أصوات نشاز ... في «حوار الأديان»
جمال بنون - الحياة
فيما كان المشاركون من مختلف الديانات والحضارات والثقافات يشاركون في الحوار العالمي، الذي انعقد في نيويورك في سبيل إزالة الجسور الشائكة المعقدة، وتصحيح مفهوم الديانات السماوية وكيفية التعايش مع بعضهم البعض، اقول فيما كان زعماء العالم منشغلين في تقريب وجهات النظر وفتح صفحات جديدة للحوار، كانت هناك اصوات وافكار تحاول التأثير او التعكير على هذه الصورة الجميلة الحضارية، والاساءة اليها، والغاية منها التأثير على حوار حضاري فكري عصري، من شأنه ان يقرب الشعوب، وينبذ الخلافات، ويعطي الانسان حقوقه.
الكلام النشاز عن المؤتمر جاء من خلال جهات او اشخاص مهمتها معاداة الانسانية، ويضرها ان يعيش الناس في سلام، الذين استخفوا بحوار الأديان هم أولئك الذين يهمهم أن يروا الناس مشردين، والنيران تلتهم أطراف المدن، يهمهم ان يروا الفتن والدسائس واعمالاً انتحارية تفجر احلام الناس في العيش بسلام، البعض من المنتقدين لفت انتباههم الى القشور الخارجية، ولم يلاحظوا الجوهر من هذا المؤتمر.
الذين قالوا إن المؤتمر هو عملية دعائية من جانب السعودية عقب هجمات 11 (أيلول) سبتمبر، وانها محاولة لتغطية هذا الحادث من خلال المؤتمر، وهذا الامر غير صحيح اطلاقاً، لأن المجتمع الدولي يعرف تماماً ان السعودية من اكثر الدول التي تعرضت للارهاب في الداخل، وهي ايضاً تقدم اليوم نموذجاً رائعاً في مكافحة الارهاب، وبالفعل تراجع الكثير من اصحاب الفكر الضال، بعد ان داهمت السلطات السعودية وكرهم وقضت عليهم من جذورهم، فالحديث عن دعاية لتغطية ما حدث في 11 سبتمبر، تهمة باطلة والمجتمع الدولي يعي ويدرك.
اتجه آخرون الى وصف المؤتمر بأنه لقاء سياسي، ليس الغاية منه حوار أديان، وإنما يجتمع القادة والزعماء العرب والمسلمين بالرئيس الاسرائيلي ووزيرة الخارجية، وان الحوار هو غطاء لما يتم من اتفاقيات. لا اظن ان الدول المشاركة بحاجة الى غطاء فكري وحضاري من اجل لقاء سياسي، خصوصاً ان مجمل اللقاءات السياسية تتم من غير قناع، خصوصاً ان الحوار الاسرائيلي - السوري واضح للعيان والدور التركي فيه، العلاقات القطرية الاسرائيلية لا تحتاج الى فك رموز، فالجميع يعرف هذه العلاقات، وبالنسبة لمصر ولبنان فالموقف واضح، فهل كنا سنتحدث عن علاقات بين اسرائيل وباكستان او افغانستان او حتى دول اخرى،
من المضحك جداً ان يحاول البعض إلصاق الصفة السياسية على تجمع يدعو الى وضع الديانات السماوية بعيداً عن الخلافات، الانتقاد الاكثر جدلية كان استغراب جهات ودول عربية لدعوة شمعون بيريز، على رغم ان الدعوة واضحة ولا تحتاج الى لبس، فقد كان واضحاً ان هناك من يريد ان يصطاد في الماء العكر، ولو ان لدى السعودية، التي دعت الى هذا المؤتمر، أي نية او رغبة في فتح علاقات مع اسرائيل او فتح حوار معها، لما احتاجت لأن تنظم مثل هذا المؤتمر العالمي، الذي ايدته جميع الديانات والمنظمات... الانتقادات التي جاءت الى السعودية او الى المؤتمر، كانت رسالة واضحة لنجاح دورها القيادي والريادي، بدءاً من ورقة السلام في الشرق الاوسط التي قدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واخيراً مؤتمر حوار الاديان في مقر الامم المتحدة.وغيرها من المبادرات الاخرى، هي في الواقع نقطة مهمة في العلاقات الانسانية، وايضا تحول مهم في فتح آفاق التعاون بين البشرية والحكومات.
استغرب من ردود الفعل من الكثير من المنظمات والجهات وحتى شخصيات سياسية معروفة، حينما تقلل من هذا التجمع وتعتبره وتفسره انه لقاء سياسي، وان حضور رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزيرة خارجيته، انما كان تمهيداً لعمل علاقات ديبلوماسية مع العرب، كيف بالله عليكم اذاً نصدق هؤلاء حينما يتحدثون عن حرية الاديان والحوار، هل الخطر يأتي من اسرائيل فقط، هناك خطورة اشد واكبر، انه الحوار الداخلي، حوار البعض مع البعض الآخر، ما يحدث الآن في العراق، هو لغياب الحوار، والشيء نفسه في لبنان، وكذا الحال في افغانستان، والانفجارات والاعمال الانتحارية في باكستان، وما يحدث في اليمن ايضاً لسوء الحوار، أكاد أزعم انه متى ما استطاعت الدول ان تدير حواراتها مع جيرانها، ومع شعوبها واحترمت الاديان وانسانية الآخرين، فإن حوار الاديان سيعطي نتائجه الايجابية، لم اسمع من منظمات مناهضة للاسلام او لديها عداء او عنصرية او شخصيات قساوسة او رهبان علقوا او انتقدوا حضور مؤتمر لحوار الاديان، او قالوا كلاماً غير منطقي، معظم الكلام والانتقادات جاءت من جماعات اسلامية وشخصيات عربية،
فمن الواضح اننا بحاجة اكثر من الغربيين لمعرفة اهمية الحوار مع الآخر، ومعرفة انفسنا لبعضنا، في لبنان أعرب السيد محمد حسين فضل الله عن استغرابه لدعوة الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز الى المؤتمر، واعرب عن خشيته من ان يكون الهدف من المؤتمر «تطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل». وقال فضل الله انه يبدي استغرابه «لدعوة رئيس كيان العدو بيريز للمؤتمر وهو المجرم المشهود له بفظائعه، خصوصاً المجازر التي ارتكبها في لبنان».
وقال «نحن نتساءل عن الحكمة وعن مدى الفائدة في حضور مثل هذه المؤتمرات، وفي التمهيد للقاء شخصيات العدو ولو على مستوى الإيحاء، أو في الجلوس مع هؤلاء المجرمين على طاولة واحدة».كما دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الدول العربية والاسلامية المشاركة في مؤتمر «حوار الاديان»، الى طرد اسرائيل ومنع شمعون بيريز والوفد الاسرائيلي من حضور المؤتمر، واصفاً إياهم بـ »العنصريين والقتلة».
كما أدان المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذوكس في حديث مع قناة «العالم الاخبارية» مشاركة رئيس الكيان الاسرائيلي شمعون بيريز في المؤتمر، قائلاً «ما يزعجنا وما يغضبنا وما يقلقنا هو مشاركة رئيس الكيان الاسرائيلي العنصري الذي يمثل دولة تمارس التطهير العرقي والارهاب المنظم بحق الشعب الفلسطيني»، واضاف: «لا يحق لهذا الشخص ان يمثل الديانة اليهودية، لان هناك رجال دين يهوداً ومثقفين ومفكرين يهوداً في العالم يرفضون الافكار الصهيونية العنصرية ولا يتبنون السياسات الاسرائيلية، فلماذا لم تتم دعوة هؤلاء كي يمثلوا الديانة اليهودية او يتحدثوا باسم الديانة اليهودية؟».
وانتقدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بشدة المؤتمر واعتبرته مؤتمراً سياسياً لا علاقة له بالأديان، وحذرت من خطورة الزج بالأديان في عمل سياسي لا يقدم شيئاً للمسلمين ولا لقضيتهم الأولى فلسطين. وأكد عضو مجلس الخبراء الإيراني احمد خاتمي أن مؤتمر الأديان الذي اختتم اعماله الخميس الماضي في نيويورك يرمي إلى «تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني» ، وتساءل ماذا يعني حضور المجرمين مثل بيريز وليفني لمؤتمر يتعلق بالأديان، وما صلتهما بالأديان؟ فيما انتقدت الحركة الإسلامية الأردنية المشاركة العربية في المؤتمر، الذي اختتم أعماله بإعلان تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا إلى نشر ثقافة التسامح، ودعم الحوار العالمي.اذاً كيف سنفتح قلوبنا وعقولنا للعالم، أين سنجلس ونتحاور اذا كنا نريد ان نغلق كل ادوات الحوار... دعونا نتفاءل.
* إعلامي وكاتب اقتصادي
جمال بنون - الحياة
فيما كان المشاركون من مختلف الديانات والحضارات والثقافات يشاركون في الحوار العالمي، الذي انعقد في نيويورك في سبيل إزالة الجسور الشائكة المعقدة، وتصحيح مفهوم الديانات السماوية وكيفية التعايش مع بعضهم البعض، اقول فيما كان زعماء العالم منشغلين في تقريب وجهات النظر وفتح صفحات جديدة للحوار، كانت هناك اصوات وافكار تحاول التأثير او التعكير على هذه الصورة الجميلة الحضارية، والاساءة اليها، والغاية منها التأثير على حوار حضاري فكري عصري، من شأنه ان يقرب الشعوب، وينبذ الخلافات، ويعطي الانسان حقوقه.
الكلام النشاز عن المؤتمر جاء من خلال جهات او اشخاص مهمتها معاداة الانسانية، ويضرها ان يعيش الناس في سلام، الذين استخفوا بحوار الأديان هم أولئك الذين يهمهم أن يروا الناس مشردين، والنيران تلتهم أطراف المدن، يهمهم ان يروا الفتن والدسائس واعمالاً انتحارية تفجر احلام الناس في العيش بسلام، البعض من المنتقدين لفت انتباههم الى القشور الخارجية، ولم يلاحظوا الجوهر من هذا المؤتمر.
الذين قالوا إن المؤتمر هو عملية دعائية من جانب السعودية عقب هجمات 11 (أيلول) سبتمبر، وانها محاولة لتغطية هذا الحادث من خلال المؤتمر، وهذا الامر غير صحيح اطلاقاً، لأن المجتمع الدولي يعرف تماماً ان السعودية من اكثر الدول التي تعرضت للارهاب في الداخل، وهي ايضاً تقدم اليوم نموذجاً رائعاً في مكافحة الارهاب، وبالفعل تراجع الكثير من اصحاب الفكر الضال، بعد ان داهمت السلطات السعودية وكرهم وقضت عليهم من جذورهم، فالحديث عن دعاية لتغطية ما حدث في 11 سبتمبر، تهمة باطلة والمجتمع الدولي يعي ويدرك.
اتجه آخرون الى وصف المؤتمر بأنه لقاء سياسي، ليس الغاية منه حوار أديان، وإنما يجتمع القادة والزعماء العرب والمسلمين بالرئيس الاسرائيلي ووزيرة الخارجية، وان الحوار هو غطاء لما يتم من اتفاقيات. لا اظن ان الدول المشاركة بحاجة الى غطاء فكري وحضاري من اجل لقاء سياسي، خصوصاً ان مجمل اللقاءات السياسية تتم من غير قناع، خصوصاً ان الحوار الاسرائيلي - السوري واضح للعيان والدور التركي فيه، العلاقات القطرية الاسرائيلية لا تحتاج الى فك رموز، فالجميع يعرف هذه العلاقات، وبالنسبة لمصر ولبنان فالموقف واضح، فهل كنا سنتحدث عن علاقات بين اسرائيل وباكستان او افغانستان او حتى دول اخرى،
من المضحك جداً ان يحاول البعض إلصاق الصفة السياسية على تجمع يدعو الى وضع الديانات السماوية بعيداً عن الخلافات، الانتقاد الاكثر جدلية كان استغراب جهات ودول عربية لدعوة شمعون بيريز، على رغم ان الدعوة واضحة ولا تحتاج الى لبس، فقد كان واضحاً ان هناك من يريد ان يصطاد في الماء العكر، ولو ان لدى السعودية، التي دعت الى هذا المؤتمر، أي نية او رغبة في فتح علاقات مع اسرائيل او فتح حوار معها، لما احتاجت لأن تنظم مثل هذا المؤتمر العالمي، الذي ايدته جميع الديانات والمنظمات... الانتقادات التي جاءت الى السعودية او الى المؤتمر، كانت رسالة واضحة لنجاح دورها القيادي والريادي، بدءاً من ورقة السلام في الشرق الاوسط التي قدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واخيراً مؤتمر حوار الاديان في مقر الامم المتحدة.وغيرها من المبادرات الاخرى، هي في الواقع نقطة مهمة في العلاقات الانسانية، وايضا تحول مهم في فتح آفاق التعاون بين البشرية والحكومات.
استغرب من ردود الفعل من الكثير من المنظمات والجهات وحتى شخصيات سياسية معروفة، حينما تقلل من هذا التجمع وتعتبره وتفسره انه لقاء سياسي، وان حضور رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزيرة خارجيته، انما كان تمهيداً لعمل علاقات ديبلوماسية مع العرب، كيف بالله عليكم اذاً نصدق هؤلاء حينما يتحدثون عن حرية الاديان والحوار، هل الخطر يأتي من اسرائيل فقط، هناك خطورة اشد واكبر، انه الحوار الداخلي، حوار البعض مع البعض الآخر، ما يحدث الآن في العراق، هو لغياب الحوار، والشيء نفسه في لبنان، وكذا الحال في افغانستان، والانفجارات والاعمال الانتحارية في باكستان، وما يحدث في اليمن ايضاً لسوء الحوار، أكاد أزعم انه متى ما استطاعت الدول ان تدير حواراتها مع جيرانها، ومع شعوبها واحترمت الاديان وانسانية الآخرين، فإن حوار الاديان سيعطي نتائجه الايجابية، لم اسمع من منظمات مناهضة للاسلام او لديها عداء او عنصرية او شخصيات قساوسة او رهبان علقوا او انتقدوا حضور مؤتمر لحوار الاديان، او قالوا كلاماً غير منطقي، معظم الكلام والانتقادات جاءت من جماعات اسلامية وشخصيات عربية،
فمن الواضح اننا بحاجة اكثر من الغربيين لمعرفة اهمية الحوار مع الآخر، ومعرفة انفسنا لبعضنا، في لبنان أعرب السيد محمد حسين فضل الله عن استغرابه لدعوة الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز الى المؤتمر، واعرب عن خشيته من ان يكون الهدف من المؤتمر «تطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل». وقال فضل الله انه يبدي استغرابه «لدعوة رئيس كيان العدو بيريز للمؤتمر وهو المجرم المشهود له بفظائعه، خصوصاً المجازر التي ارتكبها في لبنان».
وقال «نحن نتساءل عن الحكمة وعن مدى الفائدة في حضور مثل هذه المؤتمرات، وفي التمهيد للقاء شخصيات العدو ولو على مستوى الإيحاء، أو في الجلوس مع هؤلاء المجرمين على طاولة واحدة».كما دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الدول العربية والاسلامية المشاركة في مؤتمر «حوار الاديان»، الى طرد اسرائيل ومنع شمعون بيريز والوفد الاسرائيلي من حضور المؤتمر، واصفاً إياهم بـ »العنصريين والقتلة».
كما أدان المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذوكس في حديث مع قناة «العالم الاخبارية» مشاركة رئيس الكيان الاسرائيلي شمعون بيريز في المؤتمر، قائلاً «ما يزعجنا وما يغضبنا وما يقلقنا هو مشاركة رئيس الكيان الاسرائيلي العنصري الذي يمثل دولة تمارس التطهير العرقي والارهاب المنظم بحق الشعب الفلسطيني»، واضاف: «لا يحق لهذا الشخص ان يمثل الديانة اليهودية، لان هناك رجال دين يهوداً ومثقفين ومفكرين يهوداً في العالم يرفضون الافكار الصهيونية العنصرية ولا يتبنون السياسات الاسرائيلية، فلماذا لم تتم دعوة هؤلاء كي يمثلوا الديانة اليهودية او يتحدثوا باسم الديانة اليهودية؟».
وانتقدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بشدة المؤتمر واعتبرته مؤتمراً سياسياً لا علاقة له بالأديان، وحذرت من خطورة الزج بالأديان في عمل سياسي لا يقدم شيئاً للمسلمين ولا لقضيتهم الأولى فلسطين. وأكد عضو مجلس الخبراء الإيراني احمد خاتمي أن مؤتمر الأديان الذي اختتم اعماله الخميس الماضي في نيويورك يرمي إلى «تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني» ، وتساءل ماذا يعني حضور المجرمين مثل بيريز وليفني لمؤتمر يتعلق بالأديان، وما صلتهما بالأديان؟ فيما انتقدت الحركة الإسلامية الأردنية المشاركة العربية في المؤتمر، الذي اختتم أعماله بإعلان تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا إلى نشر ثقافة التسامح، ودعم الحوار العالمي.اذاً كيف سنفتح قلوبنا وعقولنا للعالم، أين سنجلس ونتحاور اذا كنا نريد ان نغلق كل ادوات الحوار... دعونا نتفاءل.
* إعلامي وكاتب اقتصادي