إنها أرواح «بشر»!
محمد المسحل - الحياة
متى يأتي اليوم الذي يستطيع فيه المشاة على الأرصفة أن تُحترم حقوقهم كبشر، وأن يثقوا بالإشارات المرورية التي تسمح لهم بالعبور للجهة الأخرى من الطريق بدون أن تخدعهم لتقتلهم أو تعوقهم، أو حتى على أقل تقدير ترعبهم بأن جعلتهم على شفير الموت؟ فإشارات المشاة التي من المفترض أن تضيء باللون الأخضر عندما تقف السيارات في الإشارة الحمراء، وتضيء لهم بالأحمر لكي لا يعبروا الطريق عندما تكون إشارة السيارات خضراء، تعمل بالعكس وبشكل توافقي مع إشارات السيارات! وذلك في معظم إشارات المرور، «خصوصاً في المنطقة الشرقية»! ويذهب ضحية هذا الإهمال أبرياء.
ولذلك فالمشاة لا يعترفون بالإشارات المرورية ويعتمدون في عبورهم للطرق على الله، ثم على ذكائهم الجمبازي بتلافي الصواريخ... أقصد السيارات، وعبور الطريق للجهة الأخرى! والشاطر فيهم يرجع لبيته حياً يرزق! وعندما «تهف» إحدى السيارات أحد المشاة وتدهسه أو تطيّره عشرين متراً في السماء بسبب إشارة ضوئيّة غبيّة، فلا أحد يستطيع أن يحمّل المرور أي مسؤولية على خطأ إشاراتهم الضوئية المهملة... وليس للسائق الذي ذهب ضحية إشارة ضوئية غبية، أن يجد من يخرجه من حجز المرور بكفالة غرامية حضورية فورية، وأن يذهب بعدها ليشحذ الدية أو التعويض بسبب حادث لا ذنب له فيه! في الدمام، على سبيل المثال لا الحصر، قررت إدارة المرور بالتعاون من أمانة الشرقية، تخصيص بعض الطرق للدخول لمركز المدينة فقط، وطرق أخرى للخروج من مركز المدينة، وبدأوا بالفترة التجريبية لهذه الفكرة الجيدة، التي في رأيي أنها بدأت تظهر نتائجها الإيجابية. ولكن للأسف، لا زالت البنية التحتية لهذه الطرق مثلما كانت في السابق، مصممة للخروج والدخول، وليس للدخول أو الخروج فقط، لدرجة أن الرصيف الفاصل بين الطريق الداخل والخارج لا يزال موجوداً! مما تسبب في كثير من الأحيان بحالات دهس كثيرة، ذهب ضحيتها كثير من الأطفال والكبار، الذين ظلوا لسنوات يعبرون الطريق على أن اتجاه سير السيارات فيه من الشمال للجنوب، بينما هو العكس، فيعبرون الطريق وهم ينظرون للشمال، بينما الصواريخ، أقصد السيارات، تأتي بسرعة الضوء... «وتفادياً للمبالغة، أقول بسرعة الصوت» من الجنوب، و»تطيّر» هذا الماشي على قدميه، لتزج به في ثلاجة الموتى في مستشفى الدمام المركزي، أو على سرير أسود يُسمّى مجازاً أنه أبيض، ومن ثم إن كتب الله له النجاة من أثر الحاد، فيخرج على كرسي متحرك أو أعرج أو مجنوناً، وعلى أقل تقدير معقداً من المشي في الطرق بشكل عام. وهذا طبعاً نجده في جميع مناطق المملكة الأخرى.
أن تجرّب خطة سير، فهذا شيء جيّد، ولكن عندما يكون ذلك على حساب أرواح البشر، فهذا شيء يتنافى مع مبدأ «السلامة أولاً»، الذي طالما تشدق به متقاعدو شركة «أرامكو» الذين بدأ بعضهم بتسلم مناصب قيادية في بعض الإدارات الحكومية. وهم الآن أبعد ما يكونون عن هذا المبدأ، وأنا وغيري من الملاقيف جاهزون لمناظرات معهم على الهواء مباشرة. وفي النهاية، أضحكني أحد الجالسين بجانبي وأنا أكتب مقالتي هذه عندما قال: «وين المجلس البلدي»! فقهقهت ضاحكاً من الأعماق، وشكرته على هذه الضحكة غير المقصودة منه، التي كنت أحتاجها منذ الصباح.
أملي كبير في مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير الشاب محمد بن نايف، الذي طالما أثبت بأنه من أشد الناس حرصاً على التجاوب مع مثل هذه الأطروحات الهادفة، وحرصه غير المستغرب على رفع مستوى سلامة الطرق بمختلف أنواعها ومواقعها، بأنه سينظر لمثل هذه المواضيع، التي تمثل عينة بسيطة من مشاكل الطرق، بالتنسيق مع الوزارات الأخرى ذات العلاقة، التي أسأل الله أن يعينه وباقي المسؤولين الكرام على هذه المسؤولية الكبيرة، وأنا وكل الكتّاب والنقّاد من يده هذه ليده هذه، لرفعة هذا الوطن الكبير... الغالي.
محمد المسحل - الحياة
متى يأتي اليوم الذي يستطيع فيه المشاة على الأرصفة أن تُحترم حقوقهم كبشر، وأن يثقوا بالإشارات المرورية التي تسمح لهم بالعبور للجهة الأخرى من الطريق بدون أن تخدعهم لتقتلهم أو تعوقهم، أو حتى على أقل تقدير ترعبهم بأن جعلتهم على شفير الموت؟ فإشارات المشاة التي من المفترض أن تضيء باللون الأخضر عندما تقف السيارات في الإشارة الحمراء، وتضيء لهم بالأحمر لكي لا يعبروا الطريق عندما تكون إشارة السيارات خضراء، تعمل بالعكس وبشكل توافقي مع إشارات السيارات! وذلك في معظم إشارات المرور، «خصوصاً في المنطقة الشرقية»! ويذهب ضحية هذا الإهمال أبرياء.
ولذلك فالمشاة لا يعترفون بالإشارات المرورية ويعتمدون في عبورهم للطرق على الله، ثم على ذكائهم الجمبازي بتلافي الصواريخ... أقصد السيارات، وعبور الطريق للجهة الأخرى! والشاطر فيهم يرجع لبيته حياً يرزق! وعندما «تهف» إحدى السيارات أحد المشاة وتدهسه أو تطيّره عشرين متراً في السماء بسبب إشارة ضوئيّة غبيّة، فلا أحد يستطيع أن يحمّل المرور أي مسؤولية على خطأ إشاراتهم الضوئية المهملة... وليس للسائق الذي ذهب ضحية إشارة ضوئية غبية، أن يجد من يخرجه من حجز المرور بكفالة غرامية حضورية فورية، وأن يذهب بعدها ليشحذ الدية أو التعويض بسبب حادث لا ذنب له فيه! في الدمام، على سبيل المثال لا الحصر، قررت إدارة المرور بالتعاون من أمانة الشرقية، تخصيص بعض الطرق للدخول لمركز المدينة فقط، وطرق أخرى للخروج من مركز المدينة، وبدأوا بالفترة التجريبية لهذه الفكرة الجيدة، التي في رأيي أنها بدأت تظهر نتائجها الإيجابية. ولكن للأسف، لا زالت البنية التحتية لهذه الطرق مثلما كانت في السابق، مصممة للخروج والدخول، وليس للدخول أو الخروج فقط، لدرجة أن الرصيف الفاصل بين الطريق الداخل والخارج لا يزال موجوداً! مما تسبب في كثير من الأحيان بحالات دهس كثيرة، ذهب ضحيتها كثير من الأطفال والكبار، الذين ظلوا لسنوات يعبرون الطريق على أن اتجاه سير السيارات فيه من الشمال للجنوب، بينما هو العكس، فيعبرون الطريق وهم ينظرون للشمال، بينما الصواريخ، أقصد السيارات، تأتي بسرعة الضوء... «وتفادياً للمبالغة، أقول بسرعة الصوت» من الجنوب، و»تطيّر» هذا الماشي على قدميه، لتزج به في ثلاجة الموتى في مستشفى الدمام المركزي، أو على سرير أسود يُسمّى مجازاً أنه أبيض، ومن ثم إن كتب الله له النجاة من أثر الحاد، فيخرج على كرسي متحرك أو أعرج أو مجنوناً، وعلى أقل تقدير معقداً من المشي في الطرق بشكل عام. وهذا طبعاً نجده في جميع مناطق المملكة الأخرى.
أن تجرّب خطة سير، فهذا شيء جيّد، ولكن عندما يكون ذلك على حساب أرواح البشر، فهذا شيء يتنافى مع مبدأ «السلامة أولاً»، الذي طالما تشدق به متقاعدو شركة «أرامكو» الذين بدأ بعضهم بتسلم مناصب قيادية في بعض الإدارات الحكومية. وهم الآن أبعد ما يكونون عن هذا المبدأ، وأنا وغيري من الملاقيف جاهزون لمناظرات معهم على الهواء مباشرة. وفي النهاية، أضحكني أحد الجالسين بجانبي وأنا أكتب مقالتي هذه عندما قال: «وين المجلس البلدي»! فقهقهت ضاحكاً من الأعماق، وشكرته على هذه الضحكة غير المقصودة منه، التي كنت أحتاجها منذ الصباح.
أملي كبير في مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير الشاب محمد بن نايف، الذي طالما أثبت بأنه من أشد الناس حرصاً على التجاوب مع مثل هذه الأطروحات الهادفة، وحرصه غير المستغرب على رفع مستوى سلامة الطرق بمختلف أنواعها ومواقعها، بأنه سينظر لمثل هذه المواضيع، التي تمثل عينة بسيطة من مشاكل الطرق، بالتنسيق مع الوزارات الأخرى ذات العلاقة، التي أسأل الله أن يعينه وباقي المسؤولين الكرام على هذه المسؤولية الكبيرة، وأنا وكل الكتّاب والنقّاد من يده هذه ليده هذه، لرفعة هذا الوطن الكبير... الغالي.