صفر كبير على الشمال لصحافتنا
عبدالله ناصر الفوزان - الوطن
أستطيع أن أعطي صحافتنا وبكل اطمئنان درجة التفوق 100% فيما يتعلق بنشر نقد الهيئات الدولية الموجه لجامعاتنا، وحقوق الإنسان عندنا، وللاتجار بالبشر في مجتمعنا، وحقوق المرأة والبيئة الاستثمارية... وربما لكل القطاعات والمجالات الأخرى غير الصحافة... أما بالنسبة لنشر نقد الهيئات الدولية الموجه لصحافتنا نفسها ولحريتها بشكل خاص فلا أستطيع أن أعطيها إلا صفرا كبيرا على الشمال.
يوم الثلاثاء الماضي نشرت "الوطن" على صفحتها الأولى وبالخط العريض الأحمر تصنيف المنتدى الاقتصادي في دافوس للحالة الاجتماعية عندنا والذي وضع المملكة في ذيل القائمة الدولية ضمن الدول الثلاث الأخيرة والأقل مساواة بين الرجال والنساء، وقد يكون هناك صحف أخرى نشرت هذا التصنيف.
وخلال السنوات الماضية واصلت صحفنا نشر العديد من تصنيفات الهيئات الدولية السلبية لمجتمعنا ومؤسساتنا وأنشطتنا دون حساسية مثل المستوى الأكاديمي لجامعاتنا، وحالة حقوق الإنسان عندنا، ومستوى درجة الاتجار بالبشر في مجتمعنا، ومدى إعطاء المرأة حقوقها عندنا... وكلها تصنيفات في الغالب تضعنا في ذيل القوائم الدولية... وبالطبع فهناك تصنيفات جيدة تم نشرها، ولكن مدار البحث هي تلك السيئة... وكان هناك تفاعل وصدى لنشر تلك التصنيفات لدرجة ملحوظة.
إني أؤيد الصحافة في نشرها تلك التصنيفات الدولية السيئة التي تخصنا دون حساسية، وأؤيدها في نشر أي انتقاد دولي يوجه لنا، فالنشر لن يضرنا بل بالعكس قد يفيدنا، إذ إننا سنستفيد مما فيه من جوانب صحيحة، ونصحح ما فيه من أخطاء، ونرد على ما فيه من تحامل، وقد رأينا كيف استفادت جامعاتنا من نشر تلك التصنيفات الدولية السيئة لمستواها بين جامعات العالم، ولاحظنا كيف حفزها هذا على العمل بجد على تعديل أوضاعها، كما لاحظنا ذلك التطور الكبير والتفاعل المستمر لجمعية وهيئة حقوق الإنسان عندنا الذي لا شك أن للملاحظات الدولية دوراً فيه، كما لاحظنا كيف واجهنا تلك الانتقادات التي كانت توجه لبيئة الاستثمار عندنا، وكيف استطاعت هيئة الاستثمار التغلب على العقبات ونقلنا تلك النقلة السريعة القوية التي جعلتنا نحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط.
إن قيام صحافتنا بنشر تلك التصنيفات والانتقادات الدولية لمستوى جامعاتنا وحالة الاتجار بالبشر عندنا وغيرها دون حساسية هي نقطة قوة تحسب لصحافتنا وتستحق الشكر من أجله... وكان المفروض أن يكون هذا حافزا لها على أن تحرص كل الحرص على نشر الانتقادات والتصنيفات الدولية المتعلقة بمستوى حرية الصحافة... أي مستوى حريتها هي... بل كان المفروض أن يكون نشرها لتلك الانتقادات التي تستهدف حريتها بارزاً أكثر ومتميزاً أكثر لأن تلك الانتقادات تستهدفها والمفروض أن تكون أكثر حرصا على نشر الانتقادات الموجهة لها طالما أنها نشرت الانتقادات التي تخص غيرها.
لقد أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود منذ فترة وجيزة تقريرها عن العام الحالي 2008 لحرية الصحافة في العالم، وقد وضع التقرير صحافتنا في ذيل القائمة العربية وذيل القائمة الدولية، إذ جاء ترتيبها 161 بعد العراق 158، وسوريا 159، وليبيا 160، ولم تنشر صحافتنا هذا التصنيف الدولي لحريتها كما فعلت بالنسبة للتصنيفات الأخرى التي ذكرناها.
قد يكون لصحافتنا رأي في مدى موضوعية التصنيف وحياديته، وقد تكون وجدت فيه أخطاء وتحاملاً، وقد تكون محقة في حكمها، ولكن حتى على افتراض ذلك فهذا في رأيي لا يبرر مطلقاً تلك الحساسية المفرطة التي تعاملت بها مع التقرير، وتجاهلها التصنيف والذي وصل لحد عدم نشره، والتعامل معه بشكل مختلف تماما عن تعاملها مع تلك التصنيفات الدولية الأخرى التي تخص غيرها، وهذا في رأيي كبوة كبيرة من صحافتنا، كان المفروض ألا تحصل منها، إذ المفروض أن تقوم بنشر التقرير وتصحح ما فيه من أخطاء إن كان هناك أخطاء، وترد على ما فيه من تحامل إن كان هناك تحامل، وتستفيد مما فيه من حقائق إن كان هناك حقائق، بل كان المفروض أن تستعين به في الحصول على مزيد من الحرية، أي كان المفروض أن تستثمره لصالحها بذكاء وبدون حساسية.
ثم إن عدم نشرها لهذا التصنيف خلافاً لنهجها بالنسبة للتصنيفات الدولية الأخرى قد يستثمر ضدها، إذ قد يقال إن تصرفها يؤكد تدني مستوى الحرية لديها بخلاف النشر الذي سيكون رداً عملياً على النقد الذي وجه لها...
إني كمواطن سعودي أرجو من صحافتنا السعودية مستقبلاً... أولاً... أن تكون منصفة فتنشر النقد الموجه لها مثلما تنشر النقد الموجه لغيرها... وثانياً... أن تحسن الرد على الانتقادات التي توجه لها، فالصمت ليس رداً بل هو في رأي البعض قد يكون علامة الرضى... وأرجو منها ثالثاً أن تحاول الاستفادة من كل ما يوجه لها سواء كان مدحاً أو ذماً بذكاء ودون حساسية.
عبدالله ناصر الفوزان - الوطن
أستطيع أن أعطي صحافتنا وبكل اطمئنان درجة التفوق 100% فيما يتعلق بنشر نقد الهيئات الدولية الموجه لجامعاتنا، وحقوق الإنسان عندنا، وللاتجار بالبشر في مجتمعنا، وحقوق المرأة والبيئة الاستثمارية... وربما لكل القطاعات والمجالات الأخرى غير الصحافة... أما بالنسبة لنشر نقد الهيئات الدولية الموجه لصحافتنا نفسها ولحريتها بشكل خاص فلا أستطيع أن أعطيها إلا صفرا كبيرا على الشمال.
يوم الثلاثاء الماضي نشرت "الوطن" على صفحتها الأولى وبالخط العريض الأحمر تصنيف المنتدى الاقتصادي في دافوس للحالة الاجتماعية عندنا والذي وضع المملكة في ذيل القائمة الدولية ضمن الدول الثلاث الأخيرة والأقل مساواة بين الرجال والنساء، وقد يكون هناك صحف أخرى نشرت هذا التصنيف.
وخلال السنوات الماضية واصلت صحفنا نشر العديد من تصنيفات الهيئات الدولية السلبية لمجتمعنا ومؤسساتنا وأنشطتنا دون حساسية مثل المستوى الأكاديمي لجامعاتنا، وحالة حقوق الإنسان عندنا، ومستوى درجة الاتجار بالبشر في مجتمعنا، ومدى إعطاء المرأة حقوقها عندنا... وكلها تصنيفات في الغالب تضعنا في ذيل القوائم الدولية... وبالطبع فهناك تصنيفات جيدة تم نشرها، ولكن مدار البحث هي تلك السيئة... وكان هناك تفاعل وصدى لنشر تلك التصنيفات لدرجة ملحوظة.
إني أؤيد الصحافة في نشرها تلك التصنيفات الدولية السيئة التي تخصنا دون حساسية، وأؤيدها في نشر أي انتقاد دولي يوجه لنا، فالنشر لن يضرنا بل بالعكس قد يفيدنا، إذ إننا سنستفيد مما فيه من جوانب صحيحة، ونصحح ما فيه من أخطاء، ونرد على ما فيه من تحامل، وقد رأينا كيف استفادت جامعاتنا من نشر تلك التصنيفات الدولية السيئة لمستواها بين جامعات العالم، ولاحظنا كيف حفزها هذا على العمل بجد على تعديل أوضاعها، كما لاحظنا ذلك التطور الكبير والتفاعل المستمر لجمعية وهيئة حقوق الإنسان عندنا الذي لا شك أن للملاحظات الدولية دوراً فيه، كما لاحظنا كيف واجهنا تلك الانتقادات التي كانت توجه لبيئة الاستثمار عندنا، وكيف استطاعت هيئة الاستثمار التغلب على العقبات ونقلنا تلك النقلة السريعة القوية التي جعلتنا نحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط.
إن قيام صحافتنا بنشر تلك التصنيفات والانتقادات الدولية لمستوى جامعاتنا وحالة الاتجار بالبشر عندنا وغيرها دون حساسية هي نقطة قوة تحسب لصحافتنا وتستحق الشكر من أجله... وكان المفروض أن يكون هذا حافزا لها على أن تحرص كل الحرص على نشر الانتقادات والتصنيفات الدولية المتعلقة بمستوى حرية الصحافة... أي مستوى حريتها هي... بل كان المفروض أن يكون نشرها لتلك الانتقادات التي تستهدف حريتها بارزاً أكثر ومتميزاً أكثر لأن تلك الانتقادات تستهدفها والمفروض أن تكون أكثر حرصا على نشر الانتقادات الموجهة لها طالما أنها نشرت الانتقادات التي تخص غيرها.
لقد أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود منذ فترة وجيزة تقريرها عن العام الحالي 2008 لحرية الصحافة في العالم، وقد وضع التقرير صحافتنا في ذيل القائمة العربية وذيل القائمة الدولية، إذ جاء ترتيبها 161 بعد العراق 158، وسوريا 159، وليبيا 160، ولم تنشر صحافتنا هذا التصنيف الدولي لحريتها كما فعلت بالنسبة للتصنيفات الأخرى التي ذكرناها.
قد يكون لصحافتنا رأي في مدى موضوعية التصنيف وحياديته، وقد تكون وجدت فيه أخطاء وتحاملاً، وقد تكون محقة في حكمها، ولكن حتى على افتراض ذلك فهذا في رأيي لا يبرر مطلقاً تلك الحساسية المفرطة التي تعاملت بها مع التقرير، وتجاهلها التصنيف والذي وصل لحد عدم نشره، والتعامل معه بشكل مختلف تماما عن تعاملها مع تلك التصنيفات الدولية الأخرى التي تخص غيرها، وهذا في رأيي كبوة كبيرة من صحافتنا، كان المفروض ألا تحصل منها، إذ المفروض أن تقوم بنشر التقرير وتصحح ما فيه من أخطاء إن كان هناك أخطاء، وترد على ما فيه من تحامل إن كان هناك تحامل، وتستفيد مما فيه من حقائق إن كان هناك حقائق، بل كان المفروض أن تستعين به في الحصول على مزيد من الحرية، أي كان المفروض أن تستثمره لصالحها بذكاء وبدون حساسية.
ثم إن عدم نشرها لهذا التصنيف خلافاً لنهجها بالنسبة للتصنيفات الدولية الأخرى قد يستثمر ضدها، إذ قد يقال إن تصرفها يؤكد تدني مستوى الحرية لديها بخلاف النشر الذي سيكون رداً عملياً على النقد الذي وجه لها...
إني كمواطن سعودي أرجو من صحافتنا السعودية مستقبلاً... أولاً... أن تكون منصفة فتنشر النقد الموجه لها مثلما تنشر النقد الموجه لغيرها... وثانياً... أن تحسن الرد على الانتقادات التي توجه لها، فالصمت ليس رداً بل هو في رأي البعض قد يكون علامة الرضى... وأرجو منها ثالثاً أن تحاول الاستفادة من كل ما يوجه لها سواء كان مدحاً أو ذماً بذكاء ودون حساسية.