عكاظ - عبدالله حسن العبدالباقي
الشفافية سمة ومطلب العصر
ما من كلمة يتم تداولها بكثافة هذه الأيام ويبدو أنها ستبقى لعدة سنوات، وربما عقود قادمة ككلمة «الشفافية»، هذا المفهوم والمصطلح والعنوان الذي بدأ يأخذ مكانه المهم بين المصطلحات العالمية الأخرى. إن الشفافية كضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية تثبت أننا فعلاً في قرية كونيّة واحدة، لأن ما يحدث في أحد أجزائها بالضرورة يؤثر على بقية الأجزاء، وهذا ما يجعل من مطلب الشفافية حقاً للجميع، بحيث لا يستطيع أحدٌ الادعاء بأن فعله وسلوكه الوطني يقتصر تأثيره على داخل الحدود، لذا من حق الآخرين الاطلاع على مجريات الأمور والتدخل من أجل منع التأثيرات السلبية لأي سلوك.
إن ذلك ينطبق على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، بل في كل المكوّنات والهويات ذاتها المكوّنة للأوطان، ليس فقط في العلاقات البينية للمكونات، بل داخل كل تكوين وهوية.
تعلّمنا الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، أن السبب الرئيسي في هذه الأزمة هو غياب الشفافية وبالذات في الدولة المتحكّمة في النظام المالي العالمي وفي نظم المراقبة وغيرها، ولا داعي لتكرار أن أبرز الحلول هو خضوع كافة المؤسسات والاقتصادات للمراقبة الدولية المتعددة هذه المرة من أجل تفادي كارثة مفاجئة تضرر منها الجميع وأتت بدون مقدّمات لتلقي بآثارها على كافة الدول والشعوب، لذا تصبح الشفافية مطلباً أساسياً وضرورياً للجميع لحل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
الشفافية ليست مطلباً في الاقتصاد فقط، بل في كل شؤون الحياة، ففي الأوضاع السياسية الإقليمية مثلاً، نجد عند مراقبة كافة القضايا الإقليمية بدءاً من القضية الفلسطينية والصراع والانقسام والتجاذبات بين السلطة الفلسطينية وحماس مروراً بقضية العراق والصراع بين الأطراف حول الاتفاقية الأمنية، وفي لبنان وقضية الإستراتيجية الدفاعية، ودارفور المنسيّة عربياً ومحاولات الحلول، وانتهاءً بكافة الإشكالات الإقليمية المتعددة في الخليج وعلى ضفاف المتوسط، كل تلك المشكلات والمعضلات، إن كانت هناك إرادة للبحث عن الحلول والوصول إلى اتفاقات فلابد من الشفافية وطرح الأهداف والنتائج كما هي، لا من خلال المبررات الأيديولوجية التي تغطي الأهداف الحقيقية لجميع الأطراف، بل من خلال طرح الحقائق والتحدّث بلغة الدول والمصالح حيث الشفافية هي المطلب الضروري الذي تثبت الأحداث أن لا مناص منه.
الشفافية أيضاً مطلب وطني واجتماعي بامتياز، ذلك أن ليس هناك من مجتمع أو وطن مكون من مكوّن وحيد، وإن وجد هذا الوحيد في المحيط المحدد فهو بالضرورة متعدّد في الاقتصاد وفي الميزات الاجتماعية (غني، فقير، عامل، عاطل... إلخ).
ولنأخذ مثالاً بلادنا حيث التأثير المتعاظم ولكن ربما «المفتعل» للأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاده في كافة المجالات، بحيث خلق حالة من الذعر وعدم اليقين والخوف من القادم، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هناك أسس اقتصادية حقيقية للذي يجري؟ وإن لم يكن، فلماذا يحصل؟ من يقف خلف هذا التدهور؟ كلها أسئلة تطرح ذاتها وتتطلب أول ما تتطلب «الشفافية» بمعناها الحقيقي، لأن الذي يجري يمس لقمة عيش الناس ويمس الاقتصاد الوطني برمته، المشكلة من نوع جديد وذاك يتطلب حلولاً جديدة شفافة.
وعلى مستوى المشكلات الاجتماعية الأخرى، كالتعليم، والصحة، والقضاء، ووضع المرأة، ومشاكل الشباب (المخدرات والسرقات والعنف والتطرف.. وغيرها) وكذلك العلاقة بين المكونات الاجتماعية كالعلاقة بين الطوائف والموقف من الأقليات، والمناطقيّة، والقبليّة أو الفئوية، كلها مشكلات متواجدة ولا يمكن حلّها بتجاهلها والتعمية عليها ونكران حدوثها، ذلك ليس فقط لا يحل المشكلة، بل يفاقمها ويجعلها تسير بالاتجاه الخاطئ، والحل يكمن في الشفافية وطرح الأمور على الطاولة بهدف الوصول إلى الحلول، والجميع (الوطني) هنا يخضع لشفافية من نوع دولي هذه المرة، بحيث إن سلوك الوطني خاضع لمراقبة الدولي، الذي لا يمكن إنكار أن التداخل والتأثير المتبادل في ظل القرية الكونية، جعل أمر تدخله مقبولاً.
لا يفوتني أخيراً، أن أشيد بتحذير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من المساس بحقوق وحريّات الأفراد، وضرورة الالتزام بما نصّت عليه الأنظمة والتعليمات من كفالة حقوق الأفراد وحريّاتهم، والذي صدر إلى جميع الوزارات والمصالح الحكومية وإمارات المناطق، إن هذا التوجيه الكريم يطالب الجميع بالشفافية وترك الهلع والخوف وكشف تلك الانتهاكات حتى يتسنى للدولة معالجتها أولاً بأول، إن المسألة ليست ترفاً، بل ضرورة من أجل الحفاظ على البقاء، إنها ضرورة الشفافية!!.
الشفافية سمة ومطلب العصر
ما من كلمة يتم تداولها بكثافة هذه الأيام ويبدو أنها ستبقى لعدة سنوات، وربما عقود قادمة ككلمة «الشفافية»، هذا المفهوم والمصطلح والعنوان الذي بدأ يأخذ مكانه المهم بين المصطلحات العالمية الأخرى. إن الشفافية كضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية تثبت أننا فعلاً في قرية كونيّة واحدة، لأن ما يحدث في أحد أجزائها بالضرورة يؤثر على بقية الأجزاء، وهذا ما يجعل من مطلب الشفافية حقاً للجميع، بحيث لا يستطيع أحدٌ الادعاء بأن فعله وسلوكه الوطني يقتصر تأثيره على داخل الحدود، لذا من حق الآخرين الاطلاع على مجريات الأمور والتدخل من أجل منع التأثيرات السلبية لأي سلوك.
إن ذلك ينطبق على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، بل في كل المكوّنات والهويات ذاتها المكوّنة للأوطان، ليس فقط في العلاقات البينية للمكونات، بل داخل كل تكوين وهوية.
تعلّمنا الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، أن السبب الرئيسي في هذه الأزمة هو غياب الشفافية وبالذات في الدولة المتحكّمة في النظام المالي العالمي وفي نظم المراقبة وغيرها، ولا داعي لتكرار أن أبرز الحلول هو خضوع كافة المؤسسات والاقتصادات للمراقبة الدولية المتعددة هذه المرة من أجل تفادي كارثة مفاجئة تضرر منها الجميع وأتت بدون مقدّمات لتلقي بآثارها على كافة الدول والشعوب، لذا تصبح الشفافية مطلباً أساسياً وضرورياً للجميع لحل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
الشفافية ليست مطلباً في الاقتصاد فقط، بل في كل شؤون الحياة، ففي الأوضاع السياسية الإقليمية مثلاً، نجد عند مراقبة كافة القضايا الإقليمية بدءاً من القضية الفلسطينية والصراع والانقسام والتجاذبات بين السلطة الفلسطينية وحماس مروراً بقضية العراق والصراع بين الأطراف حول الاتفاقية الأمنية، وفي لبنان وقضية الإستراتيجية الدفاعية، ودارفور المنسيّة عربياً ومحاولات الحلول، وانتهاءً بكافة الإشكالات الإقليمية المتعددة في الخليج وعلى ضفاف المتوسط، كل تلك المشكلات والمعضلات، إن كانت هناك إرادة للبحث عن الحلول والوصول إلى اتفاقات فلابد من الشفافية وطرح الأهداف والنتائج كما هي، لا من خلال المبررات الأيديولوجية التي تغطي الأهداف الحقيقية لجميع الأطراف، بل من خلال طرح الحقائق والتحدّث بلغة الدول والمصالح حيث الشفافية هي المطلب الضروري الذي تثبت الأحداث أن لا مناص منه.
الشفافية أيضاً مطلب وطني واجتماعي بامتياز، ذلك أن ليس هناك من مجتمع أو وطن مكون من مكوّن وحيد، وإن وجد هذا الوحيد في المحيط المحدد فهو بالضرورة متعدّد في الاقتصاد وفي الميزات الاجتماعية (غني، فقير، عامل، عاطل... إلخ).
ولنأخذ مثالاً بلادنا حيث التأثير المتعاظم ولكن ربما «المفتعل» للأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاده في كافة المجالات، بحيث خلق حالة من الذعر وعدم اليقين والخوف من القادم، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هناك أسس اقتصادية حقيقية للذي يجري؟ وإن لم يكن، فلماذا يحصل؟ من يقف خلف هذا التدهور؟ كلها أسئلة تطرح ذاتها وتتطلب أول ما تتطلب «الشفافية» بمعناها الحقيقي، لأن الذي يجري يمس لقمة عيش الناس ويمس الاقتصاد الوطني برمته، المشكلة من نوع جديد وذاك يتطلب حلولاً جديدة شفافة.
وعلى مستوى المشكلات الاجتماعية الأخرى، كالتعليم، والصحة، والقضاء، ووضع المرأة، ومشاكل الشباب (المخدرات والسرقات والعنف والتطرف.. وغيرها) وكذلك العلاقة بين المكونات الاجتماعية كالعلاقة بين الطوائف والموقف من الأقليات، والمناطقيّة، والقبليّة أو الفئوية، كلها مشكلات متواجدة ولا يمكن حلّها بتجاهلها والتعمية عليها ونكران حدوثها، ذلك ليس فقط لا يحل المشكلة، بل يفاقمها ويجعلها تسير بالاتجاه الخاطئ، والحل يكمن في الشفافية وطرح الأمور على الطاولة بهدف الوصول إلى الحلول، والجميع (الوطني) هنا يخضع لشفافية من نوع دولي هذه المرة، بحيث إن سلوك الوطني خاضع لمراقبة الدولي، الذي لا يمكن إنكار أن التداخل والتأثير المتبادل في ظل القرية الكونية، جعل أمر تدخله مقبولاً.
لا يفوتني أخيراً، أن أشيد بتحذير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من المساس بحقوق وحريّات الأفراد، وضرورة الالتزام بما نصّت عليه الأنظمة والتعليمات من كفالة حقوق الأفراد وحريّاتهم، والذي صدر إلى جميع الوزارات والمصالح الحكومية وإمارات المناطق، إن هذا التوجيه الكريم يطالب الجميع بالشفافية وترك الهلع والخوف وكشف تلك الانتهاكات حتى يتسنى للدولة معالجتها أولاً بأول، إن المسألة ليست ترفاً، بل ضرورة من أجل الحفاظ على البقاء، إنها ضرورة الشفافية!!.
Comment