هل الهيئة تخطط أم تنسج الأحلام السعيدة..؟!
الوطن
عبدالله ناصر الفوزان
عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة الأخ المهندس عبداللطيف آل الشيخ يقول إن الهيئة ليست فقط تصنع خططاً استراتيجية بعيدة المدى، بل وضعت برامج تنفيذية يجري العمل على تنفيذها الآن، وقد أوضح ذلك بإسهاب في خطاب طويل نشرته صحيفة الرياض (العدد 14758) فيما يقارب الصفحة الكاملة.. ولكن هذا ما يقوله الأخ المهندس عبداللطيف الذي يحب الرياض مثلي ويتمنى أن تكون رياضاً من رياض الجنة، لكن الحب والأماني شيء والواقع شيء آخر، والذي اتضح لي بعد قراءتي لما قال مما لدي إلمام به أن الهيئة قد تكون بما صنعته تنسج الأحلام السعيدة.
الأخ المهندس تحدث عن 58 برنامجاً تنفيذياً لمدينة الرياض، وقال عن تلك البرامج إنه يجري العمل على تنفيذ عدد منها. ومثّل لتلك البرامج التي يجري العمل على تنفيذها فقال ((كبرنامج شبكة الطرق في المدينة، وبرنامج تطوير أنظمة البناء، وبرنامج التنمية الاقتصادية، وبرنامج تطوير وسط المدينة، وبرنامج تطوير النقل العام، وبرنامج الإدارة المرورية، وبرنامج تطوير وادي حنيفة واستراتيجية الصرف الصحي وغيرها من البرامج التطويرية التي يجري العمل عليها في الوقت الحاضر)).
والذي جعلني أتأثر كثيراً بما كتب وأفكر فيه أني قرأت ما قال بعد قدومي للتو من مشوار على سيارتي ذقت فيه الأمرين في منطقة العليا وما حولها، وقد فكرت كثيراً نتيجة لما واجهته في مستقبل حركة النقل في المدينة، ولذلك انصب اهتمامي على برنامج تطوير النقل العام الذي اعتبره الأخ عبداللطيف من ضمن تلك البرامج التي قال إنه يجري العمل على تنفيذها الآن.
وقد كان من حسن الحظ أن برنامج تطوير النقل العام من البرامج التي فصّل فيها المهندس عبداللطيف فقال ((نصت الخطة التنفيذية للنقل العام بمدينة الرياض على تنفيذ شبكة متكاملة من الحافلات تغطي كامل المدينة، حيث تم تحديد جميع مسارات الشبكة، وتم إعداد التصاميم التفصيلية، والمواصفات الفنية، ووثائق التنفيذ، ومتطلبات التنفيذ المالية والإدارية للمجموعة الأولى من الشبكة المحورية ويجري حالياً استكمال التصاميم والمواصفات الفنية بجميع عناصر الخطة الشاملة، ونتوقع انتهاء إعداد هذه المواصفات والتصاميم ووثائق متطلبات التنفيذ قبل نهاية عام 1430 (العام القادم) إن شاء الله)).
الأخ المهندس عبداللطيف تحدث عن عناصر أخرى من الخطة التنفيذية كالقطارات الكهربائية وتطوير الطرق والسلامة المرورية وغيرها، ولكن يهمني الآن تلك الشبكة المتكاملة من الحافلات التي قال عنها إنها تغطي كامل مدينة الرياض لأن لنا تجربة سابقة في ذلك وقد فشلت وما زالت آثارها وآثار فشلها ماثلة حتى الآن، والأخ عبداللطيف لم يشر إليها، لذلك سألت نفسي هل لدى الأخ عبداللطيف معطيات جديدة تضمن تجاوز أسباب الفشل السابقة..؟؟
لقد كان هناك خطة كبيرة مماثلة سابقاً فكرنا فيها منذ عشرات السنين حين كانت مدينة الرياض أصغر كثيراً وأطوع كثيراً، ونفذتها شركة النقل الجماعي، وقد استمر المشروع ينازع عدة سنين ثم فشل نهائياً بعد أن تفاقمت الخسائر، وقد قام المشروع على تحمل الحكومة الخسائر الطبيعية المترتبة على النقل العام، لكنها فيما يبدو وجدت أن الخسائر أكثر مما تصورت وأنها استمرت في التزايد فامتنعت عن الاستمرار في دفع تلك الخسائر لشركة النقل الجماعي فسقط المشروع كأمر طبيعي.
لقد قال المهندس عبداللطيف إنه سيتم تنفيذ شبكة متكاملة من الحافلات تغطي كامل المدينة، وأعتقد أنه يقصد أنها ستغطي كامل الشوارع الرئيسية في المدينة، وليس الشوارع الداخلية في الأحياء، لأن تغطية الشوارع الداخلية في الأحياء أمر بعيد المنال في مدينة أفقية ضخمة جداً مثل مدينة الرياض، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن لشخص في وسط حي من أحيائنا الأفقية المترامية الأطراف في عز اشتداد حرارة الشمس في فصل الصيف أن يمشي على قدميه حتى يصل نقطة وقوف الحافلة في الشارع العام..؟! وكيف يمكن للمرأة التي ما إن تخرج من منزلها حتى تطاردها الأعين والأقدام والسيارات أن تعبر شوارع الأحياء لتصل للشارع العام ثم تمشي في الشارع العام لتصل لنقطة توقف الحافلة..؟؟ ثم ما دام أن التسكع بالسيارات عندنا أصبح هواية للجميع بمن في ذلك العمال قليلو الدخل لأسباب معروفة للجميع فكيف يمكن الإقناع بترك السيارات الخاصة واستخدام النقل العام.؟!
هذه مجرد أمثلة لأسباب تنامي خسائر المشروع السابق ومن ثم فشله وهناك أسباب أخرى وليس غرضي من ذكر ذلك التأثير على تفاؤل الإخوة في الهيئة ولكني أحاول أن أحفزهم على إيضاح ما قد يكون متوفراً لهم من عوامل جديدة قد تواجه أسباب الفشل السابق وتزرع الأمل في نفوسنا.
إن الأحلام السعيدة قد تتحقق إذا واكبها إرادة وتصميم، ولذلك فحين أشعر بأن ما يبشرنا به الأخ عبداللطيف هو مجرد أحلام سعيدة فلا يعني أنها عصية على التحقيق بل قد تتحقق إذا كان هناك عزم وإرادة، ونهج خلاق في المعالجة ولا بد أن أشيد بصبر الإخوة في الهيئة وطول بالهم، فمشروع وادي حنيفة الذي أورده الأخ عبداللطيف في خطابه ضمن البرامج ظلت الهيئة تبشرنا بتنفيذه سنوات وسنوات لم أعد أستطيع تذكر عددها، وما زال الأخ عبداللطيف حتى في خطابه هذا يحدثنا عنه، مما يدل على أن صبر الهيئة لا ينفد، وقد تم تنفيذ أجزاء منه بالفعل وأرجو أن يستمر تنفيذ الأجزاء الباقية.. وحتى لا تكون ملاحظاتي هذه مجرد عتاب دون مشاركة في اقتراح الخطوات التي تحوّل الأحلام إلى حقائق فإني أرى أن يشترك مع الهيئة في إعداد خططها مسؤولون من الجهات التنفيذية ومسؤولون من وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط، وأن يكون هؤلاء المسؤولون من القادرين على تحمل متابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. لأنه بدون اشتراك مسؤولين من الجهات التنفيذية ومن وزارة المالية ووزارة التخطيط والاقتصاد أو باشتراك مندوبين عاديين لا يستطيعون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فإن الأحلام السعيدة في تلك الحالة قد تطول وتطول حتى تتحول إلى كوابيس.. وقانا الله من الكوابيس.