الزيادة غير المبررة لتذاكر السفر
مازن عبد الرزاق بليله - الوطن
أعلنت الخطوط السعودية أنها سترفع أسعار الدرجة الأولى والأفق للرحلات الداخلية بمعدل 30% دفعة واحدة ابتدأ من الأسبوع القادم، لتوازي مثيلاتها، من أسعار الخطوط الأخرى، وقد اختارت الخطوط السعودية للأسف الوقت الخطأ، والمكان الخطأ، والأسلوب الخطأ، والتبرير الخطأ، لهذا الإعلان، فالتوقيت غير مناسب، لأن إعلانات مؤسسة النقد وتصريحات مسؤوليها عكس ذلك، حيث تقول وزارة المالية إن هذا هو الشهر الأول الذي بدأ فيه، معدل التضخم بالمملكة في الانخفاض، وبدأت معدلات التسارع في التضخم تتراجع في العالم كله، ومع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ومع الانخفاض الحاد في أسعار النفط يبدأ الناس في التفكير بخفض الأسعار، لتحريك عجلة الاقتصاد ومنعها من التوقف أو التعثر أو الركود، لكن الخطوط السعودية تعمل عكس ذلك، فتزيد عرقلة الاقتصاد المحلي، بزيادة أسعار تذاكرها، فالتوقيت لرفع الأسعار ليس الآن، وليس له ما يبرره اليوم، فالرواتب كما هي، والإنفاق الحكومي يتوقع أن يتدنى لتدني أسعار النفط، وهناك بنوك عالمية أعلنت إفلاسها، وضاعت معها ثروات المودعين، وهناك مشاريع ستتعطل بسبب ضعف تمويل البنوك الخارجية، واضطراب سوق الأسهم السعودي، وكل أسواق البورصة، في الخليج، والعالم العربي، وأسواق أوراق المال العالمية، وفي ظل الخوف والهلع من حمى الإفلاس، يعيش الناس في ظروف طارئة، تصلح لكل شيء، عدا أن تكون وقتا مناسبا لإعلان رفع الأسعار.
والمكان الخطأ، لأن الخطوط السعودية، ليست هي الجهة التي تعلن رفع الأسعار، لأنها لم تحصل بعد على رضا كامل من كل العملاء، فإلى وقت قريب كانت متهمة بعدم الاهتمام بعملائها، وإلى عهد قريب أجبرت على عودة رحلاتها الداخلية المتوقفة لصغار المدن، وإلى عهد قريب ما زالت تستأجر طائرات غير آمنة، فما سبب الزيادة، هل هناك طائرات جديدة؟ أم هناك خدمات جديدة سوف تقدمها الخطوط لعملائها، فرفع الأسعار، يكون مقابل وعد بالتحسين، أو وعد بالارتقاء بالخدمة، أو مقابل حزمة من المميزات، مثل الحجز السريع، أو راحة أفضل، أو التزام بالمواعيد، أو صيانة أكثر أمنا، وفي هذه الحالة، يكون من المناسب أن تكون الزيادة اختيارية، بمعنى من يريد أن يستمتع بحزمة الخدمات الجديدة، يمكنه العمل على ذلك بدفع المقابل لها، لكن أن ترفع الأسعار بالحكم الجبري، على كل المسافرين، بدون زيادة للخدمات، وبدون تحسين للمستوى، وبدون مقابل، فهذا يدخل في باب الاحتكار الممقوت، وهذه الزيادة ليست لها بدائل، لأن الخيارات الأخرى غير متوفرة، فخطوط سما، وناس، لا تقدمان درجتي الأفق، والأولى، ورحلات الخيالة، لها مقاعد محدودة، ومواعيد محدودة، فالبديل القوي غير مناسب، أو غير متوفر حاليا.
أما عن الأسلوب الخطأ، فإن الوضع لا يتحمل المزايدات على الخصخصة، فالسعودية منذ عشر سنوات تعلن أنها سوف تتم خصخصتها، وهو أمر لا يقبل الشك، ولكن البدء في رفع الأسعار لا يمت للخصخصة بصلة، بل يعتبر عكس الخصخصة، فالخصخصة من أول فوائدها العمل بطريقة اقتصادية، وتبني أسلوب القطاع الخاص الفعال في الإدارة، مع التسعيرة المنافسة، والتخفيف على المسافرين، فهل زيادة الأسعار، هي ثمرة جهود عشر سنوات من دراسة الخصخصة؟ وأما عن التبرير الخطأ فإن الخطوط تستطيع أن تدعي رفع السعر المنافس، ولكن فقط عندما نسمح للخطوط الأخرى العاملة في الخليج، بالعمل في النقل الداخلي، عندها سوف نصدق قول الخطوط عندما تتحدث عن المنافسة، فالخطوط الجوية في الخليج، يحق لها وفق ما هو معروف من اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي، أن تستثمر أموالها في الدول الأعضاء بالمجلس، في العديد من النشاطات الاقتصادية، وسوق المال، وبالتالي يمكن دراسة السماح للخطوط الخليجية بالعمل في نقل الرحلات الداخلية، وإعطائها نفس المميزات التي تحصل عليها الخطوط السعودية داخليا، أسوة بما تم اقتسامه بين شركات الاتصالات السعودية، وموبايلي، وزين، عندها لن تستطيع الخطوط السعودية الادعاء، بأن هذا الرفع الجائر جاء للمساواة، لأنها سوف تجد نفسها الأعلى بين الجميع.
بقي أمر واحد، تقول الخطوط السعودية إنها لم تمس الدرجة السياحية، لأن العقوبة فقط على الأغنياء والمقتدرين، وهو أمر غير مؤكد، فقد يكون الرفع تدريجيا، اليوم على الأفق والأولى، وغدا على السياحية، بنفس الحجج غير المبررة: المساواة بخصم غائب، وقد استجاب الله عز وجل لدعوة الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين عندما قال ـ حفظه الله ـ في افتتاح مشروعات جديدة، (اللهم أرخص الحديد)، فنزل سعر الحديد في أقل من ستة أشهر، من 4000 ريال للطن، إلى 1300 ريال فقط للطن، ونحن نقول اليوم (اللهم أرخص تذاكر الخطوط السعودية، وحسن خدماتها).
مازن عبد الرزاق بليله - الوطن
أعلنت الخطوط السعودية أنها سترفع أسعار الدرجة الأولى والأفق للرحلات الداخلية بمعدل 30% دفعة واحدة ابتدأ من الأسبوع القادم، لتوازي مثيلاتها، من أسعار الخطوط الأخرى، وقد اختارت الخطوط السعودية للأسف الوقت الخطأ، والمكان الخطأ، والأسلوب الخطأ، والتبرير الخطأ، لهذا الإعلان، فالتوقيت غير مناسب، لأن إعلانات مؤسسة النقد وتصريحات مسؤوليها عكس ذلك، حيث تقول وزارة المالية إن هذا هو الشهر الأول الذي بدأ فيه، معدل التضخم بالمملكة في الانخفاض، وبدأت معدلات التسارع في التضخم تتراجع في العالم كله، ومع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ومع الانخفاض الحاد في أسعار النفط يبدأ الناس في التفكير بخفض الأسعار، لتحريك عجلة الاقتصاد ومنعها من التوقف أو التعثر أو الركود، لكن الخطوط السعودية تعمل عكس ذلك، فتزيد عرقلة الاقتصاد المحلي، بزيادة أسعار تذاكرها، فالتوقيت لرفع الأسعار ليس الآن، وليس له ما يبرره اليوم، فالرواتب كما هي، والإنفاق الحكومي يتوقع أن يتدنى لتدني أسعار النفط، وهناك بنوك عالمية أعلنت إفلاسها، وضاعت معها ثروات المودعين، وهناك مشاريع ستتعطل بسبب ضعف تمويل البنوك الخارجية، واضطراب سوق الأسهم السعودي، وكل أسواق البورصة، في الخليج، والعالم العربي، وأسواق أوراق المال العالمية، وفي ظل الخوف والهلع من حمى الإفلاس، يعيش الناس في ظروف طارئة، تصلح لكل شيء، عدا أن تكون وقتا مناسبا لإعلان رفع الأسعار.
والمكان الخطأ، لأن الخطوط السعودية، ليست هي الجهة التي تعلن رفع الأسعار، لأنها لم تحصل بعد على رضا كامل من كل العملاء، فإلى وقت قريب كانت متهمة بعدم الاهتمام بعملائها، وإلى عهد قريب أجبرت على عودة رحلاتها الداخلية المتوقفة لصغار المدن، وإلى عهد قريب ما زالت تستأجر طائرات غير آمنة، فما سبب الزيادة، هل هناك طائرات جديدة؟ أم هناك خدمات جديدة سوف تقدمها الخطوط لعملائها، فرفع الأسعار، يكون مقابل وعد بالتحسين، أو وعد بالارتقاء بالخدمة، أو مقابل حزمة من المميزات، مثل الحجز السريع، أو راحة أفضل، أو التزام بالمواعيد، أو صيانة أكثر أمنا، وفي هذه الحالة، يكون من المناسب أن تكون الزيادة اختيارية، بمعنى من يريد أن يستمتع بحزمة الخدمات الجديدة، يمكنه العمل على ذلك بدفع المقابل لها، لكن أن ترفع الأسعار بالحكم الجبري، على كل المسافرين، بدون زيادة للخدمات، وبدون تحسين للمستوى، وبدون مقابل، فهذا يدخل في باب الاحتكار الممقوت، وهذه الزيادة ليست لها بدائل، لأن الخيارات الأخرى غير متوفرة، فخطوط سما، وناس، لا تقدمان درجتي الأفق، والأولى، ورحلات الخيالة، لها مقاعد محدودة، ومواعيد محدودة، فالبديل القوي غير مناسب، أو غير متوفر حاليا.
أما عن الأسلوب الخطأ، فإن الوضع لا يتحمل المزايدات على الخصخصة، فالسعودية منذ عشر سنوات تعلن أنها سوف تتم خصخصتها، وهو أمر لا يقبل الشك، ولكن البدء في رفع الأسعار لا يمت للخصخصة بصلة، بل يعتبر عكس الخصخصة، فالخصخصة من أول فوائدها العمل بطريقة اقتصادية، وتبني أسلوب القطاع الخاص الفعال في الإدارة، مع التسعيرة المنافسة، والتخفيف على المسافرين، فهل زيادة الأسعار، هي ثمرة جهود عشر سنوات من دراسة الخصخصة؟ وأما عن التبرير الخطأ فإن الخطوط تستطيع أن تدعي رفع السعر المنافس، ولكن فقط عندما نسمح للخطوط الأخرى العاملة في الخليج، بالعمل في النقل الداخلي، عندها سوف نصدق قول الخطوط عندما تتحدث عن المنافسة، فالخطوط الجوية في الخليج، يحق لها وفق ما هو معروف من اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي، أن تستثمر أموالها في الدول الأعضاء بالمجلس، في العديد من النشاطات الاقتصادية، وسوق المال، وبالتالي يمكن دراسة السماح للخطوط الخليجية بالعمل في نقل الرحلات الداخلية، وإعطائها نفس المميزات التي تحصل عليها الخطوط السعودية داخليا، أسوة بما تم اقتسامه بين شركات الاتصالات السعودية، وموبايلي، وزين، عندها لن تستطيع الخطوط السعودية الادعاء، بأن هذا الرفع الجائر جاء للمساواة، لأنها سوف تجد نفسها الأعلى بين الجميع.
بقي أمر واحد، تقول الخطوط السعودية إنها لم تمس الدرجة السياحية، لأن العقوبة فقط على الأغنياء والمقتدرين، وهو أمر غير مؤكد، فقد يكون الرفع تدريجيا، اليوم على الأفق والأولى، وغدا على السياحية، بنفس الحجج غير المبررة: المساواة بخصم غائب، وقد استجاب الله عز وجل لدعوة الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين عندما قال ـ حفظه الله ـ في افتتاح مشروعات جديدة، (اللهم أرخص الحديد)، فنزل سعر الحديد في أقل من ستة أشهر، من 4000 ريال للطن، إلى 1300 ريال فقط للطن، ونحن نقول اليوم (اللهم أرخص تذاكر الخطوط السعودية، وحسن خدماتها).