إعادة تشكيل
عبدالعزيز السويد - الحياة
للسيول والأمطار طرق حفرتها وعبدتها منذ أزمنة بعيدة، طرق واسعة بممرات عدة وأخرى فرعية أصغر، وهي، وان غابت عنها عقوداً أو أكثر بفعل شح الامطار فإنها تعود إليها يوماً من الايام، مثل صاحب حق يطالب بحقه.
مياه الامطار لا تقدم طلباً او خطاباً بل تقوم إذا ما اشتد زخمها باستعادة طريقها بنفسها، جارفة كل ما يقف امامها.
كبار السن كانوا يحذرون من الاعتداء على طرق السيول ومجاريها، خبرة نقلوها عمن سبقهم إلى من جاء بعدهم، وكانت ولا تزال «المساييل» أي الأودية والشعاب التي يمر بها السيل، اماكن لها تعامل خاص ومثار خلافات عند اهالي القرى.
هذه الايام تعيش السعودية موسم امطار حافلاً. مشاهد وصور لم نر مثلها إلا في أخبار التلفزيون عن فيضانات في الخارج! جاء الخير ومعه أخطار، بعد سنين من الجفاف والعواصف الترابية وانخفاض منسوب المياة الجوفية، جريان السيول في أودية لم تعرف الماء بهذه الكثافة منذ عقود، أعاد تشكيل خريطة الجغرافيا السكانية، وأجلى الآلاف من المواطنين في مناطق مختلفة بسبب كثافة الأمطار إما لانخفاض تلك المواقع او لوجودها في ممرات طبيعية للمياه. هذا رسم لنا خريطة توزيع سكانية جديدة، بعد ان قضمت السيول هجراً وقرى وأحياء في مدن او استقرت فيها المياه بصورة تصعب معها الحياة فيها.
الواقع الجديد المتشكل الآن يحتاج إلى رصد وتصوير ومسوحات متخصصة، وهو في تقديري مهم للأخذ به والاستفادة منه، خصوصاً أننا في مرحلة نمو سكانية وجهود لتنمية مناطق جديدة لتتمكن الاخيرة من جذب بعض الكثافة السكانية المتركزة في المدن الكبرى.
ربما يهتم أهل التخطيط بالنظر في جدوى بعض التجمعات السكانية الصغيرة، او الحد من تلك التي تنشأ من دون توافر أسباب حقيقية من حيث الموارد للاستقرار ومستقبلها، هل هي مستقرة وآمنة للناس أم لا؟
وهو مهم أيضاً للأمانات والبلديات التي تسمح لمخططات عقارية في المدن - بعد تسويتها وتزيينها للمشترين - بالتمدد بعيداً عن التمحيص في مستقبلها وهل للسيول حق في ملكيتها، مع احتمالات اخطار قد تواجهها، وهو ما يؤدي إلى خسائر كبيرة، ونزوح مع ضغوط على اجهزة خدمية، مثلما هو حاصل الآن في بعض المناطق والمحافظات.
عبدالعزيز السويد - الحياة
للسيول والأمطار طرق حفرتها وعبدتها منذ أزمنة بعيدة، طرق واسعة بممرات عدة وأخرى فرعية أصغر، وهي، وان غابت عنها عقوداً أو أكثر بفعل شح الامطار فإنها تعود إليها يوماً من الايام، مثل صاحب حق يطالب بحقه.
مياه الامطار لا تقدم طلباً او خطاباً بل تقوم إذا ما اشتد زخمها باستعادة طريقها بنفسها، جارفة كل ما يقف امامها.
كبار السن كانوا يحذرون من الاعتداء على طرق السيول ومجاريها، خبرة نقلوها عمن سبقهم إلى من جاء بعدهم، وكانت ولا تزال «المساييل» أي الأودية والشعاب التي يمر بها السيل، اماكن لها تعامل خاص ومثار خلافات عند اهالي القرى.
هذه الايام تعيش السعودية موسم امطار حافلاً. مشاهد وصور لم نر مثلها إلا في أخبار التلفزيون عن فيضانات في الخارج! جاء الخير ومعه أخطار، بعد سنين من الجفاف والعواصف الترابية وانخفاض منسوب المياة الجوفية، جريان السيول في أودية لم تعرف الماء بهذه الكثافة منذ عقود، أعاد تشكيل خريطة الجغرافيا السكانية، وأجلى الآلاف من المواطنين في مناطق مختلفة بسبب كثافة الأمطار إما لانخفاض تلك المواقع او لوجودها في ممرات طبيعية للمياه. هذا رسم لنا خريطة توزيع سكانية جديدة، بعد ان قضمت السيول هجراً وقرى وأحياء في مدن او استقرت فيها المياه بصورة تصعب معها الحياة فيها.
الواقع الجديد المتشكل الآن يحتاج إلى رصد وتصوير ومسوحات متخصصة، وهو في تقديري مهم للأخذ به والاستفادة منه، خصوصاً أننا في مرحلة نمو سكانية وجهود لتنمية مناطق جديدة لتتمكن الاخيرة من جذب بعض الكثافة السكانية المتركزة في المدن الكبرى.
ربما يهتم أهل التخطيط بالنظر في جدوى بعض التجمعات السكانية الصغيرة، او الحد من تلك التي تنشأ من دون توافر أسباب حقيقية من حيث الموارد للاستقرار ومستقبلها، هل هي مستقرة وآمنة للناس أم لا؟
وهو مهم أيضاً للأمانات والبلديات التي تسمح لمخططات عقارية في المدن - بعد تسويتها وتزيينها للمشترين - بالتمدد بعيداً عن التمحيص في مستقبلها وهل للسيول حق في ملكيتها، مع احتمالات اخطار قد تواجهها، وهو ما يؤدي إلى خسائر كبيرة، ونزوح مع ضغوط على اجهزة خدمية، مثلما هو حاصل الآن في بعض المناطق والمحافظات.