الإدارة.. والاختصاص!!
يوسف الكويليت - الرياض
زمن الانقلابات تعسكرت الوزارات والشركات والبنوك، وتحت بند التجميد والتأميم جاء الضباط للوظائف العليا المدنية مسلحين بشعارات الثورة والتسيير الذاتي ومكافحة الإقطاع والرأسمالية الوطنية، أو ما اصطلحوا عليه بعملاء الإمبريالية والاستعمار..
الكارثة كانت كبيرة لأن عزل طواقم إدارية محترفة، ومديري جامعات وكل ما يتعلق بالميدان الإداري بمختلف الاختصاصات، خلق بيروقراطية متخلّفة لا تعرف إلا مراسيم العسكرية وأدواتها، وحتى الذين كانوا يدخلون في حوارات مع مفكرين في الإدارة والاقتصاد والتعليم يضطرون في بعض الأحيان إلى الاستعانة بخبراء، لكن ضمن هيكلة الدولة الاشتراكية ومضامين فكرها، وخاصة مع الدول والمؤسسات الدولية الخارجية..
الذين لم يدخلوا تجربة الانقلابات والتأميم استعاروا نظماً غير مرنة وبعضها ظل جامداً يحرّك المعاملات وخدمات الدولة ومشاريعها بخطابات وتعليمات أقرب إلى الديباجة الإنشائية حين يكتب الأصغر للأكبر بطلب "التوجيه والرؤية السديدة لسعادته واقتراحاته التي تمنح اتجاه العمل" وقد كان ذلك مقبولاً في البدايات الأولى عند إنشاء الوزارات وأجهزة التعليم وبعض المصارف التي لم تصل إلى البنوك، وشركات الكهرباء وغيرها، والتي عاصرت البدايات الأولى للتشريعات والنظم، والتوسع في هياكل الدولة، غير أن استمرار النمط التقليدي للأداء وفي زمن القفزة التقنية واختزال كل شيء في استثمار الوقت، لم يضف للإدارة الحكومية الحالية النمط المتقدم الذي يفترض فتح مساحات أفضل للتطوير ومعاصرة الفن الإداري كاختصاص متشعب المناهج والمدارس، وإعطاء الإجراءات المرونة السريعة التي تجعل عامل الوقت قيمة دائمة، وأساسية في أي تخطيط أو تنفيذ..
مثلاً عندما ينجح طبيب في اختصاص ما، ويقدم دراسات أو عمليات ويتطور مع مهنته نمنحه جائزة نقله من اختصاصه إلى إدارة الشؤون الصحية أو المستشفى أو رفعه إلى وكيل وزارة أو وزير، ونفس الاتجاه يجري مع المهندس عندما يوجّه بدلاً من التشييد والبناء، أو البحث في علوم الهندسة بمختلف تشعباتها، إلى عمل خارج تحصيله العلمي، وذات الدور تتبعه المدارس والجامعات والكليات، وحتى القطاعات الخاصة في الشركات والبنوك والتي طبيعتها الربح والتطوير، نجد معظم مجالس الإدارات والمديرين، إما تجاراً ترشحهم للعضوية مجموع أسهمهم أو أموالهم، أو حالات التكتل بين أطراف تتعارض مصالحها مع أخرى، والأكثرية خارج دائرة طبيعة العمل وتطوره..
والكارثة الأكبر أن كثيراً من الوظائف حتى لو كانت ذات اختصاص دقيق وحساس لا تهمّ بعض المسؤولين طبيعة العمل طالما الأقربون أولى بشغلها، أو المحاسيب لنرى كيف أصبح تراكم الإجراءات، وخاصة في الإدارات الحكومية مشكلة بلا حل وربما الاستثناء الجوازات وبعض الإدارات التي كسرت محرم النظام ونشطت لتؤدي دوراً أكثر فاعلية..
لا نحتاج إلى استيراد خبرات إلا في بعض الميادين الخاصة والنادرة، أما الإدارة فلم تعد ذات التعقيدات طالما هناك تراكم خبرات وتجارب للعديد من الكفاءات قادرين على استثمارها..
يوسف الكويليت - الرياض
زمن الانقلابات تعسكرت الوزارات والشركات والبنوك، وتحت بند التجميد والتأميم جاء الضباط للوظائف العليا المدنية مسلحين بشعارات الثورة والتسيير الذاتي ومكافحة الإقطاع والرأسمالية الوطنية، أو ما اصطلحوا عليه بعملاء الإمبريالية والاستعمار..
الكارثة كانت كبيرة لأن عزل طواقم إدارية محترفة، ومديري جامعات وكل ما يتعلق بالميدان الإداري بمختلف الاختصاصات، خلق بيروقراطية متخلّفة لا تعرف إلا مراسيم العسكرية وأدواتها، وحتى الذين كانوا يدخلون في حوارات مع مفكرين في الإدارة والاقتصاد والتعليم يضطرون في بعض الأحيان إلى الاستعانة بخبراء، لكن ضمن هيكلة الدولة الاشتراكية ومضامين فكرها، وخاصة مع الدول والمؤسسات الدولية الخارجية..
الذين لم يدخلوا تجربة الانقلابات والتأميم استعاروا نظماً غير مرنة وبعضها ظل جامداً يحرّك المعاملات وخدمات الدولة ومشاريعها بخطابات وتعليمات أقرب إلى الديباجة الإنشائية حين يكتب الأصغر للأكبر بطلب "التوجيه والرؤية السديدة لسعادته واقتراحاته التي تمنح اتجاه العمل" وقد كان ذلك مقبولاً في البدايات الأولى عند إنشاء الوزارات وأجهزة التعليم وبعض المصارف التي لم تصل إلى البنوك، وشركات الكهرباء وغيرها، والتي عاصرت البدايات الأولى للتشريعات والنظم، والتوسع في هياكل الدولة، غير أن استمرار النمط التقليدي للأداء وفي زمن القفزة التقنية واختزال كل شيء في استثمار الوقت، لم يضف للإدارة الحكومية الحالية النمط المتقدم الذي يفترض فتح مساحات أفضل للتطوير ومعاصرة الفن الإداري كاختصاص متشعب المناهج والمدارس، وإعطاء الإجراءات المرونة السريعة التي تجعل عامل الوقت قيمة دائمة، وأساسية في أي تخطيط أو تنفيذ..
مثلاً عندما ينجح طبيب في اختصاص ما، ويقدم دراسات أو عمليات ويتطور مع مهنته نمنحه جائزة نقله من اختصاصه إلى إدارة الشؤون الصحية أو المستشفى أو رفعه إلى وكيل وزارة أو وزير، ونفس الاتجاه يجري مع المهندس عندما يوجّه بدلاً من التشييد والبناء، أو البحث في علوم الهندسة بمختلف تشعباتها، إلى عمل خارج تحصيله العلمي، وذات الدور تتبعه المدارس والجامعات والكليات، وحتى القطاعات الخاصة في الشركات والبنوك والتي طبيعتها الربح والتطوير، نجد معظم مجالس الإدارات والمديرين، إما تجاراً ترشحهم للعضوية مجموع أسهمهم أو أموالهم، أو حالات التكتل بين أطراف تتعارض مصالحها مع أخرى، والأكثرية خارج دائرة طبيعة العمل وتطوره..
والكارثة الأكبر أن كثيراً من الوظائف حتى لو كانت ذات اختصاص دقيق وحساس لا تهمّ بعض المسؤولين طبيعة العمل طالما الأقربون أولى بشغلها، أو المحاسيب لنرى كيف أصبح تراكم الإجراءات، وخاصة في الإدارات الحكومية مشكلة بلا حل وربما الاستثناء الجوازات وبعض الإدارات التي كسرت محرم النظام ونشطت لتؤدي دوراً أكثر فاعلية..
لا نحتاج إلى استيراد خبرات إلا في بعض الميادين الخاصة والنادرة، أما الإدارة فلم تعد ذات التعقيدات طالما هناك تراكم خبرات وتجارب للعديد من الكفاءات قادرين على استثمارها..
Comment