سد الذرائع وفتح باب الرشوة!!
خالد الفريان - الرياض
سد الذرائع مصطلح في غاية العمق يستهدف في جوهره وقاية المجتمع من الآثار السلبية المستقبلية الناجمة عن خطوة معينة ليست هناك مشكلة فيها بحد ذاتها، ولكنها تقود إلى مفاسد معينة، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
إلا أن الآفة التي أصابت مجتمعنا هي التوسع المبالغ فيه في باب سد الذرائع ومزايدة المنتفعين على هذا المصطلح حتى تم تشويهه وتفريغه من أهدافه السامية، فأصبح كل شيء قد يقود إلى أي شيء!.
والآفة التي أثرت على اقتصادنا هي تأثر الجهات الحكومية بتلك الثقافة إذ أنها لا تتردد في منع أمر معين حتى لو كان المنع غير منطقي أو غير قانوني، بينما تلك الجهات تفكر ألف مرة قبل السماح الرسمي بأمر جديد، حتى لو كان الجميع يعلم أنه ممارس على أرض الواقع، ومن ذلك على سبيل المثال ممارسة موظفي الحكومة للتجارة وهو قرار غير منطقي صدر منذ عدة عقود ولم يطبق عملياً، والطريف أن مجلس الشورى درس إمكانية إلغائه فقرر بعد مداولات طريفة! البقاء عليه دون أن يناقش حق السادة الأعضاء في ممارسة التجارة!! وحين يكون الأساس هو التشدد في المنع، يضاف إلى ذلك وجود فئات لا تطبق عليها الأنظمة، من الطبيعي أن تنتشر ثقافة عدم احترام الأنظمة، وعدم الحزم مع مخالفي الأنظمة والقرارات لأن كثيراً منها كأنما وضعت لتتم مخالفتها! وبالتالي تزايد أو بقاء ظواهر في غاية السلبية في مجال أداء الأعمال ومنها التستر بأضراره الاجتماعية والأمنية والاقتصادية ومنها أن الشيك "العادي" في المملكة أقل مصداقية من مصداقية الشيك في أكثر دول العالم تخلفا !!! ونتيجة لما سبق وعوامل أخرى فإن هناك عدة أنظمة وقرارات معينة صدرت لكنها لم تطبق بسبب العجز عن إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة للتطبيق، كما أن ضوابط الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية والهامة تتسم بتحفظ مبالغ فيه حيث إن المنع في الغالب هو الأساس والسماح هو الاستثناء بل إن الضوابط تصاغ بطريقة تجعلها أشبه بالمنع، نتيجة لعجز بعض تلك الجهات عن وضع ضوابط مرنة تفعل القرارات.
ومن أهم العوامل السلبية المباشرة في بيئة الاستثمار في المملكة التي يشتكي منها باستمرار رجال الأعمال الإجراءات الروتينية لدى معظم الجهات الحكومية، وتعدد الموافقات التي يحتاجها الاستثمار في بعض القطاعات وطول فترة بعضها بلا مبرر، وبخاصة إذا كانت تتعلق بوزارات ذات أنشطة متعددة ومتشعبة، وتحتل المملكة وفقاً لتقارير دولية محايدة مركزاً متدنياً فيما يتعلق بإجراءات تنفيذ المشاريع مقارنة بدول العالم.
إن مبالغة بعض الجهات في المنع ووضع القيود الصارمة يجعل مراجعي تلك الجهات - الذين ليس لهم نفوذ معين - بحاجة دائما إلى "الواسطة"، وفي بعض الأحيان إلى الرشوة، كما حدث في القضية التي سبق أن نشرت، حول التراخيص الطبية في إحدى المديريات، حيث "تفنن" بعض مسؤولي المديرية في تعقيد إجراءات إصدار الرخص، ليتضح لاحقا أن الهدف من ذلك هو أن يضطر من يريد رخصة صيدلية أو مستشفى إلى دفع الرشوة!!
خالد الفريان - الرياض
سد الذرائع مصطلح في غاية العمق يستهدف في جوهره وقاية المجتمع من الآثار السلبية المستقبلية الناجمة عن خطوة معينة ليست هناك مشكلة فيها بحد ذاتها، ولكنها تقود إلى مفاسد معينة، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
إلا أن الآفة التي أصابت مجتمعنا هي التوسع المبالغ فيه في باب سد الذرائع ومزايدة المنتفعين على هذا المصطلح حتى تم تشويهه وتفريغه من أهدافه السامية، فأصبح كل شيء قد يقود إلى أي شيء!.
والآفة التي أثرت على اقتصادنا هي تأثر الجهات الحكومية بتلك الثقافة إذ أنها لا تتردد في منع أمر معين حتى لو كان المنع غير منطقي أو غير قانوني، بينما تلك الجهات تفكر ألف مرة قبل السماح الرسمي بأمر جديد، حتى لو كان الجميع يعلم أنه ممارس على أرض الواقع، ومن ذلك على سبيل المثال ممارسة موظفي الحكومة للتجارة وهو قرار غير منطقي صدر منذ عدة عقود ولم يطبق عملياً، والطريف أن مجلس الشورى درس إمكانية إلغائه فقرر بعد مداولات طريفة! البقاء عليه دون أن يناقش حق السادة الأعضاء في ممارسة التجارة!! وحين يكون الأساس هو التشدد في المنع، يضاف إلى ذلك وجود فئات لا تطبق عليها الأنظمة، من الطبيعي أن تنتشر ثقافة عدم احترام الأنظمة، وعدم الحزم مع مخالفي الأنظمة والقرارات لأن كثيراً منها كأنما وضعت لتتم مخالفتها! وبالتالي تزايد أو بقاء ظواهر في غاية السلبية في مجال أداء الأعمال ومنها التستر بأضراره الاجتماعية والأمنية والاقتصادية ومنها أن الشيك "العادي" في المملكة أقل مصداقية من مصداقية الشيك في أكثر دول العالم تخلفا !!! ونتيجة لما سبق وعوامل أخرى فإن هناك عدة أنظمة وقرارات معينة صدرت لكنها لم تطبق بسبب العجز عن إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة للتطبيق، كما أن ضوابط الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية والهامة تتسم بتحفظ مبالغ فيه حيث إن المنع في الغالب هو الأساس والسماح هو الاستثناء بل إن الضوابط تصاغ بطريقة تجعلها أشبه بالمنع، نتيجة لعجز بعض تلك الجهات عن وضع ضوابط مرنة تفعل القرارات.
ومن أهم العوامل السلبية المباشرة في بيئة الاستثمار في المملكة التي يشتكي منها باستمرار رجال الأعمال الإجراءات الروتينية لدى معظم الجهات الحكومية، وتعدد الموافقات التي يحتاجها الاستثمار في بعض القطاعات وطول فترة بعضها بلا مبرر، وبخاصة إذا كانت تتعلق بوزارات ذات أنشطة متعددة ومتشعبة، وتحتل المملكة وفقاً لتقارير دولية محايدة مركزاً متدنياً فيما يتعلق بإجراءات تنفيذ المشاريع مقارنة بدول العالم.
إن مبالغة بعض الجهات في المنع ووضع القيود الصارمة يجعل مراجعي تلك الجهات - الذين ليس لهم نفوذ معين - بحاجة دائما إلى "الواسطة"، وفي بعض الأحيان إلى الرشوة، كما حدث في القضية التي سبق أن نشرت، حول التراخيص الطبية في إحدى المديريات، حيث "تفنن" بعض مسؤولي المديرية في تعقيد إجراءات إصدار الرخص، ليتضح لاحقا أن الهدف من ذلك هو أن يضطر من يريد رخصة صيدلية أو مستشفى إلى دفع الرشوة!!
Comment