستينيات وكيف تم تأميم عمارات ومطاعم ومصادرة بعض أموال عربية لم تأخذ بنهج الدول الاشتراكية الوليدة آنذاك لربما أضحكنا الموقف، لكن التصفيق الحاد والهتافات ولعن الإمبرياليين وأموالهم كانت اللغة السائدة حتى إن التحولات التي استدعت مصادرة الأراضي من الملاّك للجم الإقطاعيات الكبرى وتوزيعها على الفلاحين الصغار، كانت مجرد خدعة كبرى، لأن الإنتاج الزراعي كان يباع على الدولة التي تقايض به أسلحة أو بضائع ومشتريات أخرى لا يطال الفلاح منها إلا أجره البسيط لتتحول الإقطاعيات من يد الملاّك السابقين إلى حيازات تسيطر عليها الدولة الاشتراكية وأجهزتها..
نفس الشيء جرى للبنوك والمصانع ووسائل الإنتاج الأخرى غير الزراعية لتحل بديلاً عنها بطاقات التموين في الجمعيات الحكومية التي قننت للفرد والأسرة كيلوغرامات من الأطعمة مثل الأرز والسكر والشاي والزيت وغيرها، وباتت السلع الأخرى تباع بالدولار أو العملات الصعبة لتحل الكارثة باقتصاديات تلك الدول وكل من أقدم على الاستثمار بها قبل عصر التأميم..
الآن وقد ذهبت تلك المبادئ وإجراءاتها إلى أسفار التاريخ السياسي والاقتصادي، فقد عدنا إلى مدرسة لا تقل شراسة عن الأولى، وهذه المرة أصبحت الدولة العظمى الأمريكية وتوابعها الأوروبيات هي من يتحكم بمسار الاقتصاد العالمي، وصارت مسألة تجميد الأموال وسن ضرائب عليها، والمقاطعة، وإعلان إفلاس المؤسسات والبنوك عند أي أزمة تبرر إسقاط حقوق الدول الأخرى، وقد شهدنا كيف أصبح العراق في مرحلة صدام بلداً محاصراً لا تصله الأغذية والأدوية مما عرّض الأطفال إلى الموت بأعداد وصلت إلى الملايين، وحاولت إعادة التجربة مع دول أخرى مثل كوريا وكوبا وبلدان أفريقية، ولاتينية وآسيوية، دفعت ثمن سياسة الرأسمالية المتوحشة، وفي الظرف الراهن أصبح هناك رعب حقيقي يسود كل المستثمرين في تلك الدول بعد سقوط الأقنعة وانهيار الاقتصاديات التي طالما ظلت تعتبر نفسها الحامي والضامن للاقتصاد العالمي..
سوف تكون هناك القمة الاقتصادية القادمة للعشرين دولة المؤثرة في الاقتصاد العالمي، وقد يختلط الاستجداء بالضغوط والتخويف وممارسة أعلى وسائل الإغراء، وقد يقع في قفص هذه الدول من لا زالوا يحسنون النوايا، أو يغريهم هبوط العقارات وأسهم البنوك والاعتقاد بوجود فرص لجني أرباح قادمة، وهذا ما لا يمكن أن تنخدع به الصين أو روسيا واليابان، لكن الدول الأقل وزناً ربما تسير بالاتجاه المضاد وحتى نرسخ اليقين بتلك الاقتصاديات المنهارة، ومعرفة الرياح التي توجهها، علينا أن لا نخطو باتجاه المجهول، لأن المحللين حتى داخل مراكز تلك القوى لا زالوا يرون التحولات خطيرة، وأن الكساد سوف يصل إلى نقطة اللاعودة إلا بعد مرور عدة سنوات، وهذا الإشكال يفرض على الدول الخليجية أن تكون مراقباً ومدققاً في كل شيء، لأن الأموال إذا ما وصلت إلى صناديق تلك الدول قد لا تعود، وإن عادت فستكون مجموعة بضائع مخزنة في مستودعات تلك الدول غير صالحة للاستعمال..
يوسف الكويليت - الرياض
لو أخرجنا مخزون ذاكرتنا، وعدنا لمرحلة الستينيات وكيف تم تأميم عمارات ومطاعم ومصادرة بعض أموال عربية لم تأخذ بنهج الدول الاشتراكية الوليدة آنذاك لربما أضحكنا الموقف، لكن التصفيق الحاد والهتافات ولعن الإمبرياليين وأموالهم كانت اللغة السائدة حتى إن التحولات التي استدعت مصادرة الأراضي من الملاّك للجم الإقطاعيات الكبرى وتوزيعها على الفلاحين الصغار، كانت مجرد خدعة كبرى، لأن الإنتاج الزراعي كان يباع على الدولة التي تقايض به أسلحة أو بضائع ومشتريات أخرى لا يطال الفلاح منها إلا أجره البسيط لتتحول الإقطاعيات من يد الملاّك السابقين إلى حيازات تسيطر عليها الدولة الاشتراكية وأجهزتها..
نفس الشيء جرى للبنوك والمصانع ووسائل الإنتاج الأخرى غير الزراعية لتحل بديلاً عنها بطاقات التموين في الجمعيات الحكومية التي قننت للفرد والأسرة كيلوغرامات من الأطعمة مثل الأرز والسكر والشاي والزيت وغيرها، وباتت السلع الأخرى تباع بالدولار أو العملات الصعبة لتحل الكارثة باقتصاديات تلك الدول وكل من أقدم على الاستثمار بها قبل عصر التأميم..
الآن وقد ذهبت تلك المبادئ وإجراءاتها إلى أسفار التاريخ السياسي والاقتصادي، فقد عدنا إلى مدرسة لا تقل شراسة عن الأولى، وهذه المرة أصبحت الدولة العظمى الأمريكية وتوابعها الأوروبيات هي من يتحكم بمسار الاقتصاد العالمي، وصارت مسألة تجميد الأموال وسن ضرائب عليها، والمقاطعة، وإعلان إفلاس المؤسسات والبنوك عند أي أزمة تبرر إسقاط حقوق الدول الأخرى، وقد شهدنا كيف أصبح العراق في مرحلة صدام بلداً محاصراً لا تصله الأغذية والأدوية مما عرّض الأطفال إلى الموت بأعداد وصلت إلى الملايين، وحاولت إعادة التجربة مع دول أخرى مثل كوريا وكوبا وبلدان أفريقية، ولاتينية وآسيوية، دفعت ثمن سياسة الرأسمالية المتوحشة، وفي الظرف الراهن أصبح هناك رعب حقيقي يسود كل المستثمرين في تلك الدول بعد سقوط الأقنعة وانهيار الاقتصاديات التي طالما ظلت تعتبر نفسها الحامي والضامن للاقتصاد العالمي..
سوف تكون هناك القمة الاقتصادية القادمة للعشرين دولة المؤثرة في الاقتصاد العالمي، وقد يختلط الاستجداء بالضغوط والتخويف وممارسة أعلى وسائل الإغراء، وقد يقع في قفص هذه الدول من لا زالوا يحسنون النوايا، أو يغريهم هبوط العقارات وأسهم البنوك والاعتقاد بوجود فرص لجني أرباح قادمة، وهذا ما لا يمكن أن تنخدع به الصين أو روسيا واليابان، لكن الدول الأقل وزناً ربما تسير بالاتجاه المضاد وحتى نرسخ اليقين بتلك الاقتصاديات المنهارة، ومعرفة الرياح التي توجهها، علينا أن لا نخطو باتجاه المجهول، لأن المحللين حتى داخل مراكز تلك القوى لا زالوا يرون التحولات خطيرة، وأن الكساد سوف يصل إلى نقطة اللاعودة إلا بعد مرور عدة سنوات، وهذا الإشكال يفرض على الدول الخليجية أن تكون مراقباً ومدققاً في كل شيء، لأن الأموال إذا ما وصلت إلى صناديق تلك الدول قد لا تعود، وإن عادت فستكون مجموعة بضائع مخزنة في مستودعات تلك الدول غير صالحة للاستعمال..