Announcement

Collapse
No announcement yet.

المدرسة... وفكر التطرف

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • المدرسة... وفكر التطرف

    المدرسة... وفكر التطرف

    حسن بن سالم - الحياة

    «لو اعتمدت على المدرسة لكان ابني قد ذهب إلى اليمن أو العراق ولكان حياً أو ميتاً ولكني تدخلت واحتويت الموقف في الوقت المناسب».ذلك التصريح لم يصدر من مجرد كاتب أو مثقف أو في أحسن الأحوال من متخصص في قضايا الإرهاب يحذر فيه من خطورة تسلل الأفكار المتطرفة إلى أحد من أبناء هذا الوطن من خلال أهم المحاضن التربوية في المجتمع وهي المدرسة، بل كان صادراً من أهم وأبرز المعنيين بملف مكافحة الإرهاب ألا وهو اللواء منصور التركي المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، ومثل هذا التصريح من شخصية بهذا المستوى والمكانة الأمنية يعتبر هو الأول من نوعه تجاه تحميل المدرسة وبشكل مباشر جزءاً كبيراً من المسؤولية لما كان سيحصل لابنه، وتمنيت لو تحدث وأسهب اللواء التركي بصورة أكثر وضوحاً تجاه هذه القضية الحساسة التي بتنا نتجرع شيئاً من مراراتها.

    كانت المؤسسة التعليمية المتمثلة في المدرسة، وعلى مدى العقدين الماضيين تحديداً، من أكثر الميادين خصوبة للتيارات الحركية الصحوية في نشر أفكارها وأجندتها حتى غدت المدرسة ساحة حقيقية لتلك الصراعات الحزبية بين ابرز التيارات الحركية في الساحة، وهما التيار السروري المنتمي لأبرز الشخصيات المنشقة من جماعة الإخوان المسلمين وهو الشيخ محمد سرور زين العابدين المنشق، والتيار الآخر وهو المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، إذ كانت الرموز المؤثرة في كلا التيارين تدرك وتؤمن إيماناً كاملاً بأن المدرسة من أكثر الأماكن والأجواء التي يجب استغلالها في تحقيق ونشر الأهداف والأفكار لأكبر شريحة من الطلاب، وأن تلك الجماعات لن تجد بيئة مهيأة كالمدرسة يمكن من خلالها تأسيس جيل يؤمن ويتأثر سريعاً بأفكارهم ومبادئهم.

    كانت تلك التيارات الحركية تسرح وتمرح في مدارسنا وفي الهواء الطلق، كما يقال، من دون حسيب أو رقيب على مدى العقدين الماضيين، إذ كان كل تيار يسعى ويبذل قصارى جهده في استقطاب اكبر عدد ممكن من المتأثرين والأتباع من خلال الأنشطة والبرامج اللامنهجية التي يشرف عليها المعلمون المنتمون لتلك التيارات والمعروفة في المدارس بجماعة التوعية الإسلامية وجماعة الثقافة الإسلامية، لقد كانت معظم تلك المناشط، سواء داخل المدرسة أو خارجها، تحظى وبحسن نية بكامل الثقة والتسليم من معظم الأسر في المجتمع السعودي، إذ كان يشعر كل أب وأم وبحكم العاطفة والانتماء تجاه كل ما هو ديني في مجتمعنا بأن أبناءهم في أيدٍ أمينة، وأن التحاقهم بتلك الأنشطة والجماعات سيحفظهم من إضاعة أوقاتهم في الشوارع ومن رفقاء السوء، في ظل انعدام الدور الرقابي للأسرة تجاه ما كان يتلقاه أبناؤهم من قناعات وأفكار، وهو ما شدد عليه اللواء التركي في تصريحه.

    كانت تلك الأنشطة الطلابية - لاسيما التي يشرف عليها المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين في تلك المرحلة - تحرص ومن خلال تجربتي ومعايشتي لها على جانب الإثارة وإلهاب العواطف والمشاعر لدى الطالب من خلال استعراض مآسي ومصائب الأمة، وذلك من خلال الكثير من الوسائل، إذ كانت تعرض وبشكل دوري في أثناء الفسح المدرسية أشرطة الفيديو عن معارك المجاهدين الأفغان، وعن مأساة البوسنة والهرسك، ومأساة الشيشان وكوسوفو، في ظل غياب أدنى معايير الرقابة المدرسية في ذلك الوقت، وكذلك كانت تقام الملتقيات والمهرجانات لاستغلال المستجدات كافة التي كانت تطرأ على الساحة الفلسطينية وغيرها، ولذلك لم يكن سراً في تلك المرحلة أن يبدي بعض الطلاب المنتمين لتلك الجماعة تجربته البطولية التي قضاها في الإعداد والتدريب على السلاح في أفغانستان أو الشيشان وعن مشاركته في إحدى الجبهات القتالية التي قد تقابل بإعجاب من زملائه وأقرانه الذين لم يتيسر لهم أن يحظوا بشرف الجهاد في سبيل الله! وما زلت أحفظ في ذاكرتي حديث أحدهم عن تجربته الشخصية من لحظة إعداده وتجهيزه بمبلغ لم يتجاوز الـ10 آلاف ريال إلى ذهابه لأرض الجهاد.

    إذن فإن الحقيقة المهمة التي لا يمكننا إنكارها أو التنصل منها بعد تلك السنوات أن من أهم وأبرز أسباب انتشار فكر التطرف والتشدد بين بعض من تأثر بذلك الفكر من شباب هذا الوطن هي بعض تلك المناشط والمحاضن في مدارسنا التي أسهمت وبشكل مباشر أو غير مباشر في تهيئة وإعداد بيئة لديها كامل الاستعداد لتقبل الأفكار المتشددة على المدى البعيد، ولكن وبفضل الكثير من التصريحات والكتابات وجهود الكثير من المثقفين في السنوات الأخيرة قد تم وبحمد الله فضح وكشف الدور الخفي لتلك التنظيمات الإخوانية في مدارسنا، وبيان وتوعية المجتمع بخطورة الدور الذي تقوم به تلك التنظيمات.

    كاتب سعودي.
    الباطل صوته أعلى، وأبواقه اوسع، واكاذيبه لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن ان تقف عند حد. فكيف اذا كان بعض ابطاله قد بات في نظر نفسه والعميان من حوله من انصاف آلهة.
Working...
X