Announcement

Collapse
No announcement yet.

الأخلاق في بلدي بين الحقيقة والرؤية الشخصية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الأخلاق في بلدي بين الحقيقة والرؤية الشخصية

    الأخلاق في بلدي بين الحقيقة والرؤية الشخصية


    سليمان العقيلي - الوطن


    نكاد نفجع لهول الأرقام التي كشفها أول من أمس الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الوقوعات الأخلاقية والاعتداء على الأعراض والتي بلغت جملتها ما يزيد عن 59 ألف واقعة خلال العام الماضي. وقال الرئيس العام الشيخ إبراهيم الغيث في عرض لإنجازات إدارته إن عدد الوقوعات المتعلقة بالاعتداء على الأعراض بلغت 34826 وعدد الوقوعات المتعلقة بالمخالفات الأخلاقية 24504 وقائع.

    ومع التسليم بقضاء الله وقدره، أتساءل هل يريد الشيخ الغيث أن يطلق صرخة للمجتمع للحد من ظاهرة مستفحلة تضرب المجتمع السعودي المشهود له بالتشبث بالأخلاق؟ أم إن فضيلته أراد أن يبرهن على صحة ونجاعة عمل منسوبي الهيئة الميدانيين؟ في ظل النقد المتواتر صحفيا واجتماعيا لأخطائهم، لكي يعطي الدليل على ضخامة وأهمية دور الهيئة ورجالها كيما تسكت كل الأفواه التي لربما بهذه الأرقام يمكن إخراسها واعتبارها مناهضة للأخلاق؟

    أربأ بالقيمين على الهيئة وفي مقدمتهم فضيلة رئيسها العام أن يكون هدفهم من نشر هذه الأرقام تكميم الأفواه. لكني لا يمكن أن أنأى بنفسي عن مناقشة هذا الرقم المذهل و حقيقته الميدانية ومعناه الاجتماعي. فلا يمكنني أن أصدق أن نحو 60 ألف واقعة أخلاقية خلال عام واحد بمعدل يومي يصل نحو 170 واقعة لا أخلاقية تقع في بلدي. إلا إذا كان مجتمعنا يعاني - لا سمح الله - من تفلت أخلاقي. وهذا ما لا أعتقده. أخذا في الاعتبار القيم الأخلاقية الدينية والعرفية التي تسير حياة الناس وتجعل من التعرض للنساء فضيحة اجتماعية. في ضوء ذلك ليس لي من استنتاج إلا التعويل على عدم دقة المعايير الفضفاضة التي قد يستخدمها رجال الضبط والإحصاء في الهيئة في تصنيف الوقوعات. حيث يمكن أن يعتبروا ضبط حدث متسكع في السوق واقعة أخلاقية وهو ما تسنى لي معرفته الشهر الماضي، حيث تم ضبط حدث وإيداعه دار الأحداث ومصادرة جواله و(أي بود) الموسيقى الخاص به.

    ورغم أن هيئة التحقيق والادعاء برأته وطلبت تسليم الحدث أغراضه الشخصية، ما زالت الهيئة تصر على المصادرة، لأنها تعتقد أنها ضبطت حادثة أخلاقية. مثل هذه الحادثة من المتوقع أن تدرج في وقوعات الهيئة كحادثة أخلاقية رغم براءة الصبي. وهكذا الأمر دواليك. الشيء الذي يتطلب من الهيئة إعادة النظر في تصنيفاتها للوقوعات ومن ثم لمجتمعنا المتماسك والحريص على أخلاقياته وقيمه.

    إن الوقوعات التي رصدتها الهيئة بالنظر إلى معايير أفرادها الشخصية لنوع الواقعة يمكن أن تصل إلى ما هو أكبر من ذلك. لكن الخاسر الأكبر هو الحقيقة؛ حقيقة أخلاقنا و سلوك مجتمعنا، التي ينبغي ألا يعرض بها بتصنيف يقوم على اجتهادات شخصية ضيقة، تعلن في المنابر ووسائل الإعلام لتعطي دليلا غير دقيق لمدى قوة الأخلاق في بلد بأكمله.
    الباطل صوته أعلى، وأبواقه اوسع، واكاذيبه لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن ان تقف عند حد. فكيف اذا كان بعض ابطاله قد بات في نظر نفسه والعميان من حوله من انصاف آلهة.
Working...
X