سعوديون ضد فلسطين!
الوطن
تركي الدخيل
القنصل العام الفلسطيني بجدة الدكتور عماد شعث، بعث لي قبل يومين بمقالة كتبت في صحيفة الغد الأردنية للكاتبة الزميلة رشا عبدالله سلامة، تعتبر فيها أن هناك حملة منظمة عربية للتخلي عن قضية فلسطين. وتبدأ مقالتها التي تؤكد هذه الفكرة بقولها: "لم يكد الفلسطينيون يفيقون من صدمة تصريحات الإعلامي السعودي تركي الدخيل التي أطلقها ضدهم سابقا، حتى وقعت عليهم تصريحات الإعلامي السعودي الآخر تركي الحمد. مصطلحات وعبارات لم تسبب جرحا نفسيا للفلسطينيين فحسب على قاعدة "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة"، بل هي أشارت وأفصحت عن وجهات نظر إعلامية وسياسية مرعبة حيال شعب منكوب منذ ما يزيد ربما على الستين عاما".
كانت الزميلة تشير إلى مقالتي التي كتبتها في السابع من شهر يوليو من عام 2007 بعنوان: "السعودية... أولاً"، والتي قلت فيها بالنص:" إن قضية فلسطين قضية مهمة، لكننا جربنا أكثر من خمسة عقود وهي القضية الأولى، فما وجدنا إلا إحباطاً، ولا رأينا إلا خياناتٍ، وبعد خمسين عاماً، تقاتل الإخوة الفلسطينيون بدم بارد، أفنكون أحرص منهم على شأنهم، وأَهمَ منهم لقضيتهم. لقد تنازلنا عن الاهتمام بالتنمية والتعليم وتطوير الاقتصاد ورفع مستوى الفرد من أجل التركيز على القضية الأولى، فأصبحنا مثل"معيِّد القريتين" كما في الأمثال السعودية، ذلك الذي لم يدرك العيد في القرية التي قصدها بحثاً عن ثراء الموائد، ولا هو حصل على مائدة قريته التي يراها متواضعة، وهكذا في قضية فلسطين، لم تحل القضية، ولم نهتم بقضايانا المباشرة"!
وأقول إني لم أعد للتعليق على ردود كثيرة هنا وهناك آنذاك، وأتمنى ألا أعود، لكن ما يهمني تأكيده، أن هذا الرأي المتنامي في أوساط سعودية شعبية في المقام الأول، ليس رأياً منظماً، وإن تمنيتُ أن يكون كذلك.
عبرت في هذه القضية عن رأيي المباشر، ولم أخضع لطلب أي أحد، بل كان الموضوع برمته تعليقاً على مؤتمر حضرته في البحرين، ولم يكن أمراً دُبّر بليل.
مشكلة إخواننا العرب، ومنهم أحبتنا الفلسطينيون، أنهم بدؤوا في التعرف علينا متأخراً، فيما لم يكونوا يسمعون إلا صوتاً واحداً. وفي المقابل كُنا نسمع أصواتاً فلسطينية متعددة، فيها الكثير مما يعلو لا ليعلن تقديره للسعودية وما تقدمه شعبياً قبل حكومياً من بذل وعطاء من أجل القضية، بل انتقادات تصل في أحيان كثيرة إلى الشتائم.
كنا نفرق دائماً بين صوت وصوت، ولا نعتبر أنها حملة منظمة، كما يفسر بعض الإخوة ما يعلنه بعضنا من آراء حيال القضية الفلسطينية التي لا يحتاج عاقل أن يكتشف أن أبناءها يتقاتلون بدم بارد عليها، بين ولاءات شرقية وغربية!
باتت في السعودية أصوات متعددة، تعبر عن آراء مختلفة، وأصبح في الذين يدعمونكم منذ أكثر من ستين عاماً، من يقول إننا لم نجن من هذا الدعم - وأصحاب القضية يتقاتلون - الكثير، أفنكون أكثر وفاءً وولاءً وعطاءً لفلسطين من أهلها؟!
ثم إننا لم نسمع كثيراً عن التُجار ورجال الأعمال الفلسطينيين الذين تغطي أموالهم وأرصدتهم السُحب في يوم ممطر، فأين هم من القضية التي جُردنا من انتماءاتنا للعروبة والإسلام لأننا نقول أننا لن نكون أوفى لها من أبنائها؟!
قليل من الإنصاف يا سادة يا كرام...