Announcement

Collapse
No announcement yet.

لو حكينا.. نبتدي منين الحكاية؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • لو حكينا.. نبتدي منين الحكاية؟

    لو حكينا.. نبتدي منين الحكاية؟


    د.حمود أبو طالب - المدينة


    وحين قلنا يوم أمس إن السماء تفضح الأرض، وما على الأرض هو صنع أيدينا، أي أنها تفضحنا نحن المتشدّقين بالأضخم، والأفضل، والأبرز، حين قلنا ذلك فلا أظن عاقلاً سيطالبنا بالدليل؛ لأن الأدلة تملأ أرضنا المفضوحة. وإذا أوردنا هنا مثالاً، أو مثالين، فليس من قبيل تأكيد المؤكد، وإنّما للإشارة إلى الحد الذي وصلناه في اللامبالاة، مهما أُزهقت أرواح، وامتلأت المنازل والمستشفيات بالإعاقات .

    دعوني استدعي مثالين (جنوبيين) بحكم القرب والعِشرة الكتابية المزمنة معهما، أولهما العقبة المسمّاة بـ(ضلع) التي حطّمت آلاف الضلوع، وهشّمت مئات الجماجم، إمّا على خطها الأفعواني، أو بالسقوط إلى الهاوية من جنباتها.. لعقود خلت ونحن نسمع تأكيدات المسؤولين أن كل كارثة موسمية ستكون الأخيرة، وأن القبور المفتوحة بسببها ستختفي، وفي كل موسم نسمع عن مئات الملايين لإنهاء مشكلتها، لكن المشكلة باقية، والملايين لا ندري أين تذهب .. ولعلّكم تتذكّرون القضية التي رفعها أهالي الضحايا على وزارة النقل قبل سنوات قريبة، مطالبين بتحميلها المسؤولية بعد كارثة سمع عنها القاصي والداني. حينها لم تبقَ ذريعة للوزارة إلاَّ أوردتها، وانتهى الموضوع بالتأكيدات المتكررة على سرعة إنهاء المشكلة المستعصية، طبعًا بضخ مئات الملايين للمشروع الاستنزافي.. يوم السبت الماضي، وأنا أطالع صور الحادث الذي تعرّضت له حافلة نادي التهامي بجازان، وأسفر عن ضحايا وإصابات عديدة، ذُهلتُ من المسافة القصيرة جدًا التي كانت تفصل الحافلة عن هاوية سحيقة، وذُهلتُ أكثر من تأكيدات الذين مرّوا بالعقبة خلال الأيام الماضية بأنها ليست أفضل حالاً من ذي قبل .

    المثال الثاني هو طريق الجنوب الساحلي الذي يحفل سجله بآلاف الضحايا التي تزداد مع موسم كهذا حين تتحطم جسوره، وتتبعثر أشلاؤه في الأودية، إنه المشروع الذي مر عليه وزراء، وتعاقب عليه عشرات المسؤولين التنفيذيين، ومازال في حال لا يشفع له كل هذا الانتظار الطويل.

    مثالان فقط .. وإلاّ لو تحدث كل من يعرف شيئًا لجفّت الأقلام، وتمزّقت الحبال الصوتية قبل أن تنتهي القائمة
    الباطل صوته أعلى، وأبواقه اوسع، واكاذيبه لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن ان تقف عند حد. فكيف اذا كان بعض ابطاله قد بات في نظر نفسه والعميان من حوله من انصاف آلهة.
Working...
X